بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن للبشت مكانة في زي دول الجزيرة العربية والساحل الإيراني وبلاد الشام والعراق، وبعض البادية في بلاد مصر والشمال الأفريقي. وله أحكام كتبتها في حسابي على منصة (X)، وقد جمعتها لمناسبة عيد الأضحى في مقال واحد لتسهيل قراءتها.
المسألة الأولى: يشرع ارتداء البشت للجمعة والعيدين.
ودليل ذلك: عن جابر رضي الله عنه قال: "كان للنبي ﷺ جُبَّة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة". [صحيح ابن خزيمة: ١٧٦٥].
المسألة الثانية: هل يستحب لطالب العلم لبس البشت دائمًا؟
كان طلبة العلم يتميزون بلبس البشت في الصلاة والدروس والمحافل، ثم تغير الحال. وكان الشيخ صالح آل الشيخ ينصحنا ويوصي طلبة العلم بلبس البشت دائمًا؛ لكونه أهيب، ويدل الناس على طالب العلم فيسألوه فيفيدهم، وفيه وقار وستر.
مع تأكيد لبسه في صلاة الجمعة والعيدين، واستقبال الوفود مثل الأعراس.
المسألة الثالثة: هل يقال بتفضيل البشت البني للعيد؟
ورد أنه ﷺ له بُردة حمراء للعيد. عن هلال بن عامر عن أبيه قال: "رأيت رسول الله ﷺ بمنى يخطب على بَغلة، وعليه بُرْدٌ أحمر، وعليٌّ أمامه يُعَبِّرُ". [رواه أبو داود: ٣٥٥١، وصححه الألباني]. ومعنى "يُعَبِّرُ": يردد كلامه ليوصله للناس.
وروى البيهقي في السنن عن ابن عباس: "أنه عليه الصلاة والسلام كان يلبس يوم العيد بُردةً حمراء". [الصحيحة: ١٢٧٩].
وهذا يدل أن البشت الأحمر (البني) أجمل للعيد. واللون البني الفاتح يسمى *أحمر* في لون البُشُوت (العباءات).
المسألة الرابعة: كون البشت تحت الكعبين مخالف لنهيه ﷺ.
قال ابن العربي في *عارضة الأحوذي* (٧/٢٣٨):
*لا يجوز لرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول: لا أتكبر فيه؛ لأن النهي تناوله لفظًا وتناول علته. ولا يجوز أن يتناول اللفظ حكمًا فيقال: إني لست ممن يمتثله لأن العلة ليست فيَّ؛ فإنه مخالفة للشريعة، ودعوى لا تسلم له. بل مِن تكبره يطيل ثوبه*.
وقال الذهبي في *سير أعلام النبلاء* (٣/٢٣٤) ردًا على من يسبل إزاره ويقول: لا أفعل ذلك خيلاء:
*فتراه يكابر ويبرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء! ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول الله! يسترخي إزاري. فقال: (لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء)! فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولًا على كعبيه أولًا، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخي. وقد قال ﷺ: "إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين". فمثل هذا في النهي من فصل سراويل مغطٍّ لكعبه*.
وقد اختار الذهبي وابن حجر والصنعاني تحريم وضع الثياب واللباس بأنواعه تحت الكعبين ولو لغير الخيلاء. وكتب الصنعاني في ذلك كتابًا سماه: *استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال*.
والقول بالتحريم هو اختيار أكثر علمائنا المعاصرين: كالشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ ابن جبرين، والشيخ صالح الفوزان، وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء، وغيرهم.
المسألة الخامسة: حكم تفصيل البشت على الكعبين.
ثبت في حديث حذيفة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله ﷺ: "موضع الإزار إلى أنصاف الساقين والعضلة، فإن أبيت فأسفل، فإن أبيت فمن وراء الساق، ولا حق للكعبين في الإزار". [صححه الترمذي، والألباني في صحيح سنن النسائي: ٤٩٢٢].
قال المباركفوري رحمه الله في *تحفة الأحوذي*:
*والحديث يدل على أن موضع الإزار إلى أنصاف الساقين، ويجوز إلى الكعبين، ولا حق للإزار في الكعبين*.
وقال السندي: *أي: لا تستر الكعبين بالإزار. والظاهر أن هذا هو التحديد وإن لم يكن هناك خيلاء. نعم إذا انضم إليه الخيلاء اشتد الأمر*.
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في *رسالة حد الثوب والأزرة* (ص ١٩): *واعلموا أنه لا حق للكعبين في فضول وأطراف اللباس من إزار، وثوب، وعباءة، ونحوها*.
المسألة السادسة: لبس البشت في التنظيمات السعودية.
وتميمًا للمقال، نقول: صدر الأمر السامي رقم (٤٥٩٩٥) بتاريخ ٢١/١٢/١٤٢٤ه، مُلزِمًا المسؤولين بارتداء المشالح في المناسبات الرسمية، وخلال المقابلات التلفزيونية، والمناسبات التي يكون المسؤول ممثلًا رسميًّا للمملكة، كما في المحافل الدولية.
المسألة السابعة: بروتوكولات لبس البشت:
⁃ يُمنع وضع رجل فوق رجل، أو تمديد الرجل أثناء ارتداء البشت.
⁃ توضع اليد اليمنى داخل الكم الأيمن للبشت، وتبقى خارج البشت للسلام والمصافحة، بينما تبقى اليد اليسرى في الداخل لمسك أطراف البشت.
⁃ البشت الأسود يُلبس في حفلات الاستقبال الرسمية ومرافقة الوفود الزائرة، وعند تمثيل المملكة في المناسبات الخارجية، بينما البشت الأبيض في الأعياد.
⁃ عند ارتدائه، يجب أن يكون لون الحذاء أسودًا أو متطابقًا مع لون البشت.
⁃ يُحدد لون البشت المعتمد في بطاقة الدعوة في بعض المناسبات.
⁃ يُلزم أن تكون الثياب نظيفة، وأن تكون ياقة البشت مغلقة باستمرار.
(ينظر: كتاب *المراسم والبروتوكول للعاملين في العلاقات العامة* / عبدالعزيز العثمان وعبدالله الخريف، ٢٠١٨م، وكتاب *السلوك الدبلوماسي في الممارسة السعودية* / د. أحمد محمود جمعة، ٢٠١٠م - الرياض).
والحمد لله أولًا وآخرًا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين