بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
حياة الشيخ العثيمين حافلة، واشتغاله بالعلم والتدريس بدأ من وقت مبكر، درَّس وعلَّم قريبا من خمس وأربعين سنة، لم يزد الطلاب في عشرين سنة منها على عشرة، وقد يقلُّون فيحضر واحد في الدرس، ثم تقاطر الطلاب من أرجاء الدنيا، ونُشرت لهذا الإمام أعلام القَبول، حتى وصلت دروسه وأشرطته إلى أدغال إفريقية، وأقبية روسيا (وقد ذكر المصنف أن الشيخ رحمه الله كان يعظ الحجيج في مطار الملك عبدالعزيز في جُدة، وكان في المطار وفد من إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي، فتحدث إليهم الشيخ، فقال المرشد: من هذا؟ قيل له: ابن عثيمين، فبكى وسلَّم وطلابُه على الشيخ بحرارة وقال: يا شيخ، هؤلاء طلابك، كانوا يقرؤون كتبك تحت الأقبية أثناء الحكم الشيوعي).
لا أعلم أحدا من المعاصرين ذاع علمه وانتشرت كتبه مثل الشيخ العثيمين.
ولا أعلم أحدا من المعاصرين قام طلابه لخدمة علمه مثل الشيخ العثيمين.
ولو صح أن يُستغنى بكتب أحد من المعاصرين عن كتب غيره (منهم) لكان أولى من يصدق عليه ذلك الشيخ العثيمين؛ لاشتمالها على أصول ما يحتاج إليه طالب العلم في كل فن.
ترجم للشيخ جماعة من طلابه وغيرهم، وهذه الترجمة للشيخ وليد الحسين، وهو من خاصة طلابه، وترجمته من أحسن التراجم، استوفى فيها غالب ما يُحتاج إليه، وهي في نظري ليست كافية، والشيخ تليق به ترجمة أوسع وأشمل يقوم عليها طلابه المقربون (وهم متوافرون بحمد الله)، وتُبرز فيها الجوانب العلمية والمنهجية والتدريسية، فقد كان الشيخ مفتنًّا كثير الدرس والفتوى والتصانيف، وفي تفاريق ذلك علم كثير غزير منتشر، يحتاج إلى خرِّيت يتتبع شوارده، وينظم خيوطه، ويستخرج منه خلاصات وأصولا وقواعدَ (في العلم والعمل والدعوة والمنهج والتزكية.) يستفاد منها، وقد كتب جماعة في ذلك أو بعضه، لكنه مفرق يحتاج إلى جمع وترتيب وتكميل، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين