بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الأضحية عبادة عظيمة لها مكانة خاصة في الإسلام، فهي سنة مؤكدة عظيمة الأجر، تقترب بها النفوس إلى ربها في أيام مميزة من السنة، أيام عيد الأضحى وأيام التشريق. قال تعالى في محكم التنزيل: "فصل لربك وانحر"، وهذا أمر مباشر من الله تعالى يأمر به عباده بالتقرب بذبح الأنعام.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يضحّي بكبشين من الملح، ذبحهما بيده مع التكبير، وبهذا يعلمنا سنّة العمل والخشوع في هذه العبادة. والاضحية ليست مجرد ذبح عابر، بل هي عبادة كاملة تتطلب النية والاحترام واتباع السنن.
أما وقت الاضحية فهو من بعد صلاة العيد في يوم النحر، ويستمر حتى غروب شمس آخر أيام التشريق، أي من اليوم العاشر إلى اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. ويمكن الذبح ليلاً أو نهاراً، وهذا في أصح الأقوال بين العلماء، فلا تَقلق إن قمت بذلك في وقت الليل.
أما أفضل الأضاحي فهي التي تكون ذات وزن وسمنة وقيمة، لأنها ما يحبه الناس ويتقربون به إلى الله، فالخير في اختيار أفضل الأنعام لا يتوقف فقط على الكم، بل على النوع والجودة.
ويُستحب أن يسمي المضحي الله تعالى عند الذبح، لأن التسمية عبادة تدخل في صحة الذبيحة وأكلها. ويُحبذ أن يأكل المضحي من أضحيته، ويُهدي ويُصدق منها، ففي ذلك من الفضل الكبير على المضحي ومن حوله.
الاضحية يجب أن تكون خالية من العيوب التي تمنع قبولها، مثل العور الواضح، والعرج الشديد، والمرض البين، والعجف الذي لا يبرأ. فالإسلام يشترط صحة الذبيحة وقبولها.
وفيما يتعلق بسن الأضحية:
إذا كانت الإبل فلابد أن تكون قد بلغت خمس سنوات على الأقل.
وإذا كانت البقر فقد بلغت سنتين.
أما المعز فيشترط أن يكون قد بلغ سنة.
والضأن يجب أن يكون عمره ستة أشهر.
من الأمور المهمة التي يجب الانتباه لها، هي الامتناع عن قص الشعر أو الأظفار أو شيء من الجسد من دخول العشر من ذي الحجة إلى حين الذبح، فقد ورد عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم الهلال، أو دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره."
وعند الذبح، يجب الالتزام بالآداب الشرعية، كالتوجه بالذبيحة إلى القبلة، ووضعها على جنبها، ومن ثم التسمية والنية الصادقة في التقرب إلى الله، مع الحرص على الإحسان في الذبح وسرعة إنجازه.
الاضحية فرصة عظيمة لتقوية الصلة بالله، وتجديد العهد معه، فبها نُظهر الطاعة ونُعبر عن الشكر على نعمه، ونعين المحتاجين بمشاركة لحم الأضاحي. ولذلك، على من يجد من الله سعة في المال ألا يهمل هذا العمل الجليل، وإن كان ضعيف الحال أو تضيق عليه الظروف فلا حرج عليه، لأن الاضحية سنة يؤجر فاعلها، ولا يعاقب تاركها.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويكتبنا من المقبولين في هذه الأيام المباركة، ويجعل أضحيتنا مقبولة، إنه سميع مجيب.