الاعتزال في الدنيا من أجل الدين


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

فالمنهجية سلوك خاص يتمتع به الفرد في حياته. هذه المنهجية تنقسم إلى قسمين، وهما: المنهجية الإيجابية والمنهجية السلبية. بمعنى آخر، المنهجية هي الطريقة التي يعيش بها الإنسان طوال أيامه. هناك من يعيش مرحلة واحدة فقط منهما، وهناك من يعيش المرحلتين معًا؛ إما أن تبدأ سلبية ثم تتحول إلى الإيجابية أو العكس.

موضوعنا اليوم هو خوض غمار المنهجية السلبية. هذه المنهجية تنقسم إلى أنواع، ومنها: منهجية المخدرات، السرقة، الظلم، الربا، الزنا، السحر، والاعتزال... إلخ. وتحديدًا للموضوع بالذات هو الحديث عن الاعتزال، وهو على وجهين؛ إما اعتزال الناس مؤقتًا أو اعتزالهم للأبد. فأما الأول فهو ممدوح، كاعتزال الناس من أجل الراحة النفسية أو الزهد أو تجنب الفتن. وأما الوجه الثاني له فهو مذموم وله عواقب وخيمة جدًا.

تنقسم أفكار هؤلاء من الناس إلى ثلاثة: فإما أن يرى نفسه خيرهم، أو يرى غيره عدوًا له، أو يرى نفسه من المبشرين بالجنة، فتنقلب حياته إلى وساوس لا نهاية لها.

أن يعتزل المسلم حياته في الدنيا من أجل الدين يعني التنازل عن متاعها وخيراتها في حلالها؛ فلا يتزوج، ولا يأكل الملذات، ولا يخالط الناس، فيترك صلاة الجماعة والجمعة حتى يعتقد أنه على حق بما فعل، فيُحرِّم على نفسه ما أحل الله له. قد يعتزل الناس وهو من بينهم دون اللجوء إلى الجبال والكهوف والمغارات.

قال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}[الحديد: 27]. والرهبانية في الماضي عند النصارى مثل التشدد اليوم عندنا.

قال الشيخ ابن ناصر السعدي رحمه الله:

*والرهبانية العبادة، فهم ابتدعوا من عند أنفسهم عبادة ووظفوها على أنفسهم والتزموا لوازم ما كتبها الله عليهم ولا فرضها، بل هم الذين التزموا بها من تلقاء أنفسهم قصدهم بذلك رضا الله تعالى*(ص 806، تيسير الكريم الرحمن له). وهذا واقع الآن في أمة محمد صلى الله عليه وسلم اليوم بيننا، ظنًا منهم أنهم على الصواب. فمنهم من طال اعتزاله حتى اعتقد من نفسه أنه ولي من أولياء الله عز وجل أو أنه يرى نفسه هو المهدي المنتظر، وهكذا.

قد أثر فيهم الاعتزال حتى بلغ بعضهم حد الجنون، بل أحدثوا في زماننا هذا الغرائب وأتوا بالعجائب. سكنت في قلوبهم الشياطين ومردة من الجن، يجعلون في أيديهم خرافات يصدقها جهال الناس، كمن يزعم أن يده تقطر عسلًا... والله المستعان. كما أن هذا الاعتزال هو خطوة للانحراف، وهي عبارة عن السير في نهج عقيدة الخوارج. عاملهم الله بعدله.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply