إنه يوم الجمعة

2 ذو الحجة 1446 (30-05-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

معاشر المؤمنين الكرام: يقول الحق جل وعلا: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}. فالله جل وعلا بحكمته البالغة خلق السموات واختار منها السابعة، وخلق الجنات واختار منها الفردوس الأعلى، وخلق الملائكة الكرام، واختار منهم جبرائيل وميكائيل واسرافيل، وخلق البشر، واختار منهم المؤمنين، واختار من المؤمنين الأنبياء، واختار من الأنبياء الرسل، واختار من الرسل أولي العزم، واختار منهم محمدًا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وخلق الزمان قرونًا وشهورًا وأيامًا وليالي وساعات، واختار من قرونها قرن محمدٍ ، ومن شهورها شهرُ رمضان، ومن لياليها ليلة القدر، ومن أيامها عشر ذي الحجة، ويوم الجمعة.

فما أجلّ نِعمَ الله عزّ وجلّ، وما أعظم فضلهُ علينا. ففي صحيح مسلم، أن النبي قال: "خير يومٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة".

فيوم الجمعة هو خير الأيام، وصلاة الجمعة هي آكدُ الفروض وأوجبها بعد الشهادتين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}.

وفي صحيح مسلم، قال : "لَيَنتَهِيَنَّ أَقوَامٌ عَن وَدعِهِمُ الجُمُعَاتِ، أَو لَيَختِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ".

وفي الحديث الصحيح، قَالَ رَسُولُ اللهِ : "مَن تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلبِهِ".

اخوتي في الله: ربما وصل الحال بكثير من الناس، أن تكون خطبة الجمعة هي فرصتهم الوحيدة لسماع العلم والموعظة، فكيف إذا لم يعطوها ما ينبغي لها من تفاعلٍ واهتمام. وبالتالي فلا يكون لها الأثر المطلوب، ولا تتحقق منها الفائدة المرجوة.

وتخيلوا يا عباد الله: فهناك ما يزيد عن الخمسين خطبةً في العام، في كل أسبوع خطبةٌ وموعظة، فأين أثرها في القلوب؟. أين تزكيتها للسلوك والأخلاق؟. أين مردودها على تحسين العلاقة مع الخالق جل وعلا؟ ومع من حولنا؟

وحين تتأمل في أحوالنا سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، تلحظ كثيرًا سرعة استجابتهم لما يؤمرون به، وقوة تأثرهم بما يوعظون. يقول قائلهم: (سمعت كلمةً فنفعني الله بها ثلاثين سنة).

وفي حديث العرباض بن سارية: قال رضي الله عنه: وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون. بل إن يقول الله جل وعلا: عن عباده الصالحين، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون}.

فليسأل كل منا نفسه: كم من خطبةٍ حضرناها، وكم من موعظةٍ سمعناها، وكم من ذكرى ذُكّرنا بها، إنها جمعات. تتلوها جمعات. وكل جمعةٍ منها، تمرّ علينا الخطبة مرور الكرام، ودون أن نُعيرها ما تستحقه من عناية واهتمام، رغم أنها قد مُلئت وعظًا وتّذكيرا، وإنذارًا وتبشيرا. ولو لم يكن فيها إلا الآيات المحكمة، والأحاديث الشريفة.

يقول الصحابي الجليل عبدالله من مسعود رضي الله عنه: إذا سمعت الله يقول: {يأيها الذين امنوا}، فأرعها سمعك فإنه خيرٌ تؤمر به أو شرٌ تنهى عنه، وقال ابن القيم رحمه الله: *إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه*.

فيا أمّة الجمعة: عظموا هذا اليوم حقّ تعظيمه، واقدروه حقّ قدره، فإنّ تعظيمهُ من تعظيم الله. {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب}، وقد كان نبيكم يعظم هذا اليوم تعظيمًا خاصًا، ومن أعظم ذلك تعظيم خطبته التي اختص بها. وأن نصطحب نية طلب العلم، والعزيمة على الاستجابة لأوامر الله ورسوله: قال تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب}.

وقال الله تعالى: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}، أي وجّه سمعه وأصغى بقلبه، واستعد لامتثال أمره. ويقول الإمام ابن حزم رحمه تعالى: (إذا حضرت مجلس علمٍ فلا يكن حضورك إلّا حضور مستزيدٍ علمًا وأجرًا لا حضور مستغنٍ بما عندك، فإذا حضرتها على هذه النية فقد حصَّلت خيرًا على كل حال). وخير ما يستعين به العبد على الانتفاع بالذكرى التركيز وحُسن الاستماع والإنصات، فهذا هو شرط التأثرُ والانتفاعُ بالموعظة، قال تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ}، وكم في كتاب الله من توجيهات مباشرة لحسن الانصات وإحضار العقل عند سماع الآيات والمواعظ، قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد}، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَاب}، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون}، {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُون}، {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون}. وغيرها كثير.

وفي المقابل جاء التحذير الشديد مما يضادُّ ذلك ويخل به. ولو كان بأقل القليل، قال : "من مسّ الحصى فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له"، وقال : "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغوت". فلنحرص يا عباد الله على الانتفاع بخطبة الجمعة وموعظتها، ولنجتهد في الاهتمام بها، بدًا بالتبكير، والتهيؤ لها بأحسن ما يستطيع الانسان، ثم الحرص على الانتباه والتركيز، وإحضِار القلب والعقل، واستحضار نية طلب العلم والتعلُّم والاتعاظ، وليستشعر كل سامعٍ أنّ الخطاب موجهة له مباشرة، وأنّ الكلام موجهٌ له وحده دون سِواه، فإنّ من أعظم الخذلان والحرمان أن يسمع العبد المواعظ فيظنُّ أنه آخر المعنيين بهذا الكلام، وأن الخطيب لا يقصده وإنما يقصد غيره. ولنعلم يا عباد الله أنه لا ينتفعُ بالموعظة إلا أهل الخوف والخشية. فعلى قدر خوف الانسان وخشيته من ربه جل وعلا يكون انتفاعه بالذكرى والموعظة، قال تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى}، وقال جل وعلا: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ}.

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا إِلى ذِكرِ اللهِ وَذَرُوا البَيعَ ذَلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا في الأَرضِ وَابتَغُوا مِن فَضلِ اللهِ وَاذكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوا تِجَارَةً أَو لَهوًا انفَضُّوا إِلَيهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللهِ خَيرٌ مِنَ اللَّهوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيرُ الرَّازِقِينَ}.

اتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب}.

معاشر المؤمنين الكرام: كثيرةٌ هي الآداب المتعلقة بيوم الجمعة وخطبتها، ووالله إنه لتوفيقٌ عظيمٌ أن يزداد حرص المسلم على الاتيان بكل ما يستطيعه من الآداب والسنن والمستحبات، لأن الأجور المترتبة عليها ليس لها ما يماثلها في أي عملٍ آخر، جاء في الحديث الصحيح: "مَن غَسَّلَ يَومَ الجُمُعَةِ وَاغتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابتَكَرَ وَمَشَى وَلَم يَركَب، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ وَاستَمَعَ وَلَم يَلغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ: أَجرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا".

ولا شك أنّ هذه الأجور العظيمة تتناسبُ مع حرص المسلم على ما يأتي به من واجباتٍ وسننٍ ومستحبات.

وأولها: الإكثار من الصلاة على النَّبِيِّ في يوم الجمعة وليلته، ففي الحديث الحسن، قَالَ : "أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا".

ومن آداب الجمعة: الاغتسال والتطيب، والتسوك، والتهيؤ بأحسن ما يمكنه، ففي الحديث الصحيح، قال : "غُسْلُ يَومِ الجُمُعَةِ واجِبٌ علَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ".

وفي صحيح البخاري، قال : "من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهرٍ ثم ادهن أو مس من طيب ثم راح فلم يفرق بين اثنين، فصلى ما كتب له ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى".

وفي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: "من غسَّلَ واغتسلَ، وغدا وابتَكَرَ، ودَنا منَ الإمامِ، ولم يلغُ، كانَ لَهُ بِكُلِّ خطوةٍ عَملُ سنةٍ؛ أجرُ صيامُها وقيامُها". ومن آداب الجمعة: التبكير في الحضور، ففي صحيح البخاري، قال عليه الصلاة والسلام: "إِذَا كَانَ يَومُ الجُمُعَةِ وَقَفَتِ المَلائِكَةُ عَلَى بَابِ المَسجِدِ يَكتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، وَمَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبشًا ثُمَّ دَجَاجَةً ثُمَّ بَيضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوا صُحُفَهُم وَيَستَمِعُونَ الذِّكرَ".

ومن آداب الجمعة المشي إليها على الأقدام، والقرب من الإمام، والإنصات التّام، ففي الحديث الصحيح، قال : "مَن غَسَّلَ يَومَ الجُمُعَةِ وَاغتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابتَكَرَ وَمَشَى وَلَم يَركَب، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ وَاستَمَعَ وَلَم يَلغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ: أَجرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا".

ومن آداب الجمعة: قراءة سورة الكهف، فعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله : "من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ، أضاء له من النورِ ما بين الجمُعتَينِ"، والحديث صححه الألباني.

ومن الآداب: كثرة التنفل بالصلاة، ففي صحيح مسلم قال عليه الصلاة والسلام: "مَنِ اغتَسَلَ ثُمَّ أَتَى الجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ ثُمَّ أَنصَتَ حَتَّى يَفرُغَ مِن خُطبَتِهِ ثُمَّ يُصَلِّيَ مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَينَهُ وَبَينَ الجُمُعَةِ الأُخرَى وَفَضلُ ثَلاثَةِ أَيَّام".

ومن آداب الجمعة: الإكثار من الدعاء، ففي صحيح مسلم، قال : "إِنَّ في الجُمُعَةِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا عَبدٌ مُسلِمٌ يَسأَلُ اللهَ فِيهَا خَيرًا إِلاَّ أَعطَاهُ إِيَّاهُ".

ومن الآداب: عدم تخطي الرقاب وإيذاء الآخرين، فقد قَالَ النَّبِيُّ للمتأخر الذي يتخطى الصفوف يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ يَخْطُبُ: "اجْلِسْ، فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ"، والحديث صححه الألباني، ويقاس على ذلك عدم اذية الناس بإيقاف السيارة في مكانٍ تسبب فيه الزحام ومضايقة الآخرين.

ومن الآداب: أن من دخل أثناء الأذان فليبادر بأداء تحية المسجد، ولا ينتظر انتهاء المؤذن، فالاستماع للخطبة آكد من متابعة الآذان.

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَعرِفْ لِهَذَا اليَومِ قَدرَهُ، ولنحرص على اغتنام الأجور والغنائم المترتبة على سننه وآدابه. فلا يُحرَمُ مِنهُا إِلاَّ مَحرُومٌ. ففي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: "اُحضُرُوا الذِّكرَ وَادنُوا مِنَ الإِمَامِ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ لا يَزَالُ يَتَبَاعَدُ حَتَّى يُؤَخَّرَ في الجنَّةِ وَإِن دَخَلَهَا".

ويا ابن آدم عش ما شئت.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق