بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذه خواطر مختصرة وقعت في نفسي حين سمعت خبر وفاته.
(1) لم أقابل في حياتي رجلًا أشد تواضعًا من سماحه الشيخ، مع ما هو فيه من المكانة، ويقوى على منزلة من التواضع لا يبلغها عامة الناس. كان في هذا الباب آية.
(2) كان سماحه الشيخ من أصحاب القرآن يختم في كل ثلاثة أيام.
و كان -رحمه الله- ممن يطيل الصلاة، وقد حدثني من اطلع على حال الشيخ أنه يطيل الصلاة جدا بما لا يقدر عليه كثير من الناس.
(3) سماحه الشيخ من أهل المروءات ومن هذا الباب ما ينقل من كونه حج عن جماعة من الأئمة الذين لم يحجوا كابن حزم وابن عبد البر وغيرهما. فإن هذا إنما يخرج من وفاء ومروءة الرجل، وهو في نفس الوقت علامة على حبه للعلم والعلماء.
(4) وقد رأيت من كرمه وحسن خلقة ومروءته الشيء الكثير الطيب حين استضافني في حج عام(1446ه) كان حريصا كل الحرص على إكرام ضيوفه والعناية بهم.
(5) من خصال سماحه الشيخ الرفيعة حبه لطلاب العلم وتشجيعه وتحفيزه لهم، ليبحثوا ويصنفوا ويحرروا المسائل وينشروا الكتب، يتابعهم ويشجعهم ويحثهم على ذلك.
وأذكر قبل سنين طويلة حين طُبع كتابي: «مفطرات الصيام المعاصرة» هاتفني مباركا ومثنيًا وذكر أنه قرأه كاملا. وكذلك حين طُبع كتابي: «التوضيح المقنع شرح الروض المربع» فعل الشيء نفسه، بل أخبرني من يقرأ على سماحة الشيخ من الفضلاء أنه تخفف من الدروس في الجامع الكبير ليقرأه. فقرأه كاملا وكتب له مقدمة.
وصنيع سماحة المفتي من أسباب نشاطي لتكميل الكتاب و«من لا يشكر الناس لا يشكر الله».
وهذه الأفعال من سماحه الشيخ لا يقدر عليه إلا من رزقه الله تواضعا ورغبة صادقة في تشجيع طلاب العلم.
(6) كان سماحه الشيخ من الطبقة الأولى في العناية بالكتب، اقتناء، ومتابعة للجديد، وقراءة لها الساعات الطويلة، وقد شاهدت هذا في الحج معه فقد كان يمكث الساعات الطويلة في القراءة بما لا يقدر عليه كثير من طلاب العلم.
فأسأل الله تعالى بمنه وكرمه ولطفه:
أن ينور له قبره.
ويوسع له فيه.
بتلاوته القرآن، وطول وقوفه بين يديه في الصلاة.
وبنشره العلم ومحبته له ونفع الناس بالفتوى والتوجيه.
وبحسن خلقه وتواضعه.
وبما لا نعلمه من أعماله الصالحة.
إن ربي قريب مجيب رحيم ودود.