أهمية الشورى في الإسلام

10 دقائق
25 جمادى الثاني 1447 (16-12-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

الشورى مِن أهَم خصائص الأمة الإسلامية،حيث تضمن للمسلم السعادة في الدنيا،والفلاح في الآخرة،لذلك أحببتُ أن أُذِكِّرَ الأحباب الكرام بأهمية الشورى في الإسلام وثمراتها المباركة.

معنى الشورى

الشورى: هي استنباطُ الإنسان الرأي مِن غيره فيما يَعرضُ له من مُشْكِلاتِ الأمور، ويكون ذلك في الأمور الجزئية التي يتردد الإنسانُ فيها، بين فِعلها وترْكِها. (الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب الأصفهاني ص210).

منزلة الشورى:

الْمُشَاورَةُ فِي الْأُمُور مِن قُوَّةِ رَأْي الْمَرْءِ وَكَمَالِ عقلهِ وَبُعْدِ نَظَرِهِ، فَلِكُلِ امرئٍ عِلم، وَالنَّاسُ متفاوتون فِيمَا يعْرفُونَ، فمِنْهُم كثيرُ الْعلم والدراية وآخر قليلهما وَمِنْهُم ذُو الْعلم الَّذِي لم يزاوله وَلم يمارسه في التجارب، وآخر عَالم خَبِير مجرب، فَالَّذِي قَرَأَ علاج الآلام والأدواء وَحفظ أَسمَاء الْأَدْوِيَة جَمِيعهَا من بطُون الْكتب فقط لَا يُمكن بأية حَال أَن يقف على قدم الْمُسَاوَاة مَعَ من عالج الْأَمْرَاض والعلل مَرَّات كَثِيرَة وَعرف الْأَدْوِيَة عَن خبْرَة وتجربة وَلَا يُمكن كَذَلِك مُسَاوَاة من سَافر كثيرًا وطوف فِي الأفاق وذاق حرهَا وبردها ومارسَ الْأَعْمَال بِنَفسِهِ بِمن لم يُسَافر وَلم يجب الْبلدَانِ ويقتحم ميدان الْعَمَل أَو يخض غمار الْأُمُور قطّ، ولذلك يَنْبَغِي تدبر الْأُمُور باستشارة الْحُكَمَاء والمسنين وَذَوي التجارب والأسفار وَمن النَّاس أَيْضًا من هُوَ متوقد الذِّهْن يتَبَيَّن الْأُمُور بِسُرْعَة وَمن هُوَ بطيء الْفَهَم.

(سير الملوك للحسن بن علي الطوسي ص:129)

الشورى وصية رب العالمين:

(1) قال سُبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران:159).

قَالَ الإمامُ ابنُ جرير الطبري (رحمه الله):أَمَرَ اللَّهُ النَّبِيَّ بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابِهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِمُشَاوَرَتِهِمْ فِيهِ، مَعَ إِغْنَائِهِ بِتَقْوِيمِهِ إِيَّاهُ، وَتَدْبِيرِهِ أَسْبَابَهُ عَنْ آرَائِهِمْ، لِيَتَّبِعَهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَعْدِهِ، فِيمَا حَزَّ بِهِمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ، وَيَسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ، وَيَحْتَذُوا الْمِثَالَ الَّذِي رَأَوْهُ يَفْعَلُهُ فِي حَيَاتِهِ مِنْ مُشَاوَرَتِهِ فِي أُمُورِهِ مَعَ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا مِنَ اللَّهِ أَصْحَابَهُ وَتُبَّاعَهُ فِي الْأَمْرِ، يَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، فَيَتَشَاوَرُوا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يُصْدِرُوا عَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَلَؤُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا تَشَاوَرُوا فِي أُمُورِ دِينِهِمْ مُتَّبِعِينَ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ، لَمْ يُخْلِهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ لُطْفِهِ، وَتَوْفِيقِهِ لِلصَّوَابِ مِنَ الرَّأْي وَالْقَوْلِ فِيهِ. (تفسير الطبري ج7ص343).

(2) قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (الشورى:38).

قال الإمامُ ابنُ كثير (رحمه الله): قَوْلُهُ تَعَالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} أَيْ: لَا يُبْرِمُونَ أَمْرًا حَتَّى يَتَشَاوَرُوا فِيهِ، لِيَتَسَاعَدُوا بِآرَائِهِمْ فِي مِثْلِ الْحُرُوبِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا. (تفسير ابن كثير ج7ص211).

نبينا (يحثنا على الشورى):

(1) رَوَى مسلمٌ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ". (مسلم حديث:55).

قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ): النَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ مَعْنَاهَا: إِرَادَةُ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ. (جامع العلوم لابن رجب ص219).

(2) رَوَى أحمدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَالثَّيِّبُ تُشَاوَرُ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِي. قَالَ: سُكُوتُهَا رِضَاهَا". (حديث صحيح). (مسند أحمد ج12ص33حديث: 7131).

(3) رَوَى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ". (حديث صحيح).

(صحيح أبي داود للألباني حديث: 4277).

• قَوْلُهُ: (الْمُسْتَشَارُ) أيْ: الذِي يَطلبُ الناس مِنْهُ الْمَشُورَةُ وَالرَّأْيُ.

• قَوْلُهُ: (مُؤْتَمَنٌ): أَيْ: أَمِينٌ فِيمَا يُسْأَلُ مِنَ الْأُمُورِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخُونَ الْمُسْتَشِيرَ بِكِتْمَانِ مَصْلَحَتِهِ.

(عون المعبود للمباركفوري ج14ص25).

أقوال سلفنا الصالح في الشورى:

(1) قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: شَاوِرْ فِي أَمْرِكَ مَنْ يَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. (الآداب الشرعية لابن مفلح ج1ص327)

(2) قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نِعْمَ الْمُؤَازَرَةُ الْمُشَاوَرَةُ، وَبِئْسَ الِاسْتِعْدَادُ الِاسْتِبْدَادُ. (أدب الدنيا والدين للماوردي ص300)

(3) قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا نَزَلَتْ بِي قَطُّ عَظِيمَةٌ فَأَبْرَمْتُهَا حَتَّى أُشَاوِرَ عَشَرَةً مِنْ قُرَيْشٍ، فَإِنْ أَصَبْتُ كَانَ الْحَظُّ لِي دُونَهُمْ، وَإِنْ أَخْطَأْتُ لَمْ أَرْجِعْ عَلَى نَفْسِي بِلَائِمَةٍ. (الآداب الشرعية لابن مفلح ج1ص327).

(4) قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَان (رَحِمَهُ اللَّهُ): لَأَنْ أُخْطِئَ وَقَدْ اسْتَشَرْتُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُصِيبَ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ.

(الآداب الشرعية لابن مفلح ج1ص328).

(5) قَالَ عُمَرُ بْنُ عبدالعزيز (رَحِمَهُ اللَّهُ): إنَّ الْمَشُورَةَ وَالْمُنَاظَرَةَ بَابَا رَحْمَةٍ وَمِفْتَاحَا بَرَكَةٍ لَا يَضِلُّ مَعَهُمَا رَأْيٌ وَلَا يُفْقَدُ مَعَهُمَا حَزْمٌ.

(أدب الدنيا والدين للماوردي ص300).

(6) قَالَ لُقْمَانُ الْحَكِيمُ (رَحِمَهُ اللَّهُ) لِابْنِهِ: شَاوِرْ مَنْ جَرَّبَ الْأُمُورَ فَإِنَّهُ يُعْطِيك مِنْ رَأْيِهِ مَا قَامَ عَلَيْهِ بِالْغَلَاءِ وَأَنْتَ تَأْخُذُهُ مَجَّانًا.

(أدب الدنيا والدين للماوردي ص302).

(7) قَالَ الحسنُ البصري (رَحِمَهُ اللَّهُ): مَا شَاوَرَ قَوْمٌ قَطُّ، إِلَّا هُدُوا لِأَرْشَدِ أُمُورِهِمْ. (تفسير الطبري ج7ص344).

(8) قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِم (رَحِمَهُ اللَّهُ): مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِالْمَشُورَةِ إِلَّا لِمَا عَلِمَ فِيهَا مِنَ الْفَضْلِ.

(تفسير الطبري ج7ص344).

(9) قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الِاسْتِشَارَةُ عَيْنُ الْهِدَايَةِ وَقَدْ خَاطَرَ مَنْ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ. (أدب الدنيا والدين للماوردي ص300)

(10) قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَا خَابَ مَنْ اسْتَخَارَ اللهَ، وَلَا نَدِمَ مَنْ اسْتَشَارَ. (أدب الدنيا والدين للماوردي ص300)

الشورى ليست عيبًا:

لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَوَّرَ الإنْسَانُ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ إنْ شَاوَرَ فِي أَمْرِهِ ظَهَرَ لِلنَّاسِ ضَعْفُ رَأْيِهِ، وَفَسَادُ رَوِيَّتِهِ، حَتَّى افْتَقَرَ إلَى رَأْيِ غَيْرِهِ. وَلَيْسَ يُرَادُ الرَّأْيُ لِلْمُبَاهَاةِ بِهِ وَإِنَّمَا يُرَادُ لِلِانْتِفَاعِ بِنَتِيجَتِهِ وَالتَّحَرُّزِ مِنَ الْخَطَأِ، وَكَيْفَ يَكُونُ عَارًا مَا أَدَّى إلَى صَوَابٍ وَصَدَّ عَنْ خَطَأٍ.وَيَنْبَغِي أَنْ تُكْثِرَ مِنْ اسْتِشَارَةِ ذَوِي الْأَلْبَابِ،لَا سِيَّمَا فِي الْأَمْرِ الْجَلِيلِ، فَقَلَّمَا يَضِلُّ عَنْ الْجَمَاعَةِ رَأْيٌ، أَوْ يَذْهَبُ عَنْهُمْ صَوَابٌ، لِإِرْسَالِ الْخَوَاطِرِ الثَّاقِبَةِ وَإِجَالَةِ الْأَفْكَارِ الصَّادِقَةِ فَلَا يَعْزُبُ عَنْهَا مُمْكِنٌ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهَا جَائِزٌ. (أدب الدنيا والدين للماوردي ص303).

صفات أهل الشورى:

هناك صفات ينبغي أن تتوافر في أهل الشورى، نستطيع أن نُوجزها في الأمور التالية:

(1) المُسْتَشَار يَكُونُ صَاحِب عَقْلٍ كَامِلٍ مَعَ تَجْرِبَةٍ سَالِفَةٍ. فَإِنَّ بِكَثْرَةِ التَّجَارِبِ تَصِحُّ الرَّوِيَّةُ.

(2) يَكُونُ المُسْتَشَار ذَا دِينٍ وَتُقًى، فَإِنَّ ذَلِكَ عِمَادُ كُلِّ صَلَاحٍ وَبَابُ كُلِّ نَجَاحٍ. وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الدِّينُ فَهُوَ مَأْمُونُ السَّرِيرَةِ مُوَفَّقُ الْعَزِيمَةِ.

(3) يَكُونُ المُسْتَشَار نَاصِحًا وَدُودًا، فَإِنَّ النُّصْحَ وَالْمَوَدَّةَ يُصَدِّقَانِ الْفِكْرَةَ وَيُسَدِّدَانِ الرَّأْيَ.

(4) يَكُونُ المُسْتَشَار سَلِيمَ الْفِكْرِ مِنْ هَمٍّ قَاطِعٍ، وَغَمٍّ شَاغِلٍ، فَإِنَّ مَنْ عَارَضَتْ فِكْرَهُ شَوَائِبُ الْهُمُومِ لَا يَسْلَمُ لَهُ رَأْيٌ وَلَا يَسْتَقِيمُ لَهُ خَاطِرٌ.

(5) يجب أن لَا يَكُونَ للشخص المُسْتَشَار فِي الْأَمْرِ الْمُسْتَشَارِ فِيهِ غَرَضٌ يُتَابِعُهُ، وَلَا هَوًى يُسَاعِدُهُ، فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ جَاذِبَةٌ وَالْهَوَى صَادٌّ، وَالرَّأْيُ إذَا عَارَضَهُ الْهَوَى وَجَاذَبَتْهُ الْأَغْرَاضُ فَسَدَ.

فَإِذَا اسْتَكْمَلَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ الْخَمْسُ فِي رَجُلٍ كَانَ أَهْلًا لِلْمَشُورَةِ وَمَعْدِنًا لِلرَّأْيِ، فَلَا تَعْدِلْ عَنْ اسْتِشَارَتِهِ.

(أدب الدنيا والدين للماوردي ص:301).

نصيحة للمستشار:

يَنْبَغِي لِمَنْ أُنْزِلَ مَنْزِلَةَ الْمُسْتَشَارِ وَأُحِلَّ مَحَلَّ النَّاصِحِ الْمَوَادِّ حَتَّى صَارَ مَرْجُوَّ الصَّوَابِ، أَنْ يُؤَدِّيَ حَقَّ هَذِهِ النِّعْمَةِ بِإِخْلَاصِ السَّرِيرَةِ، وَيُكَافِئَ عَلَى الِاسْتِسْلَامِ بِبَذْلِ النُّصْحِ. فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ إذَا اسْتَنْصَحَهُ أَنْ يَنْصَحَهُ". وَرُبَّمَا أَبْطَرَتْهُ الْمُشَاوَرَةُ فَأُعْجِبَ بِرَأْيِهِ فَاحْذَرْهُ فِي الْمُشَاوَرَةِ فَلَيْسَ لِلْمُعْجَبِ رَأْيٌ صَحِيحٌ وَلَا رَوِيَّةٌ سَلِيمَةٌ، وَرُبَّمَا شَحَّ فِي الرَّأْيِ لِعَدَاوَةٍ أَوْ حَسَدٍ فَوَرَّى أَوْ مَكَرَ فَاحْذَرْ الْعَدُوَّ وَلَا تَثِقْ بِحَسُودٍ.

وَلَا عُذْرَ لِمَنْ اسْتَشَارَهُ عَدُوٌّ أَوْ صَدِيقٌ أَنْ يَكْتُمَ رَأْيًا وَقَدْ اُسْتُرْشِدَ وَلَا أَنْ يَخُونَ وَقَدْ اُؤْتُمِنَ.

وَلَا يَنْبَغِي للمُسْتشَارِ أَنْ يُشِيرَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشَارَ إلَّا فِيمَا مَسَّ، وَلَا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالرَّأْيِ إلَّا فِيمَا لَزِمَ، فَإِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَأْيُهُ مُتَّهَمًا أَوْ مُطْرَحًا، وَفِي أَيِّ هَذَيْنِ كَانَ وَصْمَةً.وَإِنَّمَا يَكُونُ الرَّأْيُ مَقْبُولًا إذَا كَانَ عَنْ رَغْبَةٍ وَطَلَبٍ، أَوْ كَانَ لِبَاعِثٍ وَسَبَبٍ.

(أدب الدنيا والدين للماوردي ص:305).

نبينا (هو القدوة في الشورى):

(1) النبي ( يستشير أصحابه في الخروج يوم بدر):

• روى مسلمٌ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالكٍ، "أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا (يعني الخيل) الْبَحْرَ لَأَخَضْنَاهَا، وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا، قَالَ: فَنَدَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النَّاسَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا". (مسلم حديث: 1779).

(2) النبي ( يستشير أصحابه في أسارى بدر):

رَوَى الحاكمُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ فِي الْأُسَارَى (في غزوة بدر) أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: قَوْمُكَ وَعَشِيرَتُكَ فَخَلِّ سَبِيلَهُمْ. فَاسْتَشَارَ عُمَرُ فَقَالَ: اقْتُلْهُمْ. قَالَ: فَفَدَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} (الأنفال: 69:67) قَالَ: فَلَقِيَ النَّبِيُّ ﷺ عُمَرَ قَالَ: كَادَ أَنْ يُصِيبَنَا فِي خِلَافِكَ بَلَاءٌ. (حديث حسن) (مستدرك الحاكم ج2ص359).

(3) النبي ( يستشير أصحابه في الخروج يوم أحد):

قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأصحابه يوم غزوة أحد: "إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدْعُوهُمْ حَيْثُ نَزَلُوا، فَإِنْ أَقَامُوا أَقَامُوا بِشَرِّ مُقَامٍ، وَإِنْ هُمْ دَخَلُوا عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِيهَا". (سيرة ابن هشام ج2ص63).

(4) النبي ( يستشير أصحابه عام صلح الحديبية):

رَوَى البخاريُّ عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "خَرَجَ النَّبِيُّ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ الهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، وَبَعَثَ عَيْنًا (جاسوسًا) لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ، وَسَارَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى كَانَ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ (مكان قريب من الحديبية) أَتَاهُ عَيْنُهُ، قَالَ:إِنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا،وَقَدْ جَمَعُوا لَكَ الأَحَابِيشَ (جماعة مِن الناس ليسوا مِن قبيلة واحدة)، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ، وَصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، وَمَانِعُوكَ، فَقَالَ: أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيَّ، أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالِهِمْ (كناية عن الهجوم عليهم وقتالهم) وَذَرَارِيِّ (نسلهم) هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ البَيْتِ، فَإِنْ يَأْتُونَا (خرجوا لقتالنا) كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنَ المُشْرِكِينَ (أهلكَ جماعة مِنَ الكفار)، وَإِلَّا تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ (مسلوبين منهوبين)، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا البَيْتِ، لاَ تُرِيدُ قَتْلَ أَحَدٍ، وَلاَ حَرْبَ أَحَدٍ، فَتَوَجَّهْ لَهُ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ. قَالَ: امْضُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ. (البخاري حديث: 4178).

(5) النبي ( يستشير أصحابه في حادث الإفك):

رَوَى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، قَالتْ: "دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ (تأخر) الوَحْيُ، يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ لَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلاَ نَعْلَمُ وَاللَّهِ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: يَا بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ فِيهَا شَيْئًا يَرِيبُكِ؟، فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ العَجِينِ، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ". (البخاري حديث: 2661/ مسلم حديث: 2770).

نماذج من الشورى:

أبو بكر الصديق

(1) رَوَى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ" (البخاري حديث: 7284 / مسلم حديث: 20).

(2) قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرٌ نَظَرَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ وَجَدَ فِيهِ مَا يَقْضِي بِهِ قَضَى بَيْنَهُمْ وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِقَضَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ خَرَجَ فَسَأَلَ الْمُسْلِمِينَ عَنِ السُّنَّةِ فان أعياه ذَلِك دَعَا رُؤُوس الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَاءَهُمْ وَاسْتَشَارَهُمْ. (السنن الكبرى للبيهقي ج10 ص196).

عمر بن الخطاب

(1) رَوَى مسلمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، "أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ، وَالنِّعَالِ، ثُمَّ جَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، وَدَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى، قَالَ: مَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ الْخَمْرِ؟ فَقَالَ عبدالرحمن بْنُ عَوْفٍ: أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا كَأَخَفِّ الْحُدُودِ، قَالَ: فَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ". (مسلم حديث: 1706)

(2) رَوَى الشيخانِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ (أي: يُضربُ بطنها فتلقي جنينها)، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ، قَالَ: فَشَهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلمَةَ. (البخاري حديث: 6905 / مسلم حديث: 1689).

(3) قَالَ محمدُ بنُ شِهاب الزُّهْرِيِّ: كَانَ مَجْلِسُ عُمَرَ مُغْتَصًّا مِنَ الْقُرَّاءِ شَبَابًا وَكُهُولًا فَرُبَّمَا اسْتَشَارَهُمْ وَيَقُولُ: لَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ حَدَاثَةُ سِنِّهِ أَنْ يُشِيرَ بِرَأْيِهِ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ عَلَى حَدَاثَةِ السِّنِّ وَقِدَمِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ. (جامع بيان العلم لابن عبد البر ج1ص619).

(4) قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرٌ، فأَعْيَاه أَنْ يَجِدَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، نَظَرَ: هَلْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِيهِ قَضَاءٌ؟ فَإِنْ وَجَدَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَدْ قَضَى فِيهِ بِقَضَاءٍ قَضَى بِهِ، وَإِلَّا دَعَا رُءُوسَ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَاءَهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى الْأَمْرِ قَضَى بَيْنَهُمْ. (السنن الكبرى للبيهقي ج10 ص196).

ثمرات الشورى:

نستطيع أن نُوجِزَ فوائد الشورى في الأمور التالية:

(1) الشورى تُؤدي إلى إصابة الحق في الغالب، فإن الآراء إذا عُرضت بحرية تامة وأدلى كلٌّ بحجته، وكانت النية صحيحة والهدف هو الوصول إلى الحق، وقدمت المصلحة العامة، وتجرد المتشاورون عن الأهواء والدوافع السيئة مع التوكل على الله تعالى فلا شك أن النتائج تكون سليمة والعواقب حميدة والتسديد والتوفيق يتنزل مِن الله تعالى، وهذا واضح فيما وقع في عهد الصحابة رضوان الله عليهم.

(2) العمل بالشورى قربة وطاعة لله تعالى، ففيه اجتماع الرأي في تحصيل الخير، وتهذيب رأي صاحب الأمر مع الامتثال لأمر الله سبحانه.

(3) أعظم فوائد الشورى امتزاج الأفكار، وتكامل الثقة، وتبادل الخبرة والاطلاع على ما عند الآخرين، والاستفادة من الخبرات المتنوعة.

(4) الشورى تعطي قوة للمجتمع في أكثر من مجال إنساني فعلى سبيل المجال النفسي، فأن الشورى طريق للتخلص من الظواهر المرضية غير الصحية، مثل قلة الإخلاص وضعف الأداء الوظيفي، وإهدار الطاقات المفيدة.

(5) الشورى تشعر المشاركين بالمسؤولية وأنهم مع المسئول يسعون إلى تحقيق المصالح العامة، ودرء المفاسد في عملية تكاملية.

(6) الشورى تولد الثقة بين الحاكم والمحكوم وتطيب القلوب، وتجعل من رأي الخليفة أو الحاكم رأى جميع المسلمين بعد التشاور.

(7) في الشورى وقاية مِن الاستبداد وتزود الدولة بالكفاءات والقدرات المتميزة وبها تنحصر عيوب التفرد بالقرار.

(8) الشورى تضيقُ الخلاف بين الراعي ورعيته.

(9) الشورى تُفَجِّرُ الطاقات الكامنة في أفراد الأمة، وتشجع ذوي الخبرات وتفسح المجال لكل مِن لديه خير للأمة أن يدلي برأيه وهو آمِن.

(10) الشورى تعمل على تسديد النظر إلى المشكلة مِن زوايا مختلفة.

إن إخضاع أي مشكلة للمناقشة وتبادل الآراء يُمَكّن أهل الشورى من رؤيتها من زوايا واتجاهات مختلفة، وبذلك تُضافُ الرؤى الجزئية بعضها إلى بعض، وتتقارب وتتكامل قَدْر الإمكان، وتتشكل في كُلِّ مرئي للجميع ثم تتوحد محاولات التحليل والتشخيص والإسهامات في اقتراح الحلول ولا يُتَاحُ ذلك إلا للجماعة المتوحدة، لأن العقل الواحد مهما كان كبيرًا نافذًا لا يستطيع أن يُلمَّ بجميع المعلومات المتعلقة بكل المشاكل التي يتعرض لها، ويفهمها، ويحللها ويشخصها، ويقترح الحلول المجدية في شأنها.

(11) الشورى تعمل على تكامل المعرفة النظرية والعملية.

في أَحْيَانٍ كثيرةٍ يأتي امتياز الرأي مِن ارتباطه بالواقع الموجود، ويتفوق بتلك الميزة على الرأي النظري، وإن كان هذا الأخير صحيحًا في إطاره النظري، وحين يكتمل هذان الجانبان الركينان للعِلْم: الجانب النظري والجانب العملي، يأتي القرار أصوب ما يكون.

(12) الشورى تعمل على تجاوز الأزمات التي قد تشل التفكير الفردي.

(الشورى فريضة إسلامية علي الصلابي ص:133).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق