حلقة 634: امرأة رضعت من عمتها مع ابن عمتها الصغير، فهل يجوز لها أن تتزوج من أخيه الكبير - مبايعة الهاشميين هل ورد فيها شيء - بعض المسائل المتعلق بالزكاة وصرفها - إغضاب الوالد في الصغر هل يعد عقوقا - امرأة تصلي وتصوم ولكنها لا تتحجب

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

34 / 50 محاضرة

حلقة 634: امرأة رضعت من عمتها مع ابن عمتها الصغير، فهل يجوز لها أن تتزوج من أخيه الكبير - مبايعة الهاشميين هل ورد فيها شيء - بعض المسائل المتعلق بالزكاة وصرفها - إغضاب الوالد في الصغر هل يعد عقوقا - امرأة تصلي وتصوم ولكنها لا تتحجب

1-  واحدة رضعت من عمتها مع ابن عمتها الصغير، فهل يجوز لها أن تتزوج من أخيه الكبير؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعـد: فإذا كانت هذه الجارية رضعت خمس رضعات أو أكثر من عمتها مع ابنها الصغير فإنها تكون أختاً لجميع أولاد العمة، ولا تحل لا للصغير ولا للكبير، بل تكون أختاً لهم، إذا رضعت خمس رضعات أو أكثر حال كونها في الحولين من عمتها فإن عمتها تكون أماً لها، ويكون أولاد العمة ذكورهم وإناثهم إخوةً لهذه الرضيعة، لا يجوز لها أن تنكح منهم أحداً، وفق الله الجميع. حتى أخوه الكبير حينئذٍ؟ مطلقاً، مطلقاً، جميع أولاد العمة إخوةً لها، وإخوان العمة أخوال لها، وأخواتها خالات لها، والزوج أب لها، زوج العمة الذي ارتضعت من لبن زوجته أب لها، وأولاده إخوة لها. 
 
2-   يوجد جماعة يدعون أنهم ذرية الرسول - صلى الله عليه وسلم-، ويقوم بعض الناس بمبايعتهم كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يبايع، والسؤال: هل للنبي عليه أفضل الصلاة السلام ذرية، وهل تجوز مبايعتهم على هذا الأساس، علماً بأنهم متخذين لوالدهم ضريحاً ويسكنون بجواره، نرجو التوضيح، وتبيان حكم الدين في هذا الادعاء؟ ولكم الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى.
نعم، له - صلى الله عليه وسلم- ذرية من جهة بناته، أما أولاده الذكور فماتوا صغاراً، ليس لهم ذرية، وإنما ذريته من جهة البنات، من جهة الحسن والحسين أولاد فاطمة رضي الله تعالى عن الجميع، لهم ذرية، فالحسن والحسين لهما ذرية، فهم إذا حفظ نسبهم وضبط بالبينة يعتبرون من بني هاشم ولا تحل لهم الزكاة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (إنها لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أرزاق الناس)، فالصدقة لا تحل لآل محمد، إذا كانوا من ذرية الحسن أو الحسين أو غيرهما ممن ينتسب لبني هاشم كأولاد علي مطلقاً، كأولاد محمد بن علي وغيره، فالحاصل أن من كان من ذرية بني هاشم فهم من آل بيته - صلى الله عليه وسلم- ومن كان من ذرية الحسن والحسين فإنه يعتبر من ذريته - صلى الله عليه وسلم- من جهة البنات، كما قاله للحسن: (إن ابن هذا سيد)، فسماه ابنه وهو ولد بنته، فأولاد البنات ذرية، وقد سمى الله عيسى من ذرية آدم وهو من ذرية مريم، من ذرية بنته، مريم، وليس له أب عليه الصلاة والسلام فأدخله الله في الذرية، ذرية آدم، وذرية إبراهيم، فالحاصل أن أولاد البنات من ذرية جدهم الذي هو والد أمه، أما من عرف بالبينة الشرعية أنه من بني هاشم سواء كان من أولاد الحسن أو الحسين أو غيرهما فإنه يعتبر من أهل البيت ولا يجوز لهم الأخذ من الزكاة، بنص النبي - صلى الله عليه وسلم-، وأما البيعة فلا أصل لها، لا يبايعون إلا من استولى على المسلمين ورضيه المسلمون وبايعوه هذا لا بأس، مثل ما بويع علي رضي الله عنه لما تولى أمر المسلمين بعد عثمان رضي الله عنه، البيعة لا تكون إلا لولي الأمر، إما بالقهر والغلبة إذا تولى على المسلمين وقهرهم بسيفه، بايعوه كما بايع المسلمون عبد الملك بن مروان وبايعوا الآخرين أو باتفاق أهل الحل والعقد على بيعة إنسان يتولى عليهم في كونه أهلاً لذلك، أما بيعة أفراد الناس هذا شيء لا أصل له، أو بيعة رؤساء الجمعيات، هذا شيء لا أصل له، البيعة لا تكون إلا من جهة أهل الحل والعقد في البلاد التي فيها دولة ليس فيها سلطان، ليس فيها أمير، فيجتمع أهل الحل والعقد على بيعة إنسان أهلاً لذلك، لأن سلطانهم أو رئيس جمهوريتهم قد مات فيتفقون على بيعة إنسان بدلاً من الميت أو يبايع إنسان استولى عليهم بالقوة والغلبة حتى صار أميراً عليهم بقوته وغلبته فإنه يبايع حينئذٍ. 
 
3-   إنني أعمل خارج بلدي، وبحمد الله استطعت أن أجمع مبلغاً لا بأس به من المال، وأحب أن أخرج الزكاة، لكني لا أعرف مقدار الزكاة الواجبة ولا لمن تعطى، هل تعطى للمساكين المتجمعين أمام المساجد، أم للمحتاجين من الأقرباء، وهل يجوز لي أن أرسلها لمن أرى أنه يستحقها من أبناء بلدي خارج البلد الذي أعمل فيه؟ أرجو الإفادة عن هذه القضايا، جزاكم الله خيراً.
أما الزكاة فهي ربع العشر بالنص عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- وبإجماع المسلمين في مسألة النقود وعروض التجارة، يعني سهم من أربعين سهماً، ربع العشر من الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من العُمَل، وقيمة عروض التجارة كالسيارات والأراضي وأشباه ذلك تعرف القيمة ثم بعد معرفة القيمة يكون فيها ربع العشر، في المائة اثنان ونصف، في الألف خمساً وعشرون، وهكذا ربع العشر يعني سهم من أربعين، هذا هو الواجب في النقود وما يقوم مقامها من العمل الورقية، وهو الواجب أيضاً في عروض التجارة، وعروض التجارة هي الأموال التي تعد للبيع، من أراضي أو سيارات أو خام أو حبوب أو غير ذلك من الأمتعة، هذه يقال لها عروض التجارة، إذا كانت معدة للبيع يقال لها عروض التجارة، فإذا حال الحول عليها، وجبت الزكاة من قيمتها، ربع العشر، فإذا كان عنده سيارات للبيع، وعند تمام الحول بلغت قيمتها مليون زكى المليون، ربع العشر خمساً وعشرون ألف من المليون لأن عشر المليون مائة ألف، والربع خمساً وعشرون، هذا ربع العشر، وهكذا لو كان عنده أراضي تساوي مليون وأعدها للبيع، إذا حال عليها الحول يزكي ربع العشر، يزكي ربع قيمتها، فإذا كانت تساوي مليون فيها خمساً وعشرون ألف، وإذا كانت تساوي مائة ألف فيها ألفان ونصف، ألفان وخمسمائة، وهكذا، المقصود ربع العشر، وهو سهم من أربعين سهماً، هذه هي زكاة النقود من الذهب والفضة وفيما يقوم مقامهما من العمل الورقية وفي عروض التجارة، وهي الأموال المعدة للبيع، أما زكاة الحبوب والثمار فهذه نوع آخر، وهي نصف العشر فيما يسقى بالمؤونة كالمكاين والسواني، والعشر فيما يسقى بالمطر والأنهار الجارية، والبعل الذي على المطر هذا يكون فيه العشر كاملاً، إذا كانت ألف كيلو تكون مائة كيلو وهكذا، عشرة آلاف كيلو تكون ألف للزكاة، العشر، فيما يسقى بلا مؤونة، بلا كلفة، بالأنهار، بالمطر، بالبعل كونه .... بالأرض، ويصلح على ندوات الأرض التي فيها الماء من غير حاجة إلى مكائن ولا سواني ولا تعب، هذا فيه العشر كاملاً، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن ذلك فيما سقي بالنضح، نصف العشر، وفيما سقي بالأنهار العشر، فالمقصود أن هذا هو الحكم فيما يسقى بالمؤونة وبغير مؤونة، ما يسقى بالمؤونة من السواني والمكائن فيه نصف العشر، وما يسقى بلا مؤونة ولا كلفة فيه العشر كاملاً، وأما الحيوانات فلها زكاة أخرى، نوع آخر أيضاً، إذا كانت سائبة راعية من الإبل والبقر والغنم مفصلة في الأحاديث وفي كلام أهل العلم، والسائل إنما سأل عن النقود وهذا بيان النقود كما سمعت ربع العشر، أما إخراجها فإنها تصرف للفقراء والمساكين وغيرهم مما سماهم الله في قوله: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضةً من الله والله عليم حكيم، فإذا كان في بلده فقراء من أقاربه أو غيرهم فهم أولى من غيرهم، فالفقراء في البلد أولى من غيرهم، وإذا كانوا من الأقارب فهم أولى، صدقة وصلة، تعتبر في حقهم صدقة وصلة، وإذا دعت الحاجة إلى نقلها إلى فقراء خارج البلد أو أقارب فقراء خارج البلد لأنهم أشد حاجة وأشد ضرورة فلا بأس في نقلها على الصحيح، وهكذا لو نقلها إلى المجاهدين في أفغانستان أو في فلسطين فلا بأس بذلك لأنه في حاجة ونقلها إليهم فيه مصلحة عظيمة، ومتى اجتهد صاحب الزكاة وفرقها في بلده، أو في الفقراء خارج بلده من أقارب وغيرهم فكل ذلك بحمد الله، جائز والحمد لله. إنما سماحة الشيخ تفضلون إذا كان هناك أقارب فقراء تفضلون أن يكون الصرف عليهم؟ نعم، إذا كان في البلد فقراء هم أفضل وأولى، وإذا كانوا أقارب فالصدقة فيهم أفضل أيضاً لأنها صدقة وصلة رحم جميعاً، ولكن يجوز نقلها للمصلحة الراجحة، يجوز أن تنقل من بلد إلى بلد إذا كانت المصلحة أرجح، لأقارب بعيدين أو للمجاهدين المحتاجين أو فقراء حاجتهم شديدة فينقلها مثلاً من مكة إلى جدة، من الرياض إلى الخرج، إلى الأحساء إلى أبها إلى غير هذا. سماحة الشيخ يذكر الفقراء الذين يتجمعون على أبواب المساجد وهؤلاء يغلب على حالهم أنهم اتخذوا السؤال صنعة؟ توجيهكم شيخ عبد العزيز؟ من أظهر الفقر والحاجة ولا يعرف أنه كاذب يعطى، سواء كان ممن يتجمع حول المساجد أو في أي مكان، من ادعى الفقر والحاجة والعلامة الظاهرة عليه ولا يوجد ما يكذبه فلا بأس أن يعطى، والنبي - صلى الله عليه وسلم- لما اشتكى إليه رجلان وطلبا منه الزكاة، ورآهما جادين يعني نشيطين قال: (إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب)، والإنسان قد يكون جلداً ولكن ما عنده مال، ما وجد حرفة، ولاوجد عمل، فيعطى إذا أظهر الحاجة والفقر ولا يوجد ما يدل على أنه كاذب فيعطى لأنه قد يكون صادقاً، ما وجد عملاً، ما حصل له شيء، فالحاصل أن من أظهر الفقر والحاجة وسأل ولا يوجد ما يدل على كذبه يعطى. 
 
4-   على حياة والدي رحمه الله، وعندما كنت صغيراً لم أتجاوز الرابعة عشر من عمري كنت أغضبه، ولم أكن أستمع لكلامه، فهل يعتبر هذا عقوقاً، وهل علي كفارة؛ لأنني أخشى أن يكون توفي وهو غاضب علي؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيراً.
نعم، هذا من العقوق إلا إذا أمرك بشيءٍ لا يجوز شرعاً فخالفته ليس هذا من العقوق، لأن الطاعة في المعروف، لا في المعصية، فإذا عصيت والدك في المعروف هذا عقوق، إذا أمرك بالصلاة ولم تصل فهو عقوق، وإذا أمرك ببر والدتك وأبيت هذا عقوق، وإذا نهاك عن سب الناس، وعن ظلم الناس وأبيت هذا عقوق ومعصية أيضاً لله، فالخلاصة أنه إذا أمرك بما ينفعك ونهاك عما يضرك، أو أمرك بما ينفعك ولا مشقة عليك بل تستطيع ذلك فمخالفته عقوق، وسبه عقوق، أما إذا كان ذلك في معاصي الله فإنه لا يجوز لك أن تطيعه في معاصي الله، إذا قال لا تصلي في الجماعة ما يلزمك طاعته، أو قال لك اشرب الخمر ما يلزمك طاعته، أو قال لك استعمل الدخان ليس لك طاعته في هذا، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (إنما الطاعة في المعروف)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق)، وعليك أن تستغفر الله وتتوب إليه مما قصرت في حق والدك، وإذا كنت لم تبلغ الحلم فالأمر أسهل، إذا كنت حين معصيتك له صغير ولم تبلغ الحلم فالأمر أسهل ولكن مع هذا تدعو له كثيراً، وتستغفر له كثيراً، وتتصدق عنه إذا استطعت، وتستغفر الله من تقصيرك؛ لأنك قد تكون تساهلت في ذلك بعد الحلم. 
 
5-  ما حكم الإسلام في امرأة تصلي وتصوم ولكنها لا تتحجب؟
صومها صحيح وصلاتها صحيحة والحمد لله، وعليها التوبة من ترك التحجب، المعصية لا تبطل صلاتها ولا صومها، هذه معصية، عدم التحجب أو كونها قد تتكلم كلام موهو طيب كالغيبة أو النميمة هذا لا يبطل صلاتها، ولكنه نقص في إيمانها، وضعف في إيمانها وعليها التوبة إلى الله من ذلك، فهكذا الحجاب، ترك التحجب عن الرجال، هذه معصية لكن صومها لا يبطل وصلاتها لا تبطل إنما عليها التوبة من ذلك، ويعتبر عدم التحجب ضعفاً في الإيمان، وكذلك كونها تغتاب الناس، أو تفعل شيء من المعاصي غير ذلك هذا نقص في الإيمان، وضعف في الإيمان، إذا أدت الصلاة بشروطها وواجباتها في وقتها صلاتها صحيحة، وهكذا الصوم إذا صامت عما حرم عليها تعاطيه في حالة الصوم؛ صومها صحيح، ويؤدي عنها الفرض، لكن إذا كانت تعاطت بعض المعاصي يكون نقصاً في صومها، كالغيبة أو الكذب ونحو ذلك، يكون نقصاً في صومها وضعفاً في دينها. هل تتفضلون سماحة الشيخ ببيان حكم الحجاب أثناء تأدية الصلاة بالنسبة للمرأة؟ نعم، عليها أن تستتر في كل بدنها مع عدا الوجه والكفين، الواجب على المرأة أن تكون مستورة في جميع بدنها حال الصلاة، حتى الرجلين، حتى القدمين، عليها أن تكون ثياب ضافية تستر القدمين أو يكون على القدمين خفان أو جوربان أما الوجه فلا يجب ستره بإجماع المسلمين، بل الأفضل كشفه، الوجه تكشفه في الصلاة، إذا كانت خالية ليس عندها أجنبي عليها أن تكشف وجهها، تصلي مكشوفة الوجه، هذا هو الأفضل وهو السنة، إلا إذا كان عندها رجل ليس محرماً لها فإنها تغطيه عنه، وأما الكفان فالأفضل سترهما، وإن كشفتهما فلا حرج إن شاء الله. 
 
6-  نذر أحدهم نذراًَ فلم يقدر أن يوفيه لله سبحانه وتعالى، ماذا يفعل، هل ينتظر حتى يتمكن أم أن هناك كفارة؟
ينتظر حتى يعينه الله، إذا نذر أن يصوم ولكن أصابه مرض ينتظر حتى يبرئ من مرضه، أو أراد أن يتصدق بمال وليس عنده المال يكون في ذمته فمتى تيسر تصدق، وإن مات وهو عاجز فلا شيء عليه، ولكن يؤخذ من التركة إن كان له تركة، كأن يقول لله عليه أن يتصدق بألف ريال على الفقراء والمساكين ومات وهو عاجز لم يتصدق، وخلف تركةً فإنه يؤدى منها هذا الحق، كما تؤدى الديون التي للناس يؤدى حق الله عز وجل، يؤخذ من التركة ويوفى عن هذا النذر، وهكذا لو نذر أن يصوم فإنه يصام عنه، يصوم عنه أولياؤه كأخيه وعمه وولده، لقوله - صلى الله عليه وسلم- : (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، فإن لم يصوموا تصدقوا عنه عن كل يوم إطعام مسكين، عن كل يوم إطعام مسكين. 
 
7- الدعاء المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم- هل يشترط أداؤه نصاً ولا يجوز أن ينقص منه شيء؟
الدعاء مستحب إذا دعا به كله، أو دعا ببعضه، أو تركه ما يلزم به، إذا كان مو فرض، أما الدعاء لمفروض مثل: "رب اغفر لي" بين السجدتين، هذا يأتي به بين السجدتين، وكذلك الدعاء، التعوذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ينبغي أن يأتي به، لأنه السنة مؤكدة وقد رأى بعض أهل العلم فرضيته، فينبغي له أن لا يدعه في الصلاة، اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، في التشهد الأخير قبل أن يسلم، وأما الدعوات الأخرى التي ليست فرضاً فهو مخير، كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يدعو في صلاته: (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره)، يدعو بهذا السجود، إن دعا به فلا بأس، وإن تركه فلا بأس، واكتفى بقوله: رب اغفر لي، إذا اكتفى بقول: رب اغفر لي أجزأ ذلك، وإذا قال: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، أجزأ، وإن كمل فهو أفضل، وهكذا بقية الدعوات إن كان يدعو يقول اللهم ..... النبي - صلى الله عليه وسلم- في دعواته، كأن يقول: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، ومع أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعملي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيءٍ قدير، هذا من دعاءه المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام، فإذا دعا به في الصلاة، أو في خارج الصلاة أو دعا ببعضه فلا بأس في ذلك، وهكذا من دعائه العظيم: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحةً لي من كل شر) هذا دعاء عظيم رواه مسلم في الصحيح، فإذا دعا به في سجوده أو دعا به في آخر التحيات، أو دعا به في خارج الصلاة كله طيب، ولو دعا ببعضه فلا حرج في ذلك، لو قال: اللهم أصلح لي ديني كله، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري واقتصر صح، لكن الأفضل أن يدعو بهذا الدعاء العظيم كله، يأتي به كله، هذا دعاء عظيم. إنما إذا نقص منه كلمات لا يتأثر؟ ما يضر، ما دام أتى بدعوةٍ كاملة، دعوةٍ ليس فيها نقص، الحمد لله. وليس هناك إثم في النقص في الدعاء المأثور؟ نعم. والحمد لله. بالنسبة لمفهوم العدد في التسبيح؟ هل هو لازم أم أنه لا يتأثر بالزيادة؟ السنة أن يأتي بالذكر المشروع على وجهه، وإذا أحب أن يزيد بعد ذلك فلا بأس، يأتي مثلاً بعد الصلوات بالتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين، ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، أو يختمها بالتكبيرة الرابعة والثلاثين أو لا يأتي بهذا ولا هذا يقتصر على تسع وتسعين، يعني ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، وثلاثاً وثلاثين تكبيرة، لا بأس في ذلك، وإذا أحب أن يزيد يأتي بالمائة بتكبيرة لا حرج في ذلك، لكن يأتي بالأمر المشروع الذي شرعه الله أولاً ناوياً اتباع السنة، وإذ أحب أن يزيد بعد ذلك فلا حرج. قد يعجز بعض الناس سماحة الشيخ عن الضبط؟ يعمل باجتهاده، يبني على غالب ظنه، يعني على الأقل أحسن له، يبني على الأقل وهو ما يسمونه اليقين، يعني يبني على اليقين وليس بلازم، هذا هو الأفضل، مثلاً شك هو أتى بتسع وتسعين أو نقص واحدة، يزيد واحدة، أو شك أنه هل أتى بثمانين أو تسعين يدعها ثمانين ويكمل، وهكذا، أو قال رب اغفر لي وشك وأتى بها ثلاث أو ثنتين يأتي بها ثلاثة أفضل، وهكذا سبحان ربي العظيم في الركوع، سبحان ربي الأعلى في السجود، شك هل قالها ثنتين أو ثلاث، يجعلها ثنتين ويأتي بثالثة أفضل، وإلا فالواجب مرة، الواجب سبحان ربي العظيم في الركوع مرة واحدة، وفي السجود سبحان ربي الأعلى مرة واحدة، لكن إذا أتى بها ثلاث يكون أفضل، وإذا أتى بها خمس فهو أفضل، وهكذا كلما زاد فهو أفضل. لكن الإمام يراعي عدم المشقة على المأمومين، إذا أتى بها خمساً أو سبعاً أو عشراً يكتفى بذلك حتى لا يشق على المأمومين، أما المأموم فإنه يأتي بالتسبيح والدعاء حتى يرفع إمامه. إذاً نص الرسول عليه الصلاة والسلام على الثلاثة والثلاثين ونصه عليه أفضل الصلاة والسلام على التسع والتسعين والختام بالمائة لا يؤثر إذا زاد العبد عن هذا من باب التأكد أنه أتى بالمطلوب؟ نعم، إذا زاد عليها بقصد الرغبة في الخير فلا بأس، يكتب له أجره هذا الذي أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم- وما زاد يعطى أجره من عند الله جل وعلا.  
 
8-   لقد قرأت في كتاب (مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج) -للشيخ: محمد الشربيني- حديثاً يقول فيه: عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان إذا قام من الصلاة وضع يده بالأرض كما يضع العاجن ما مدى صحة هذه الحديث، وما معناه؟ جزاكم الله خيراً.
المعروف أنه ليس بصحيح، والإنسان يعتمد كيف يشاء على يديه، على بطونها، أو على ظهورها، يعتمد حيث شاء، هذا هو الأصل، وإذا اعتمد على ركبتيه إذا كان قوياً نشيطاً فهو أفضل، وإن احتاج إلى الأربع اعتمد على الأربع ببطون يديه، أو بظهور أصابعه كل ذلك لا حرج فيه والحمد لله، الأمر في هذا واسع، وأما كونه على صفة العاجن فليس عليه دليل صحيح. 
 
9-  بلغني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال : ( اختلاف أمتي رحمة) فهل هذا صحيح ؟
ليس بصحيح، ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من كلام بعض التابعين، والنبي صلى الله عليه ولم يقل هذا، بعض التابعين قال: ما أرى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اختلفوا إلا رحمةً من الله، يعني حتى يضبط المجتهد ويتأمل الدليل فالاختلاف بين العلماء فيه مصالح للمسلمين وإن كان الاجتماع أفضل وأحسن، الاجتماع فيه الرحمة والخير، كما قال الله جل وعلا: ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك. فالرحمة مع الجماع، ولكن إذا وجدت المسألة التي فيها اختلاف بين العلماء فعلّ العالم أن ينظر في الدليل وأن يجتهد في ترجيح ما قام عليه الدليل، وليس له أن يتساهل في هذا الشيء، ولا يتبع هواه، بل ينظر في الأدلة الشرعية وما رجح عنده في الدليل أنه هو المراد في الشرع عمل به، سواء كان المسألة فيها قولان أو ثلاثة أو أربعة يتحرى الأدلة الشرعية من الآيات والأحاديث وينظر بعين البصيرة، وبالتجرد عن الهوى والتعصب فمتى رجح عنده أحد القولين أو الثلاثة أخذ به. 

476 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply