بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
تحدثت سورة الحديد والجمعة عن: فَضلُ ٱللَّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلفَضلِ ٱلعَظِيمِ، ومن هذه الآيات:
}سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا كَعَرضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرضِ أُعِدَّت لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ ذَٰلِكَ فَضلُ ٱللَّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلفَضلِ ٱلعَظِيمِ{(21)]سورة الحديد[.
}يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِۦ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَّحمَتِهِۦ وَيَجعَل لَّكُم نُورٗا تَمشُونَ بِهِۦ وَيَغفِر لَكُم وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (28) لِّئَلَّا يَعلَمَ أَهلُ ٱلكِتَٰبِ أَلَّا يَقدِرُونَ عَلَىٰ شَيءٖ مِّن فَضلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلفَضلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلفَضلِ ٱلعَظِيمِ{(29)]الحديد[.
قوله تعالى: }ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم{(4)]الجمعة[.
وفيما يلي ما قاله ابن كثير والقرطبي في تفسير هذه الآيات:
قوله تعالى: }ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم{(4)]الجمعة[.
يقول ابن كثير: فقال تعالى: }سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض{ والمراد جنس السماء والأرض، كما قال في الآية الأخرى: }وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين{[آل عمران: 133]. وقال ها هنا: }أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم{ أي: هذا الذي أهلهم الله له هو من فضله ومنه عليهم وإحسانه إليهم، كما قدمنا في الصحيح: أن فقراء المهاجرين قالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم. قال: *وما ذاك؟*. قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق. قال: "أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين". قال: فرجعوا فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال ما فعلنا، ففعلوا مثله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء".
يقول القرطبي: قال ابن عباس: حيث ألحق العجم بقريش؛ يعني الإسلام: فضل الله يؤتيه من يشاء؛ قاله الكلبي. وقيل: يعني الوحي والنبوة؛ قاله مقاتل. وقول رابع: إنه المال ينفق في الطاعة؛ وهو معنى قول أبي صالح. وقد روى مسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلا والنعيم المقيم. فقال: "وما ذاك؟" قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟" قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة". قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء". وقول خامس: أنه انقياد الناس إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم، ودخولهم في دينه ونصرته. والله أعلم.
}يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِۦ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَّحمَتِهِۦ وَيَجعَل لَّكُم نُورٗا تَمشُونَ بِهِۦ وَيَغفِر لَكُم وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (28) لِّئَلَّا يَعلَمَ أَهلُ ٱلكِتَٰبِ أَلَّا يَقدِرُونَ عَلَىٰ شَيءٖ مِّن فَضلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلفَضلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلفَضلِ ٱلعَظِيمِ{(29)]الحديد[.
قال ابن كثير: وقال البخاري: حدثني محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل المسلمين، واليهود، والنصارى كمثل رجل استأجر قوما يعملون له عملا يوما إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا إلى نصف النهار فقالوا: لا حاجة لنا في أجرك الذي شرطت لنا، وما عملنا باطل. فقال لهم: لا تفعلوا، أكملوا بقية عملكم وخذوا أجركم كاملا فأبوا وتركوا، واستأجر آخرين بعدهم فقال: أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلوا العصر قالوا: ما عملنا باطل، ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه. فقال أكملوا بقية عملكم؛ فإن ما بقي من النهار شيء يسير. فأبوا، فاستأجر قومًا أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، فاستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور")انفرد به البخاري(.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد