حلقة 274: السبل المعينة على الدعوة - توجيه امرأة تعاني من الوساوس - الطلاق بألفاظ مختلفة - طريقة الحياة الزوجية السعيدة - حكم صلاة ركعتين بين الأذانين في الجمعة - قراءة آية الكرسي بعد كل فريضة - حكم الدعاء باللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

24 / 50 محاضرة

حلقة 274: السبل المعينة على الدعوة - توجيه امرأة تعاني من الوساوس - الطلاق بألفاظ مختلفة - طريقة الحياة الزوجية السعيدة - حكم صلاة ركعتين بين الأذانين في الجمعة - قراءة آية الكرسي بعد كل فريضة - حكم الدعاء باللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه

1- ما هي السبل المعينة للداعي إلى الله عز وجل، وهل الدعوة خاصة بأناس معينين، حيث أنني أريد أن أدعو إلى الله بحكمة وبصيرة، ولكن معرفتي بالأمور الشرعية قليلة جداً، وجهوني بذلك يا سماحة الشيخ على ضوء هذا السؤال؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى – منهج الرسل - عليهم الصلاة والسلام -، فإن الله بعثهم دعاة للحق وهداة للخلق بما أوحى إليهم - سبحانه وتعالى - وعلى رأسهم خاتمهم وإمامهم نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام -، وقد قال له: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ (125) سورة النحل، وقال - سبحانه وتعالى -: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) سورة يوسف. وسبل الدعوة هي توجيه الناس إلى الخير بالخطابة، والمواعظ، والكتابة، والمشافهة الخاصة، ومن طريق الهاتف، ومن أي طريق يوصل به الداعية الحق إلى المدعوين، ليس لذلك حدٍ محدود؛ بل متى أمكن الداعي إلى الله - جل وعلا - أي طريق يوصل به الحق مما أباحه الله ومما شرعه الله فعل ذلك؛ لأن المقصود إيصال الحق إلى الناس والحرص على هدايتهم وعلى قبولهم للحق من طريق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فهو يعظهم بآيات الله ويتلو عليهم كتاب الله، ويتلو عليهم السنة ويفقههم في المعنى حسب الطاقة، ولكن ليس له أن يدعو إلا على علم، الذي ليس عنده علم ليس له أن يدعو على جهالة،قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ (108) سورة يوسف، المعنى على علم، فالجاهل يجتهد حتى يتعلم، فإذا تعلم وكان على بصيرة دعا غيره على حسب ما عنده من العلم والبصيرة، أما الجهالة فلا يجوز الدعاء، الجاهل لا يدعو وهو جاهل؛ بل ذلك محرم قال الله -سبحانه-: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (33) سورة الأعراف، جعل القول عليه بغير علم فوق مرتبة الشرك نسأل الله العافية، وقال في وصف الشيطان: إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (169) سورة البقرة، فالواجب على الدعاة إلى الله - سبحانه وتعالى – أن يكونوا على بصيرة على علم، وأن يتوخوا الطرق والسبل الطيبة الجائزة التي توصل الحق إلى المدعوين وتوضحه لهم، تلاوةً وكتابةً وغير ذلك مما يتيسر به إيصال الحق إليهم، وللداعي مثل أجر من هداه الله على يديه، كما قال - صلى الله عليه وسلم-: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، (من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً)، والناس بحاجة إلى الدعوة، - بل هي ضرورة - في كل زمان، ولكن بعض الناس أشد حاجة من بعض في المدن والقرى، فالذين عندهم علماء وعندهم موجهون حاجتهم أقل من حاجة الذين ليس عندهم أحد، فعلى العلماء أينما كانوا أن يوجهوا الناس ويرشدوا الناس إلى الحق ويبصروهم بدين الله - عز وجل -، ولهم مثل أجور من هداهم الله على أيديهم، وعلى أن يتوجهوا إلى البلدان والقرى التي ليس فيها دعاة حتى يقوموا بالواجب حسب طاقتهم، وهكذا القبائل، قبائل العرب التي ليس فيها من يوجههم إلى الخير، يجب على ولاة الأمور أن يوجهوا لهم الدعاة حتى يبصروهم ويرشدوهم إلى الحق.  
 
2- مشكلتي -سماحة الشيخ- بأنني أعاني من وسواس، ولا أعرف صدق هذا الوسواس الذي يزداد كل يوم، حيث أنني أشعر بعدم الصدق والإخلاص لله - عز وجل-، ومرة أشعر بصميم الإيمان الذي يدفعني إلى العمل الصالح الذي يرضاه الله عز وجل، فأنا دائماً في حيرة من أمري لا أدري ماذا أفعل، لقد سألت البعض من الإخوة عن هذا فقالوا لي: اطمئني فإنك مأجورة، وتذكر في رسالتها وتقول: هذا الوسواس كثيراً ما يراودني، حيث أنني عندما أسمع الرد من بعض المشايخ أشعر بالارتياح والاطمئنان، ولكن بعد فترة أعود إلى ما كنت عليه في السابق للشك والحيرة، والقلق، وعدم الاستقرار للروح والبدن، أفتوني في مشكلتي؟ جزاكم الله خيراً -سماحة الشيخ-.
هذا كله من الشيطان، والواجب عليك تقوى الله - سبحانه وتعالى -، والضراعة إليه أن يعيذك من الشيطان ونزغاته وهمزاته، والحذر من هذه الوساوس، عليك بالصدق والإقبال على الله - عز وجل – في جميع أعمالك، وأبشري بالخير العظيم، ودعي عنك الوساوس، اجزمي على أنك فعلت المطلوب، ولا تلتفتي إلى الظنون الكاذبة التي يأتي بها الشيطان، لا في الصلاة ولا في الوضوء ولا في غير ذلك، عليكِ بالجزم، إذا صليت اجزمي أنك صليت والحمد لله، إذا توضأت كذلك، ودعي الوساوس حاربيها بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وبتركها والحذر منها، وأبنين على ما وقع في نفسك أنك فعلتيه من وضوء أو صلاةٍ أو غير ذلك؛ لأن الشيطان عدوٌ مبين حريصٌ على إفساد أعمال بني آدم فالواجب محاربته كما قال الله جل وعلا: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ (36) سورة فصلت، وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-، قال: يا رسول الله، إن الشيطان قد لبس علي صلاتي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم-: (استعذ بالله ثلاثاً، انفث عن يسارك ثلاث مرات واستعذ بالله ثلاثاً)، قال عثمان بن العاص وهو الذي سأل: فعلت ذلك، فأذهب الله عني ما أجد. هكذا ينبغي إذا أحس الإنسان ينفث عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من الشيطان ولو في الصلاة إذا جاءته وسوسة، ينفث عن يساره ثلاث مرات، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، وهكذا في جميع الأحوال، حسب الوساوس يستعيذ بالله من الشيطان، يزول إن شاء الله.  
 
3- أفيدكم بأنني تزوجت منذ عامين من شاب وهو وحيد والديه، وقد نال من التدليل ما كان كافياً لإفساد حياته، ولكنه بعد زواجي منه بدأت تتحسن أخلاقه، وبدأ يتطلع إلى معرفة أمور دينه، حيث أنه كان يجهل عنها الكثير والكثير، والله الهادي إلى سواء السبيل. ومنذ عام مضى قام بطلاقي في وقت غضب، وكانت المرة الأولى ومنذ عدة أسابيع احتد بيننا الحديث، فقال لي: أنت محرمة علي! وكان يقصد من ذلك -كما فهمت منه فيما بعد- هو امتناعه عن معاشرتي كزوج، ولكنني سأبقى على ذمته، فسكت عن ذلك، وأنا أشك في قرارة نفسي بأنها الطلقة الثانية، ومنذ أيام حضرتني الدورة الشهرية وكنت تعبانة وعصبية، وكان ذلك سبباً لامتداد الحديث بيننا مرةً أخرى، وقال لي: أنتِ طالق! وكانت صدمة لي؛ لأنني بذلك اعتبرتها الثالثة، ولكن كان تبريره لذلك بأنه كان يريد عقابي فقط، ولا يقصد من ذلك المعنى الحقيقي للطلاق، وأخبرت بأن الجد والهزل في هذه الأمور لا جدال فيه، وامتنعت عن معاشرته، فما رأيكم سماحة الشيخ؟ جزاكم الله خيراً.
هذا الموضوع يحتاج إلى حضورك وزوجك ووليك عند بعض المشايخ لإثبات ما جرى، بعد هذا ننظر في الموضوع إن شاء الله، عند المحكمة في بلدكم، أو عند بعض المشايخ المعروفين، يكتبون كلامك وكلام الزوج وكلام وليك إن كان عنده شيء مما جرى بينكما حتى ننظر في الأمر إن شاء الله، لأن هذا الموضوع مهم يحتاج إلى عناية وتحقيق، بعد هذا ننظر في الأمر إن شاء الله.  
 
4- الحياة الزوجية الصالحة بين الزوجين كيف تكون، وأسأل عن تساهل الناس –الحقيقة- في قضية الطلاق وتهاونهم بذلك -سماحة الشيخ-، لعل لكم توجيه؟
لا شك أن الواجب على كل من الزوجين المعاشرة بالمعروف، لأن الله قال جل وعلا: (وعاشروهن بالمعروف)، فالواجب على الزوج أن يعاشر بالمعروف وعلى الزوجة كذلك، على كل منهما المعاشرة بالمعروف، الزوج يجتهد في معاشرتها بالمعروف وهي كذلك، (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)، فهو يجتهد وهي تجتهد في الكلام الطيب والأسلوب الحسن، حفظ اللسان عما لا ينبغي، حفظ اليد عما لا ينبغي، فهو يعاشر بالمعروف وهي كذلك في جميع الأحوال، ويحرص كل منهما على الكلام الطيب والأسلوب الحسن، وأداء الواجب، الرجل يأتي بما أوجب الله عليه من النفقة مع الكلام الطيب والأسلوب الحسن، وهي كذلك عليها أن تسلم نفسها له، تسمع وتطيع له بالمعروف، وتخاطبه بالتي هي أحسن، ولا تمنعه من حاجته التي شرع الله له أداءها، هكذا الواجب عليهم، أن يتعاونا جميعاً على الخير، وأن يكون كل واحد حريصاً على المعاشرة الطيبة وعدم النزاع وعدم الظلم، وبهذا تصلح الأمور وتستقيم الأحوال، أما مع الظلم ومع سوء العشرة ما تستقيم الأحوال، نسأل الله السلامة.  
5- إنني قد تقدمت لخطبة ابنة عمي، وجاءت الموافقة والحمد لله، والآن قد مضى على الخطوبة ما يقرب من سنة، ولكن والدتي غير راضية عن هذه الخطوبة من ابنة عمي، وأنا أعرف بأن هذه البنت تصلي، وتقوم بالأمور الشرعية، وملتزمة بالحجاب الشرعي، وتقوم الليل، وأنا الآن في حيرة من إحراج عمي، وفي حيرة أخرى من ناحية والدي، ومحتار، فما هو الحل في نظركم -سماحة الشيخ-؟
الواجب على والدتك أن تتقي الله وأن لا تمنعك من هذا الزواج الذي ينفعك ولا يضرك، ما دامت على البنت على ما ذكرت، فالواجب على الوالدة الموافقة، لكن إذا وجدت ابنةً تناسب الوالدة وهي أيضاً تناسبك من جهة دينها وخلُقها وخلقها فلا بأس، إذا جمعت بين المصلحتين، إذا تيسر بنتٌ ترضاها وترضاها الوالدة فهذا خير، لأن بر الوالدة مهم، وضراعة خاطرها مهم، فإذا تيسرت لك زوجةٌ غير هذه ترضاها الوالدة فاحرص على ذلك، أما إذا لم يتيسر ذلك فليس لها أن تمنعك، ولك أن تتزوج وإن لم ترضى؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: (إنما الطاعة بالمعروف)، وزواجك معروف، وفيه خير كثير ومصالح جمة، إذا كانت الزوجة صالحة والحمد لله، وعليك أن ترضي الوالدة بالكلام الطيب والأسلوب الحسن حسب الطاقة، لكن إن تيسر لك امرأة ترضاها وترضاها الوالدة فهذا أكمل وأطيب.  
 
6- نحن معلمات نذهب إلى المدرسة مع سائق أجنبي، ونحن مجموعة من المعلمات، وتقدر هذه المسافة التي نذهب إليها للتدريس من مائة وخمسين إلى مائة وثمانين كيلو متر، مع العلم بأنه يوجد مع السائق زوجته، فهل يجوز لنا السفر مع هذا السائق؛ وذلك للتدريس، ونعود في نفس اليوم يا سماحة الشيخ؟ أفتونا بذلك.
هذا موضوعٌ قد شغل بال الكثير من الناس، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- نهى أن تسافر المرأة إلا بمحرم، والحاجة ماسة إلى سفر هؤلاء للقيام بمهمتهم، وليس كل امرأة يتوفر لديها المحرم، فالواجب على المرأة أن تحرص على أن لا تسافر إلا بمحرم، ولو كانت مع نساء، ولو كانت مع سائق معه زوجته ما يغني هذا المحرم، الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تسافر إلا مع ذي محرم)، وهؤلاء النسوة يسافرن من دون محرم مسافات طويلة، وهذا فيه نظر لأنه مخالفٌ للسنة الصحيحة، وبعض أهل العلم أجاز ذلك للحاجة والضرورة إذا كان الطريق آمناً وليس هناك خطر، ولكن هذا فيه نظر، والذي يظهر لي أنه لا يجوز لأي امرأة أن تسافر إلا مع محرم، وليس هذا مقام ضرورة، فبإمكان المرأة أن تسافر مع زوجها وأخيها وأبيها وإذا لم تجد يكون عملها في بلدها، في محل لا يحتاج إلى سفر، وعلى الرياسة العامة لسائر البنات، وعلى غيرها ممن يكون عندهم مدرسات للبنات عليهم أن يتعاونوا مع النساء التي ليس عندها محرم في بلدها، أو ما يقرب من بلدها حيث لا يحتاج إلى سفر، والتي تستطع السفر لأن عندها محرم تكون في القرى والبلدان التي تحتاج إلى سفر ولو بزيادة الراتب بمقابل السفر، المقصود أن على الجهات المختصة من وزارة المعارف والجامعات التي عندهم نساء، وهكذا الرياسة العامة لتعليم البنات عليهم أن يتحروا هذا الأمر، لأن هذا الأمر مهم، فإن ذهاب المرأة بغير محرم فيه مخالفةٌ صريحة للأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، فالواجب على المسؤولين أن يتحروا في هذا الأمر وأن يجعلوا النساء اللاتي ليس لهن محارم يكون عملهن في بلادهن وما حولها، كي لا يحتجن إلى محرم، واللاتي لهن محارم لا مانع أن يستعملن في بلادٍ بعيدة التي تحتاج إلى سفر، القرى وغير القرى، البلدان غير المدن، فالحاصل إذا كان المكان يحتاج إلى سفر يختار لها المرأة التي لها محرم، ولو في ذلك فرقٌ في معاش هذه ومعاش هذه، وفق الله الجميع.  
 
7- تذكر بأنها امرأة متزوجة وعندها أطفال، وتعمل مدرسة في المرحلة الابتدائية، وتذكر وتقول: بإن زوجي يريد أن أجلس في البيت مع الأطفال وأترك التعليم، مع العلم بأنني أخرج من المدرسة في وقت غير متأخر أحياناً، الساعة الحادية عشرة والنصف، أو الثانية عشرة؛ بحجة الخادمة التي توجد لدينا حيث يوجد لدينا خادمة مسلمة محافظة وملتزمة لا يراها ولا يصادفها، وإنني أحب زوجي وأطفالي، وأحب عملي، ولا أريد أن أخسره؟ فوجهوني في ضوء سؤالي ذلك، مأجورين.
لا ريب أن بقائك عند أولادك وأقاربك هو المصلحة والخير، وأن وجود الخادمة في البيت بدلاً منك لا يكفي، بل فيه خطرٌ بينها وبين زوجك، فالحاصل الذي أرى وجودك عند الأطفال وترك التدريس، تبقين عند أطفالك وزوجك، وتقومين بالواجب، وتحفظين سمعتك وسمعة زوجك، فالمقصود أن بقاءك في البيت أولى وأصلح، والتدريس سوف يغني الله عنك ويسهل لهم من يقوم مقامك، دينك وأمانتك عليك أهم وألزم، فالجلوس في البيت فيه مصالح كثيرة لتربية الأطفال ولسلامة زوجك من الخطر مع الخادمة، هذا لا شك أنه خيرٌ لك وأصلح لك ولزوجك، فنسأل الله أن يصلح الجميع.   
 
8- البعض من الناس إذا أذن المؤذن ليوم الجمعة في مكة أو المدينة الأذان الأول يقوم بعده ويصلي ركعتين، فما حكم ذلك، وهل هذا مشروع؟
لا أعلم له أصلاً، لأن الأذان هذا مما أحدثه عثمان - رضي الله عنه - في خلافته ووافقه عليه الصحابة، لتنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة ليتقدموا، وغير داخل في قوله - صلى الله عليه وسلم-: (بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة)، فالمراد بالأذانين الأذان والإقامة، أما هذا فهو أذانٌ للتنبيه على أنه يوم الجمعة فالأظهر والأقرب ترك ذلك، ترك القيام للصلاة بعد الأذان الأول، وبعض أهل العلم رأى أنه يدخل في العموم، وأنه لو قام وصلّى لا بأس، فالأمر في هذا فيه سعةٌ إن شاء الله، لكن ترك ذلك فيما أرى أفضل.  
 
9- ماذا ورد في فضل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة فريضة؟
سنة ورد فيها عدة أحاديث، بعضها ضعيف وبعضها جيد، فهي سنة بعد كل صلاة، (الله لا إله إلا هو الحي القيوم)، بعد الصلوات الخمس.  
10- ما حكم هذا الدعاء: (اللهم إنا لا نسألك رد القضاء، ولكن نسألك اللطف فيه)؟
هذا لا أصل له، هذا الدعاء لا أصل له فيما نعلم، ولا ينبغي الدعاء به، بل يسأل الله الخير ويتعوذ به من الشر، كما جاء في الدعاء الذي علمه النبي - صلى الله عليه وسلم- للحسن: (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت)، فالإنسان يسأل ربه العافية من الشر كله، ويسأل ربه الخير كله. (اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ويتعوذ بالله من الشر كله عاجله وآجله. أما أن يقول: لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف في القضاء. هذا دعاء لا أعلم له أصلاً، وإنما المشروع أن يسأل الله الخير ويتعوذ بالله من الشر.  
 
11- ورد في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه يأتي رجالٌ لهم أعمال في يوم القيامة كالجبال فيجعلها الله هباءً منثوراً؛ لأنهم لم يحفظوا الله بالغيب، هل هذا ينطبق على من انتهك حرمات الله في الغيب ثم تاب؟ أفيدونا بذلك.
هذه أعمال المشركين، قال الله جل وعلا: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا (23) سورة الفرقان، قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام، وقال تعالى: وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) سورة المائدة، هذه أعمال الكفار، من قدم يوم القيامة وهو مشرك لم يتب قبل الموت أعماله حابطة تكون هباءً منثوراً، أما أصحاب المعاصي فهم على خطر ولكن ليسوا داخلين في هذه الآية، وهي قوله جل وعلا: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا (23) سورة الفرقان، العاصي على خطر، والله -جل وعلا- قال في حقه: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فهو تحت مشيئة الله، إن شاء الله عفى عنه وأدخله الجنة بتوحيده وطاعته، وإن شاء عاقبه ببعض المعاصي التي مات عليها لم يتب، وأما هؤلاء الذين تكون أعمالهم هباءً منثوراً فهؤلاء هم الكفرة بالله، نسأل الله العافية.  
 
12- ما معنى بأن الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما، هل معنى ذلك هو صيام رمضان، أم أيام النوافل، وكذلك القرآن يشفع، هل هو كثرة القراءة المستمرة؟
القرآن والصيام كلاهما يشفع، القرآن يشفع لمن قرأه وعمل به، كما قال صلى الله عليه وسلم: والقرآن حجة لك أو عليك، فالقرآن من عمل به واستقام عليه شفاعة له يوم القيامة في إدخاله الجنة ونجاته من النار، وهكذا الصيام لمن أتقنه وصان صيامه كان شافعاً له، من صان صيامه وأتقنه كان شافعاً له، فينبغي للمؤمن في حال صيامه أن يصوم صياماً عن اللغو والرفث، كما قال صلى الله عليه وسلم: الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم. ويقول الرب جل وعلا: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بشعر أمثالها إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، المقصود أن الصيام يشفع لمن أتقنه وصامه، والقرآن كذلك يشفع لمن أحل حلاله وحرمه حرامه واستقام على تعليمه.

450 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply