بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن الدعاء للأبناء سنة الأنبياء، فهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يدعو بقوله: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الصافات: 100]، وقوله: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ [إبراهيم: 40]، ونبي الله زكريا عليه السلام يدعو قائلا: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا • يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ [مريم: 5، 6].
والدعاء للصغار هدي نبينا ﷺ، فقد كان ﷺ يحمل الحسن أو الحسين على عاتقه ويقول: "اللهم إني أحبه فأحبه".
وكان ﷺ يأخذ أسامة بن زيد فيقعده على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الآخر ثم يضمهما ثم يقول: "اللهم ارحمها فإني أرحمها".
وكان ﷺ يؤتى بالصبيان حديثي الولادة ويدعو لهم، جاء في *الصحيحين* أن أسماء رضي الله عنها أتت النبي ﷺ بمولود لها، تقول: ثم حنكه بالتمرة ثم دعا له وبرك عليه.
ودعا ﷺ لأنس رضي الله عنه وهو صغير: "اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته"، ودعا ﷺ لابن عباس رضي الله عنه وهو صغير: "اللهم فقهه في الدين".
وقد أثنى الله على عباد الرحمن بأنهم يدعون الله بصلاح ذرياتهم فقال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ [الفرقان: 74].
ومن الأدعية القرآنية التي أوصى بها السلف ما ذُكر عن أبي معشر رحمه الله أنه اشتكى ابنه إلى طلحة بن مصرف رحمه الله فقال: استعن عليه بهذه الآية وتلا: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأحقاف: 15].
والدعاء على الأبناء مذموم، قال نبينا ﷺ: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم"؛ رواه مسلم.
وقال ﷺ: "ثَلاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ لا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ" رواه ابن ماجه (3862) وحسنه الألباني في”الصحيحة”(596). ولفظ أحمد (7197): (عَلَى وَلَدِهِ).
والدعاء على الأبناء قد يكون سبب سوئهم، ففي فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب:
جاء رجُلٌ إلى ابن المبارك - رحمه الله - يشكو إليه سُوءَ خُلُقِ ابْنِه. فقال: أَدَعَوْتَ عليه؟
قال الأب: نعم.
قال: أنتَ أَفسدتَه.