حلقة 801: الحلف بالطلاق المعلق - حكم من قال لزوجته اعتبري نفسك مطلقة - الصلاة إلى جهة القبور - مفسدات الصيام - هل يؤثر التبرع بالدم أو الحجامة على الصيام؟ - حكم من أفطر في صيام النذر - ختم القرآن للاستشفاء - صيام يوم الجمعة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

1 / 50 محاضرة

حلقة 801: الحلف بالطلاق المعلق - حكم من قال لزوجته اعتبري نفسك مطلقة - الصلاة إلى جهة القبور - مفسدات الصيام - هل يؤثر التبرع بالدم أو الحجامة على الصيام؟ - حكم من أفطر في صيام النذر - ختم القرآن للاستشفاء - صيام يوم الجمعة

1- حلفت بالطلاق بيني وبين نفسي على أنه إذا وقع أي حلف بالطلاق على زوجتي، ووقع هذا الحلف فلا يعتبر طلاقاً، فهل يجوز هذا؟ جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعــد: فالحلف بالطلاق معناه أن يحلف بطلاق معلق على شيء يقصد منه المنع أو الحث أو التصديق أو التكذيب، هذا يقال له يمين الطلاق، فإذا قال عليه الطلاق أن لا يكلم فلان، أو عليه الطلاق أن لا يأكل طعام فلان، أو عليه الطلاق أن لا يسافر، أو عليه الطلاق أن لا تخرج امرأته إلى بيت فلان، وقصده من ذلك: المنع، منع الكلام أو السفر أو الخروج، فهذا يسمى يمين, كذلك إذا قال عليه الطلاق أن لا يكلم فلان، عليه الطلاق أن تذهبي إلى فلانة، عليه الطلاق أن يسافر لكذا وكذا، والمقصود الحث، حث نفسه أن يفعل هذا شيء، وليس قصده إيقاع الطلاق، هذا كله يسمى يمين، وفيه كفارة اليمين، ولا يقع به طلاق إذا خالفه؛ لأنه ما قصد الطلاق وإنما قصد حث نفسه أو منع نفسه، أو حث امرأته أو منعها ، هذا يسمى عند أهل العلم يميناً والصواب عند المحققين من أهل العلم أنه لا يقع إذا فعل ما حلف على تركه. أو ترك ما حلف على فعله، ويجب عليه كفارة اليمين لأحاديث وردت في ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. المقصود أن هذا يسمى يميناً ولا يقع به طلاق. أما إذا علق الطلاق على فعل قصده إيقاع الطلاق، أو على فعل ليس فيه حث ولا منع ولا تصديق ولا تكذيب، مثل قال : عليه الطلاق لفلانة إذا دخل رمضان. أو عليه الطلاق لفلانة إذا قدم فلان، قصده من ذلك تعليق الطلاق، هذا يقع الطلاق بشرطه. فقوله عليه الطلاق أن لا يطلق فلانة هذا إذا كان قصده منع نفسه من طلاقها يكون إذا طلق عليه كفارة يمين، أما إذا كان قصده إيقاع الطلاق ولكن إذا طلق يقع الطلاق، هذا يقع الطلاق مثل غيره من المسائل. الحاصل أنه يرجع إلى نيته إن أراد إيقاع الطلاق وقع الطلاق، وإن أراد منع نفسه وحثها على شيء فإنه يكون له حكم اليمين، فيه كفارة اليمين.  
 
2- في إحدى مشاجراتي مع زوجتي قلت لها: اعتبري نفسك مطلقة! فهل هذا طلاق؟ ولو فرض أن هذا طلاق فما هو الحل؟ جزاكم الله خيراً.
نعم، يعتبر طلاقاً، ولكن طلقة واحدة، إذا كان ما سبقها طلقتان له مراجعتها ما دامت في العدة، فإذا قال اعتبري نفسك مطلقة أو طالقة يقع بذلك طلقة واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة، إذا كان لم يطلقها قبل ذلك طلقتين، أما إذا كانت قد طلقها طلقتين فإن هذه تكون الثالثة وتبين فلا تحل له إلا بعد زوج وإصابة، يعني بعد زوجٍ شرعي وأصابه، يعني الجماع، من غير تحليل، -يعني نكاحاً شرعياً لا يقصد به التحليل- لكن لو طلقها في طهرٍ جامعها فيه وليس حاملاً ولا آيسة, لا يقع الطلاق على الصحيح، وهكذا لو طلقها في حيضٍ أو نفاس، لا يقع الطلاق؛ لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يراجعها، وقال أمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شئت طلق وإلا أمسك. وقال له: طلقها قبل أن تمسها. هذا يدل على أن الطلاق في الطهر الذي جامعها فيه لا يقع. وهذا هو الصحيح، وهو قول جماعة من العلماء، وهكذا إذا طلقها في الحيض أو في النفاس لا يقع، أما إن طلقها وهي حامل أو في طهرٍ ما جامعها فيه، أو في طهرٍ جامعها فيه لكنها حبلى أوآيسة يقع الطلاق، في هذه الأحوال، في حال الحمل يقع الطلاق، وفي حال طهرٍ لم يجامعها فيه أو جامعها فيه لكنها حبلى أو آيسة يقع الطلاق ما لم يمنع مانع من كونه اشتد غضبه غضباً يغير شعوره، أو يمنع مانع من جهة أنه سكران، إذا تكلم بغير عقل –لا يشعر بما صدر منه– لكونه سكران، أو أصابه شيء غيَّر عقله فهذا لا يقع؛ لأن من شرط وقوع الطلاق أن يكون يعقله الزوج, وأما إذا تعاطى شيئاً يفقده عقله أو غضب غضباً يفقده عقله وشعوره، ما يضبط ما يقع منه، أو يضبط لكن غلب عليه غضبه، واشتد به الغضب من أجل المضاربة بينهما أو مسابة بينهما، فالصحيح أنه لا يقع في هذه الحالة، لشدة الغضب كالذي زال عقله.  
 
3- نحن نصلي صلاة العيد خارج القرية، ومعنا مجموعة من القرى المجاورة، ولكن نصلي خلف المقابر التي تبعد بمسافة عشرة إلى خمسة عشر متراً، وسمعنا عبر برنامجكم أن الصلاة على المقابر لا تجوز، وفي الحين انقسمنا إلى مجموعتين، مجموعة خلف المقابر، ومجموعة تركت المقابر على اليمين، ونطلب من سماحتكم الإجابة والتفصيل في هذا الموضوع الذي قسم شملنا بعد مجموعة طيبة وكبيرة؟
الواجب عليكم وعلى غيركم من المسلمين عدم الصلاة إلى القبور، وأن تكون الصلاة بعيدة عن القبور في محلٍ بعيد عن القبور، ليس فيه قبلة من قبور، لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها". رواه مسلم في الصحيح. وقال -عليه الصلاة والسلام-: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك". رواه مسلم أيضاً. فلا يجوز أن يُصلَّى إلى القبور، ولا أن تتخذ مساجد يصلى بينها، لكن لو كان بينكم وبين القبور حاجز جدار يمنعكم منها فالصلاة صحيحة، أو بينكم وبينها بيت –مسكن– أو شيء يمنع منها كوادي بينكم وبينها وادي السيل أو ما أشبه ذلك لكن بُعدكم عنها أسلم، تكون عن يمينكم أو شمالكم فهذا هو الطريق السليم، لا تجعلوها أمامكم إلا إذا كان بينكم وبينها حاجز يبعدكم عنها، ولا يوهم أنكم تصلون إليها تعظيماً لها، تكونون بعيدين عنها –حاجز جدار– وإذا كان جدار آخر غير جدار المقبرة يكون أسلم وأحسن، أو وادٍ بينكم هذا يبعدكم عن شبهة استقبالها، لكن بكل حال إذا كنتم بعيدين عنها أو عن يمينها أو شمالها أو أمامها خلفكم لا يضركم. إذا كانت الأرض ليست من المقبرة ولا داخلها المقبرة. -كونها تبعد عنهم خمسة عشر متراً كما قال؟ ج/ قد لا يكفي هذا؛ لأن الاستقبال إذا كانت غير مستورة أمامهم قد يحصل بذلك الاستقبال، ويظن أنهم قصدوا الاستقبال، فالبعد عنها أسلم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بترك المشتبهات, قال: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". وقال -عليه الصلاة والسلام-: "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" -صلى الله عليه وسلم- فالبعد عنها أسلم، كونها عن يمين أو شمال أو خلفهم أو بينهم وبينها ستر، جدار وإذا كان إضافة إلى جدارها، جدار حوش أو جدار منزل، أو بيت قائم يكون هذا أبعد عن الشبهة.  
 
4- هل مفسدات صوم رمضان تنطبق كذلك على صيام النذر أو التطوع، وهل يأثم من أفطر في صيام النذر أو التطوع، وهل عليه كفارة؟ جزاكم الله خيراً.
نعم، مفسدات صوم رمضان كذلك تفسد صوم النذر وصوم الكفارات وصوم النافلة، إلا شيئاً واحداً وهو أن النافلة يجوز أن يبدأها من النهار، بخلاف الفرض لا بد أن يكون من طلوع الفجر، لا بد يمسك قبل طلوع الفجر، أما النافلة فيجوز أن ينوي الصيام من الضحى -مثلاً- إذا أصبح ولم يتعاطى مفطراً لا أكل ولا غيره فله أن يبدأ صوم النافلة من النهار. لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على عائشة ذات يوم فقال:" أعندكم شيء؟" قالوا: لا. قال: "فإني إذاً صائم". يعني النافلة، هذا يفارق فيه النافلة والفريضة، وأما المفسدات الأخرى، الأكل والشرب والجماع فهذا يستوي فيه النافلة وصوم النذر وصوم رمضان وصوم الكفارات، كلها تفسده، إذا أكل أو شرب أو جامع متعمداً، أما الناسي فلا يفسد صومه، لو أكل ناسياً أو شرب ناسياً أو جامع ناسياً صومه صحيح أو احتجم ناسياً فصومه صحيح، المفطرات مع النسيان لا تبطل الصوم، سواء كان نافلة أو كفارةً أو نذراً أو رمضان.
 
5- على ذكر الحجامة سماحة الشيخ: من أخذ منه دم للتحليل أو تبرع بالدم لمريض هل يؤثر هذا على صيامه؟
دم التحليل خفيف لا يؤثر، دم التحليل لا يؤثر، لكن إذا أخذ دماً كثيراً يتبرع به للمريض فالأحوط له القضاء إن كان فرضاً، الأحوط له القضاء لأنه يشبه الحجامة من بعض الوجوه، والصواب عند أهل العلم أن هذا خاص بالحجامة، لكن إلحاق الدم الكثير بالحجامة قول قوي وإلا فالمعروف عند أهل العلم الذين فطَّروا بالحجامة يخصون الحجامة فقط، لأنه جاء بها النص فلا يجعلون الفصد وغيره مفطراً, ولكن قول من قال يلحق بهذا ... قول قوي، أما الشيء القليل، التحليل من إصبعه، التحليل من الفخذ أو غيره هذا لا يبطل الصوم على الصحيح. لا يفسد الصوم.
 
6- ما الحكم في رجل كان يصوم نذراً لله ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث لم يكمل صومه، فهل عليه إثم في ذلك أو كفارة؟ جزاكم الله خيراً.
نعم، عليه إثم في ذلك إذا تعمد الفطر، أما إذا كان ناسياً فلا شيء عليه، إذا كان ثلاثة أيام نذر أن يصومها ثم أفطر في واحدة منها يكون آثماً، لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" فليس له أن يفطر في اليوم الذي نذر صومه، عليه أن يصومه، وإذا شرع في الصوم أمسك حتى يكمل، فإذا أفطر فيه لزمه القضاء بدل اليوم الذي أفطر فيه. - أما كفارة فليس عليه كفارة؟ ج/ لا، الكفارة تخص رمضان. تخص الوطء في رمضان خاصة، حتى قضاء رمضان ما فيه كفارة، إنما الوطء في نفس رمضان.  
 
7- سمعت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال حديثاً معناه: (إن الجنين في بطن أمه يكتب له الشقاء أو السعادة)، فهل الشقاء على وتيرة واحدة، أو السعادة على وتيرة واحدة، أم أنها درجات، وهل هي في الدنيا أم في الآخرة، أم في الآخرة والدنيا؟
هذا حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم في الصحيحين، من حديث ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أخبر أن الجنين إذا مضى عليه ثلاثة أطوار كل طور أربعين، يعني أربعة أشهر يدخل عليه الملك ويأمره الله بكتب رزقه وأجله وعمله ويكتب هل هو شقي أو سعيد. هل هو من أهل النار أو من أهل الجنة. فالشقي من أهل النار، والسعيد من أهل الجنة. والله -جل وعلا- يكتب أعماله كلها ولا ينافي هذا الأمر والنهي، القدر ماض في أمر الله، ولكن على العبد أن يعمل، مثل ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال الصحابي يا رسول الله: إذا كانت الأعمال تكتب بشقاء وسعادة ففيمَ العمل؟ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- " اعملوا فكل ميسر لما خلق لـه". أما أهل السعادة فيسرون لأعمال أهل السعادة، وأما أهل الشقاء فميسرون لعمل أهل الشقاء. فالعبد على ما كتب عليه، كتب الشقاوة في الدنيا والآخرة فهو شقي، كتب له السعادة فهو سعيد في الدنيا والآخرة. يكتب له شيء في الدنيا، شقاوة في الدنيا دون الآخرة، أو شقاوة في الآخرة دون الدنيا، قد يعمل بعمل أهل الجنة في الدنيا ثم يموت على عمل أهل النار فيدخل النار، نسأل الله العافية، وقد يكون شقياً في الدنيا بأعمال أهل النار ثم يكتب الله له التوبة فيتوب عند موته قبل أن يموت فيكون من أهل السعادة. فكل شيء يكتب على العبد شقاوته وسعادته في الدنيا والآخرة، لكن مع هذا كله الواجب عليه العمل، الواجب عليه أن يتقي الله، وأن لا يقول هذا كتب علي وأنا أجلس، لا ، مثل ما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة قال: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له". والله يقول سبحانه: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ(105) سورة التوبة. فالإنسان مأمور بالعمل، ويقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح:"احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن". فكل إنسان مأمور بأن يطيع الله ورسوله، مأمور بأن يكسب الحلال، مأمور بأن يبتعد عن أسباب الشر، مأمور بأن يحذر الخطر، منهي عن أن يقتل نفسه، مأمور بالكف عن المعاصي, إلى غير ذلك. فعليه أن يتمثل الأوامر ويحذر النواهي، ويجتهد في ذلك، ولا يتأخر عن شيءٍ أمر الله به ولا يقدم على شيءٍ نهى الله عنه. وهو مع هذا ميسر لما خلق له.  
 
8- قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: من سن سنةً سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، ثم يقول: أنا كنت لا أدري هذه السنة السيئة، وعلمتها لغيري، ولم أجد هذا الشخص، فهل وزرها ووزر من علمهم عليّ؟ وإن كنت أعلم أن هذا العمل من السيئات وعلمته لغيري، ثم ثبت من هذا العمل ولا أستطيع أن أجد الشخص الذي تعلم مني هذه السيئة، فهل وزره ووزر من علّمه يلحقني إلى يوم القيامة رغم توبتي؟ وضحوا لي، جزاكم الله خيراً.
الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال -صلى الله عليه وسلم-: "من سن الإسلام سنةً حسنة كان له أجرها وأجر من عملها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنةً سيئة كان عليه وزرها ووزر من عملها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً". لكن متى تاب وأناب إلى الله وندم، فالتوبة تمحو ما قبلها، وإذا وجد الشخص أعلمه بتوبته، وأعلمه أنه أخطأ وإن لم يجده فالله يعذره سبحانه وتعالى، الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ(16) سورة التغابن. لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا(286) سورة البقرة. فالشرك الذي هو أعظم الذنوب إذا تاب، تاب منه، تاب الله عليه. والله يقول سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) سورة طـه. ويقول سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(31) سورة النــور. ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًاالآية (8) سورة التحريم. ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". فعليك يا عبد الله الندم والإقلاع والعزم أن لا تعود في المعصية، والحذر منها، وتنبيه من دللته على السيئة وزينتها له, تنبيه على أنك أخطأت وأنك غلطت وأنك تبت إلى الله، لعله يتوب، ولعله يرجع، إذا قدرت عليه، أما إذا لم تقدر عليه فأنت معذور.  
 
9- اختم القران للاستشفاء، وانفخه على المريض هل هذا يجوز أو لا؟
لا بأس في ذلك، القرآن جعله الله شفاء، فإذا قرأته أو بعضه على نفسك وأنت مريض ترجو من الله الشفاء، أو على بعض المرضى فلا حرج في ذلك، بل في ذلك الشفاء, قال تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء(44) سورة فصلت. فالقرآن فيه الشفاء والخير فإذا قرأته كله أو بعض الآيات كل ذلك خير والحمد لله. 
 
10- إذا بدأت الصيام من يوم السبت حتى نهاية الأسبوع فهل علي أن أتم صيام يوم الجمعة، أم أنني أصوم يوم السبت وأترك الجمعة؟ جزاكم الله خيراً.
الأفضل للمؤمن والمؤمنة أن يتحرى الأيام الفاضلة مثل يوم الخميس يصومهما مثل ثلاثة أيام من كل شهر يصومها، وإن سرد أياماً وأفطر أياماً فلا بأس، وإذا سرد أياماً وصام منها يوم الجمعة فلا حرج، وإذا صام الخميس والجمعة أو الجمعة والسبت فلا حرج. النهي إنما هو إذا كان خص الجمعة وحدها، بتطوع، إذا خصها وحدها هذا هو محل النهي، أما إذا صامها مع الخميس أو مع السبت أو ضمن أيامٍ سردها فلا حرج عليه، لكن الأفضل إذا كان عنده قدرة أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، هذا أفضل الصيام، وهو صيام داود نبي الله –عليه الصلاة السلام- يقول فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنه أفضل الصيام" وهو أن يصوم يوماً ويفطر يوماً. وإن صام الاثنين والخميس هذا خير عظيم، أو صام ثلاثة أيام من كل شهر كذا، لأن الحسنة بعشر أمثالها، كل ذلك طيب.   
 
11- ما حكم مصافحة زوج الأخت، وهل يجوز أن أضع قفازاً إذا أردت السلام عليه أو على أي رجل أجنبي؛ ليكون حائلاً بين يدي وأيديهم؟
لا تجوز المصافحة للرجال الأجانب ولو كان زوج الأخت، أو زوج العمة، لأنه أجنبي ليس بمحرم، ولو مع القفاز، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إني لا أصافح النساء". وتقول عائشة -رضي الله عنها-: (والله ما مست يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يد امرأةٍ قط, ما كان يبايعهن إلا بالكلام). ولما مدت امرأة يدها للبيعة قال: "إني لا أصافح النساء". فالواجب على المرأة أن تحذر هذا الشيء لا مع زوج أختها، ولا مع زوج عمتها ولا مع أخي زوجها ولا غيرهم من الأجانب؛ لأنه وسيلة إلى الشر والفتنة أعظم من النظر، أما زوج أمها فهو محرم، زوج أمها, زوج جدتها هذا محرم من النسب والرضاع، هكذا زوج ابنتها، وزوج بنت ابنها، وزوج بنت بنتها، محرم في النسب والرضاع، أما زوج الأخت، وزوج العمة، وزوج الخالة هذا أجنبي، وهكذا أخو الزوجة، وأخو الزوج، أخو الزوج ليس بمحرم، أجنبي -عمه خاله- أجنبي، أما أبو الزوج وجد الزوج وابن الزوج وابن بنت الزوج، وابن ابنه، هؤلاء محارم، زوج البنت، زوج بنت البنت، زوج بنت الابن، كلهم محارم، من النسب والرضاع.  
 
12- بخصوص الصدقة أو فطرة عيد الفطر، هل يجوز إعطاؤها لغير المسلمين؟ جزاكم الله خيراً.
أما الصدقة تطوع فلا بأس أن يعطاها الكافر الفقير الذي ليس حربي، يعني بيننا وبينهم أمان أو ذمة أو عهد لا بأس، يقول الله -جل وعلا- في كتابه العظيم في سورة الممتحنة: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(8) سورة الممتحنة. فأخبر سبحانه وتعالى- لا ينهانا عن هذا، يقول لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ, البر منها الصدقة، وقد قدمت أم أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنها- على النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة في أيام الهدنة تسأل بنتها الصدقة والمساعدة، فاستأذنت أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك فأذن لها أن تتصدق عليها وتحسن إليها، وقال: "صليها" فالمقصود أن الإحسان والصدقة على الفقراء من أقاربك الكفار أو من غيرهم لا بأس بذلك، إذا كان بيننا وبينهم أمان أو ذمة أو معاهدة، أما إذا كان حرباً لنا في حال الحرب، فلا، لا نعطيهم شيئاً, لا قليل ولا كثير، في حال الحرب؛ لأن هذا موالاة لهم، لا قليلاً ولا كثيرا، أما الزكاة لا، لا يعطاها إلا المؤلفة قلوبهم، الزكاة يعطاها المؤلفة من رؤساء العشائر، كبار القوم, الناس الذين إذا أعطوا يرجى إسلامهم، إسلام من ورائهم، يدفعون عن المسلمين الشر؛ لأنهم رؤساء وكبار وأعيان، يعطوا من الزكاة لأن الله قال جل وعلا في كتابه العظيم: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ (60) سورة التوبة. المؤلفة قلوبهم يدخل فيهم المسلم والكافر، المسلم الذي هو ضعيف إيمانه من أهل البادية وغيرهم يعطى، والكافر الذي يؤلف يرجى إسلامه أو يرجى دفع شره عن المسلمين، أو إسلام من ورائه، لا بأس أن يعطى من الزكاة، أما عامتهم فلا يعطون من الزكاة ولكن يعطون من غير الزكاة؛ لأنها للفقراء.  

1.7K مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply