بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نعت مكة وعلماؤها وطلابها اليوم: شيخها ومحدثها ومسندها الشيخ المحدث: عبدالوكيل الهاشمي أنزله الله منازل الأبرار، مآثره وبذله وجده للعلم توفيق من الله والتزكية لله، مسيرة حافلة بالعطاء لهذا الدين والعلم وأهله، وسأذكر أمورًا منها:
الأول: دأبه يختم القرآن كل ثلاثة أيام، وفي رمضان يختم كل يوم مرتين.
الثاني: أنه اعتمر قرابة ثلاثة آلاف عمرة، ويقول: *لقد اعتمر ابن عمر رضي الله عنه ألف عمرة*.
الثالث: أنه كان يجلس الساعات الطوال تصل للعشر ساعات لإقراء السنة، قُرأت عليه الصحاح والسنن والمسانيد مرات وكرات، كرم بالعلم لا يضاهى ولا يجارى.
هذا الفوز والنجاح والاستعداد الحقيقي للدار الآخرة، (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون). قوم أبدانهم معنا في الدنيا وقلوبهم في الآخرة. لمثل هذا فليعمل العاملون.
سيرة عطرة من سير العلماء والعباد والصالحين، قطعة من سير أعلام النبلاء، وصفوة الصفوة، والكواكب السائرة.
سيرة تذكرنا بمن كان يختم القران ويكثر العمرات من الصحابة والتابعين وسلف الأمة، ومن يجلس الساعات الطوال النهار مع الليل للإقراء والتحديث.
لم تنته سير العظماء الربانية، وفي الأمة مازالت النماذج السامية لم تنقطع، ولا يزال الخير في أمة محمد ﷺ إلى قيام الساعة، وفي الزوايا خبايًا وفي الرجال بقايا.
إنها أنفاس طاهرة زاخرة، قدمت أرواحها ومهجتها في مرضاة الله، فما أعظمها وأجلها.
إنه نموذج للكبار والصغار، والرجال والنساء، والشباب والفتيات واليائسين والبائسين والمحبطين والمتشائمين والصادين والشاردين عن الله والغارقين في الشهوات والملذات وزخرف الدنيا.
إنها رسالة لمن ليس عندهم هدف سماوي يعيشون لأجله، ويفنون أعمارهم فيه، ويضيعون الأوقات هنا وهناك وأمام شاشات الجوالات والقيل والقال والفري في أعراض الناس ورميهم بالجهالات والتبديع والتفسيق والتكفير والمجادلات والمهاترات، فماذا قدموا لأنفسهم ودينهم وأمتهم ووطنهم؟!.
إنه درس لشحذ الهمم والعزائم في طريق العلم والدعوة والتعبد لله، وكف الألسن والإعراض عن أمراض القلوب والنفوس.
إنه درس للذين يعيشون الوهم في هذه الحياة ولم يدركوا المعنى الحقيقي لهذه الحياة، وهكذا نتعلم من هذه الحياة وسير عظمائها ففيها الدروس والعبر والعظات.
قد لا يستطيع الإنسان أن يفعل مثل هذه الفعال من العظماء في العلم والتعبد ولكن عليه أن يسير في ركبهم ومسيرتهم، وأبواب الجنة والخير كثيرة، كل يجاهد نفسه على ما يستطيع منها، والله لا يضيع أجر المحسنين، ومن صدق مع الله صدق الله معه.
أيها الجيل: الله عزوجل يعطي ويوزع هذه القوى والفتوحات والبركات، فمن الناس من يفتح الله عليه في العبادة، وآخر في العلم والحفظ، وآخر في العمل الخيري وقضاء حاجات الناس، والصدقات والإحسان إلى الناس، يمضون الساعات الطوال والأيام، كل في ما يفتح الله عليه، وكل على خير، الأهم والفلاح ألا ينقص المرء عن الواجبات وأصول الفضائل والروابح والتجارة مع الله، ويضرب بسهم في كل باب من أبواب الخير، وكل واحد يكون على ثغر من ثغور الإسلام، يلقى الله عزوجل وهو عليه.
فاضرب بسهمٍ في سهام أئمةٍ *** سبقوك في هذا السبيل القيمِ.
وافتح مغاليق القلوب لتهتدي *** وعلى إلهك فاعتمد واستعصمِ.
أيها الشيوخ والأساتذة والمربون:
أنتم القدوات والربانيون للأجيال وصمام الأمان وحراس الثغور، والناس بكم تقتدي.
أيتها الأجيال: أنتم الورثة للعظماء وخط الدفاع على ثغور دينكم وأوطانكم وأمتكم.
العلم العلم، والعقل العقل، والحكمة الحكمة، (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا).
أيها الجيل العلمي: كونوا أوفياء وصورًا مشرقة مضيئة للعلم وأهله، لا تدنسوا ثياب العلم ، فالعلم شريف وحملته شرفاء.
أسأل الله الرحمة والمغفرة للشيخ، ولموتى المسلمين وصلاح أحوالنا، وعزًا ونصرًا لولاتنا وبلادنا والمسلمين وتوفيقًا للعلماء والدعاة والشباب والفتيات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين