الشيخ المقرمي كما عرفته

3 دقائق
25 جمادى الثاني 1447 (16-12-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

توفي الشيخ محمد بن عبدالله المقرمي يوم الأربعاء الماضي وكنا قبلها بيوم في بيت الأستاذ عبدالرحمن علوان في مكة المكرمة وبعد أن جرى بيننا من عذب الحديث ما جرى استأذن الشيخ لارتباطات، وعندما خرجت اكتشفت أن الشيخ رحمة الله تعالى عليه قد أخذ حذائي وترك حذاءه، - لمن لا يعرفني فأنا طويل عن الشيخ - وبدون مبالغة كان حذاء الشيخ لنصف قدمي فتعذب حذاء الشيخ معي، وكان بيني وبين الشيخ من الود واللطف ما يسمح لي أن أمازحه، فكتبت له هاذين البيتين:

لعلَّ حذاءَ سعدٍ قدْ تَشاقىٰ

وسارعَ كي يلوذَ بكمْ جنابا

فذاكَ لسُعدِه، لكنْ حذَاكُم

يئنُّ لهولِ فرقتكمْ وتَابا

فضحك الشيخ وأرسل: أسعد الله لحظتك أيها الحبيب بل حذاء صاحبكم قد ارتقى مرتقا صعبا بصحبته إياكم فالمعذرة من أخطاء الأقدام.

((فمات بحذائي وعشت بحذائه))

مما أعجبني في الشيخ المقرمي رحمة الله تغشاه أنه كان متوقد الذكاء فقد تخرج من الهندسة من الظهران في عام 1399هجرية الموافق 1979 ميلادية ويفكر بطريقة سليمة، ويرفل بصحة جيدة فقد كان رياضيا وحصل على الحزام الأسود في الكاراتيه بل واستطاع هزيمة مدربه في هذه الرياضة وسافر لليابان، ويتكلم اللغة الإنجليزية بطلاقه وكان ينقل مقولات بالإنجليزية وتحاورنا بالإنجليزية بدون تكلف، وألفيته ألفا مألوفا لا يأنف أن يعيد العبارة مرات إذا وجد أنها لم تصل بالمعنى الذي يريد ويقبل الانتقاد بصدر رحب ويتجنب الجدال وإن كان محقا.

موقفان مع الشيخ المقرمي -رحمه الله-

الأول في حياته: سألت الشيخ المقرمي قبل موته بأسبوع تقريبًا عن أصعب فترة مرت عليه بعدما قرر التحول والتفرغ للقرآن الكريم.

فقال: السبعة الأشهر الأولى لأني واجهت فيها ضغطًا مجتمعيًا رهيبًا وكنا في البيت لا نجد إلا القليل الذي يقيم صلبنا، وبعد أن مرت سنوات طويلة قال لي أولادي: كانت أجمل الأيام في حياتنا فتعجبت منهم - والتعجب منه -

الثاني بعد موته: أرسلت لي إحدى النساء في يوم موته هذه الرؤيا:

"حلمت أن الشيخ عايش وقلت لكم ان الشيخ حي ما مات لكن ما في أحد صدقني أنه حي وكنت جالسة أحلف لكم أيمان أنه عايش ما مات وبعدين قلت لك -الخطاب لي- خلاص افتح الجنازة حق الشيخ وشوف بعيونك أن الشيخ حي وكان الشيخ في تابوت من حق الجنازة وأنت عملت إنعاش لقلب الشيخ ولما عملت له انعاش، الشيخ قفز بنشاط وخرج من الجنازة مافيش فيه أي تعب أو أي شيء وكان يضحك".

والذي يظهر لي والله أعلم أنها رؤيا حق وأن تأويلها كما يأتي:

-أما حياة الشيخ والحلف عليها- فهو إما حياته حقيقة وأنه لم يمت وذلك بأن الله تعالى قد جعله في الشهداء بدعوة أو نية أو عمل صالح فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.

أو أن حياته بحياة ما قدمه للناس في الدعوة إلى الله فسيظل بما قدمه حيًّا في قلوب الناس وألسنتهم أو الحياة تكون بهما والله أعلم.

وأما وجودي في الرؤيا فلا نتألى على الله ولكنها قد ترمز لسعادة الشيخ والله أعلم.

- أما الدفن في تابوت وهو غير عادات قريته ومدينته فقد عرفتُ أن الشيخ سيدفن في مجنة وليس في قبر مفرد -وكان ذلك-.

- وأما مكثه في التابوت وقيامه بعده فلعله لم يصبه من الموت إلا تلك السكتة وتلك الغمضة والله أعلم.

- وأما أنه قام نشيطا يضحك فالقاعدة في تأويل الرؤى: أن حال الميت بحسب ما يظهر منه وبحسب حاله قبل الموت فليس لدي تأويل إلا أنه الآن في ضحك وسرور والله سبحانه وتعالى قال في محكم تنزيله {وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة} وقد كان في الدنيا بسَّاما يبشر ولا ينفر يقرب ولا يبعد ويجمع ولا يفرق ونحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي أحدا على الله

وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.

ملاحظة: الرؤى والأحلام يستأنس بها لا سيما إن كانت مثل التي سبقت ولا يركن عليها ولا يبنى عليها حكم شرعي.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق