بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
معاشر المؤمنين الكرام: نتحدث اليوم بإذن الله وعونه وتوفيقه، عن خلقٍ عظيمٍ من أخلاق الإسلام الراقية، عن صِفةٍ كريمةٍ من أجلِّ صفاتِ المؤمنين.
صفةٌ عزيزةٌ: لا يظفرُ بها إلا من قويَ إيمانهُ، وارتفعَ يقينهُ، وعلا توكلهُ، واشتدت بالله تعالى ثقتهُ.
صفةٌ رائعةٌ: تُعْطِي المُؤمِنَ قُوَّةً وعَزِيمَةً، وهمةً وطَاقَةً عَظِمَيةً، فيرى الحياة جميلة، ويرى البعيدَ قريبًا، والصعبَ سهلًا، والمستحيلَ مُمكنًا. يكفي أن النبي الكريم ﷺ قال عنه: "يُعجِبني". إنه خلق التفاؤل وحُسن الظن بالله يا عباد الله. والناسُ اليوم بأمس الحاجة إلى مَن يبثُّ في نفوسهم الأمل، ويوقدُ في حياتهم روحَ التفاؤلِ وحُسنَ الظنِّ بالله تبارك وتعالى. خُصوصًا إذا بدأ اليأسُ والقنوطُ يتسلَّلُ إلى النفوس. فاليأسُ مرضٌ فتاكٌ، وجرثومةٌ قاتلةٌ، إذا تمكنت من قلبِ مُؤمنٍ أحرقت مُهجَتهُ، وأطفأت نُورهُ، وشتَّت أمرهُ، وحطَّمت آمالهُ، وقتلت عزيمتَهُ، وساقتهُ إلى حَتفِه.
ففي مثل هذه الأوضاعِ تعظمُ الحاجةُ لاستحضار أسابِ الأمَلِ وصورِ التفاؤلِ، وحُسنِ الظنِّ بالله جلَّ وعلا. وهذا هو منهجُ الأنبياءِ عليهم جميعًا أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليم، فإِبراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ دَفَعَهُ تَفَاؤلُهُ وحُسْنُ ظَنِّهِ بِربهِ أَنْ يتضرعَ ويَدْعُوَ خَالِقهُ جلَّ وعلا لِيَرزُقَهُ وَلَدًا صالِحًا رغمَ تقدمه في العمر، وأنهُ صَارَ شَيْخًا كَبِيرًا، فَقَالَ: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}، فَاستَجابَ لَهُ رَبُّهُ ووَهَبَهُ إِسْماعِيلَ وإِسْحَاقَ.
وهَذا يَعقُوبُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُبتلى بفَقَدِ ولديه، فيأمر بقية أبنائه بقوله: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.
وهذا موسى عليه الصلاة والسلام يحاصرهُ فرعونُ وجنودهُ، حتى صاحَ به بنو إسرائيل: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}، فقال الواثِقِ بِرَبِّهِ، والذِي لَمْ يَتَسرَّبِ اليَأسُ إِلَى قَلْبِهِ: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}.
والمتأمِّلَ في سيرةِ المصطفى ﷺ، يرى التفاؤلَ وحُسنَ الظنِّ بالله تعالى واضِحًا فيها كُلَّ الوضُوحِ، حتى ليكادُ أن يكونَ مَنهجًا ثابتًا لهُ عليه الصلاةُ والسلام، خُصوصًا حينَ تَشتدُّ المحنُ وتتفاقَمُ الشدَائِدُ.
فمع كلِّ خوفٍ وشِدةٍ نراهُ ﷺ يبُثُ الأملَ ويرفعُ المعنويات، وكلَّما خيمَ اليأسُ والقُنوطُ على النفوس، ازدادَ عليه الصلاةُ والسلامُ استبشارًا وتفاؤلًا. فحِينَ اشْتكَى بعضُ الصَحابةُ ما يَلقونَهُ من شِدّةً المشركِينَ أجَابهُم ﷺ بقولِه: "والله ليُتمنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى يَسيرَ الراكِبُ من صَنعاءَ إلى حَضرمَوت ما يخافُ إلا اللهَ والذِئبَ على غَنمِه".
وفي رِحلةِ الطائفِ الألِيمةِ، يُجِيبُ ﷺ مَلِك الجِبالِ بقولهِ: "بل أتأنى بهم، لعلَ اللهَ أن يُخرجَ من أصلابِهم من يعبدالله لا يُشركُ به شيئًا".
وفي أحداثِ الهِجرةِ المباركةِ، وقد وصلَ المطارِدُونَ إلى بابِ الغارِ، فيقولُ ﷺ لصاحبه: "لا تحزن إنَّ اللهَ مَعنا". وفي غَزوةِ الأحزابِ العصيبة، اجتمعَ ضدَّ الرسولِ ﷺ وصحابتهِ الكرامِ أكثرَ من عشرةِ آلافِ مُقاتلٍ، وأشتغلَ طابورُ المنافقينَ بالتخذيل وتحطيمِ المعنوياتِ، وهم في العراء يحفرونَ خندقًا طويلًا، فاجتمعَ عليهم خوفٌ شديد، وبردٌ شدِيد، وجوعٌ شديد، وإرهاقٌ من الحفر شدِيدٌ شدِيد. ووصلَ بهم الحالُ كما قال الله: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}، وكان آخرَ وأشدَّ ما أصابهم، غدرُ جِيرانِ السوء، يهودُ بني قُريظةَ، فقد نقضوا عهدهم واصطفوا مع الأحزاب، فقال المتفائل ﷺ: "أبشروا يا معشرَ المسلمين. والذي نفسي بيده، ليَفرُجَنَّ عنكم ما تَرونَ من الشِدَّةِ". إلى غير ذلك من صُورِ الأمَلِ والتَّفاؤلِ وحُسنِ الظنِّ بالله تعالى، وهي كثيرةٌ جِدًا.
فتفاءَل أيُّها المسلِم: وأحسِن الظنَّ بربِك، فهو أرحم الراحمين، لطيفٌ بعباده، رؤوف حليم، كتب على نفسه الرحمة، ورحمته وسعت كل شي، من تقربَ إليهِ شِبرًا تَقربَ مِنهُ ذِراعًا، ومن تَقربَ إليهِ ذِراعًا تَقربَ مِنهُ بَاعًا، ومن أتاهُ يمشي أتاهُ هَرولَة. الحسنةُ عنده بعشرِ أمثالِها، إلى سُبعمَائةِ ضِعفٍ إلى أضعَافٍ كَثيرةٍ، و{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: وأحسِن الظنَّ بربِك، وأمِّل الشفاءَ وإن اشتدَّ المرضُ، واستبّشِر بصلاحِ الأحوالِ وإن تفاقَم السُوءُ، وترقَب النَّصرَ وإنْ تكالبَ الأعداءُ، وتوقع فَرجًا قريبًا وإنْ استَحكَمت حلقاتُ البَلاءُ، {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: فالشمسُ تغربُ في جهةٍ لتُشرقَ في الجهةِ الأُخرى. والبِذرةُ تَسقُطُ في الأرضِ لتَخْرُجَ نبتةً أُخرى. والماءُ يتبخرُ في الفضاء، ليَنزِلَ غَيثًا وَرواءً. ف{لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: فبعدَ كلِّ شتاءٍ قارسٍ، يأتي ربيعٌ مُزهرٌ، ومع كلِّ رَعدٍ قَاصِفٍ، هناك غَيثٌ مُغدِقٌ، وبعدَ كلِّ مخاضٍ مُؤلمٍ، يخرجُ مولودٌ مُبهجٌ، و{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: فلا حياةَ مع اليأسِ، ولا يأسَ مع الحياةِ. {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: فالفَشلُ يَفتحُ أبوَابَ الأمَل، والعُسرُ يُبشِّرُ بعدَهُ بيُسرِين، والذُّنوبُ سببٌ لأن نفِرَّ إلى اللهِ ونتُوبُ، وفي الحديثِ الصحِيحِ: "لولا أنَّكُم تُذنبونَ لخلقَ اللهُ خلقًا يُذنِبونَ، فيستَغفِرونَ اللهَ، فيغفِرُ لهم".
تفاءَل أيُّها المسلِم: فكلُّ بلاءٍ دُونَ النَّارِ عافيةٌ، وكلُّ ضيقٍ دونَ القبرِ سِعةٌ، وكلُّ ذَنبٍ دونَ الشركِ فاللهُ بمشيئَةِ يَغفِرهُ، {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: وأحسِن الظَنَّ برَبِك، فكُلُّ ما يأتي مِنْ اللهِ جميلٌ. {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}. {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}. و{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}. و{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: وأحسِن الظَنَّ برَبِك، فما منعكَ إلا ليُعطِيك، ولا ابتلاكَ إلا ليُعافِيك، ولا امتحَنكَ إلا ليَصطفِيك. {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: فالروضُ سيُورِق، والفجرُ سيُشرِق، والحقُّ سيعلو والباطِلُ سيزهَق، وإن بعد الجوعِ شبعًا، وبعْدَ الظَّمأ ريًَّا، وبعْدَ المرض عافية. وإن مع الدمعةِ بسْمة، ومع القسْوةِ رحمة، ومع البلاءِ رِفعة، وإنَّ مع العُسْرِ يُسْرًا، و{لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: فمن المُحالِ دوامُ الحالِ، والأيامُ دُولٌ، والدهرُ قُلّبٌ، والليالي حُبَالى، ومن ساعةٍ إلى ساعةٍ فَرَجٌ، وما بين غمضةِ عينٍ وانتباهتِها. يُغيرُ اللهُ من حالٍ إلى حالِ. {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: فالمستقبلُ لهذا الدين، وفي قُرآنِك المبين: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}، وفيه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، و{إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}، {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}، وفيه أيضًا: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}. {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: فالذي غفر لزانية مومس سيغفر لك، والذي تاب على قاتل المئة، سيتوب عليك، {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلًا عَظِيمًا}.
تفاءَل أيُّها المسلِم: فربُك العظيمُ يقولُ عن نفسهِ العلِيةِ: {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، بل ويناديهم قائلًا: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، ويقولُ عن رحمتهِ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}، ويقولُ عن جُندِه: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}، ويقولُ عن نَصرهِ: {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}، ويقولُ عن وَعدِهِ: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
تفاءل أيها المسلم: فأفضلُ العبادةِ انتظارُ الفَرَجِ، ومن يتصبَّرْ يُصبِّرهْ اللهُ، ولن تموتَ نفسٌ حتى تستكمل رزْقها وأجلَها، فأجملوا في الطلب.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
اتقوا لله عباد الله وكونوا مع الصادقين،...
معاشر المؤمنين الكرام: المؤمِنَ القوي الإيمان يعلمُ بتفاؤلهِ وحُسنِ ظنهِ بربهِ أنَّ كُلَّ ما يُصِيبُه فهو لهُ ولصالحة وليسَ عليهِ. فالله جلَّ وعلا يقول: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
والمؤمِنُ يَعلمُ بتفاؤلهِ وحُسنِ ظنهِ بربهِ أنَّ ما أصَابهُ لم يكُنْ ليُخطِئهُ، وما أَخطَئهُ لم يكُنْ ليُصِيبَهُ. كَما قَالَ المصطفى ﷺ: "لاَ يُؤمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، وحَتَّى يَعلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، ومَا أَخْطأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ".
والمؤمِنَ يعلمُ بتفاؤلهِ وحُسنِ ظنهِ بربهِ أنَّ الرِّزقَ مَقسُومٌ، وأنّ الأجَلَ مَحتومٌ. قال جل وعلا: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير}.
وجاء في الحديث الصحيح: "إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ".
والمؤمِنُ يَعلمُ بتفاؤلهِ وحُسنِ ظنهِ بربهِ، أن أمره كُلَّهُ لهُ خيرٌ. كما جاء في الحديث الصحيح: "عَجَبًا لأَمْرِ المُؤمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلُّهُ خَيْرٌ، ولَيسَ ذَلِكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلمُؤمِنِ، إِنْ أصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وإِنْ أَصابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ".
والمؤمِنُ يَعلمُ بتفاؤلهِ وحُسنِ ظنهِ بربهِ، أنَّ العطاءَ من الخلقِ حِرمانٌ، وأنَّ المنعَ من اللهِ إحسانٌ. قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
فَاتَّقوا اللهَ عِبادَ اللهِ، وتفاءلوا وأَحْسِنوا الظَّنَّ بٍاللهِ واستبشروا، ولاَ تَجْعلُوا لِليأْسِ طَرِيقًا إِلَيكُم فَتَهلَكُوا وتَفْشَلوا، وتَذكَّروا قَولَ الحق جلَّ وعلا فِي الحَدِيثِ القُدُسيِّ الصحيح: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ بي خَيْرًا فَلَهُ، وإِنْ ظَنَّ بي شَرًّا فَلَهُ".
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}. {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا}.
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد