الحث على التقوى صفات المتقين في سورة البقرة


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

تحدث القرآن الكريم عن صفات المتقين، ومن السورة التي تحدثت عن ذلك مطلع سورة البقرة، فبين أن من صفاتهم:

)يهتدون بهداية القرآن( )يؤمنون بالغيب) (يقيمون الصلاة( ) ينفقون مما رزقهم الله( )يؤمنون بالقرآن الكريم والكتب السماوية( )يؤمنون باليوم الآخر( يقول تعالى في مطلع سورة البقرة:

}الٓمٓ (1) ذَٰلِكَ ٱلكِتَٰبُ لَا رَيبَ فِيهِ هُدٗى لِّلمُتَّقِينَ (2) ٱلَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِٱلغَيبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقنَٰهُم يُنفِقُونَ (3) وَٱلَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبلِكَ وَبِٱلأٓخِرَةِ هُم يُوقِنُونَ (4) أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِم وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلمُفلِحُونَ{ .(5)

فلاح المتقين:من يتصف بصفات المتقين فهو فائز مفلح على نور وبيان وبصيرة من الله.

وتم الحث على التقوى أيضًا في سورة البقرة في قوله تعالى: }وَءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلتُ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَكُم وَلَا تَكُونُوٓاْ أَوَّلَ كَافِرِ بِهِۦ وَلَا تَشتَرُواْ بِـَٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗا وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ{(41).

ومن العوامل التي تؤدي للتقوى وحثت عليها سورة البقرة أخذ الكتب السماوية بقوة، وذكر ما فيها جاء ذلك في قوله تعالى:} إِذ أَخَذنَا مِيثَٰقَكُم وَرَفَعنَا فَوقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَينَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ{(63).

وقد حث الله تعالى بني إسرائيل وكل الناس إلى قيام الساعة بأن يتقوا يَومٗا لَّا تَجزِي نَفسٌ عَن نَّفسٖ شَيـٔٗا وَلَا يُقبَلُ مِنهَا عَدلٞ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا هُم يُنصَرُونَ قال تعالى: }وَٱتَّقُواْ يَومٗا لَّا تَجزِي نَفسٌ عَن نَّفسٖ شَيـٔٗا وَلَا يُقبَلُ مِنهَا عَدلٞ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا هُم يُنصَرُونَ{(123).

كما بينت سورة البقرة أن من صفات المتقين ترك الوصية لِلوَٰلِدَينِ وَٱلأَقرَبِينَ بِٱلمَعرُوفِ  قال تعالى: }وَلَكُم فِي ٱلقِصَاصِ حَيَوٰةٞ يَٰٓأُوْلِي ٱلأَلبَٰبِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ (179) كُتِبَ عَلَيكُم إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلمَوتُ إِن تَرَكَ خَيرًا ٱلوَصِيَّةُ لِلوَٰلِدَينِ وَٱلأَقرَبِينَ بِٱلمَعرُوفِ  حَقًّا عَلَى ٱلمُتَّقِينَ{(180).

ولم ترد صفات المتقين في مطلع سورة البقرة فقط، وإنما جاء أيضا في نفس السورة في قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.

فمن صفات المتقين أيضًا في مطلع سورة البقرة: الصدق في الإيمان، والإيمان بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ، وكذلك الإنفاق من خير ما يملكون ويحبون من مال على: ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ .بالإضافة إلى أدائهم للصلاة كاملة في أوقاتها-وإيتائهم للزكاة، وصيرهم فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأس.

كما بينت أن الهدف الأسمى من الصوم تقوى الله: }يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ{(183).

وبين أن الله تعالى شرع للناس أحكام دينهم كي يطبقوها ويتقون الله: }أحِلَّ لَكُم لَيلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُم هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُم وَأَنتُم لِبَاسٞ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُم كُنتُم تَختَانُونَ أَنفُسَكُم فَتَابَ عَلَيكُم وَعَفَا عَنكُم  فَٱلـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُم وَكُلُواْ وَٱشرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلخَيطُ ٱلأَبيَضُ مِنَ ٱلخَيطِ ٱلأَسوَدِ مِنَ ٱلفَجرِ  ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إلى ٱلَّيلِ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُم عَٰكِفُونَ فِي ٱلمَسَٰجِدِ تِلكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقرَبُوهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ{(187).

ويقول تعالى: }ٱلشَّهرُ ٱلحَرَامُ بِٱلشَّهرِ ٱلحَرَامِ وَٱلحُرُمَٰتُ قِصَاصٞ فَمَنِ ٱعتَدَىٰ عَلَيكُم فَٱعتَدُواْ عَلَيهِ بِمِثلِ مَا ٱعتَدَىٰ عَلَيكُم وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلمُتَّقِينَ{(194).

وبين الله تعالى أن خَيرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقوَىٰ وحث أُوْلِي ٱلأَلبَٰابِ بالتقوى قال تعالى:} ٱلحَجُّ أَشهُرٞ مَّعلُومَٰتٞ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلحَجِّ وَمَا تَفعَلُواْ مِن خَيرٖ يَعلَمهُ ٱللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقوَىٰ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلأَلبَٰبِ{(197).

وحثت سورة البقرة تقوى الله في أداء مناسك الحج قال تعالى: }وَٱذكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعدُودَٰتٖ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَومَينِ فَلَآ إِثمَ عَلَيهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثمَ عَلَيهِ لِمَنِ ٱتَّقَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعلَمُوٓاْ أَنَّكُم إِلَيهِ تُحشَرُونَ{(203).

كما حثت على تقوى الله في تطبيق أحكام الطلاق:

قال تعالى:}  وَإِذَا طَلَّقتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمسِكُوهُنَّ بِمَعرُوفٍ أَو سَرِّحُوهُنَّ بِمَعرُوفٖ وَلَا تُمسِكُوهُنَّ ضِرَارٗا لِّتَعتَدُواْ وَمَن يَفعَل ذَٰلِكَ فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُۥ وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوٗا وَٱذكُرُواْ نِعمَتَ ٱللَّهِ عَلَيكُم وَمَآ أَنزَلَ عَلَيكُم مِّنَ ٱلكِتَٰبِ وَٱلحِكمَةِ يَعِظُكُم بِهِۦ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٞ{(231).

وقال تعالى أيضًا:} وَٱلوَٰلِدَٰتُ يُرضِعنَ أَولَٰدَهُنَّ حَولَينِ كَامِلَينِ  لِمَن أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ وَعَلَى ٱلمَولُودِ لَهُۥ رِزقُهُنَّ وَكِسوَتُهُنَّ بِٱلمَعرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفسٌ إِلَّا وُسعَهَا لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُ بِوَلَدِهَا وَلَا مَولُودٞ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦ وَعَلَى ٱلوَارِثِ مِثلُ ذَٰلِكَ فَإِن أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٖ مِّنهُمَا وَتَشَاوُرٖ فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمَا وَإِن أَرَدتُّم أَن تَستَرضِعُوٓاْ أَولَٰدَكُم فَلَا جُنَاحَ عَلَيكُم إِذَا سَلَّمتُم مَّآ ءَاتَيتُم بِٱلمَعرُوفِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيرٞ{(233).

وقال تعالى:} وَإِن طَلَّقتُمُوهُنَّ مِن قَبلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَد فَرَضتُم لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصفُ مَا فَرَضتُم إِلَّآ أَن يَعفُونَ أَو يَعفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ عُقدَةُ ٱلنِّكَاحِ وَأَن تَعفُوٓاْ أَقرَبُ لِلتَّقوَىٰ وَلَا تَنسَوُاْ ٱلفَضلَ بَينَكُم إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيرٌ{(237).

وقال تعالى:} وَلِلمُطَلَّقَٰتِ مَتَٰعُ بِٱلمَعرُوفِ حَقًّا عَلَى ٱلمُتَّقِينَ{(241).

كما حثت على تقوى الله بترك الربا، قال تعالى:} يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ (278) فَإِن لَّم تَفعَلُواْ فَأذَنُواْ بِحَربٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُءُوسُ أَموَٰلِكُم لَا تَظلِمُونَ وَلَا تُظلَمُونَ (279) وَإِن كَانَ ذُو عُسرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيسَرَةٖ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيرٞ لَّكُم إِن كُنتُم تَعلَمُونَ (280) وَٱتَّقُواْ يَومٗا تُرجَعُونَ فِيهِ إلى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفسٖ مَّا كَسَبَت وَهُم لَا يُظلَمُونَ{(281).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply