بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
سنّةُ التراصّ في الصلاة كادت تندثر، رحم الله من عمل بها:
من أسباب إقامة الصلاة، والطمأنينةِ والخشوع، وصفاء القلوب: تسويةُ الصفوفِ وإقامتها.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ"، وفي رواية: "مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ". متفق عليه.
والمراد بتسوية الصفوف: اعتدالُ المأمومين على سمتٍ واحد، مع سدِّ الخلل الذي في الصف، وألا يتقدم أحد على أحد، لا بصدره ولا بكعبه.
والمعتبر المناكب في أعلى البَدَن، والأكعُب في أسفل البَدَن.
وينبغي التَّراصُ في الصَّفِّ، وهو عدمُ تركِ فُرَجٍ للشياطين، قال أَنَس بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: "أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا".
قال أَنَس: «كَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ».
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رضي الله عنه: *رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ*.
ومعنى: "تراصُّوا": أي: تلاصقوا حتى لا يكون بينكم فُرْجة.
فانظر إلى هذا التأكيد على التراصّ في الصفوف، وانظر إلى امتثال الصحابة رضي الله عنهم للأمر.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: *السنة التراص في الصفوف، وعدم ترك شيء بين الأقدام، تكون قدمه ملزقًا بقدم صاحبه، من غير محاكّة ولا إيذاء، بل يقرّب قدمه من قدمه*. ا.ه
فاحرص – رحمك الله – على العمل بهذه السنة التي كادت تُهجر، واقرب من أخيك في الصلاة، من غير مبالغة ولا تكلّف في التفريج بين رجليك، حتى يكون بين قدميك ذراعٌ أو أكثر؛ لأجل إلزاق قدمك بقدم من بجوارك، وهذا خطأ.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: وأما ما يفعله بعض المشاهَدين الآن، من أنه يفرّج بين رجليه حتى يمس كعب صاحبه، وأحيانًا يعكف رجله حتى يكون الكعب ملاصقًا للكعب: فهذا لا أصل له من السنة، وهو فهْمٌ خاطئ غلط؛ لأننا شاهدناهم يفرّجون أرجلهم حتى تتلاصق، لكنّ أكتافَهم بينها فرجة، فكأنها أهرام أسفلها واسع وأعلاها ضيق، من أين جاء هذا؟ ا.ه
اللهم وفقنا لإحياء هذه السنة وجميع السنّن، يا حيّ يا قيّوم.