حلقة 375: التوسل بجاه النبي - كيفية الدعاء للميت، وحكم دعاء الأموات - قواعد العذر بالجهل - صحة حديث بلغوا عني ولو آية - عقوق الوالدين - صفات السبعون الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب - هل يحاسب الإنسان على ما يجول في نفسه

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

25 / 50 محاضرة

حلقة 375: التوسل بجاه النبي - كيفية الدعاء للميت، وحكم دعاء الأموات - قواعد العذر بالجهل - صحة حديث بلغوا عني ولو آية - عقوق الوالدين - صفات السبعون الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب - هل يحاسب الإنسان على ما يجول في نفسه

1- ما هو التوسل، وهل يصح العمل به، مثال ذلك: عندما يقول العبد طالباً من ربه: (اللهم ارحمني وارزقني بجاه المصطفى صلى الله عليه وسلم), وربما البعض من الإخوة في الإسلام يذهب للشيخ يقول له مثلاً: اسأل لنا الله عز وجل في بعض الأمور! فما حكم الشرع

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فالتوسل أقسام: أقسام ممنوعة، وأقسام جائزة، فالأقسام الممنوعة: كالتوسل الذي هو شرك، يسميه المسلمون توسلاً وهو دعوة الأموات, والاستغاثة بالأموات, والنذر لهم هذا يسميه المسلمون توسلاً وهو شرك أكبر، فالواجب الحذر منه، دعوة الميت, والاستغاثة به, والنذر له ونحو ذلك هذا كله من الشرك الأكبر وإن سماه توسلاً، قال-تعالى-:وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ(يونس: من الآية18)، ويقول-سبحانه-: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى(الزمر: من الآية3)، والنوع الثاني: شرك أصغر، وهو التوسل بجاه فلان، وبفلان، كالتوسل بجاه النبي محمد، أو بجاه الأنبياء, أو بجاه الشيخ عبد القادر، أو بجاه أبي بكر, أو عمر, أو بذواتهم أسألك بعمر, أو بعثمان، هذا من التوسل الذي هو منكر، وهو يسمى شركاً أصغر، وهو من وسائل الشرك الأكبر، هذا من وسائل الشرك الأكبر، وهناك توسل ثالث جائز: وهو توسل بدعاء الحي وطلب أن يدعو لك، مثلما قال الرجل للرسول: يا رسول الله! ادع الله لي، أن يرد الله علي بصري، تقول لأخيك: ادع الله لي أن يشفيني، فهذا توسل بدعائه، بدعائه لك وهو حي موجود هذا جائز، توسل جائز، تقول: يا أخي ادع الله أن يشفيني، ادع الله أن يرزقني ولد، ادع الله أن يغنيني من الفقر، مثلما يروى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعمر لما ذهب للعمرة: (لا تنسانا من دعائك)، رواه الترمذي وجماعة في سنده ضعف، ومثل هذا يقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول للصحابة : إنه يقدم عليكم رجل من اليمن، يقال له أويس القرني، كان براً بأمه فمن لقيه منكم، فليطلب منه أن يستغفر له. أما التوسل الشرعي: هو التوسل بأسماء الله وصفاته وتوحيده والإيمان به، هذا توسل شرعي، تقول: اللهم إني أسألك بتوحيدك واتباعي لنبيك, وطاعتي لك أن تغفر لي، اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفات العلى، اللهم إني أشهد أنك الرحمن الرحيم، بأنك الرب الكريم، بأنك خالق كل شيء، فالتوسل بالله وبأسمائه وصفاته هذا مشروع، ومن هذا قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: اللهم بأني أشهد أنك الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، هذا كله من التوسل الشرعي، اللهم إني أسألك بإيماني بك ومحبتي لنبيك أن تغفر لي، ومن هذا قوله-عليه الصلاة والسلام- في تعليمه لبعض الصحابة لما علمهم أن يتوسلوا علمهم أن يقولوا: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وفي اللفظ الآخر اللهم إني أشهد أن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم كل هذا توسل بأسمائه وصفاته، والنبي- صلى الله عليه وسلم- أقر الصحابة على ذلك وذكر بأن هذه التوسلات من أسباب الإجابة في بعضها لقد سأل الله باسمه الأعظم، فالتوسل بتوحيد الله، والإيمان بالله وبأسماء الله وبصفات الله توسل شرعي، من أسباب الإجابة.   
 
