حلقة 611: دعاء الاستفتاح وأحكامه - هل الإقامة واجبة عند كل صلاة - هل على المنفرد أن يؤذن ويقيم - لفظ الصلاة جامعة في العيدين والكسوفين - هل تجب البسملة في بداية كل سورة ولو كررت - ما هي مراتب التقوى مع ذكر الأدلة - شرح دعاء الاستفتاح

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

11 / 50 محاضرة

حلقة 611: دعاء الاستفتاح وأحكامه - هل الإقامة واجبة عند كل صلاة - هل على المنفرد أن يؤذن ويقيم - لفظ الصلاة جامعة في العيدين والكسوفين - هل تجب البسملة في بداية كل سورة ولو كررت - ما هي مراتب التقوى مع ذكر الأدلة - شرح دعاء الاستفتاح

1-   هل دعاء الاستفتاح واجب، وماذا يترتب على المصلي حال عدم التلفظ به؟ وما هي أدعية الاستفتاح الواردة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه. أما بعـد: فإن دعاء الاستفتاح ليس بواجب بل هو سنة، وله أنواع أخصرها ما ثبت من حديث عائشة وأبي سعيد - رضي الله عنهما - وجاء أيضاً من حديث عمر: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) هذا أخصرها. يشرع أن يؤتى به بعد التكبيرة الأولى في الفرض والنفل قبل أن يقرأ أول ما يكبر يقول هذا ثم يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يسمي ثم يقرأ الفاتحة. وهناك استفتاحات أخرى غير هذا ، منها ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يستفتح فيقول: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم اغسلني من الخطايا بالثلج والماء والبرد). هذا استفتاح عظيم ينبغي حفظه: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد). وفي لفظٍ ثالث أيضاً مختصر ثبت من حديث عائشة - رضي الله عنها - عند مسلم كان يستفتح به عليه الصلاة والسلام: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم). وهذا استفتاح عظيم: (اللهم رب جبريل ) ولك أن تقول : (رب جبرائيل وميكائيل) كل هذا جائز، يقال : جبريل ويقال جبرائيل، ويقال ميكائيل وميكال: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم) وهناك استفتاحات أخرى، لكن هذه الثلاثة فيها الكفاية إن شاء الله. إذا حكمه سنة أو واجب سماحة الشيخ؟ سنة مؤكدة كما تقدم، سنة مؤكدة وليست بواجبة. 
 
2-  هل الإقامة واجبة عند كل صلاة؟
الإقامة والأذان فرضا كفاية، يجب على المصلين أن يقوم واحد منهم يؤذن، ويقيم، ولو صلوا بلا أذان ولا إقامة صحت الصلاة مع الإثم، الواجب أن يؤذنوا ويقيموا لكن لو صلوا بدون أذان ولا إقامة ، أو بدون إقامة، أذنوا ولم يقيموا صحت الصلاة لكن مع الإثم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يؤذن، أمر بلال أن يؤذن ، وغيره من المؤذنين ويقيم، وقد استقرت الشريعة على أنه لابد من أذان وإقامة، في الصلوات الخمس خاصةً ، أما العيد ليس له أذان ولا إقامة، وهكذا صلاة الاستسقاء ليس لها أذان ولا إقامة، لكن هذا في الصلوات الخمس، إذا دخل الوقت وجب الأذان في البلد وعلى المسافرين، ثم عند الدخول في الصلاة يقيم، الإقامة المعروفة ، وهذا كله فرض كفاية، إذا قام به واحد منهم من أهل البلد أو من الجماعة في السفر سقط عن الباقين، لكن لو تركوا ولم يفعلوا أثموا كلهم، والصلاة صحيحة. 
 
3-  إذا صلى الإنسان منفرداً فهل عليه أن يؤذن ويقيم، أم ليس عليه بواجب؟
نعم، إذا صلى في السفر مثلاً أو في بلد ليس فيها أحد ، شرع له الأذان والإقامة، شرع له أن يؤذن ويقيم، أما الوجوب ففيه نظر، لكن يشرع له أن يقيم وأن يؤذن، وهكذا في السفر ولو وحده، يؤذن ويقيم. 
 
4- سماحة الشيخ الذين ينادون في صلاة العيد وفي صلاة الاستسقاء بقولهم: الصلاة جامعة، هل عليهم في ذلك من شيء؟
لا نعلم لهذا أصلاً، والذي ينبغي تركه، لأن في الحد الشرعي من البدعة ، فلا ينبغي أن يقال الصلاة الجامعة ولا صلاة العيد ولا صلاة التراويح، كل هذا لا ينبغي، إنما يقال هذا في صلاة الكسوف: الصلاة جامعة، جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم –أنه أمر أن ينادى: الصلاة جامعة، هذا خاص بالكسوف. والخسوف؟ مثله ، القمر والشمس جميعاً. وكان إذا أراد أن يجمع الناس لأمرٍ مهم قال : الصلاة جامعة - عليه الصلاة والسلام- ، إذا أراد أن يجمعهم لأمرٍ مهم نادى بهم: الصلاة جامعة ، ليحدثهم بأمر مهم - عليه الصلاة والسلام -. أما صلاة العيد وصلاة الاستسقاء فلا يشرع شيء من ذلك؟. نعم. من فعله هل ينكر عليه ؟ يعلم، ينكر عليه ، يعلم أن هذا غير مشروع، قال جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى العيد بلا أذانٍ ولا إقامة. وهكذا الاستسقاء. 
 
5-   هل تجب البسملة في بداية كل سورة ولو كان الإنسان يكررها في نفس الوقت، كقراءة سور الإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات بعد المغرب والفجر؟
قراءة التسمية سنة، ليست واجبة، في أول كل سورة ما عدا براءة، ويشرع له أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم قبل الفاتحة، وقبل جميع السور ، وهي آية مستقلة ليست من الفاتحة ولا من غيرها على الصحيح، آية مستقلة فصل بين السور، ما عدا ما بين الأنفال وبراءة فلا يشرع فيها تسمية، لما ذكره عثمان - رضي الله عنه - لما جمع المصحف أنه لم يجد بينهما تسمية. فالحاصل أن التسمية سنة في الصلاة وخارجها ، فلو قرأ الفاتحة ولم يسمِ، أو قرأ شيئاً من السور ولم يسمِ صح على الصحيح. 
 
6-  ما هي مراتب التقوى مع ذكر الأدلة لو تكرمتم؟ جزاكم الله خيراً؟.
مراتب التقوى فيما نعلم ثلاثة أقسام بينها قوله - جل وعلا -: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ [(32) سورة فاطر]. فالمتقي لله كامل هو السابق بالخيرات، الذي أدى الفرائض ، وترك المحارم واجتهد في أنواع الخير، فهذا هو القمة، وهو الأفضل ، وهو كامل التقوى. والمرتبة الثانية مرتبة الأبرار المقتصدين الذين أدوا الواجبات وتركوا المحرمات لكن ليس عندهم مسابقة في أنواع الخير والتطوعات، بل اقتصروا على أداء الواجب وترك المحرم، هؤلاء يقال لهم مقتصدون ، ويسمون الأبرار أيضاً. والمرتبة الثالثة هي مرتبة الظالم لنفسه ، وهو المتقي الموحد لله لكن عنده شيء من السيئات، عنده شيء من المعاصي ، وهو المراد بقوله: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ [(32) سورة فاطر]. يعني بالمعصية، فهذه أدنى مراتب التقوى، أدنى مراتب التقوى أن يكون موحداً لله ، لكن عنده شيء من الذنوب والسيئات، وهؤلاء طبقات ، بعضهم أخطر من بعض على حسب معاصيهم، وكل ما قلت المعاصي صار الظلم للنفس أقل، وكل ما كثرت المعاصي صار الخطر أكثر. فهي مراتب ثلاث: متق ظالم لنفسه، متقٍ مقتصد، متق مسابق بالخيرات - الله يجعلنا وإياكم من السابقين -. 
 
7-  سماحة الشيخ أجبتم السابق عن دعاء الاستفتاح وأخونا السواط يسأل عن تفسير دعاء الاستفتاح؟
كل دعاء له تفسير، قول : (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) معناه تنزيه الله عن كل ما لا يليق به، سبحانك اللهم وبحمدك معناه أنزهك يا ربي عن كل شيءٍ لا يليق بك من الشرك ومن الصفات الناقصة كالنعاس والنوم والعجز ونحو ذلك، هو - سبحانه - منزه عن كل نقص ، وعن كل عيب، وكامل في ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله - سبحانه وتعالى –. (وتبارك اسمك) يعني بلغت البركة النهاية، كل البركة عنده - سبحانه وتعالى -. (وتعالى جدك ) يعني عظمتك، الجد العظمة في حق الله، تعالت عظمت الله ربنا (ولا إله غيرك) معناها لا معبود بحقٍ سواك يا الله، هو المعبود بالحق - سبحانه وتعالى-. وأما استفتاح: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد). هذا معناه طلب السلامة من الذنوب، يطلب الرب أن ينقه من الذنوب والخطايا ، وأن يباعد بينه وبينها حتى تكون توبته صادقة كاملة، ليس معها نقص ولا ذنب، لأنه إذا باعد بينه وبين خطاياه ونقاه منها وطهره منها صار نقياً من الذنوب كامل الإيمان والتقوى. وأما معنى : (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما كتب لي من الحق بإذنك) معناها طلب الهداية، تتوسل به أنه رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، وجبرائيل وميكائيل وإسرافيل ثلاثة من الملائكة ، وهم مقدمو الملائكة ، وأفضل الملائكة، جبرائيل الذي يأتي بالوحي إلى الأنبياء ، وميكائيل موكل القطر والمطر، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور يوم القيامة ، وإعادة الأرواح إلى الأجساد، هؤلاء هم مقدمو الملائكة، توسل بربوبية الله لهم: (اللهم رب جبريل) إلى أخره. فأنت بهذا تتوسل إلى الله بأنه رب هؤلاء الملائكة - سبحانه وتعالى - ، وتتوسل له بأنه فاطر السماوات والأرض، يعني خالق السماوات والأرض، وأنه عالم الغيب والشهادة ، تتوسل بهذا أنه العالم بكل شيء، العالم بكل شيء، وفاطر المخلوقات ، والموجد لها - سبحانه وتعالى - ، وأنه رب كل شيء ومليكه - جل وعلا -، وأنه الحاكم بين عباده في الدنيا والآخرة ، هو الحاكم بينهم في الدنيا بشرعه، وفي الآخرة بحكمه العدل - سبحانه وتعالى -، ثم في هذا تتطلب منه أن يهديك لما وقع فيه اختلاف، تقول: (اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك) تسأله أن يهديك للصواب والحق الذي وقع فيه الخلاف بين الناس، وتتوسل إليه بأنه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم، فأنت تسأله بهذه الوسائل أن يهديك إلى الحق والصواب. 
 
8-  إذا حفظ الإنسان آيات من القرآن الكريم عن ظهر قلب ثم نسي ما حفظه هل يأثم على هذا النسيان؟
لا نعلم عليه حرج إن شاء الله ؛ لأن كل إنسان ينسى، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون). وإنما الذي يؤخذ به نسيان العمل ، وإضاعة العمل، أما كونه ينسى بعض الآيات التي حفظها فإنه لا يضره ، لكن يشرع له أن يعتني بذلك، وأن يتعاهد القرآن مثلما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (تعاهدوا القرآن). فالسنة أن يتعاهده ويتحفظه ، ويجتهد في الإكثار من تلاوته حتى لا يضيع عليه، لكن لو ضاع عليه شيء ونسي شيء فلا حرج عليه إن شاء الله ؛ لأن النسيان بيده. 
 
9-  أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من نفخه وهمزه ونفثه، ما هو همز الشيطان ونفخه ونفثه؟
جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم – فسر همزه بأنه ........ الصرع، ما يحصل من الصرع للناس من الشيطان ، ونفخه الكبر، ما يقع في نفوس الناس من الكبر، هو من الشيطان ينفخ في بعض الناس حتى يتكبر على عباد الله. ونفثه الشعر المذموم، الذي له شعر مذموم والقصائد المذمومة في ما حرم الله من تشبيه بالنساء ، والدعوة إلى الزنا أو إلى الخمر أو إلى غيره مما حرم الله- عز وجل -. 
 
10-  هل صحيح أن من أحبه الله أحبه الناس؟
نعم، هذا ثبت في الحديث الصحيح أن الله إذا أحب عبداً نادى جبرائيل إني أحب فلاناً فأحبه ، ثم ينادي جبرائيل في أهل السماء أن الله يحب فلاناً فأحبوه ، ثم توضع له المحبة في الأرض. فيحبه أولياء الله ، وأهل طاعته، ليس أهل الشرك به، يحبه أولياء الله وأهل طاعته لما يوقع الله في قلوبهم بسبب محبة الله له - سبحانه وتعالى -، وهكذا البغضاء إذا أبغض الله عبداً نادى جبرائيل إن الله يبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبرائيل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض، نعوذ بالله، نسأل الله العافية. 
 
11-  ما حكم قراءة من يقرأ القرآن الكريم وهو لا يعرف تفسير بعض الآيات التي يقرؤها؟
لا حرج عليه؛ لأن الناس أقسام، والعالم في القرآن هم خواص الناس، فإذا قرأ وحافظ عليه ، واجتهد في تلاوته ، وإن لم يفهم المعنى لا شيء عليه، لكن إذا تعلم وسأل أهل العلم عن بعض المعاني يكون طيب، هذا من طلب العلم، ومن الحرص على الفائدة ، لكن لا يكون آثماً إذا حفظه ولم يعرف المعنى ، فإنه يقرؤه ويكثر من تلاوته ويتعلم المعاني حسب طاقته من أهل العلم. 
 
12-   إذا ذهب قوم في سفر ، وأدركهم وقت الصلاة ولم يرو مسجداً وصلوا على غير القبلة، فجاء رجل من أهل البلد وهم يصلون فقال لهم: أنتم على غير القبلة، ماذا يفعلون بالتفصيل؟ جزاكم الله خيراً.
إن ظهر لهم صحة ما قال استداروا وصحت صلاتهم ، وإن لم يظهر لهم صحة ما قال وهم مجتهدون استمروا على صلاتهم، هذا يحتاج إلى نظر، إن كانوا مجتهدين متحرين قد أخذوا بالأسباب ، واتضح لهم أن هذه القبلة هي القبلة فإنهم يستمرون في صلاتهم ، ويتمونها ، وصلاتهم صحيحة، أما إن ظهر لهم من قول الرجل أنهم مخطئون ، وأن الصواب معه ، فإنهم يستديرون إلى القبلة ، وصلاتهم التي مضت صحيحة. والحجة في هذا أن أهل قباء كانوا يصلون فجاءهم من أخبرهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حول إلى الكعبة ، وكانوا يصلون إلى الشام ، فاستداروا وكملوا صلاتهم إلى الكعبة، ولم ينكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا الإنسان إذا كان في البرية وكبر للصلاة وصلى بعض الصلاة ثم ظهر له أنه مخطئ، ثم جاءه من خبَّره بأنه مخطئ فإنه يستدير ، ويكمل صلاته، وصلاته صحيحة. أما إذا انتهى من صلاته يا سماح الشيخ ثم جاءه من يخبره ؟ صلاته صحيحة والحمد لله. إذا انتهى صلاته صحيحة، إذا كان قد اجتهد وتحرى. 
 
13-   أضاعت امرأة سلسلة ذهب ووجدتها امرأة أخرى، فبحثت عنها المرأة التي أضاعتها ولم تجدها ولم تسأل المرأة التي وجدتها مع علم المرأة التي وجدتها بأن المرأة الأخرى تبحث عنها، ولم تعطها السلسلة، والآن بعد أن علمت خطورة ما فعلت تريد أن تصلح خطأها، كيف تتصرف، هل لها أن تعطي المرأة قيمة تلك السلسلة ولا تخبرها بأنها هي قيمة ما فقدت، أم كيف تتصرف؟ علماً بأن هذا الحادث مضى عليه أكثر من خمس سنوات؟.
عليها التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى- ؛ لأنها ظالمة في جحد الحق، وعليها أن ترد السلسلة إلى صاحبتها بالطريقة التي تمكنها من غير أن تعلمها، ما في حاجة أن تعلمها ، تعطيها بعض الناس وتقول إن هذه السلسلة وجدتها عند امرأة تقول أنها لك ، وأنها وجدتها من مدة طويلة ، وهذه هي السلسلة ، ولا تخبرها بها، أو ترسلها مع شخصٍ آخر غير المرأة، مع رجل وتقول لا تخبر عني، وتقول هذه السلسلة التي أرسلتها لك امرأة أو رجل وجدها. الحاصل أنه لا يلزم أن تخبرها، تعطيها السلسلة ، ولا يلزم أن تخبرها. من أي طريق؟ من طريق رجل! أو من طريق امرأة، أو تضعها في البيت أمامها ، ثم تخرج حتى تعلم أنها أخذتها. المقصود أنها توصلها إليها بطريقة تضمن وصولها إليها. 
 
14-   نحن اثنان نعمل في مزرعة وتبعد كثيراً عن المدينة وليست لدينا سيارة، ولذلك فقد تأخرنا عن صلاة الجمعة لمدة أربعة أشهر، ما حكم ما فعلنا؟
ليس عليكم جمعة ما دمت بعيدين عن المدن ، ليس عليكم إلا الظهر، لأنكم في حكم المسافرين ، أو في حكم غير المقيمين . الحاصل أن الإنسان الذي يقيم في مزرعةٍ بعيدة وليس مستوطناً فيها، ليس عليه جمعة، لأنه عابر ليس بمستوطن، أما إذا قام أهلها فيها مستوطنين فإنهم يقيمون الجمعة، يصلون صلاة الجمعة فيها، أما العمال الذين يقيمون فيها للعمل ثم ينتقلون عنها هؤلاء ليس عليهم جمعة، وإنما عليهم الظهر. 
 
15- يسأل عن بدع العزاء، كاستحداث الصواوين والعزائم والقراءة، ويسأل عنها أخونا أيضاً لو تكرمتم توجهونه، ويقول: إن هذه النفقات تنفق كلها من تركة الميت، وربما يكون الورثة في أمس الحاجة إليها؟
لا يجوز لأهل الميت إقامة عزاء ، يعني إقامة مأكل في إيجاد الطعام لدعوة الناس إلى الأكل ونحو ذلك على حساب الميت أو على حساب أيتام الميت، أو على حسابهم هم، كل ذلك لا يجوز، لأنها من عمل الجاهلية، ولكن يصبرون ويحتسبون ويقولون إنا لله وإنا إليه راجعون، ويستقبلون المعزين، لا بأس أن يستقبلونهم يصبون لهم قهوة، يصبون لهم الشاي، لا بأس، أما أن يقيمون مأكل للبكاء والنياحة ، أو بصنع الطعام للناس فهذا لا يجوز، وهو من أعمال الجاهلية. وإذا كان بيتهم صغير وجعلوا مكان أوسع لاستقبال المعزين من دون إحداث ولا مأتم بل مجرد إحداث خيمة أو صالون يسع المعزين فلا حرج في ذلك، إذا كان ليس فيه بدعة ، ولا مأتم ، ولا إحداث نياحة ، ولا شيء مما حرم الله، إنما مجرد استقبال، وسلام عليهم ، وصب القهوة و الشاي فلا يضر، ولا حرج في ذلك إن شاء الله عند ضيق المكان. لكن إذا أتوا بالقراء وما أشبه ذلك؟ هذا ما يجوز، هذا بدعة، إذا أتو بالقراء أو صنع الطعام هذا بدعـة، لكن لو جاءهم ضيوف ، واستحوا أن يتركونهم وصنعوا لهم طعاماً لأنهم ضيوف جاؤوا من مكانٍ بعيد فلا بأس، أو دعوهم إلى ما عندهم من الطعام المهدى إليهم ، فإن السنة أنه يهدى إلى أهل الميت طعام من جيرانهم وأقاربهم، فإذا وافقهم الضيوف وأكلوا معهم فلا بأس. 
 
16- إذا غاب الرجل عن زوجته لمدة ستة أشهر حرمت عليه، هل هذا صحيح؟
هذا لا أصل له ، ولكن يستحب للمؤمن أن لا يطول الغيبة، إذا كان له أهل ينبغي له أن لا يطول الغيبة، بل يتصل بهم بين وقتٍ وآخر، كشهرين ، ثلاثة ، أو يحضرهم عنده في محل عمله، حذراً من الفتنة عليه وعليهم، ويروى عن عمر - رضي الله عنه - أنه وقت لجنوده ستة أشهر، يقيمون في محل عملهم ثم يرجعون إلى أهليهم، حرصاً على سلامتهم وسلامة أهليهم، ولكن في هذه الأوقات قد تكون الستة طويلة، لكثرة الشرور والفتن، وتساهل النساء ، وكثرة التبرج ، وقلة الإيمان في أكثر الخلق، فينبغي للمؤمن أن لا يطول، وأن تكون المدة أقل من الستة، كشهرين والثلاثة ، يزورهم ويرجع بين وقتٍ آخر، حرصاً على سلامتهم وعلى عفة الجميع. 
 
17-   إذا احتاج الابن إلى شيء من المال وطلب أباه فلم يجبه إلى طلبه فاضطر الابن إلى السرقة من مال أبيه دون أن يعلم الأب، هل على الابن إثم؟
هذا فيه التفصيل: إن كان الأب قصر في النفقة ، والولد ضعيف لا يستطيع العمل، عاجز، فإنه يأخذ من مال أبيه ما يسد حاجته، ولو بغير علمه، وهكذا الزوجة تأخذ من مال زوجها بغيره علمه ما يسد حاجتها وحاجة أطفالها، لما ثبت في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - أن هند بنت عتبة - رضي الله عنها - زوجة أبي سفيان، قالت لرسول الله : إن أبا سفيان رجل شحيح بخيل، لا يعطيني ما يكفيني ويكفي بنيّ إذا ما أخذت من ماله بغير علمه ؟ فهل عليّ في ذلك من جناح؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك). فرخص لها أن تأخذ من ماله بالمعروف ما يكفيها ويكفي أولادها. فهكذا الولد إذا كان قاصر، يدرس، ضعيف ما عنده شيء يقوم بحاله ، وأخذ مال من أبيه، كسوةً له، أو غدا أو عشاء، ما يسد حاجته فلا حرج عليه، أو كان أبوه موسراً ، والولد ليس عنده شيء ، وهو بحاجة إلى الزواج ، وأخذ من مال أبيه ما يتزوج به ؛ لأنه عاجز وأبوه قادر ، وعنده مال كثير ، فلا حرج عليه، فإن الواجب على الأب أن يعف ولده، بتزويجه. وهذا واجب على الأب سماحة الشيخ؟ نعم، إذا كان قادراً والولد عاجز. أما إذا كان الولد قادراً فليس له أن يأخذ من مال أبيه شيء، بل عليه يأخذ من ماله، ينفق من ماله. والزواج؟! والزواج كذلك، يتزوج من ماله، إذا كان قادر يتزوج من ماله. 
 
18-  ما رأي الشرع فيمن ينشغل عن صلاته مهما حاول أن يجعلها خالصة دون تفكير؟
عليه أن يجتهد ويحاسب نفسه بذلك، ومتى اتقى الله أعانه الله، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، فعليه أن يتقي الله وأن يحاسب نفسه ويجاهدها حتى يجمع قلبه على الصلاة، وحتى يخلص لله في صلاته، وحتى يخشع فيها لربه، حتى يدع الأفكار الضارة، وهذا يحتاج إلى جهودٍ كبيرة وإلى عناية وإلى صدق وإخلاص وإقبال على الله، وسؤاله العودة سبحانه وتعالى حتى يجمع الله قلبه على صلاته.  
 
19-  أن الأب يكره زوجته ويسال كيف يوفق ؟ وهل إذا طلب الوالد من الابن طلاق زوجته هل يلبي طلبه ويعتبر ذلك من بر الوالدين؟
هذا أمر فيه تفصيل، إذا كان طلب الوالد له مبرر بأن كانت المرأة سيئة الأخلاق أو سيئة الدين أو لأسبابٍ أخرى توجب بغضه لها، ... أخلاقها، أو سوء تصرفها في البيت أو أسبابٍ أخرى فإن ولده يطيع أهله ويطلقها، أما إذا كان بغض أبيه لها لغير سبب، أو لأنها مطيعة لله، جيدة في دينها، معفّة لفرجها ولزوجها فإنه لا يطيعه في ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة بالمعروف. وليس من المعروف أن يطيعه في طلاق زوجةٍ صالحة، لئلا أبيه، فالحاصل أن هذا محل تفصيل، إن كان بغضه لها لإيذائها..... 

421 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply