قصة المسيح عليه السلام

405
24 دقيقة
17 رجب 1446 (17-01-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

مقالات عقدية في عقيدة المسلم في عيسى ابن مريم عليه السلام

أما قصة المسيح عليه السلام في المهد فتبدأ مبكرًا جدًا، كما سطَّرت ذلك آيات سورة آل عمران، كما قال الله تعالى:

﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)﴾ (آل عمران(35:34:33)).

فبداية هذه القصة مع تلك المرأة التقية الخفية، زوجة عمران، السيدة حنا عليها السلام، تلك المرأة التي لمَّا حملت قامت فنذرت ما فى بطنها وقفًا لخدمة دين الله تعالى.

وهذا أول درس من دروس هذه القصة المباركة، درس لكل امرأة من نساء المسلمين، ترى لو كل أمٍ اهتمت بدين أولادها عشر معشار اهتمامها بشئون دنياهم، من تعليم ونحوه، كيف سيكون حال هذه الأمة؟!

قال تعالى: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾.

وضعتْ السيدة حنا ابنتها مريمَ عليها السلام فدعت لها ولذريتها بالحفظ من كيد الشيطان وضلاله، فقالت: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ فاستجاب الله - عز وجل- دعوة هذه المرأة الصالحة السيدة حنا، فحفظ الله تعالى مريم وابنها عيسى عليهما السلام من مسِّ الشيطان الرجيم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "مَا مِنْ مولود يولد إِلَّا وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا"، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ (متفق عليه).

ثم قال تعالى ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وكفَّلها زَكريا﴾.

فكان القائم على خدمة مريم عليها السلام في بيت المقدس هو نبي الله زكريا عليه السلام.

وكان قد تنازع العبَّاد في بيت المقدس على كفالة مريم عليها السلام، فقالوا: نقترع، فرمي كل واحد بقلمه في النهر، وقالوا: من يقف قلمه ولم يجرِ مع الماء فهو مَن سيفوز بكفالة مريم عليها السلام، ففاز زكريا عليه السلام بكفالتها.

قال تعالى ﴿ومَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ (آل عمران/44).

فكان زكريا عليه السلام هو من يقوم على رعاية شؤونها، فكان يرى من السيدة مريم عليها السلام الكرامات العظيمة، كما قال تعالى ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (37).

قال المفسِّرون: كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، كرامة لهذه المرأة الصدِّيقة.

قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾ (آل عمران:42).

فمريم عليها السلام خير نساء زمانها، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم:

" كمُل من الرجال كثيرٌ، ولم يكمُل من النساء إلَّا: آسِيَةُ امْرَأَةُ فرعون، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ ". (متفق عليه)

تنبيه:

ما ورد في بعض الأحاديث المرويّة أنَّ النبيَّ سيتزوج في الجنة من السيدة مريم، أم عيسى عليه السلام، ومن آسية بنت امرأة فرعون، فهى أحاديث موضوعة، فلم يصح في هذا الباب شيء.

* ثم تنتقل أحداث هذه القصة إلى سورة مريم، في الآيات يقول جلَّ ذكره ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18)﴾.

* فالشاهد من تلك الآيات المباركات أنَّ الله تعالى أرسل إلى مريم عليها السلام ملَكٌ من ملائكته، وهو جبريل عليه السلام، إذ جاءها في صورة بشر، وهو المراد بقوله تعالى: ﴿فأرسلنا إليها روحنا﴾، فالروح هنا: هو جبريل عليه السلام، فقد أرسله الله عز وجل إلى مريم عليه السلام في صورة إنسان تام الخلقة.

والملائكة عليها السلام تتشكل في صورة البشر، وهذا مما ورد ثبوته في الكتاب وفي السنة، كما في قصة إبراهيم ولوط عليهما السلام، لمّا جاء إليهما الملائكة في صورة بشر، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَآءَت ‌رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِم وَضَاقَ بِهِم ذَرعٗا وَقَالَ هَٰذَا يَومٌ عَصِيبٞ﴾ (هود:77)، وقال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَآءَت ‌رُسُلُنَآ إِبرَٰهِيمَ بِٱلبُشرَىٰ قَالُوٓاْ إِنَّا مُهلِكُوٓاْ أَهلِ هَٰذِهِ ٱلقَريَةِ إِنَّ أَهلَهَا كَانُواْ ظَٰلِمِينَ﴾ (العنكبوت:31).

*بل إنّ النبي ما رأى جبريل عليه السلام على حقيقته إلّا في مرتين، فكان كثيرًا ما يأتيه في صورة الصحابي دِحْيَة الْكَلْبِيّ رضى الله عنه.

*عودٌ إلى قصة المسيح:

فلما رأت مريمُ عليها السلام بشرًا بين يديّها في عزلتها قالت ﴿إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾.

والمعنى: إني أذكرك بالله -عز وجل- إن كنت حقًا تخشى الله تعالى فلا تمسني بسوء.

وهنا أجابها جبريل عليه السلام: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا﴾ (20).

أنه في نواميس البشر أنّ المرأة لا تنجب إلَّا بواحدة من اثنتين:

إما أن تتزوج، أو أن تكون بغيًا، ومريم عليها السلام حَصان رَزان، طاهرة السيرة والسَريرة، ما سبق لها زواج، وهي مطهّرة من كل ما يقع فيه البغاة.

فهنا مريم عليها السلام تتعجب من ذلك، فيأتيها الجواب: ﴿قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا﴾ (21).

والمعنى:

أنه سبحانه الذي وسعت قدرته كل شيء، أراد بهذه الواقعة أن يجعل عيسى عليه السلام آية للناس كافة، كما قال تعالى: ﴿وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا﴾.

ثم قال تعالى: ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا﴾ أي أنها لمَّا حملت به ضاقت ذرعًا به، ولم تدر ماذا ستقول للناس، فابتعدت به عن أعين الناس.

وقوله عزوجل (فحملته) أي صارت حاملًا بعيسى عليه السلام، فإن قيل: كيف تم الحمل بعيسى عليه السلام؟

وتفسير ذلك قد أتى في سورة الأنبياء في قوله تعالى: ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91)﴾.

* والمعنى كما ذكر ذلك جماهير أهل العلم - أنَّ جبريل عليه السلام قد نفخ في جيب درع مريم عليها السلام، وجيب الدرع: هو فاتحة ثياب المرأة من ناحية الصدر، فلما نفخ جبريل عليه السلام بإذن الله تعالى دخلت النفخة في مريم عليها السلام، حتى نزلت في الفرج فحملت ب عيسى عليه السلام بإذن الله تعالى.

فقوله تعالى: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾:

يراد به جبريل عليه السلام، فأنَّ من أسماءه الروح، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ (الشعراء/193).

في حديث النبي كان يقول:"اللهم أيّده بروح القدس".

* ومن هنا تبدأ قصة الميلاد المجيد، يوم أن نفخ جبريل عليه السلام في جيب درع مريم عليها السلام، من هنا تبدأ آية من آيات الله عز وجل، عيسى عليه السلام، آية الله تعالى للعالمين.

تبدأ قصة الميلاد كما ذكرنا في هذه الآيات: بقوله تعالى: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾. وهنا نوضح أمرًا مهمًا جدًا، وهو:

أنّ الله -عز وجل- مسبِّب الأسباب، فهو سبحانه الذي خلق الأسباب، وخلق أثرها، مع العلم أنه قد يوجد السبب ويتخلف الأثر، كمن تزوجتْ لكنَّ الله تعالى لحكمة منه ما قدَّر لها الحمل، فهنا قد وُجد السبب، ولكن تخلَّف الأثر، وعليه فلا يلزم من وجود الأسباب وجود الأثر، فالنار تحرق بإذن الله تعالى، ولكنها قد تتواجد ولا يقع الحرق، كما أنها لم تحرق إبراهيم عليه السلام بإذن الله تعالى، كما في قول الله تعالى: ﴿قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾.

*وكذلك يقال:

قد يوجد الأثر بلا سبب، كما في قصة المسيح عليه السلام، كما قال تعالى: ﴿ولنجعله آية للناس﴾، فإنّ قصة خلق المسيح عليه السلام كانت آية للعالمين، فقد خُلق المسيح عيسى عليه السلام من أمٍ، بلا أب.

ألم يُخلق آدم عليه السلام من غير أبوين؟ ألم تُخلق حواء بلا أم؟

فأيهما أعجب: خلق آدم وحواء عليهما السلام، أم خلق عيسى عليه السلام؟!!

لذلك فيوسف النجار الذي قيل أنه خطب مريم عليها السلام قبل أن تقع لها هذه الآية، لمّا علم بحمل مريم عليها السلام، وهو واثق في دينها وعفتها فما رماها بما رماها به بنو إسرائيل، بل كان رجلًا نقيًا تقيًا يخشى الله تعالى، ولكنه فقط تعجّب من ذلك، فلما رأى حملها قال لها يومًا:

يا مريم هل يكون زرع بدون بذر؟ فقالت: نعم، فمن خلق الزرع الزرع الأول؟!، ثم قال: فهل يكون شجر من غير ماء ولا مطر؟، قالت: نعم، فمن خلق الشجر الأول؟!

ثم قال: فهل يكون ولد من غير ذكر؟ فقالت: نعم، إنّ الله تعالى خلق آدم عليه السلام من غير ذكر ولا أنثى، فقال لها: فما خبرك، قالت له: إنّ الله تعالى بشرني بغلام.

قال تعالى ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ....)﴾ (النساء/171).

*فقوله تعالى: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾ معناه:

أنّ عيسى عليه السلام كلمة الله تعالى: أى أنه خُلق بكلمة من الله تعالى، وهى قوله تعالى لعيسى عليه السلام (كن)، فإنّ عيسى عليه السلام ليس هو كن، لأنّ كن هي كلمة الله تعالى، وكلام الله غير مخلوق، لكنّ عيسى عليه السلام قد خُلق بكلمة " كن "، فبالكلمة صار عيسى عليه السلام، وما صارت الكلمة هي عيسى عليه السلام، فانتبه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فالكلمة التي ألقاها إلى مريم عليها السلام حين قال له كن (كن)، فكان عيسى عليه السلام بكن، وليس عيسى عليه السلام هو الكن، ولكن كان بكن، فالكن من الله تعالى قول، وليس الكن من الله تعالى مخلوقًا. (مجموع الفتاوى (٤١٨/٨)).

وإنما اختص عيسى عليه السلام بأنه كلمة الله تعالى لأنه خُلق من غير أبٍ.

الفارق بين عيسى عليه السلام المخلوق البشري، و بين " كن " التي هي كلمة من الله تبارك وتعالى، لذلك انظروا إلى قوله تعالى: ﴿ألقاها إلى مريم﴾، و لم يقل: ألقاه، فألقاها:

تعود إلى الكلمة، فلو كان عيسى عليه السلام هو الكلمة بذاته لقال الله تعالى عن عيسى عليه السلام: "كلمته ألقاه إلى مريم".

*عودٌ إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾.

وضحنا معنى قوله تعالى"وكلمته"، وأما معنى "وروح منه": فعند النصارى يفسِّرونها: بأنّ المقصود بقوله تعالى عن عيسى " أنه روح منه":أنّ عيسى عليه السلام من الله تعالى، أي: بعض منه، فجعلوا "من" هنا تبعيضية.

*فجوابًا عن هذه الشبهة نقول: أنّ قوله تعالى: "روحٌ منه":

هذه تسمّى: "من" لابتداء الغاية، يَعْنِي: أَنَّ مَبْدَأَ الرُّوحِ الَّذِي وُلِدَ بِهِ عِيسَى عليه السلام حَيًّا إنما جاءت مِنَ عند اللَّه تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي خلقها سبحانه وتعالى.

🔹فعيسي عليه السلام روح من عند الله خلقًا و إيجادًا.

قال ابن كثير:

قوله تعالى: فقوله في الآية والحديث: {وروح منه} كقوله: {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} فعيسي عليه السلام مخلوق من روح مخلوقة، وقد أضيفت روح عيسى عليه السلام إلى الله تعالى على وجه التشريف، كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله تعالى، في قوله: {هذه ناقة الله} [هود: 64]، وفي قوله: {وطهر بيتي للطائفين}.

*ثم نتنزل معكم:

أنَّ قوله تعالى: ﴿وروح منه﴾.

من المتشابه الذي يحتمل قولنا وقولكم، فحال أهل العلم عند المتشابه أن يحملوا المتشابه على المحكم.

فالمحكم هو قوله تعالى: ﴿قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد (4)﴾.

والمحكم هو قوله تعالى: ﴿لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم﴾ (المائدة: 17)، المحكم هو قوله: ﴿لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة﴾ (المائدة: 73).

المحكم ﴿وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون (30)﴾ (التوبة: 30).

المحكم قوله تعالى: ﴿قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء﴾.

إذا: عيسى مخلوق.

المحكم هو أول ما نطق المسيح في المهد: (قال إني عبدالله…).

🔷ومن شبهات القوم:

أن القرآن قد دل على أنّ المسيح جزء من الله، قالوا: وذلك في قول الله:

﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ [النساء: 171].

وقد ردَّ المروزي هذه القرية قائلًا:

قال عز وجل: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: 13].

قال: إذًا يلزم من ذلك أنّ جميع الأشياء هي جزء من الله تعالى.

*ومن العور في فهمهم:

قولهم: أن البسملة تدل على التثليث (بسم الله الرحمن الرحيم)، فكيف نجيب على هذه الشبهة؟

تعدُّدُ الصفات لا يستلزم تعدُّدَ الذوات، بمعنى:

أنَّ الله تعالى إله واحد، والرحمن: صفة للإله، والرحيم: صفة للإله، فأين هذا من قولكم بذواتٍ ثلاثة حلَّتْ في ذات واحدة؟!

هذا لا يقبله عقل، فضلًا عن النقل.

* وسأعرض لكم نظريتين اعرضوهما على العقل:

قائل يقول: ذات حلَّت فيها الصفات، وقائل يقول:

ذات حلَّت فيها ذوات ثلاثة، أيهما التي يقبلها العقل؟!

مما لا شك فيه العقل يقبل: أن ذاتًا واحدة تتعدد فيها الصفات.

أصل ميلاد المسيح عند النصارى:

* يعود أصل ميلاد عيسى عند النصارى إلى قضية الفداء، فهم يعتقدون أنّ الله تعالى لمَّا أمر آدم عليه السلام ألا يأكل من الشجرة المحرَّمة فأكل منها، فقد استحق آدم عليه السلام، وذريتُه العذابَ، ولكنَّ الله تعالى قد جسَّد كلمته، وهو ابنه الأزلي تجسدًا ظاهرًا، ورضي بموته وصلبه ليكون فداءً للخطيئة الأولى، ولم يكن لأحد أن يقوم بذلك الفداءِ سوى ابن الله المخلص!!

فأرسل اللهُ جبريلَ فبشَّر مريم بهذا المخلص الذي سوف يحلُّ فيها، فتلد الكلمة الأزلية، وتصبح والدة الإله!

فالذي أرسله الله تعالى هو ابنه الأزلي، الذي هو من جوهره، وهذا هو اللاهوت، الذي هو كلمة الله، وهو المسيح المخلّص، فلما حلّ في بطن مريم صار جامعًا لطبيعة الناسوت واللاهوت.

*فهذا هو عيد الميلاد عند الشرقيين يكون في 25 ديسمبر، وعند الغربيين في 7 يناير.

فقالوا:

إنَّ المسيح كان يصنع المعجزات ويحيي الموتى ويبرئ الموتى بالطبيعة اللاهوتية، ويأكل ويشرب بالطبيعة الناسوتية؛ لذلك هم يقولون:

لا نؤمن بجسد تألَّى، إنما نؤمن بإله تجسَّد!

هذا هو المسيح الذي يحتفل النصارى بمولده في مثل هذه الأيام.

وهذا هو اعتقادهم فيه، فهل مثل هؤلاء يستحقون التهنئة بعيد الميلاد؟!

*أصل قضية تأليه عيسى بدأت بأمرين:

بدأت من أصحاب البَنان وأصحاب السلطان: وأما أصحاب البنان، فهم كتبة الأناجيل الذين كتبوا أناجيل تزيد عن السبعين، فيها ما فيها من التحريف والتبديل، والتقديم والتأخير، ولم يبق منها إلَّا أربعة، وهي أشهرها عندهم:

(متى ومرقص ويوحنا ولوقا (، وهذه الثلاثة: (متى ومرقص ولوقا) ليس فيها ذكر ألوهية المسيح، فالطامة الكبرى إنما جاءت في إنجيل يوحنا الذي جمعه القساوسة، والذي ورد فيه القول بألوهية المسيح وبالتثليث، وإخفاء البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم.

*ثم نأتي إلى قضية أصحاب السلطان:

ودائمًا الناس على دين ملوكهم، فالدين هو ما يختاره الملوك ويفرضونه على الناس؛ لذلك ترى في قضية أصحاب الكهف ﴿إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21].

ففي سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ميلاديًّا (325 م) دخل قسطنطين - إمبراطور الدولة الرومانية - دينَ النصرانية، فرأى هذا الاختلاف بين أشياعهم، بين أناس يقولون: إنَّ عيسى إله، وكان الذي يتزعم ألوهيةَ المسيح رجل يُسمى بولس الرسول، وآخرين يقولون: أنَ عيسى ابن إله، وآخرين يقولون: إنه رسول من عند الله.

وكان الذي يتزعم القول ببشرية عيسى، وأنه رسول من عند الله تعالى رجل يسمى إريوس، وكان له أنصار كُثر، وممن كان على عقيدته: الكنيسة في أسيوط، وفي الإسكندرية وفلسطين ومقدونيا وقسطنطينية.

وإزاء هذا التفرّق والاختلاف فقد عقد قسطنطين مجمع نيقية الأول، الذي جمع فيه البطارقة والأساقفة، فكانوا حوالي ألفين وخمسين رجلًا، ولكن مع اختلافهم فقد كانت الطائفة الأكثر على قول إريوس، ولكن الطامة أن قُسطنطين قد أعجبه رأي القلة التي كانت على رأسها بولس الرسول، وهم القائلون بألوهية المسيح، ووضعوا له قصة المُخلص والفداء، وأنَّ الله أرسل ابنه لتكفير خطايا البشر، إلى آخره، فأُعجب قسطنطين بهذه القصة، فأمر بفرض هذه العقيدة بالحديد والنار وبالترهيب والترغيب، وأمر بحرق كل الأناجيل التي تُخالف ذلك، والناسُ على دين ملوكهم.

*ثم توالت المَجْمَعات بعد ذلك التي قد بلورت أسس العقيدة النصرانية المعاصرة، والتي منها:

أنَّ مريم العذراء ولدت إلهنا، ربنا يسوع المسيح الذي هو مع أبيه في الطبيعة الألوهية، ومع الناس في الطبيعة الإنسانية، وشهدوا أنَّ المسيح له طبيعتان: اللاهوت والناسوت.

لذلك وبعد هذا السرد التاريخي لهذه العقيدة الفاسدة، نرى الأمر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

أنَّ سبب ضلال هؤلاء الضُّلال أسباب ثلاثة: إما أنهم يتعلَّقون بألفاظ من المتشابه، وإما أنهم يتعلقون بخوارق ظنوها آيات، وهذا من أحوال الشياطين، وهذا كثيرًا ما نسمع عنه، وإما أنها أخبار منقولة ظنوها صدقًا وهي ليست من الصدق بمكان ا،ه.

وهكذا فقد تبلورت هذه العقيدة التي لو قيل لعقل: تجنن وقل كلامًا لا يُقبل، لما قال بمثل هذا، فكيف يكون المسيح إلهًا، وهو لا يعرف يوم الدينونة؟! فقد جاء في الكتاب المقدس *أما ذلك اليوم وتلك الساعة، فلا يعلم بهما أحد، ولا الملائكة في السماء، ولا الابن، إلا الآب*.

قلتم: الله إله واحد رب واحد، وهو حق في نفسه، لكن ناقضتم ذلك في قولكم بأنه: *إله حق مساوٍ لأبيه بالجوهر* إذًا أنتم أثبتُّم إلهين، بل أثبتُّم روح القدس إلهًا ثالثًا.

هذه عقيدتهم التي لا يملكون إلا أن يقبلوها دون أن يعقلوها.

لذلك قالوا: لو اجتمع عشرة من النصارى لتفرَّقوا عن واحد وعشرين قولًا، وقال آخر: لو سألت رجلًا نصرانيًا وامرأته وابنه عن توحيدهم، لقال الرجل قولًا، وامرأته قولًا، وابنه قولًا ثالثًا.

يقول أحد القساوسة:

إنَّ الثالوث سر يصعب فهمه وإدراكه، قال: وإن من يحاول إدراك سر الثالوث تمامَ الإدراك كمن يحاول وضع مياه المحيط كلها في كفه.

ويقول أيضًا صاحب مؤلف الأصول والفروع في عقيدة التثليث:

قد فهمنا ذلك على قدر طاقة عقولنا، ونرجو أن نفهمه أكثر في المستقبل حينما ينكشف لنا الحجاب.

نعم ليفهم حين ينكشف الحجاب، وصدق الله تعالى: ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي يَختَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعلَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّهُم كَانُواْ كَٰذِبِينَ﴾ (النحل:39).

نعود لزعمهم بأن الإله - أو ابن الإله على قول الآخر - قد تجسَّد في صورة بشرية، وهي صورة عيسى عليه السلام.

قالوا: لمَ تنكرون علينا أن الإله قد تجسَّد في صورة بشر؟ أليس الله على كل شيء قديرًا؟!!

وجواب ذلك أن نقول:

نعم، إن الله على كل شيء قدير، وقد وسعت قدرته كلَّ شيء، ولكنكم قد نظرتم نظرة ضيقة بعين عوراء عرجاء بتراء، قد نظرتم لصفة واحدة وهي صفة القدرة، وأهملتم سائر الصفات، فالله تعالى لا شك أنه قدير، نعم، لكنَّ القدير سبحانه هو أيضًا إلهٌ عليٌّ أعلى متعالٍ كبير واسع مجيدٌ عظيم، منزَّه عن كل عيب أو نقص...

فمن النقص الذي نُنزِّهَ الله تعالى عنه أن نصفه بالتجسد في صورة بشر.

انظروا إلى حديث الصحيحين:

لما جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:

يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلاَئِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ، ثم يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: 67].

أإلهٌ بهذه الصفات يتجسّد في صورة بشر؟!

سبحانه ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [البقرة: 255]، الكرسي فقط محيط بالسموات والأرض، وأكبر منها.

ثم أنتم تقولون: إنَّ الله تجسَّد في صورة بشر؛ لأنه على شيء قدير؟!

عندما نقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فالمقصود بكلمة "شيء" هنا: هو ما كان في حيز الممكنات، أما المستحيلات فلا؛ لأنَّ المستحيل هذا شيء معدوم أصلًا، لا يمكن أن يوجد، بل قد يأتي في الذهن فقط،

فالذهن يفترض أمورًا مستحيلة لا وجود لها، وأخرى من المتناقضات. فالله على كل شيء قدير هذا في الممكنات؛ لذلك العلماء قد نصوا على أنَّ قدرة الله تعالى إنما تتعلق بالممكنات، أما المستحيل فهذا شيء كالمعدوم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:

وأما أهل السنة فعندهم أنَّ الله تعالى على كل شيء قدير، وكل ممكن فهو مندرج في هذا، وأما المحال لذاته، مثل كون الشيء الواحد موجودًا معدومًا، فهذا لا حقيقة له، ولا يتصور وجوده، ولا يسمى شيئًا باتفاق العقلاء، ومن هذا الباب: خلق مثل نفسه، وأمثال ذلك. (منهاج السنة (2 /293)).

ويقول ابن القيم:

والجمع بين الضدين محال، ولا يقال: فيلزم العجز؛ لأنَّ المحال ليس بشيء فلا تتعلق به القدرة، والله على كل شيء قدير فلا يخرج ممكن عن قدرته ألبتة. (شفاء العليل (ص/213)).

إذًا: فسؤالكم هذا وطرحكم طرحٌ فاسد؛ لأنه من المستحيلات، حاله كحال السائل الذي يقول: هل للمتسابق الذي يجرى بمفرده أن يحصل على المركز الثاني؟

كذلك نقول:

من منطلق أنَّ الله على كل شيء قدير، فأي الأمرين أقرب لحكمة الله تعالى: أن يقدِّر هداية كل البشر، أم أن يتجسد في صورة بشر لتأتي قضية الخلاص؟!

أي الأمرين أقرب لحكمة الله تعالى: أن يقضي تعالى على أعداء الأنبياء والمرسلين، أم أن يتجسد في صورة بشر لتأتي قضية الخلاص؟!

لذلك فلسان حال النصارى في هذه الأطروحة يذكِّرنا بما يُروى أنَّ الشياطين قالت لإبليس: ما بك تفرح بموت العالِم، ولا تفرح بموت العابد؟

فقال إبليس:

سوف أعطيكم درسًا عمليًّا في ذلك: فجاء بهم إلى عابد، فقال إبليس لهذا العابد: هل يقدر ربُّك أن يخلق مِثلَ نفسه؟ فقال: لا أدري، فقال إبليس لأقرانه: أترونه ماذا يقول، لم تنفعه عبادته مع جهله، ثم أتوا إلى عالِم فسأله إبليس نفس السؤال، فقال العالم: هذه المسألة محال؛ لأنه لو كان مثله لم يكن مخلوقًا، فكونه مخلوقًا وهو مثل نفسه مستحيل، فإذا كان مخلوقًا لم يكن مثله، بل كان عبدًا من عبيده، وخلقًا من خلقه، فقال إبليس: أترون هذا؟ قال إبليس: هذا العالِم يهدم في ساعة ما أبنيهِ في سنوات.

الفصل الأخير في قصة المسيح عليه السلام:

وهي قصة نزول المسيح عليه السلام في آخر الزمان، وخبر نزول المسيح عليه السلام ثابت بإشارات من القرآن، وبالسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأمة.

* فمن‌‌ الإشارات القرآنية الدالة على نزول عيسى عليه السلام:

1) قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُۥ لَعِلمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّستَقِيمٞ﴾ (الزخرف/61).

والذى عليه جمهور المفسرين أنَّ الهاء في قوله تعالى "وإنه لعلم للساعة" إنما تعود على عيسى عليه السلام.

قال ابن كثير:

الصحيح أنَّ الضمير في قوله: (وإنه لعلم للساعة…) عائد على عيسى عليه السلام، فإنَّ السياق في ذكره، ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة، كما قال تبارك وتعالى: ﴿وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته﴾ أي: قبل موت عيسى، عليه الصلاة والسلام.[1].

2) قال تعالى: ﴿وَإِن مِّن أَهلِ ٱلكِتَٰبِ إِلَّا لَيُؤمِنَنَّ بِهِۦ قَبلَ مَوتِهِۦ وَيَومَ ٱلقِيَٰمَةِ يَكُونُ عَلَيهِم شَهِيدٗا﴾ (النساء/159).

وهذه الأية تشير إلى نزول المسيح عيسى عليه السلام، وقد قرأها أبوهريرة رضى الله عنه بعد روايته لحديث: "والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلًا".

3) قول الله عز وجل، لعيسى ابن مريم عليه السلام ﴿إني متوفيك ورافعك إلي﴾ [آل عمران: 55].

وهذه فيها إشارة إلى نزوله؛ فقد دلت الأية على رفع المسيح عليه السلام، كما دل الإجماع الذي نقله شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال: وأجمعت الأمة على أنَّ الله تعالى رفع عيسى إلى السماوات. (بيان تلبيس الجهمية (1/ 125).

فإذا كان النص والإجماع على رفع المسيح حيا، فهذه دلالة على نزوله ليكون في الأرض موته ودفنه؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى﴾ (55) [طه: 55].

4) قال تعالى: ﴿إِذ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبنَ مَريَمَ ٱذكُر نِعمَتِي عَلَيكَ وَعَلَىٰ وَٰلِدَتِكَ إِذ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلمَهدِ وَكَهلٗا﴾ (المائدة/110).

فأشارت هذه الآية إلى آيتين من آيات المسيح عليه السلام:

الأولى: تكلمه في المهد، والثانية: تكلمه بعد نزوله قبل يوم القيامة، وهو في حال الكهولة، وإلا فإنَّ كلام الكهل في معتاد الأحوال أمر مألوف، فلا وجه لعطفه على كلام الطفولة.

* وكذلك فقد ثبت نزول عيسى عليه السلام بالسنة المتواترة:

وممن نص على تواتر أحاديث نزول المسيح:

الطبري والنووى والقاضى عياض وأبو العباس ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن حجر وغيرهم.

وكذلك فقد نص الشوكانى في كتابه *التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح* على تواتر أحاديث نزول المسيح عليه السلام، وذكر من جملة ذلك تسعة وعشرين حديثا، ما بين صحيح وحسن وضعيف منجبر.[2]

*فمن أدلة السنة:

عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابنُ مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المالُ حتى لا يقبله أحدٌ ‌حتّى ‌تكون ‌السّجدة الواحدة خير من الدّنيا وما فيها". ثم يقول أبو هريرة: واقرأوا إن شئتُم: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ [سورة النساء: 159]. أخرجه البخاري (3448) باب: نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام. ومسلم (155) باب: نزول عيسى ابن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

وعن النواس بن سمعان رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يبَعَثَ اللهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ ‌يَجِدُ ‌رِيحَ ‌نَفْسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ".[3]

*وأما الإجماع:

قال ابن أبي زمنين المالكي: وأهل السنة يؤمنون بنزول عيسى وقتله الدجال وقال عز وجل: ﴿وإنه لعلم للساعة﴾ يعني عيسى. [4]

قال المناوى:

وقد حكى في المطامح إجماع الأمة على نزوله، وأنكر على ابن حزم ما حكاه في مراتب الإجماع من الخلاف في نزوله قبل يوم القيامة، وقال: هذا نقل مضطرب، ولم يخالف أحد من أهل الشريعة في ذلك وإنما أنكره الفلاسفة والملاحدة. [5]

وممن حكى هذا الإجماع:

الأشعري فى المقالات (1/ 295) والقاضى عياض فى شرح مسلم (18/ 75) * فإن قيل:

وما الحكمة من نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان دون غيره من الرسل؟

* والجواب هنا ما نص عليه ابن كثير، حيث قال:

أن المقصود إنما تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى عليه السلام وصلبه، وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك، فأخبر الله -تعالى - أنه لم يكن الأمر كذلك، وإنما شبه لهم فقتلوا الشبيه وهم لا يتبينون ذلك، ثم إنه رفعه إليه، وإنه باق حي، وإنه سينزل قبل يوم القيامة، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة فيقتل مسيح الضلالة، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، يعني لا يقبلها من أحد.[6]

*وهنا شبهات تتعلق بنزول عيسى عليه السلام:

ذهب الجهمية وجماعة من المعتزلة إلى إنكار نزول المسيح عليه السلام آخر الزمان، وقد استدلوا على ذلك بجملة من الشبهات، نذكر منها مايلى:

1) الشبهة الأولى:

أن أحاديث نزول المسيح عليه السلام أحاديث آحاد متعلقة بأمر اعتقادي، فلا يؤخذ بها؛ لأنَّ مسائل الاعتقاد لا تؤخذ إلا بالقطعي المتواتر النقل.

لذا فقد ادعى الشيخ محمود شلتوت بعدم صحة القول بنزول المسيح عليه السلام آخر الزمان، بزعم أنَّ الأثار الواردة فى ذلك من أخبار الآحاد ظنية الدلالة، فلا ينبنى عليها مسائل. الاعتقاد، بل قد زعم الإجماع على أن أحاديث الآحاد لا تفيد عقيدة، ولا يصح الاعتماد عليها فى شأن المغيبات.

فهذا هو المسلك الأول: أنها غير قطعية الورود، وأما المسلك الثانى:

فقد ذكر الشيخ شلتوت أنَّ الأثار فى ذلك ظنية الدلالة، وعليه فلا يجب حملها على ظاهرها، ولا يمتنع تأويلها.

ثم قال:

ومن ذلك أحاديث نزول المسيح، ولذا فقد أولها بعض العلماء بأنَّ المراد بها هو اندفاع الشر وظهور الخير!!

وقد نقل كذلك هذين المسلكين الشيخ رشيد رضا عن شيخه محمد عبده فى المنار وأقره عليهما.

*والرد على ذلك أن يقال:

1 - أما الزعم أن الأثار الواردة فى نزول المسيح عليه السلام من أخبار الآحاد:

فكلام مردود على قائله؛ فقد سبق البيان قريبا أن هذه الأحاديث متواترة.

*ولو تنزلنا بأنها أحاديث آحاد فيقال:

أ- إن القول بأن أحاديث الآحاد لا ينبنى عليها مسائل الاعتقاد ونقل الإجماع على ذلك لا شك أنه كلام مردود بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.

ب- إن أحاديث نزول المسيح - مروية فى الصحيحين، وتلقتها الأمة بالقبول خلفا عن سلف، فتحتم الأخذ بها.

2 - وأما القول بتأويل بعض العلماء أن المراد بأحاديث نزول المسيح هو اندفاع الشر وظهور الخير، فلا شك أن هذا من التحريف البين المخالف لصريح أحاديث.. نزول المسيح عليه السلام؛ فإنَّ هذه الأحاديث لم تقتصر على ذكر مجرد النزول، بل قد ذكرت تفاصيل ذلك من حياة المسيح عليه السلام على الأرض وصلاته مع المسلمين، ثم وفاته وصلاة المسلمين عليه، فكل هذا يبطل القول بهذا التحريف الباطل.

وما أجمل قول القائل:

إذا وصل التقوّل على النصوص والتحريف للأدلة إلى هذا الحد، فلا نقول إلا: *نحمدك ربنا على سلامة الدين والعقل*، ونسكت.

2 - الشبهة الثانية:

قد روى الشيخان عن النبي أنه قال: "إنه لا نبي بعدي" فهو خاتم النبيين، وشريعته ناسخة لشرائع من قبله من الرسل، فكيف ينزل عيسي عليه السلام بعده، بل وينسخ الجزية؟

* وجواب ذلك أن يقال:

أولا: نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان يختلف عن وجوده وقت أن بعثه الله - تعالى- إلى بني إسرائيل، فقد كان بين بني إسرائيل رسولا بشريعة الإنجيل، أما نزوله في آخر الزمان فسيكون فيه تابعا لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم، وحاكما بما يستجد وقتها من أحكام الشريعة الإسلامية، من كسر الصليب ورفض الجزية، ومما يؤيد هذا ما يلي:

* أولا: أنه يأبى عند أول نزوله أن يؤم المسلمين في الصلاة، وفي هذا إشارة منه لهذا المعنى الذى ذكرناه.

فقد روى جابر بن عبدالله رضى الله عنهما قال: سمعت النبي يقول: "ينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة".

* ثم يقال: وإذا كان من هو أفضل من عيسى عليه السلام وهو موسى عليه السلام لو كان حيا لما وسعه إلا إتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما قال عليه الصلاة والسلام: "ولو كان حيا وأدرك نبوتي، لاتبعني"، فلأن يقال ذلك في حق عيسى عليه السلام من باب أولى.

ثانيا:

أن الجزية وإن كانت مشروعة في هذه الشريعة فقبولها ليس بحكم مستمر إلى يوم القيامة، بل إنَّ ذلك مقيد بنزول عيسى عليه السلام، كما في حديث الباب، وليس عيسى عليه السلام بناسخ لحكم الجزية، بل نبينا هو المبين للنسخ بقوله وإخباره بنزول عيسى..

الشبهة الثالثة:

قال تعالى: ﴿إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا…﴾ (آل عمران/55) وقوله: ﴿فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم﴾ [المائدة / 117].

أفادت هذه الأيات أن الله - تعالى - قد توفى عيسى عليه السلام قبل رفعه إليه، في حين أن الأحاديث قد أفادت أن عيسى عليه السلام سينزل آخر الزمان وسيموت ويصلى عليه المسلمون، فكيف الجواب؟

* وجواب ذلك من وجوه:

1) قيل أن: المراد بالتوفي هنا النوم، وكأن عيسى عليه السلام قد نام فرفعه الله -تعالى- نائما إلى السماء، ويطلق على النوم وفاة، كما قال الله تعالى: ﴿وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار﴾ (الأنعام: 60).

وعن حذيفة رضى الله عنه قال: كان النبي إذا استيقظ من منامه قال: «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور».

وهذا القول مروي عن الحسن، ومال إليه ابن كثير.

2) التوجيه الثاني:

أنَّ قوله تعالى: ﴿متوفيك ورافعك﴾ يحمل على الوفاة بمعنى الموت على الحقيقة، ولكن الله -تعالى- عطف الرفع على الوفاة، والعطف إنما يفيد مطلق الجمع دون الترتيب، وكأن المعنى: أنى رافعك إلى ومتوفيك بعد ذلك.

ويروى هذا القول عن ابن عباس وقتادة ووهب بن منبه، وهو قول ابن حزم ومحمد بن اسحاق.

3) التوجيه الثالث:

أن قوله: متوفيك حقيقة لغوية في استيفاء الشيء وأخذه كاملا غير ناقص، والعرب تقول: توفى فلان دينه يتوفاه فهو متوف له إذا قبضه وحازه إليه كاملا من غير نقص.

فمعنى: إني متوفيك في الوضع اللغوي، أي حائزك ومستوفيك إلى كاملا بروحك وجسمك.

وهذا هو الراجح، والله أعلم، وهذا ما رجحه الطبري والقرطبي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن عبد البر وابن الجوزي.

قال الألوسي:

والصحيح كما قاله القرطبي أن الله -تعالى - رفعه من غير وفاة ولا نوم، وهو اختيار الطبري والرواية الصحيحة عن ابن عباس رضى الله عنهما..

‌‌وفاة المسيح عليه السلام:

عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي قال: "الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد، وإني أولى الناس بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ: رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَيُهْلِكُ اللهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ اللهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، ثُمَّ تَقَعُ الْأَمَنَةُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الْأُسُودُ مَعَ الْإِبِلِ، ‌وَالنِّمَارُ ‌مَعَ ‌الْبَقَرِ، وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ، وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ، لَا تَضُرُّهُمْ، فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَيَدْفِنُونَهُ". [7]

*وصية النبي صلى الله عليه السلام:

أخرج أحمد (7990)بسند صحيح:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: "إِنِّي ‌لَأَرْجُو ‌إِنْ ‌طَالَ ‌بِي عُمُرٌ أَنْ أَلْقَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنْ عَجِلَ بِي مَوْتٌ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ".

* تنبيهات:

1) ما ينقل من أن عيسى عليه السلام قد رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فهذا مما لا دليل عليه قال ابن القيم: وأما ما يذكر عن المسيح أنه رفع إلى السماء وله ثلاث وثلاثون.. سنة فهذا لا يعرف له أثر متصل يجب المصير إليه..

2) ما ورد أن المسيح عيسى عليه السلام يدفن بجوار النبي فهذا مما لا دليل عليه.

قال ابن كثير:

قيل في الحجرة النبوية عند رسول الله وصاحبيه. وقد ورد في ذلك حديث ذكره ابن عساكر في آخر ترجمة المسيح عليه السلام في كتابه عن عائشة رضى الله عنها مرفوعا أنه يدفن مع رسول الله وأبي بكر وعمر في الحجرة النبوية، ولكن لا يصح إسناده.

تنبيه:

وقد روى عن عبدالله بن سلام رضى الله عنه أنه قال: (مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى ابن مريم يدفن معه)، ولكن ضعفه البخارى.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


[1] تفسير القرآن العظيم (7/ 236) وانظر أصول السنة (ص/237) والرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات (ص/243)

* فائدة:

قرأ الجمهور: «لعلم» بكسر العين وتسكين اللام، وقرأ ابن عباس وأبو رزين وأبو عبد الرحمن وقتادة وحميد وابن محيصن بفتحهما. قال ابن قتيبة: من قرأ بكسر العين فالمعنى أنه يعلم به قرب الساعة، ومن فتح العين واللام فإنه بمعنى العلامة والدليل. زاد المسير في علم التفسير (4/ 82) وقراءة "لعلم للساعة " قراءة الأعمش، وهى شاذة

[2] وانظر تفسير القرآن العظيم (7/ 236) ونظم المتناثر من الحديث المتواتر (ص/230) ونظرة عابرة في مزاعم من ينكر نزول عيسى قبل الآخرة (ص/69)

[3] أخرجه مسلم (2937) أحمد (17629) وأبوداود (4321) وهذه المنارة هي المنارة البيضاء الموجودة اليوم على الباب الشرقي لمدينة دمشق القديمة، وقد بناها السلطان نور الدين محمود بن زنكي في القرن السادس.

وهذه المنارة تقع شرقي دمشق، و تسمى الآن " مئذنة عيسى "، وهي منطقة يسكنها النصارى اليوم وفيها كنائسهم و نزول عيسى - عليه السلام - فيها مناسب لأنهم يدعون ألوهيته وهو عليه السلام عند نزوله سيكسر الصليب و يقتل الحنزير.

وقوله صلى الله عيه وسلم " فيدركه عند باب لد، فيقتله "، وباب لد الشرقي من أرض فلسطين، بالقرب من الرملة على نحو ميلين منها. وانظر عقيدة عبد الغني المقدسي (ص/95)

[4] أصول السنة (ص/192)

[5] فيض القدير (5/ 519) وكذلك ممن نقل هذا الإجماع:

ابن عطية في المحرر الوجيز (3/ 105) والسفاريني في " لوامع الأنوار" (2/ 94)، وانظر " منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة " (ص/857)

[6] تفسير القرآن العظيم (4/ 345)

[7] أخرجه أحمد (9630) ، وأبو داود (4324) ، وابن حبان (6821)، وصححه الحافظ ابن حجري في "الفتح" 6/493، وقال الحافظ ابن كثير في "نهاية البداية" 1/188: هذا إسناد جيد قوي.


مقالات ذات صلة


أضف تعليق