2- في الحديث: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له)، البعض من الناس يذهب لقبر أحد الأشخاص كأن يكون شيخ ويطلب منه كذا وكذا, هل يجوز ذلك، وما حكم من يفعل ذلك في الشرع، وكيف ندعو للميت من منطلق هذا الحديث، (ابن صالح يدعو له)، كيف ندعو بعد الممات؟
تقول: اللهم اغفر لأبي، اللهم اغفر لأخي، اللهم ارحمه، اللهم نجه من النار، ونحو ذلك هذا الدعاء له، أما دعاء الميت، والتوجه للميت تقول: يا فلان انصرني، أو أنا في حسبك، أو أغثني، هذا الشرك الأكبر، أو اشفع لي، أو أنا في جوارك أو ما أشبه ذلك، هذا الشرك الأكبر هذا فعل المشركين مع اللآت, والعزى، ومع أصنامهم، وهذا فعل المشركين مع الشيخ عبد القادر الجيلاني، ومع البدوي، ومع الحسين ما يجوز هذا، لا يقول: يا سيدي فلان انصرني، أو أنا في حسبك، أو أنا جوارك، أو اشفع لي، هذا ما يقال للميت يقال للحي، يقال للحي اشفع لي، ادع الله لي يقال للحي، تقول ادع الله لي أن يغفر لي، ادع الله لي أن يرحمني هذا لا بأس, أما الميت تقول له: يا فلان، يا شيخ عبد القادر, أو يا حسين, أو يا ست زينت, أو يا فلان وهو ميت ادع الله لي هذا ما يجوز؛ لأنه غير قادر لا يستطيع شيء، أو اشفع لي هذا توسل بميت لا يقدر، كالذي يقول للصنم انصرني أو اشفع لي من جماد لا قدرة له على شيء، فسؤال الأموات, والاستغاثة بالأموات, والتوسل بالأموات هذا هو عمل المشركين وهذا هو المنكر ولا يجوز بل هو من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية، مثلها الغائبون، يا ملائكة الله، يا جبريل، يا مكيائيل، يا جن الفلانيين أو يا جن الظهران، يا جن الحساء، يا جن أميركا، يا جن مصر، أو يا جني الفلاني كل هذا من الشرك الأكبر، وقد ذم الله بعض المشركين في هذا قال عنهم: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجـن:6)، يعني زادوهم شراً وبلاءً نسأل الله العافية.   
3- العذر بالجهل عموماً هل له قواعد وأسس يقوم عليها، ثم هل هو عام، بمعنى: في كل زمان ومكان، وهل يعذر الجهل في المجتمع المسلم عامة، والمجتمع الذي فيه المسلم وغيره؟ أيضاً سماحة الشيخ لعل لكم توجيه في هذا الموضوع، وما هي الأسس والقواعد في إقامة الحجة، وهل كل من بلغ آية أو حديث يعتبر قائماً بالحجة؟
الجهل فيه تفصيل: العذر فيما قد يخفى من مسائل الأحكام، أو مسائل العقيدة التي قد تخفى، أما جنس الجهل في الأمور الظاهرة مو هو بعذر؛ لأن صاحبه هو المقصر, المتساهل، لقول الله- جل وعلا-: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ(التوبة: من الآية115)، ما قال: حتى يتبين لهم، قال: حتى يبين لهم، وقال-تعالى-: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً(الإسراء: من الآية15)، ما قال: حتى يفهموا كلام الرسول، قال: حتى نبعث رسولا، فعلى الرعية وعلى الأمة أن تتفهم كلام الرسول، وأن تتفهم القرآن، وأن تسأل عما أشكل عليها؛ لأن الرسول مبلغ، والقرآن مبلغ، هذا بلاغ للناس، ويقول- عز وجل-: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ(المائدة: من الآية67)، ويقول-سبحانه-: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ (الأنعام: من الآية19)، فالأمة مبلغة بالقرآن وبالرسول, فالذي يعيش المسلمين والقرآن موجود، والسنة موجودة ولا يبالي ولا يسأل ما هو معذور، أما في دقائق الأمور مثل بعض الأحكام, أو بعض مسائل الربا، بعض مسائل العقود التي قد تخفى عليه يعذر، إذا كان مثله لا يستحيل له معرفة ذلك، مثل الذي قال لأولاده إذا مت حرقوني، ثم ذروني في البحر،فإن قدر علي الله ليعذبني، ظن هذا يفوت الله، لجهله بكمال قدرة الله- جل وعلا-، فأعذره الله لما جمع ما في البر والبحر من جسمه وقام بين يديه سأله، قال: ما حملك على هذا؟ قال: خوفك، فغفر الله له، من أجل شدة خوفه من الله، وجهله بهذا الأمر الدقيق، وهكذا في مسائل كثيرة في العقود في البيع, وفي المحرمات قد يخفى عليه بعض الأشياء التي يخفى دليلها, أما إنسان يسمع القرآن, ويسمع السنة, وعنده من يرشده ولا يبالي, ولا يسأل فالشرك أعظم الذنوب، لا يتساهل في هذا مثل المسائل الأخرى عقوقه لوالديه أمر واضح, مثل ما يفعل بعض الناس من ترك الصلاة؛ لأن هذا أمر واضح ما هو بمعذور؛ لأن هذا شيء واضح بين المسلمين، أما الشيء الدقيق الذي قد يخفى يعذر فيه. إذن يا سماحة الشيخ/ العامة عليهم أن يسألوا عما أشكل عليهم؟ الله يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ(الأنبياء: من الآية7) عليهم أن يسألوا، وعامة الكفار ما عذرهم الله، الرسول بين أيديهم، وهكذا في المدينة، ما عذر المنافقين, ولا ما عذر اليهود؛ لأنهم يسمعون كلام الله،ويسمعون القرآن ولم يستجيبوا.   
 
4-  ما صحة حديث(بلغوا عني ولو آية)؟
هذا الحديث صحيح روه البخاري صحيح، بلغوا عني ولو آية، واجب التبليغ عن الله ولو آية ولو حديث واحد، الذي يحتاج يحفظ, يحفظ قوله- تعالى-:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ(النساء: من الآية59) يبلغ، يحفظ قوله- جل وعلا-: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238)،هكذا اللي هو يفهم، يحفظ قوله-تعالى-: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(النور:56) يبلغ، يسمع حديث ويحفظ: (إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل امرئ ما نوى...) يبلغ الأعمال بالنيات، يسمع قول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله:! من يأبى؟!، قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)، وما أشبه ذلك، اللي يحفظ. 
 
5- امرأة كبيرة في السن تصلي فروضاً وتترك أخرى, وإذا صلت يكون عليها نجاسة, وتفوت بعض الأشياء, هل يلحقها شيء في ذلك؟
إذا كان عقلها قد اختل ما عليها ما عليها شيء مو مكلفة، إذا كان عقلها قد اختل ما عليها شيء، أما إذا كان لا، ما هو بعقلها معها، لكن قد تنسى شيء يبين لها, إذا كانت عاقلة تفهم، أما إذا كان قد اختل عقلها لكبر سن, أو لمرض أو ما أشبه ذلك، فالله-جل وعلا-رفع عنها القلم، قال النبي- صلى الله عليه وسلم-:( رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق)، ومن كان عقله مختل مثل المجنون سواء.  
 
6- كلمة توجيهية للأبناء والبنات بالعناية بوالديهم عند كبر سنهم وعجزهم؛ لأن الملاحظ أن بعض الأولاد والبنات يهملون والديهم في كبر السن
الواجب على البنين والبنات أن يتقوا الله في هذا, وأن يحسنوا إلى والديهم, وأن يصبروا، فقد صبر الوالدان عليهم في صغرهم ورباياهم وأحسنا إليهم, فالواجب على الأولاد أن يتقوا الله في الوالدين, وأن يحسنوا إليهما, وأن يصبروا على ما قد يقع من التعب لمرضهما أو اختلال عقلهما، لا بد من الصبر، الله يقول -جل وعلا-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (الإسراء:24)، ويقول-جل وعلا-: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ(لقمان: من الآية14)، فالواجب الصبر على الوالدين, والإحسان إليهما, وتحمل ما قد يقع من الأذى، جاء في الحديث: (رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)، ويقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله, وعقوق الوالدين)، جعل عقوق الوالدين قرين الشرك، وفي الحديث الصحيح يقول- صلى الله عليه وسلم-: (من الكبائر شتم الرجل والديه، قيل: يا رسول الله! وهل يسب الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل، فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه)، فإذا كان سبه للناس سباً لوالديه؛ لأنهم يسبون والديه إذا سب والديهم فكيف إذا سبهما أو أساء إليهما الأمر أعظم، نسأل الله العافية.  
 
7- ورد حديث يخبر فيه الرسول- صلى الله عليه وسلم- بأنه يدخل من أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- الجنة سبعون ألفاً من غير حساب ولا عذاب, ولما سأل الصحابة- رضي الله عنهم- فيما بينهم من هم، وما هي صفاتهم؟ خرج عليهم الرسول- صلى الله عليه وسلم- فأخبرهم بما جرى بينهم, وأخبر- صلى الله عليه وسلم- بأنهم الذين لا يسترقون, ولا يكتوون, ولا يتطيرون, نرجو من سماحتكم أن تفسروا لنا هذه الصفات لعلنا نتمسك بها؟
أخبر النبي- صلى الله عليه وسلم-أنه يدخل من أمته سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب، وفي رواية مع كل ألف سبعين ألفا، سئل-عليه الصلاة والسلام-عن صفاتهم، فقال: (هم الذين لا يسترقون, ولا يكتوون, ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون)، يعني هم الذين استقاموا على دين الله من أهل التقوى والإيمان وعبدوا الله وحده، وأدوا فرائضه وتركوا محارمه, واجتهدوا في أنواع الخير حتى تركوا بعض ما يستحب تركه، كالاستقراء والكي من كمال إيمانهم لا يسترقون، يعني لا يطلبوا من يرقيهم، ولا يكتوون؛ لأن الكي تركه أفضل إلا عند الحاجة، والاسترقاء تركها أفضل إلا عند الحاجة، هذا من كمال إيمانهم، وإن احتاج الإنسان الاسترقاء لا بأس يسترقي، كما أمر النبي-صلى الله عليه وسلم-عائشة أن تسترقي، وأمر أم أولاد جعفر بن أبي طالب أن تسترقي لأولاده لما أصابتهم العين، فدل على أنه لا بأس بالاسترقاء عند الحاجة، ولكن تركه أفضل، إذا تيسر دواء آخر واستغني عنه، وهكذا الكي إذا تيسر دواء يقوم مقامه فهو أفضل، وإن دعت الحاجة إلى الكي فلا بأس، وقد كوى الصحابة كما كوى خباب بن الأرت وغيره، وقد كوى النبي بعض أصحابه للحاجة هذا من الكمال، ولا يخرجه عن السبعين إذا استرقى, لكن هذا من أعمالهم الحسنة ترك الكي إذا استغني عنه، وترك الاستقراء إذا استغني عنه، وإلا فالسبعون ألف هم أهل الاستقامة، هم أهل الخير والاستقامة لطاعة الله, وترك معصيته والمحافظين على الخير.   
 
8-  هل يحاسب الإنسان على ما يجول في نفسه من كلام وتخيلات وتساؤلات فيما يخص الحال بعد الموت، وكيف يمكن التخلص من هذه الأفكار؟
في الوساوس التي تعرض للإنسان في نفسه ولا تستقر لا يؤاخذ عليها، يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم)، فوساوس الصدور معفو عنها، إلا إذا كانت عملاً، ولما سأله الصحابة عن الوساوس، قالوا: يا رسول الله! إنا أحدنا ليجد في نفسه لأن يخر من السماء أهون عليه من أن ينطق بها، أو أسهل عليه من أن ينطق بها، قال: تلك الوسوسة)، وفي لفظ: (ذاك صريح الإيمان فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت بالله ورسوله، وليستعذ بالله من الشيطان ولينته)، فقد يأتيه الشيطان يوسوس لك في ربك, أو في الجنة, أو في النار، أو في البعث والنشور، فإذا وجد ذلك، فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وليقل: آمنت بالله ورسوله ولينته، هكذا علمنا الرسول- صلى الله عليه وسلم-، أما الشيء الخواطر....هذه ما تضر، يعفى عنها، كما قال- صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلم)، لكن إذا استقر وأذاه يقول: آمنت بالله ورسوله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وليعلم-جل وعلا- سوف يسامحه في هذا، شيء مو باختياره، لكن إذا كثر عليه يقول: آمنت بالله ورسوله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينته. 
 
9- عندما ينام الشخص عن صلاة الفجر وفي حالة استيقاظه يصلي, فهل يجهر في صلاته، أم تكون الصلاة سرية، وهل يصلي الراتبة قبل ذلك أم بعدها، أفتونا عن هذا السؤال؟
نعم إذا استيقظ ولو بعد الشمس يصلي الراتبة ويصلي الفريضة ويجهر كما لو فعلها في الوقت؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره نام هو والصحابة في الفجر، فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس, فلما استيقظوا أمر بالأذان فأذن المؤذن, وصلى الراتبة, وأقام الصلاة وصلى الفريضة، وجهر فيها كما كان يفعل في وقتها، هذا هو السنة، إذا نام عنها واستيقظ بعد الشمس يتوضأ, ويصلي الراتبة، ويصلي الفريضة ويجهر فيها كما لو فعلها في الوقت، تأسيا بالنبي- عليه الصلاة والسلام-.  
 
10-   هل تعلم صفات الله- عز وجل- واجب أم مستحب، أم أنه سواء تعلم ذلك أم لم يتعلم هذه الصفات، وماذا تقولون في الذين يقولون بأن تعلم هذه الصفات لا ينبغي؛ لأنه يجعل الإنسان يوسوس له كلمة كيف وماذا، وما الكتب التي تنصحوننا بتعلمها في هذا الباب؟
تعلم أسماء الله وصفاته من القرآن العظيم, والسنة المطهرة، من أفضل القربات؛لأن هذا يعين على تعظيم الله, وتقديسه, وسؤاله بأسمائه وصفاته- سبحانه وتعالى-, والله يقول: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (لأعراف: من الآية180)، دل على مشروعية أن نعرفها حتى ندعوه بها، ويقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: (إن لله تسعة وتسعين اسماً، من أحصاها دخل الجنة، فهو وتر ويحب الوتر)، فدل على أنه ينبغي لأهل العلم ولأهل الإيمان تعلم أسماء الله وصفاته حتى يسألوه بها، وحتى يثنوا عليه بها، وحتى يعملوا بمقتضاها فتحصل لهم الجنة، هكذا ينبغي للمؤمن، وليعلم أن الله- جل وعلا- ذو الأسماء الحسنى، وأنه لا شبيه له, ولا كفء له, ولا ند له، وأنه كامل في ذاته وأسمائه, وصفاته, وأفعاله، ولا يشبه الله بخلقه؛ لأنه-سبحانه-يقول: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(الشورى: من الآية11)، فهو الرحمن برحمة لا كرحمتنا، وهو العلي علو لا كعلونا، وهو المستوي على العرش لا كاستوائنا، رحيم لا كرحمتنا، يغضب لا كغضبنا، يضحك لا كضحنا، إلى غير هذا من صفاته- سبحانه وتعالى-. يقول بالنسبة للكتب التي تنصحوننا في هذا المجال سماحة الشيخ؟ أعظم كتاب القرآن، ننصحك بالقرآن العظيم، ننصح جميع المسلمين بالعناية بالقرآن والإكثار من تلاوته فهو كتاب الله فيه الهدى والنور، كما قال- سبحانه-: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ(الإسراء: من الآية9)، وقال-تعالى-: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ(فصلت: من الآية44)، وقال-سبحانه-: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (صّ:29)، وقال-سبحانه-: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (محمد:24)، فنوصي جميع المسلمين رجالاً ونساءً نوصيهم بالقرآن, نوصيهم بالإكثار من تلاوته، تدبر معانيه، وحفظه أو ما تيسر منه، فهو كتاب الله فيه الهدى والنور، فيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، فيه الدعوة إلى بيان ما أوجب الله وترك ما حرم الله، فيه قصص الأنبياء والمرسلين, فيه قصص الأخيار، حتى يتأسى بهم، فيه قصص الأشرار حتى تجتنب أعمالهم، ثم كتب الحديث الشريف، كالصحيحين للبخاري ومسلم, السنن الأربع، لمن كان عنده علم يقرأ فيهما، وأما المبتدئ طالب العلم المبتدئ فنوصيه بمثل المختصرات التي يستطيع حفظها مثل بلوغ المرام، مثل كتاب التوحيد، العقيدة الواسطية، الأصول الثلاثة، الأربع القواعد للشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله-، كتاب التوحيد، والثلاثة الأصول، والقواعد الأربع للشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله-، كشف الشبهات كذلك له- رحمه الله-، العقيدة الواسطية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، عمدة الحديث للشيخ عبد الغني المقدسي، هذه كتب ينبغي حفظها، تفيد وتنفع ومن الكتب المهمة.  
 
11- بالنسبة لدعاء القنوت في صلاة الفجر, وهو الدعاء المعروف: (اللهم اهدنا فيمن هديت ... الخ), هل ورد عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- بأنه قنت؟
كان النبي-صلى الله عليه وسلم-يقنت في النوازل، إذا نزل بالمسلمين نازلة، عدو نزل بهم، وشدة دعا لهم في الفجر وغيرها، أما اعتياد بعض الناس في القنوت في الفجر من دون سبب لا، مو بمشروع، في الحديث الصحيح، عن سعد بن طارق الأشجعي، قال: قلت لأبي، يا أبت!: إنك قد صليت خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم-, وخلف أبي بكر, وعمر, وعثمان, وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر، فقال: أي بني محدث)، يعني ما كانوا يقنتون في الفجر، إلا إذاحدث حادث، مثل عدو حاصر البلد, أو غزى المسلمين يدعى عليه في قنوت الفجر وفي غيره، يقنت في الفجر, في المغرب, في العشاء, في الظهر, في العصر، يرفع يديه في الركعة الأخيرة بعد الركوع ويدعو على العدو، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه على المشركين. 
 
12-   هل نطلق على الإمام الذي يلزم هذا القنوت نقول بأنه مبتدع؟ وأيضاً سؤالنا: ما الرد على الذين يقولون بأنه سنة، ويستدلون بقوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ... [غافر:60] الآية, وأيضاً في قوله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ[البقرة:238], وبالحديث: بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم-قنت إلى أن فارق الحياة؟
هذا يقال له أنها تكره، ما يقال بدعة، ما يقال مبتدع؛ لأن بعض أهل العلم يقول بذلك، بعض الأئمة كالشافعي وجماعة يرون القنوت في الفجر دائماً، وهو قولٌ ضعيف مرجوح، ولكن يعلم يقال هذا هو الأفضل، أما حديث أنه لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا فهو حديث ضعيف ليس بصحيح، وإنما قالتها في الدعاء للمشركين، أما القنوت دائماً في الفجر من غير حاجة غير مشروع، إنما يشرع عند النوازل عند وجود الأجر في الفجر وغيرها، ولكن من دعا له استناداً لبعض الأحاديث الضعيفة فهذا يعلم أن السنة تكالبت عليه، يبين له بالكلام الطيب والأسلوب الحسن فقط. أحسن الله إليكم سماحة الشيخ وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء أيها الإخوة والأخوات...

541 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply