بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الطبقة العاشرة: طبقة من يستخدم العلم لأهواء شخصية من مكاسب جماهيرية أو سلطانية، أولئك سفلة الخلق، وسُرّاق الحق.
الطبقة التاسعة: من يوظّف المفاهيم الشرعية لخدمة فكرة سائدة، فيلوي النصوص لتوافق ثقافة معاصرة، فالفأل الشرعي صار فجأة أساس علم الطاقة الخرافي.
الطبقة الثامنة: من يعلّق الناس بالروحانيات من رؤى ورقى دون أن تكتمل أهليته الفقهية اللازمة لمقامه، وبتوسع مذموم في هذا الجانب، وتجده يجعل الخوارق -وبعضها حق- أصلًا وما عداها تبع، ويندرج فيهم من يكرر مصطلحات التصوف والكرامات بجهل ودون تحقق صادق.
الطبقة السابعة: من وظيفته التهوين من رسوم العلم الشرعي وتفاصيله، فتجده يستر عجزه عن فهم الفقه بقوله: يكفي من العلم كذا، وما سواه فضول.
الطبقة السادسة: المبالغون، الذين جعلوا العلم حالة دوبامينية من التحشيد، فغابت السكينة، وصار الطلاب يملّون سريعًا؛ فهم يترقبون جرعة جديدة من الخطابيات، ولا قدرة لهم على الفهم الهادئ.
الطبقة الخامسة: طبقة الملاكم العلمي، الذي أفنى عمره في التعليق الفوري على كل حدث، ويصدر آراءه بأنها الموقف الشرعي من أخبار الساعة، وكلما هدأت الحلَبة أعلن: الرد على فلان.
الطبقة الرابعة: الذين اكتفوا بالبينيات، فحظّه من العلم البحث عن ما بين العلوم من تاريخه ومقدماته وعلائقه بالعلوم الأخرى، وهو مسلك حسن نافع ما لم يكن الإنسان محصورًا فيه مع قدرته على غيره، أو يجاوزه للخوض فيما لا يُحسن، هذه الطبقة المثقفة تحب الحديث عن "مقاربة معرفية وحفريات إبستمولوجية" خشية أن يوصموا بالتراثية الكخة.
الطبقة الثالثة: القشريون؛ وهم قومٌ ألهاهم تقويم الطبعات عن صُلب مافي الكتب من العلم، وهؤلاء كالنساخ في القديم، لهم نفعهم، ولا أحب لمن له حظ من فهمٍ وهمة الاكتفاء بهذا الطريق، فإن اختاره فعليه ألا يجاوز قدره بالخوض في العلوم، ويدخل فيهم من يتحدث عن العلم أكثر من حديثه في العلم.
الطبقة الثانية: من استغرق في المفضول مع قدرته على الفاضل، وتعلق بالمرذول بعد أن عسر عليه شريف العلم؛ كمن أحرق زهرة شبابه في تتبع اختلافات المناهج المعاصرة، ومافي هذا السبيل من غيبة مشرعنة، حتى صرت أتحسس مسدسي من كل سؤال يبدأ ب: أحسن الله إليكم، لأن ما بعده: ما رأيكم بفلان؟ والجماعة الفلانية؟ وفلان قال كذا كيف نرد عليه؟
وكل هذا يسرق من عمره وهو يتابع هنا وهناك، ويظن أن هذا مقام "الوعي"، وأن من سواه درويش.
ومن خالط هذا الصنف علم أن عنده من الأمراض وحب التفاضح والكذب وتتبع العورات ما لا يقبله سويّ الديانة والعقل والمروءة.
الطبقة الأولى: من عمر أيامه بعلوم الوحي حفظًا وتفهمًا ومذاكرة ومفاتشة وتحليلًا وبحثًا وتصنيفًا وتدريسًا، واستعان على ذلك بأدوات المعرفة من علوم آلية بحسب وسعه، وحفّ ذلك بأسوار من التأله وتعظيم مقام الله في القلب ومكابدة التعبد في كل حين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين