بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
التلميحة الأولى:
الأخوة ليست نشاط كميّ ولكنها روح تسرى.
أخي الحبيب
إنني عندما أجالس بعض الأخوة الأفاضل وأراهم يتذاكرون صدق معاني الأخوة فى الله التى كانت تجمعهم فى أيام البدايات، أتسائل فى نفسي وأقول ما الذى تغير؟ فلازال هناك برامج وأنشطة؟ ولازال هناك دورس وخواطر عن الأخوة فى الله.
ثم استدرك وأجيب على نفسي فأقول:
إن معاني الأخوة فى الله ليست نشاط كمي ولكنها روح تسري فى المؤسسة ويتحقق أثرها من خلال عدة عوامل منها صفاء النيات وسلامة المقاصد، والتعاهد على تحقيق معنى الأخوة فى الله كنموذج فى واقع المؤسسة، وكلما تعمق ذلك المعنى في نفوس الدعاة كلما كانوا أقدر على تجاوز خلافاتهم والنهوض بمؤسستهم الدعوية.
وأخطر مايصيب المؤسسة الدعوية هو أن يتصدر مشهدها وقيادتها دعاة لايهتمون بمعنى الأخوة فى الله ويكون شغلهم الشاغل إدارة الأمور الطارئة التى تحافظ على بقاء المنظومة الادارية للمؤسسة بغض النظر عن المعاني والقيم التى يحملها منتسبيها.
التلميحة الثانية: فيرحمه الله ويبتليك.
أخي الحبيب: لا تشمت بانتكاستهم ….فقد تكون أنت بعد فترة من الزمن فى طليعة المنتكسين.
كم هو محزن أن يغمز ويهمز البعض عن فتور إخوانه فى الله، ويتناسى التوجيه القرأني والنبوي فى ذلك:
-عن واثلة بن الأسْقَع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُظهر الشَّمَاتَة لأخيك فَيَرْحَمَه الله ويَبْتَلِيك " (رواه الترمذي- ضعيف).
والحديث وإن كان ضعيفًا إلا أن معناه من تحريم الشماتة صحيح، وقد دلت عليه عموم النصوص الأخرى من القرآن والسنة الصحيحة، قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم}.
قال المناوي –رحمه الله: ويبتليك- حيث زكيت نفسك ورفعت منزلتك وشمخت بأنفك وشمت به أه. فعقوبة إظهار الشماتة بالناس أن الله قد يبتليك بنفس الذنب.
وقال ابن رجب رحمه الله نقلا عن بعض السلف: أدركت قوما لم يكن لهم عيوب، فذكروا عيوب الناس؛ فذكر الناسُ لهم عيوبا، وأدركت أقواما كانت لهم عيوبٌ فكفوا عن عيوب الناس، فنُسيت عيوبهم (جامع العلوم 2/291).).
إن مما يسعنا فى علاقاتنا الدعوية والأخوية أن نجتمع لسنوات طويلة على خير، وإن اختلفنا نفترق كذلك على خير، من غير تجريح وتشهير وغيرها من الأفعال التى تجعل القلوب متنافرة متباغضة.
التلميحة الثالثة:
لقاءات الإخوان فى الله..
ليست صفقات تجارية.
فى غمرة تعاملاتنا فى الحياة وفي الأعمال التى نؤديها قد يختلط على الواحد منا أساليبه التى يستخدمها فى التفاوض وفى السوق والوظيفة وبين لقائه مع إخوانه الذين يحمل معهم هموم الدعوة إلى الله، فكم هو مؤسف أن تغيب المصداقية والشفافية فى حواراتنا، فتجد البعض يجادل ويناقش لا للوصول إلى حل ولكن لأجل المماطلة وكسب الوقت ولأجل غايات غير واضحة وغير مفهومة، فتكون النتيجة ضياع الحق ووقوع الظلم وإهدار لطاقات والجهود الصادقة، ثم نتسائل ونقول لماذا هناك عزوف من المشاركة فى المسئوليات الدعوية، وقد تكون أحد الأسباب ذلك الخلط الذى نمارسه فى علاقاتنا وتعاملاتنا مع إخواننا فى الله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين