حلقة 439: قول الرجل عند الطلاق أنت في مكان والدتي - رؤية الله في المنام - حكم نقل الاعضاء - صفة صلاة الليل

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

39 / 50 محاضرة

حلقة 439: قول الرجل عند الطلاق أنت في مكان والدتي - رؤية الله في المنام - حكم نقل الاعضاء - صفة صلاة الليل

1- يوجد بعض من الناس عندما يطلق زوجته يقول: أنتِ في مكان والدتي، فما حكمه إذا أرجعها، وهل يحق له رجوعها أو لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإذا كان الطلاق رجعياً، بأن طلقها طلقة واحدة أو طلقتين فله مراجعتها، ما دامت في العدة، فإذا خرجت من العدة قبل أن يراجعها جاز له أن يعود إليها بنكاح جديد، بالشروط المعتبرة شرعاً من الولي والشاهدين والرضا كما هو معلوم، أما قوله: أنت في مكان والدتي، بعدما طلقها، فهذا يرجع إلى نيته، إن كان قصده من ذلك أنها عنده عزيزة وكريمة وأنه يقدرها هذا ليس بشيء ولا حرج فيه، وليس من الظهار في شيء، يعني عبارة موهمة، أما إن كان قصده أنتِ بمكان والدتي يعني أنتِ محرمة علي، وأنتِ علي حرام كوالدتي هذا يسمى الظهار، ولا تحل له إذا كان الطلاق رجعياً إلا بعد الكفارة، فلا يمسها ولو راجعها، يراجعها لا بأس أو يعقد عليها إذا كانت قد خرجت من العدة لا بأس لكن لا يمسها حتى يُكفِّر كفارة الظهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً، كل صاع يقسم بين اثنين، كل واحد له نصف الصاع من التمر من الأرز من الحنطة من قوت البلد، هذا هو الواجب، وليس له أن يمسها حتى يُخرج هذه الكفارة، بعدما يراجعها أو بعدما يعقد عليها ليس له أن يجامعها إلا بعدما يخرج هذه الكفارة: أولاً: عتق رقبة مؤمنة إن قدر، ثانياً: صيام شهرين متتابعين إذا عجز عن الرقبة، ثالثاً: أن يطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً من قوت البلد، إذا عجز عن الصيام، ثم بعد هذا له أن يباشرها، أما إن كان الطلاق كامل، طلقها الطلقة الأخيرة، الثالثة، فهذه لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، حتى تنكح زوجاً آخر نكاحاً شرعياً، لا نكاح تحليل، وحتى يطأها أيضاً الزوج الثاني، فإذا طلقها الطلقة الأخيرة الثالثة فإنها تحرم عليه تحريماً مؤقتاً ما دامت لم تتزوج، فإذا تزوجت زواجاً شرعياً ووطأها الزوج الجديد ثم طلقها أو مات عنها فإنها تحل للأول، إذا كان النكاح شرعياً، مو بنكاح تحليل، أما نكاحها للتحليل ليحللها للأول هذا نكاح باطل لا يجوز، لكن إذا تزوجها الزوج الجديد بنية الرغبة فيها لكن لم يقدر الله لهما الرغبة بل طلقها بعد الدخول بها ما دام أنه جامعها أو مات عنها فإنها تحل له، بعقد جديد ومهر جديد بشروط معتبرة شرعاً، وإذا كان قال لها بعدما طلقها الطلقة الأخيرة: أنتِ في مكان أمي، فهذا لا يؤثر شيء ولو كان أراد التحريم، لأنها صارت أجنبية، صارت أجنبية ما يكون تحريمه تحريم الظهار، فإن كانت الطلقة الأخيرة قال: أنت بمكان أمي، قصده تحريمها، قصده بهذا تحريمها، أو قال: أنت كظهر أمي، أو أنت محرمة علي فإنه لا يلحقها هذا كالزوجة، ولكن يجب تأدية كفارة يمين، مثل الطعام والشراب ونحو ذلك، لأنها صارت أجنبية بعد الطلقة الأخيرة، فإذا قال لها: أنت محرمة علي أو أنت كظهر أمي بعد الطلقة الأخيرة فإنها تكون في حكم تحريم الطعام واللباس والشراب يعني يستحلها بكفارة اليمين، يكفر كفارة يمين ويكفي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ولا يكون ظهاراً، لأن الظهار إنما يكون مع النساء مع الزوجات، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ.. (3) سورة المجادلة، فهي بعد الطلقة الأخيرة ما عد صارت من نسائه، صارت أجنبية، فيكون تحريمه لها مثل تحريم الثياب والطعام ونحو ذلك والجواري، فيه كفارة اليمين.   
 
2- ما حكم من يدعي أنه قد رأى رب العزة في المنام، وهل كما يزعم البعض أن الإمام أحمد ابن حنبل قد رأى رب العزة والجلال في المنام أكثر من مائة مرة؟
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وآخرون أنه يمكن أن يرى الإنسان ربه في المنام، ولكن يكون ما رآه ليس هو الحقيقية؛ لأن الله لا يشبهه شيء سبحانه وتعالى، قال تعالى: ..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) سورة الشورى، فليس يشبهه، يمكن أن يكلمه ربه، ويرى في النوم أنه يكلمه ربه لكن مهما رأى من الصور أي صورة، صورة إنسان أو صورة حيوان فليست هي الله جل وعلا؛ لأن الله لا يشبهه شيء سبحانه وتعالى، لا شبيه له ولا كفء له جل وعلا، وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله في هذا: أن الأحوال تختلف بحسب حال العبد الرائي، فكلما كان من أصلح الناس وأقربهم إلى الخير كانت رؤيته أقرب إلى الصواب والصحة، لكن على غير الكيفية التي يراها أو الصفة التي يراها؛ لأن الأصل الأصيل أن الله لا يشبهه شيء سبحانه وتعالى، فيمكن أن يسمع صوتاً ويقال له: كذا وافعل كذا، ولكن ليس هناك صورة مشخَّصة يراها تشبه شيئاً من المخلوقات، ليس له شبيه ولا مثيل سبحانه وتعالى، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى ربه في المنام، وقد رواه معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى ربه، وجاء في عدة طرق: أنه رأى ربه وأنه سبحانه وتعالى وضع يده بين كتفيه حتى وجد بردها بين ثدييه، أو بين كتفيه حتى برد، وجد بردها بين كتفيه، هذا ورد في الحديث وألف فيه الحافظ بن رجب رسالة سماها: (اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى)، وهذا يدل على أن الأنبياء قد يرون ربهم في النوم، أما رؤية الرب في الدنيا بالعيان فلا، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن ير أحد ربه حتى يموت، قال: (واعلموا أنه لن يرى أحدكم ربه حتى يموت)، رواه مسلم في الصحيح، ولما سئل صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ قال: (رأيت نوراً)، وفي لفظ: (نورٌ أنَّى أراه؟)، رواه مسلم من حديث أبي ذر، وهكذا سئلت عائشة عن ذلك فأخبرت أنه لا يراه أحد في الدنيا؛ لأن رؤية الله أعلى نعيم أهل الجنة، أعلى نعيم المؤمنين، فهي لا تحصل إلا لأهل الجنة، لأهل الإيمان في الآخرة، والدنيا دار الابتلاء والامتحان، ودار الخبيثين والطيبين مشتركة، فليست محل الرؤية، لأن الرؤية أعظم نعيم للرائي، فادخرها الله لعباده المؤمنين في دار الكرامة في يوم القيامة، وأما هذه الرؤية التي يدعيها الناس لربهم فهي تختلف مثلما قال شيخ الإسلام رحمه الله بحسب صلاحهم وتقواهم، وقد يخيل لبعض الناس أنه رأى ربه وليس كذلك، فإن الشيطان قد يخيل لهم ويوهمهم أنه ربهم، كما يروى أنه تخيل إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني على عرشٍ فوق الماء، وقال له: "أنا ربك، فقال اخسأ عدو الله لست ربي"، لأنه أمره بأوامر لا تليق، فالمقصود أن رؤية الله عز وجل ممكنة في الدنيا لكن على وجه لا يشبه فيها الخلق سبحانه وتعالى، وإذا أمره بشيء يخالف الشرع فهذا علامة أنه ما رأى ربه، وإنما رأى شيطاناً، فلو رآه وقال له: لا تصلِّ قد أسقطت عنك التكاليف! أو قال: ما عليك زكاة، أو ما عليك صوم رمضان، أو ما عليك بر والديك!، أو قال: لا حرج عليك أن تأكل الربا! فهذه كلها علامات على أنه رأى شيطاناً وليس ربه، أن هذا الذي يكلمه ليس ربه وإنما هو شيطان. فالخلاصة: أن الرؤيا ممكنة ولكن على وجه لا يكون فيها مشابهة للمخلوقين، فربما سمع صوتاً لكن ليست هناك شخصية يراها تشبه المخلوقين، لأن الله لا شبيه له ولا كفء له سبحانه وتعالى، ومن علامات صحة الرؤية: أن تكون الأوامر موافقة للشرع التي يؤمر بها، وأما إن كانت مخالفة للشرع فهي علامة على أنه رأى شيطاناً ولم ير ربه. المقدم: ما قيل عن رؤيا الإمام أحمد؟ الشيخ: لا أعرف صحتها، يقال يروى عنه أنه رأى ربه لكن لا أعرف صحتها عنه.  
 
3- حكم نقل الأعضاء كالقلب مثلاً، ولا سيما إذا كانت من غير مسلم إلى مسلم؟
هذا موضوع عرض في مجلس هيئة كبار العلماء، وهو نقل عضو من ميت إلى حي، لحاجة الحي إليه، واختلف فيه المجلس منهم من رأى جوازه، ومنهم من رأى التوقف في ذلك، ومن رأى جوازه قيده بقيود، وهو: أن ينقل العضو إلى مسلم حي من الميت بشرط أن يسمح به الميت في حال حياته، وألا يترتب عليه فتنة من الورثة، وأن يقرر الطبيب المختص أنه صالح لهذا الحي، وأنه يرجى نجاحُ الزراعة، زراعته فيه مثل الكلية ونحوها، هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم في الوقت الحاضر، منهم من أجاز ذلك، وقال: لا بأس بالتبرع إذا تبرع الحي المكلف الرشيد، إذا تبرع بكليته أو نحوها لمسلم حي ينتفع بذلك، ومنهم من منع ذلك، وقال: إن الإنسان لا يملك نفسه ولا يملك أعضاءه فليس له التصرف فيها بقطعها وبترها وإعطائها أحداً من الناس، وإنما يتصرف في المال، يعطي ويمنح ما لا يخالف الشرع، أما كونه يتصرف في نفسه بأن يعطي إصبعاً من أصابعه أو كلية من كلاه أو غير ذلك فليس له ذلك، وبكل حال فهي مسألة خلاف بين أهل العلم المعاصرين، وأنا عندي فيها التوقف، وبعض أهل العلم أجازها بهذه الشروط: أن يقرر الطبيب المختص أنها صالحة لهذا المريض، وأن يكون مسلماً، وأن يقرر الطبيب نجاح العملية وأن غالب الظن أن تنجح العملية، وأن يسمح المنقولة من الميت قبل أن يموت في حياته يسمح بذلك، وألا يخشى الفتنة. المقدم: لا أثر في الحكم بين كونها تنقل من غير مسلم إلى مسلم؟ الشيخ: هذا أيضاً محل النظر، ومن أَجازها أجازها من غير المسلم أيضاً، كما ينقل عظمه ودمه ونحو ذلك.  
 
4- يطلب من سماحة الشيخ الحديث عن صلاة الليل وعن صفة الصلاة، ولا سيما أنه قد قرأ كثيراً من الأوصاف عن هذه الصلاة؟
صلاة الليل قربة عظيمة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة صلاة الليل)، فصلاة الليل لها شأن عظيم، قال الله جل وعلا في وصف عباده المؤمنين عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) سورة الفرقان، وقال سبحانه في وصف المتقين: كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ*وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) سورة الذاريات، وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا*نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا الآية (1-3) سورة المزمل، وقال سبحانه وتعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) سورة السجدة، فصلاة الليل لها شأن، والأفضل فيها أن تكون مَثْنى مثنى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، فيصلي ما تيسر له ثنتَين ثنتين ثم يوتر بواحدة، وأفضلها في آخر الليل، في الثلث الأخير، وإن صلى في أول الليل قبل أن ينام لئلا يغلب عليه النوم في آخر الليل واحتاط في ذلك فلا بأس، هو أعلم بنفسه، إن قدر في آخر الليل فهو أفضل، وإن لم يتيسر له ذلك أوتر في أول الليل، وأقله واحدة، أقل الإيتار في الليل واحدة بعد صلاة العشاء، وبعد سنتها الراتبة ركعة واحدة، فإن أوتر بثلاث فالأفضل أن يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة، وهكذا إذا أوتر بخمس يسلم من أربع من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة، وهكذا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث عشرة وسلم من كل ثنتين وأوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام، والأمر في هذا واسع والحمد لله، وليس فيه حد محدود، فلو أوتر بعشرين أو بثلاثين أو بأربعين يسلم من كل ثنتين ثم أوتر بواحدة كل هذا لا بأس به، ولكن يراعى في هذا الطمأنينة وعدم العجل والنقر، يطمئن في صلاته ويخشع فيها ولا يعجل، خمس ركعات، أو سبع ركعات مع الطمأنينة والعناية أفضل من تسع أو إحدى عشر مع العجلة. المقدم: كيف يعتاد المرء عليها لو تكرمتم سماحة الشيخ؟ الشيخ: السنة أن يداوم عليها، سواء كانت في أول الليل، أو في وسط الليل أو في آخر الليل، والأفضل آخر الليل إذا تيسر، يقول صلى الله عليه وسلم: (من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أول الليل، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)، رواه مسلم في الصحيح، هذا هو الأفضل إذا تيسر، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ينـزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى يطلع الفجر)، متفق على صحته، هذا الحديث العظيم، يدل على أن آخر الليل أفضل، لأنه وقت التنـزل لله، وهو نزول يليق بالله لا يشابه الخلق سبحانه وتعالى، مثل الاستواء والغضب والرضا والرحمة كلها تليق بالله لا يشابه الخلق سبحانه وتعالى، فهو ينزل نزولاً يليق بجلاله، لا يشابهه نزول خلقه، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، وهكذا قوله: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) سورة طـه، وقوله جل وعلا: ..رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ.. (119) سورة المائدة، ..غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.. (13) سورة الممتحنة، وما أشبه ذلك، كلها صفات تليق بالله، لا يشابه الخلق في غضبهم ولا في استوائهم ولا في نزولهم ولا في رحمتهم إلى غير ذلك، صفات كلها تليق بالله، يجب إثباتها لله على وجه لائق بالله فيه، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. المقدم: إذن كيفية الاعتياد عليها حتى يكون المرء معتاداً لصلاة الليل أو على صلاة الليل كيف يفعل؟. الشيخ: كيف؟ المقدم: إذا أراد الإنسان أن تكون صلاة الليل له عادة معتادة عبادة كيف يفعل؟ الشيخ: يستمر، يستمر على العدد المعلوم الذي يستطيعه على ثلاث على خمس على سبع، وإذا زاد بعض الأحيان عند النشاط فلا بأس، لكن يعتاد عدداً معلوماً ويداوم عليه لقوله النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه وإن قل)، فالعمل الدائم أفضل، فإذا زاد فيه بعض الأحيان عند النشاط فهذا ينفعه ولا يضره. المقدم: كثرت الصوارف عن صلاة الليل -سماحة الشيخ- هل من توجيه لو تكرمتم؟ الشيخ: نعم، السنة للمؤمن ألا يسهر، وأن ينام مبكراً هذا هو السنة للمؤمن، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينام مبكراً عليه الصلاة والسلام، وينهى عن السمر بالليل، قال أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبلها والحديث بعدها)، يعني صلاة العشاء، وقال مسعود بن ــ: نهى عن السمر بالليل، فالسمر بالليل يفضي إلى النوم عن صلاة آخر الليل، فإذا كان ممن تدعوا الحاجة إلى سمره كالإمام، إمام المسلمين السلطان، أمير البلد، الهيئات الذين يسهرون لصالح المسلمين، فهؤلاء الأفضل لهم أن يوتروا في أول الليل حتى لا تفوتهم الصلاة، وأما أن يسهر للقيل والقال والسواليف التي لا فائدة فيها، أو على ما حرم الله من الأغاني وآلات اللهو أو على الغيبة والنميمة كل هذا لا ينبغي، بل لا يجوز فيما يتعلق بالأغاني والملاهي وأشباه ذلك، وأعظم من هذا أن يسهر على الخمور ولعب الميسر ونحو ذلك، فالأصل أنه يجب على المؤمن أن يحذر ما يشغله عن صلاة الفريضة، ويستحب له أن يعتاد التبكير حتى يقوم من الليل، وحتى يتيسر له القيام من الليل لأداء العبادة التي هي النافلة، التهجد من الليل، ولا ينبغي له السمر مطلقاً إلا في مصالح المسلمين أو في أمور ضرورية مع ضيف ونحوه أو مع أهله، وكل سمر قد يفضي به إلى ترك الفريضة أو إلى إضاعة صلاة الفجر فهو سمر ممنوع لا يجوز، حتى ولو كان في قراءة القرآن ولو في صلاة التهجد ليس أن يسمر ويسهر على وجه يضيع عليه صلاة الفجر، ينام مبكراً، ويصلي مع تيسر في أول الليل أو في آخره حتى يصلي صلاة الفجر، ويستعين على هذا بخير أهله ليوقظونه أو بالساعة المنبهة، يؤقتها على وقتٍ مناسب قبل أذان الفجر بقليل حتى يقوم، أو في وقت تهجده قبل الأذان بساعة أو بأكثر على حسب حاله حتى يقوم للتهجد، فإن أوتر في أول الليل ولم يقم إلا عند الفجر فلا بأس لا حرج في ذلك. كدت أسألكم عن القراءة وإذا بكم تقولون حتى السهر على قراءة القرآن إذا أدى ذلك إلى التأثير على صلاة الفريضة أو على قيام الليل فإن المرء مدعوٌ لتركه.

530 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply