بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
في غمرة ابـتزاز طغاة الأرض في هذا العصر للأمة الإسلامية (المترامية الأطراف مع الأسف)، ومحاولات سلخ الأمة مــن مكانتها العالمية، ومن عــزتها الإيمانية بالله، ومن مجدها التاريخي العظيم، ومن السيطرة على البلاد والعباد والخيرات التي تكتنزها بلاد المسلمين، بل وطرد أهل فلسطين منها، وتمكين الغزاة المحتلين من صهاينة العالم من احتلالها بعد الفظائع التي ارتكبوها أمام جميع الخلق. هـل يستيقظ شعور المسلمين (ولعله يستيقظ) بوعي واعتزاز بالله ومحبةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبإيمانهم ببشرياته صلى الله عليه وسلم بسيادة الأمة الإسلامية. وبهموم إخوانهم المسلمين أمر مطلوب، بل هو دليل على صدق الإيمان.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى". متفق عليه.
من حديث النعمان بن بشير. وهو دليل على أن شعور المسلم بأحوال إخوانه المسلمين أو انعكاس أحوالهم في السَّـــــــراء والضَّــــــــــراء عليه دليل على اتصافه بصفات المسلمين:
المــــــــــــــزايا ولــلـــــــــــــــــــــــوفـا تــــرجمانُ | وبأفيائهـا الخِصــــــــــــــــــالُ الحِسانُ | |
فهي الأخلاقُ الحميدةُ تزكـو | حيثُ فـاحتْ كأنَّهـا الريحـانُ | |
لــم يـزل صادقا قـرينُ صفاتٍ | عطـــــــــــــــــــــــــراتٍ يحبُّها الأخـدانُ | |
فـأخٌ يحفظُ الــودادَ ويحيا | مطمئنًـا وهــــــــــــــــــــــــــكذا الفتيانُ | |
فتيةٌ آمــــــــــــــــــــنوا بربٍّ كــريـــــــــــــــــــــمٍ | فحباهــــــــــــــم فربُّــــــــــــــــــــــنــا الرحمنُ | |
وبآياتِ ربِّهــــــــــــــــــم قـــــــــــــــــــــــــــد تغنَّوا | إذ أثارَ استشرافَهم فـرقانُ | |
فتهادوا بهــــــــــــــــــــنَّ بيــــــــــــــــــن قلوبٍ | شأنُهُنَّ الهـدى فطابَ الأمــانُ | |
فَتَثَنَّى بــــــــــــــــــــــهــا التَّقيُّ ابتهاجًـــــــــــا | ولإخـوانــــــه الكــــــــــــــــــــــــرامِ امتنــانُ | |
ماجفاهـم إنَّ المحاسنَ تبقى | شاهـــــــــــــــــــداتٍ آثارُهــا واللســـــــــــانُ | |
فحديثٌ مترجِمٌ عن فـؤادٍ | في ثناياهُ صدقُــه والحــنـانُ | |
والإخـاءُ المحمودُ رفــرفَ فخـرًا | بيديه ويصدقُ الوجــدانُ | |
فالجَنَى في حقوله طاب شَهدًا | والسَّجايا في زهـوها الأفنانُ | |
وعلى الموردِ الهنــيِّ شبابٌ | قـــــــــــــــــــــــد أظلَّ انبجاسَه القـرآنُ | |
ليس يشقى أخو العقيدةِ إنْ مــا | هـذَّبَــــــــــــــــتْـهُ آياتُـــــــــــــــــــــــــــــــه والبيــانُ | |
ومن السُّـــــــــــــنَّةِ الشَّريفةِ تحظـى | أنفُسٌ بالمنى فيحلو الزمانُ | |
ورعتْهـــــــــــــــــم آدابُهــــــــــــــــم ماعَرتْهــم | نغـــــــــــــــــزاتٌ أو نالَهــــــــــــــــم خسرانُ | |
في مغاني الإيمان باللهِ عاشوا | فلهــــــــــــــــــــــم رِفعــــــــــــــــــــةٌ تُـرَى واتِّــزانُ | |
ولهم ذكـرُهم كمجدٍ تسامى | تــتـــغـــنَّى بشــــــــــــــــــــــــــــدوه الركبانُ | |
كيف لا تُعْمَــــــــــرُ البــــــــــــــــــــــــــلادُ رُقِيًّــا | ولديهــا شـــــــــــــــــــــــــــبابُهـا الفرسانُ | |
وهُــمُ الصِّيدُ والفضائلُ كُثــرٌ | والمــزايــا لأهلِــــــــــــــــــــــــــــهــا الشُّكـرانُ | |
ولهم في وجه الليالي حكايا | مقمـــــــــــــــــــــــــراتٌ نــديمُهـا جــذلانُ | |
وتــرقُّ الأخــلاقُ في كلِّ قلبٍ | وينالُ استحسانَهـا السكانُ | |
أثمرتْ جنَّــةُ الإخـــــــــــــــــــــاءِ وغابت | عــن جناها الأهــواءُ والأضغانُ | |
أطيبُ الــذكـــــــــــــــــــر للتُّقـاةِ فطوبى | لشــــــــــــــــــــــــبابٍ تقـواهُــمُ العنــوانُ | |
إنَّ وُدًّا آثـــــــــــــــــــــــــارُه باقـــــــــــياتٌ | منه يُسقَى الحيرانُ والظمــآنُ | |
فَتَحَــرَ الرفاقَ واحــــــــــــــــــــذرْ فسادا | في نفوسٍ يسوقها الشيطانُ | |
وتناءى ــ أخا العقيدةِ ــ عمَّنْ | زاغَ وانحـــــــــــــــــــــــــــازَ مــالَــه إيـوانُ | |
وتعــــرَّى من المحاسن خِبٌّ | وتولَّـى مشــــــــــــــــــوارَه العُــــــــــــــــــــريانُ | |
فالإخاءُ المحمودُ نعمةُ ربــي | لقلـــــــــــــــــوبٍ بســـــــــــــــــــتانُهـا فينانُ | |
فهو الوعيُ والعقيدةُ يُمـلي | بهما للأفاضــــــــــــــلِ العرفــــــــــــــــانُ | |
وتواصوا بالحقِّ حيثُ لديهم | للـوصايا بالمكرمــــــــــــــــــــات اقتــرانُ | |
هـو فضلُ الإيمانِ في كلِّ قلبٍ | فظلالٌ رخـــــــــــــــيَّــةٌ وحــــــــــــــــــــــنــانُ | |
نُـزعَ الغِلُّ من نفوسٍ تصافتْ | فتناءتْ عن وصفها الأضغانُ | |
فالفتى الفــذُّ عاشَ مخمومَ قلبٍ | فَتَقِـيٌّ هـــــــــــــــــــــــــــــذا الفتــى مِعوانُ | |
وحـوالــــــــــــــــــيه في الأُخُـــــــــــوَّةِ ركبٌ | أكبَـرَتْ مجــدَ سعيِه الركبانُ | |
ذكَّـرتْهـم آياتُ ربِّــي حقوقًـا | حيثُ تُصغي لوقعِهـا الآذانُ | |
فتسامتْ عـــــــــــــــــن الدنايا نفوسٌ | وحباهـــــــــــــــــــــــــا مقامَــه الإحسانُ | |
ليس تخشى من ظالمٍ أو أثيمٍ | أو خَــــــــــــــــــــؤون مـآلُـه الخسرانُ | |
مُجْتَناهـا مـــــــــــــــــــــــــــــن العقيدة عــــــــزٌّ | وجهـادٌ أفـواجُه الفرسانُ | |
ومـداها بــذلُ العقيدةِ تحمي | من ضـــــــــــــــــــلالٍ يثيرُه العصيانُ | |
في زمانٍ أشــــــــرارُه قـد تمادوا | وأُثـيـــــــــــــــــــــــــرتْ بوجهـهـم أضغانُ | |
والليالي فلــــــــــم تكـــــــــــــــــنْ آمناتٍ | فالتَّمـاسيحُ دأبُهــا الحيتانُ | |
فصدورٌ مـمـــــــــــــــــزَّقاتٌ وفــــــــــــــــيهـا | من حكايــا يـذوبُ منهــا الجَـنَــانُ | |
ولأهـــــــــــــــــوالِهـا الفظيعــــــــــــــــةِ تُـدمي | من قلوبٍ من أهلها الولدانُ | |
لاتســـــــــــــــــلْهـا فالفاجعاتُ يُعاني | من لظـاهـا وشرِّهـا السُّكانُ | |
غير أن الإخـــــــــــــــــــــاءَ يبقى جليًّـــا | في أيادٍ يصونُهــا الشجعانُ | |
فتصدَّوا لكلِّ طـــــــــــــاغٍ أثيـــــــــــــــــــــمٍ | واضمـحـلَّ الترهيبُ والإذعانُ | |
فهـي الأمَّــةُ التي ليس تفنى | فعظيمُ ابتعاثـــــــــــــــــــــــها الإيمانُ | |
ولـديها من إخــــــــــــــــوةِ العزِّ ركبٌ | لايـــــــــــــــــــــــبالي بالمحنــةِ الأعيانُ | |
هـم ليــوثُ الوغى إذا الساحُ نادتْ | وتراءتْ للمـؤمنين الجِـــــــــــــــــــــــــــنانُ | |
فالأضاحي هم الأهالي وهـذي | واجباتٌ وأهلُـهــا مـا هانـوا | |
فهـم القومُ نهجُهم في المثاني | قد دعاهـم لفضلـِه الرحمنُ | |
فبإسلامنا العظيمِ انتصارٌ | سَـــــيُوافي وعـــــــــــــــــــــــزَّةٌ وأمـــانُ | |
وستُطوَى مكائدُ الغزو مهمــا | قد تَمَنَّى اجتثاثَنـا العدوانُ | |
بيدِ اللـــــــــــــــــــــهِ وحــــــــــــــــــــدَه ماعرانا | وستُطوى أحقادُهم والهوانُ | |
ظنُّنـا باللـــــــــــــــــــــهِ القديــــــــــــــــــــــــرِ يقينٌ | لن يسودوا فللطغاةِ امتهــانُ | |
ولهذي المؤامـــــــــــــــــــــــــراتِ اندثارٌ | وذووها والعربداتُ تُهــانُ | |
قبَّــحَ اللــــــــــــــــهُ رأيَهـم فأمانيهم . | ســــــــــرابٌ تلفُّــه الأكـــــــــــــــــفانُ | |
وقُـواهم من فوقـــــــها قوةُ اللهِ . | وتفنى الحشودُ والصولجانُ* | |
فانتظرها: مشــــــــــيئةُ اللـــــــهِ أبقى | ولديهـا رغــــــــــــــــــــــم العدا البرهـانُ |
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
· الصولجان : الصولجان أو المِيحار أو المِيجَار هو قضيب أو عصا اعتبرت دائما علامةً على السلطة، والمراد هنا تسلط الأعداء وتطاولهم واستخفافهم بغيرهم.