حلقة 268: الصلاة للوالد والحج عنه - هل يجوز القرض بفائدة - من ارتكب كبيرة ثم تاب قبل أن يقام عليه الحد ماذا عليه - قال لامراته لا اريد ان اراك هل هذا طلاق - حكم من ترك الصيام والصلاة بسبب شدة المرض

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

18 / 50 محاضرة

حلقة 268: الصلاة للوالد والحج عنه - هل يجوز القرض بفائدة - من ارتكب كبيرة ثم تاب قبل أن يقام عليه الحد ماذا عليه - قال لامراته لا اريد ان اراك هل هذا طلاق - حكم من ترك الصيام والصلاة بسبب شدة المرض

1- هل يجوز لي أن أصلي لوالدي في صلاتي ركعةً زيادة في كل فرضٍ، وأحج له وهو متوفى؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد شرع الله -جل وعلا- للعباد البر بوالديهم والإحسان إليهم من الصدقات والدعاء وسائر أنواع الخير التي تنفع الوالدين أحياءً وأمواتاً، لكن الصلاة للوالدين غير مشروعة ولم يأت بها نص، فلا يصل الولد للوالده ولكن يدعوا له ويتصدق عنه، يحج عنه إذا كان ميتاً أو عاجزاً لا يستطيع الحج لكبر سنه، أو مرضه الذي لا يرجى برؤه ونحو ذلك، أما كونه يصلي عنه فهذا غير مشروع، ولكن يدعوا له ويتصدق عنه، ويحج عنه إذا كان ميتاً أو عاجزاً، وهكذا سائر أنواع الخير التي تنفعه، من الضحية عنه، والاعتمار عنه، والإحسان إلى أصدقائه وأقاربه ونحو ذلك من وجوه الخير. المستمع يقول: يصلي عنه زيادة في كل فرض ركعة؟ لا هذا غير مشروع، ولا يجوز. المذيع/ هذا يؤثر على صحة الصلاة؟ إذا زاد ركعة في الصلاة أبطلها، وإذا صلّى الظهر مثلاً خمساً الخامسة لأبيه أو لأمه هذا باطل وغلط وبدعة ومنكر، أو إذا صلاها مستقلة لا يجوز، حتى لو صلاها مستقلة لا يجوز ذلك، لأن الله -سبحانه وتعالى- لم يشرع لنا أن نصلي عن آباءنا ولا عن أمهاتنا، فهذا منكر، وقد سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله رجل، فقال: يا رسول الله هل من بقي من بر أبوي شيئاً أبرهما من بعد وفاتهما، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: نعم، الصلاة عليها والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما. هكذا بينه -صلى الله عليه وسلم-، فالصلاة عليهما يدخل فيها الدعاء وصلاة الجنازة، صلاة الجنازة والدعاء له، الدعاء يسمى صلاة، قال الله -تعالى-: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ[التوبة: 103]أي ادع لهم، والصلاة على الوالدين الدعاء لهما بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار، والدعاء لهم في حياتهم بمضاعفة الأجر وقبول الحسنات والعافية والصحة ونحو ذلك، والاستغفار لهما طلب المغفرة لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدها: إنفاذ وصياهم، إذا أوصوا بشيء لا يخالف الشرع فالوالد ينفذ الوصية، وصية والده، لأن الله جل وعلا شرع له ذلك، وهذا من إعانته على الخير، فإذا أوصى والده بشيء مما يحبه الله كالصدقة وبناء المساجد والضحية عنه وأشباه ذلك فإن الولد ينفذ ذلك، أما لو أوصى بشيء لا يشرع فالولد لا ينفذ، لو أوصى أبوه أنه يبني على القبر مسجداً أو يبني عليه قبة هذه بدعة منكر، لا يقبل هذه الوصية ولا ينفذها، لأنه مخالفٌ للشرع. كذلك لو أوصاه والده أن يقطع أرحامه وأن لا يكلم عمه، وأن لا يصل إخوانه، هذه وصية باطلة، قطيعة للرحم، لا ينفذها، ولكن ينفذ الوصايا الشرعية، مثل أوصى بأن يتصدق عنه، يعمر عنه مسجد على وجه الشرع، يضحي عنه يحج عنه لا بأس، فالمقصود أن ينفذ عهد أبيه وأمه إذا كان ذلك شيئاً شرعياً، أما إذا كان ذلك مخالفٌ للشرع فلا، وهكذا إكرام صديق والديه يكرمهم ويحسن إليهم، فقد جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه) هذا من أبر البر، كونه يصل أحباب أبيه وأولياء أبيه وأقاربه. وكذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، مثل الإحسان إلى أعمامه وإلى جد أب أبيه، وإلى أخواله أخوت أمه وأخوال جداته ونحو ذلك، كله من الصلة للوالدين، صلة أقارب والديه صلة لهما. 
 
2- هناك إنسان يقرض الناس بفائدة، فمثلاً: يعطي رجلاً مائة دينار لمدة ستة أشهر فيأخذ على هذا المبلغ عشرين ديناراً -مثلاً- زيادة، فما حكم الإسلام في هذا؟
هذه المعاملة ربوية من أعمال الربا، حكمها أنها معاملةٌ باطلة ربوية، والله -جل وعلا- حرم الربا، ورسوله -صلى الله عليه وسلم- لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء. والله -سبحانه- يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا[البقرة: 278]، فالمعنى أن الربا يجب أن يترك، ثم بين -سبحانه وتعالى- أنه حربٌ لله وحربٌ للرسول -صلى الله عليه وسلم-، فعلى المؤمن أن يحذر أنواع الربا كلها، ولهذا قال: فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ[البقرة: 279]، يعني فاعلموا بحربٍ من الله ورسوله، وأنكم محاربون لله ورسوله في تعاطي الربا، في الفوائد في القروض ربا، فإذا قرضه عشرة دنانير حتى يعطيه بعد ذلك اثني عشر أو ثلاثة عشر فهذا من الربا.  
 
3- لو أن شخصاً سرق أو ارتكب كبيرةً يترتب عليها حد شرعي ثم تاب إلى الله ولم يقم عليه الحد، فهل يغفر الله له أم لا؟
التوبة كافية، إذا فعل المسلم معصية فيها حدٌ لله كالزنا أو السرقة ثم تاب إلى الله -عز وجل-، فالتوبة تجب ما قبلها، لكن عليه أن يؤدي المال الذي سرقه، عليه أن يوصله إلى صاحبه بالطرق التي توصله، ولا حاجة إلى أن يتصل بصاحبه أو يقام عليه الحد، متى ستر الله عليه فالله -جل وعلا- يتوب على التائبين، وليس من شرط ذلك أن يعلن معصيته حتى يقام عليه الحد، من تاب تاب الله عليه وإن لم يقام عليه الحد، لكن متى بلغ ولي الأمر أمر السرقة أو أمر الزنا وجب عليه إقامة الحد، لما جاء في الحديث: (إذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع والمشفع)، وفي الحديث الآخر: (ما بلغني من حد فقد وجب)، فالمقصود أنه متى رفعت الحدود إلى السلطان وجبت إقامتها، ولهذا لما سرقت امرأة من قريش يوم الفتح وطلب بعض الناس من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لا يقيم عليها الحد وتوسطوا بأسامة بن زيد أن يشفع، فشفع أسامه -رضي الله عنه- في ذلك، فغضب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال له: (أتشفع في حدٍ من حدود الله)، ثم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، ويم الله لو أن فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطعت يدها)، فبين -عليه الصلاة والسلام- أن الحدود يجب أن تقام على الشريف وغيره والصغير والكبير ممن بلغ التكليف، ولا يجوز التراخي فيها بعد بلوغ السلطان، ولا تجوز الشفاعة فيها بعد بلوغ السلطان، أما قبل ذلك فيما بين الناس إذا تعافوا فيما بينهم وتسامحوا ولم يرفعوها إلى السلطان فلا حرج، والتوبة تجب ما قبلها، فإذا جاء السارق إلى المسروق منه فقال: سامحني وهذا مالك، ولا ترفع بأمري واصطلح معه على ذلك وتسامح المسروق منه فلا حرج في ذلك، وقد جاء في الحديث الصحيح أن صفوان بن أمية سرق منه إنسانٌ رداءه وهو مضطجعٌ عليه، فأمسكه صفوان ورفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأمر النبي أن تقطع يده، فقال صفوان: يا رسول الله قد سامحته، ردائي له، قال: (هلا كان ذلك قبل أن تأتني به)، يعني لو سامحته قبل ذلك لا بأس، أما بعد المجيء بالسارق ورفعه إلى السلطان فلا مسامحة، بل لا بد من القطع، وهكذا في الزنا وهكذا في اللوط والعياذ بالله وما أشبه ذلك من الحدود.  
 
4- لا أريد أن أراك، وسأتخلص منك، وسأعاملك مثل أختي، وكانت نيته تهديدها فقط، وخاصةً لو قال لها: أنت بالنسبة لي مثل أختي، فما الحكم في ذلك، هل هي طالق بالنسبة له: علماً بأنه يجهل كلمة أنت مثل أختي، أو لا أريد أن أراك، ويعتقد فقط أن المرأة لا تطلق إلا بحلف بالطلاق بلفظه، فما الحكم في ذلك، وهل هي طالق، وماذا يفعل إذا كانت طالقاً ليستردها؟
هذا الكلام وأشباهه ليس بطلاق، إذا قال: لا أريدك، أو لا أحب أن أراك، أو سوف أطلقك، هذا وعيد من باب الوعيد، أو لا أحب أن أراك هذا يبين كراهته لها، وليس هذا بالطلاق. المذيع/ ولا كناية؟ ج/ ولا كناية. أما إذا قال: أنت علي كأختي أو مثل أمي هذا يسمى بالظهار، إذا كان أراد بذلك تحريمها أراد بذلك كراهتها أو إنزالها منزلة محارمه. أما إذا كان أراد بذلك إكرامها وأنها مثل أخته في المحبة، يحبها كأخته يقدرها تقديراً، هذا ما يصير ظهار، أما إذا قال: أنت كأختي أو مثل أمي أو خالتي بقصد تحريمها عليه وأنها لا تحل له هذا معناه ظهار، يعني معناه أنها حرامٌ عليه فعليه كفارة الظهار وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً كل صاع بين اثنين من قوت البلد من حنطة أو أرز أو نحو ذلك قبل أن يمسها قبل أن يجامعها.  
 
5- سؤالي عن الصلاة، حيث أني كنت مريضة لمدة ثلاث سنواتٍ ولم أصلِّ في هذا الفترة إلا بعض الأوقات، أما الأوقات الأخرى فإني لم أستطع أن أصليها؛ لأنني كنت في حالة غيبوبة، وأيضاً أسأل عن الصيام، فقد مضت سنتان لم أصم شهر رمضان فيهما من شدة المرض، وإلى الآن لم أستطع الصيام، أرجو إفادتي فماذا يجب علي فعله نحو الصيام والصلاة؟ جزاكم الله خيرا.
أما الصيام فعليك قضاء الصيام، إذا كان تركه من أجل شدة المرض فعليك قضاء الصيام إذا شفاك الله -عز وجل-، لأن الله قال -سبحانه وتعالى-: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: 184]، أما إذا كان تركهما عن زوال عقل، أصابك مرض أزال العقل وصادف رمضان وأنت غير عاقلة قد زال العقل منك، فلا صيام عليك، إذا كانت المدة التي في رمضان والعقل مفقود فلا صيام، لأن التكليف مربوط بالعقل، فإذا زال العقل زال التكليف، أما إن كان من شدة المرض فقط فعليك القضاء، وهكذا الصلاة: إن كانت تترك الصلاة من أجل زوال العقل بسبب ما أصابك من الإغماء الذي فقدت معه العقل، حتى مضى عليك سنة أو سنتان وأنت غير عاقلة، قد ذهب عقلك، فلا قضاء، لأن من ذهب عقله فهو شبه المجنون والمعتوه لا قضاء عليه. أما إن كان من أجل المرض من شدة المرض تساهلت ولم تصل تحسبين أنه يجوز لك ذلك، فعليك أن تقضي ما تركت من الصلوات التي غلب على ظنك أنك تركتيها بسبب شدة المرض تقضينها حسب الطاقة، تسردين ما ظننت أنك تركتيه في كل وقت، تجمعين جملةً من الصلوات وتقضينها، لأنك تركتيها عن جهلٍ منك وعن غلطٍ منك بسبب المرض، والمريض يصلي على حسب حاله، يصلي قاعداً فإن عجز صلّى على جنبه، فإن عجز صلّى مسترخياً لا يتساهل، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للمريض: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً)، هكذا يجب على المؤمن إذا مرض، إن استطاع القيام صلّى قائماً، فإن عجز صلّى وهو قاعد، ويركع ويسجد في الأرض، فإن عجز عن القعود صلّى على جنبه والأفضل على جنبه الأيمن، يقرأ ويكبر ويتعاطى ما شرع الله بالكلام، وينوي الأفعال بالنية، ينوي الركوع بالنية، ينوي السجود ينوي الجلسة بين السجدتين بالنية، ينوي جلوس التحيات بالنية، ويأتي بالأقوال المشروعة من القراءة وغيرها، فإن عجز صلّى مستلقياً، يستلقي ويجعل رجليه إلى القبلة، ويصلي وهو مستلقي يكبر ويقرأ، يكبر ويركع بالنية، يقول: سمع الله لمن حمده بالنية، يرفع بالنية، يقول: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر ناوياً السجود وهكذا، ... المضطجع على جنبه ومن المستلقي. أما إذا كنت قد فقدت الشعور، قد فقدت عقلك فالمدة التي فقدتي فيها عقلك المدة الطويلة هذا لا صلاة فيها، لا قضاء فيها، أما إذا كان المدة قليلة اليوم واليومين التي فقدت فيها عقلك والباقي صاحية فاليوم واليومين والثلاث تقضى كالنائم يقضي، لكن إذا طالت المدة أكثر من ثلاثة أيام طالت المدة بسبب فقد العقل والإغماء فلا قضاء على الصحيح، المقصود أن عليك قضاء المدة التي تركتِ فيها الصلاة من أجل شدة المرض لا من أجل زوال العقل، فإذا كان من أجل شدة المرض فهذا تساهلٌ منك وعليك القضاء مرتباً، ظهر عصر مغرب عشاء فجر، ظهر عصر وهكذا مرتب، ولو في أيامٍ قلائل كل وقت تصلي فيه عدة صلوات حسب ظنك ...... ظنك تجتهدين وتصلينها إن شاء الله، هذا هو الأحوط لك والأفضل لك. المذيع/ بالنسبة للصيام والصيام كذلك، ما ترك من أجل شدة المرض تقضيه، وما كان عن زوال العقل، يعني ذهاب العقل ولم يكن معها عقل فلا قضاء. المذيع/ لا يلزمها شيء مع القضاء. مثل المعتوه، ولا يلزمها شيء إلا الصيام لأنها معذورة. أما إذا كان تركك أيها السائلة للصلاة عن عمد وقلة مبالاة، ما هو عن شبهة وتظنين أن المرض عذر وتركتيها قلة مبالاة وتساهلاً بها فهذا كفر وضلال، فلا تقضى بعد إذ التوبة تكفي، التوبة تكفي فقط؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن ترك الصلاة كفر، قال -عليه الصلاة والسلام-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، فإذا كنت تركتيها عمداً لا عن شبهة ولا عن ظنٍ أنه يجوز لك تأخيرها من أجل المرض فهذا منكرٌ عظيم وكفرٌ صريح، فالتوبة تكفي ولا قضاء عليك لما مضى، لأن تركها من غير عذر كفر وضلال وردة عن الإسلام في أصح قولي العلماء، فإذا تاب العبد ذلك كفته التوبة فقط. نسأل الله السلامة.

573 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply