فوائد من ابتلاء أيوب

128
2 دقائق
20 ذو القعدة 1446 (18-05-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ}.

أُبتلي أيوب عليه السلام بلاءً شديدًا في ماله وولده ونفسه، "فلبث في ذلك البلاء تلك السنين، حتى إن كان المارّ ليمرّ فيقول: لو كان لهذا عند الله خير لأراحه مما هو فيه".

وقد ذكرت كتب التفسير في تفاصيل البلاء من الروايات ما يُذيب القلب.

ومن الفوائد:

١- تمسّك أيّوب بالتوحيد حتى في أشد لحظات البلاء، فقد روي أن الشيطان طلب منه أن يُشرك ليشفيه، وقال لأيوب: "اذبح لي سُخلة من غنمك، فقال أيوب: لا، ولا كفًّا من تراب"، فأين هذا ممن يدعو غير الله ويذهب إلى القبور ويُشرك لرفع البلاء؟!.

٢- أثر الكلمة في النفوس، فأيوب مع شدّة البلاء الواقع عليه، كان أشدّ شيء عليه كلامٌ قيل فيه.

فقد جاء عن الحسن أنّ أيوب لم يبلغه شيء يقوله الناس كان أشد عليه من قولهم: لو كان نبيًا ما ابتُلي بالذي ابتلي به، فدعا الله بعدها.

وأنّ رجلًا قال: "لو كان لله في هذا حاجة، ما بلغ به هذا، فلم يسمع أيوب شيئا كان أشدّ عليه من هذه الكلمة".

"حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ بَعْدَمَا عُوفِيَ مَا كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكَ فِي بَلَائِكَ قَالَ: شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ".

فاحذروا من جرح اللسان، فإنّ وقعه عظيم!.

٣- أنّ الحكم على الإنسان بالزهد والإيمان لا يكون بالنظر المجرّد إلى حالته الدنيوية.

فأيوب مرّ بحالة غنى ثم بلاء ثم غنى، وازداد إيمانًا مع تقلّب الأحوال الدنيوية.

٤- طلبُ نصيبٍ من الدنيا لا يعارض الزهد، فالله قد يسرُّ عبده الزاهد في دنياه، فمن تمام نعمة الله على أيوب أن آتاه أهله ومثلهم معهم، وفي الصحيح: ((بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ)).

وفي رواية عند أحمد: ((يَا رَبِّ، وَمَنْ يَشْبَعُ مِنْ رَحْمَتِكَ؟. أَوْ قَالَ: مِنْ فَضْلِكَ)).

فحتى بعد البلاء بقي أيوب يطلب نصيبًا من الدنيا.

٥- إثبات ضرر الجن ومسّهم، فأيوب قال: {مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ} وفي آية أخرى: {مَسَّنِیَ ٱلشَّیطَٰنُ بِنُصبࣲ وَعَذَابٍ}.

فثبت تأثير مس الجن، لذا اعترض على هذا التفسير جماعة من المعتزلة - كالجبائي- .

٦- في قوله تعالى: (رحمة من عندنا) دليلٌ على أن من المقادير ما ظاهره سوء، وباطنه رحمة ورفعة.

قال يحيى بن سلام: "يعني أنّ الذي كان ابتُلي به أيوب لم يكن من هوانه على الله، ولكن الله أراد كرامته بذلك".

٧- الاقتداء بأيوب عليه السلام.

قال يحيى بن سلام: "جعل [الله] ذلك عزاءً للعابدين بعده فيما يُبتلون به، هو قوله عز وجل: {وَذِكرَىٰ لِلعَٰبِدِینَ}".

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق