محمد الشناوي
اسمه و نشأته:
هو الشيخ محمد مأمون السيد أحمد الشناوي، اختلفت الروايات في تاريخ مولده فقيل في 1880م وقيل 1885م
والده ( أحمد الشناوي) شيخ فقيه تقي من الأعلام المشهورين في مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، ثم أقام في بلدة الزرقا بمحافظة دمياط.
، حفظ محمد مأمون القرآن الكريم، وأتمَّ حفظه في سِنِّ الثانية عشرة من عُمْره، ثم أرسله والده إلى الأزهر، فعاش في رعاية أخيه الأكبر الشيخ سيد الشناوي (#1) الذي سبقه إلى الدراسة في الأزهر بسنوات،.
و دخل الأزهر للدراسة لكنه في بادئ الأمر ضاق بصعوبة المناهج والكتب المليئة بالمتون والحواشي فعاد إلى قريته ليعمل بالفلاحة وزراعة الأرض ، لكن والده رفض وهدأ من روعه وأفهمه أن لامستقبل له في غير الأزهر فعاد وهو صبي للأزهروانتظم وواصل الدراسة وظهر نبوغه
فنال اعجاب اساتذته ومنهم الشيخ محمد عبده والشيخ الإمام ابو الفضل الجيزاوي منحه شهادة العالمية
مضى الشيخ في طريقه ينهل من علوم اللغة وعلوم الدين، ومن المتون والحواشي والتقريرات مما أهَّله لنيل شهادة العَالِمية، فتقدَّم للحصول عليها سنة1324 هـ 1906 م:،
ولكن المغرضين دَسُّوا له عند أعضاء اللجنة بالوشايات واتهموه بنقدهم، فتقدم الشيخ محمد مأمون الشناوي للجنة الامتحان ووقف يرد على أسئلتهم المعقدة، ويناقش أمامهم القضايا الصعبة الملتوية، وطال النقاش بينه وبين الشيوخ في إصرارٍ منهم على تحديه، فتدخل الشيخ أبو الفضل الجيزاوي رئيس لجنة الممتحنين، والذي لم يكن على دراية بما يدور في خلد أعضاء اللجنة، ودافع عن الشيخ محمد مأمون الشناوي، وقال: إنه يستحقُّ لقب عَالِم، بما أظهره أمامكم من عرض للقضايا، وتفنيد ما عرضتم من أسئلة، فنال الشيخ الإمام محمد مأمون الشناوي شهادة العَالِمية سنة 1906
أعماله و مناصبه:
- اشتغل بالتدريس بمعهد الإسكندرية الديني حتى سنة 1917 م= 1335هـ
- ثم عين قاضيا شرعياً عام 1335 هـ
- و لما ذاع صيته العلمي وسمعته الحسنة اختاره المسئولون عن القصر إماما للسراي الملكية
- ولما نشبت الحركة الوطنية سنة 1919 م اشترك فيها بقلمه ولسانه
- بعد صدور قانون تنظيم الأزهر سنة 1930 م عين بمنصب "شيخ كلية الشريعة"
- وفي سنة 1934م نال عضوية (جماعة كبار العلماء)
- سنة 1353هـ 1944 م عين وكيلا للأزهر ورئيساً للجنة الفتوي بالأزهر في العام نفسه
اختياره شيخاً للأزهر:
لما توفي شيخ الأزهر السابق (مصطفى عبد الرازق ) صدر قرار مساء يوم الأحد2-3-1367هـ الموافق 13-1-1948م، بتولية الشيخ الإمام محمد مأمون الشناوي مشيخة الأزهر الشريف.
وقد سعد العلماء بتولي الشيخ الإمام محمد مأمون الشناوي مشيخة الأزهر، فعمل على أن يكون عند حسن ظنهم -كما عهدوه- فأصلح شؤون الأزهر، ورفع من شأنه، وقضى على ما كان فيه من عصبيات، ومنع الميول الحزبية من الانتشار داخله، وسعى للتآخي بين الطلبة فربطتهم الصلات القوية، وبات الأزهر شعلة متأججة بنشاط الشيخ وحيويته فارتفعت ميزانيته إلى أكثر من مليون جنيه في ذلك الوقت،
وعندئذ وسع من دائرة البعثات للعالم الإسلامي وأرسل النوابغ لإنجلترا لتعلم اللغة الإنجليزية توطئة لإيفادهم للدعوة بالبلاد الإسلامية التي تتخاطب بالإنجليزية
كذلك فتح أبواب الأزهر أمام الطلبة الوافدين من الدول الإسلاميةلأجل التعلم بالأزهر وهم مايسمون ب (طلاب البعوث) حتى زادوا على ألفي طالب فجهز لهم المساكن، وأعدَّ لهم أماكن الدراسة.ويسر لهم سبل الإقامة والدراسة ليعودوا إلي بلادهم وقد تفهموا علوم الدين ومقاصد الشريعة
اختط للمعاهد الدينية خطة تغطي عواصم الأقاليم حيث افتتح في عهده خمسة معاهد أزهرية كبيرة جديدة هي: معاهد المنصورة، والمنيا، ومنوف، وسمنود، وجرجا، وكلها معاهد نظامية.
توصل إلي اتفاق مع وزارة المعارف ليكون الدين الإسلامي مادة اساسية بالمدارس و أن يتولي تدريسها خريجو الأزهر
وقام بترميم وصضيانة بعض المباني الأزهرية ، وشيد مباني جديدة ، ونشط في توجيه الطلاب ، فشغل ذلك كل وقته لدرجة جعلته لم يتمكن من وضع المؤلفات
مؤلفاته:
- الإسلام أحاديث ودراسات
- بضع عشرة مقالة، جمعها تلميذه د. محمد عبد المنعم خفاجي في كتابه (الإسلام ومبادئه الخالدة)
وفاته:
ظلَّ الإمام الجليل محمد مأمون الشناوي يواصل عمله، ويهب وقته كله حتى دهمه المرض الذي ألزمه الفراش، ولكن روحه المعنوية وإيمانه القوي وثقته بالله حفزته على مقاومة العلة وعاونه الأطباء في العلاج حتى برئ، ولكن قضاء الله نافذٌ، لا رادَّ لحكمه، فقد أصيب بعدها بنوبةٍ قلبيةٍ حادةٍ، تمكَّنَ الأطباء من مقاومتها، إلا أنه أصيب بعدها بالتهاب رئوي استعصى على الأطباء، فلقي ربه في الساعة العاشرة من صباح يوم 21 من ذي القعدة سنة 1369 هـ - 4 سبتمبر 1950م، وشيعت جنازته في اليوم التالي، بعد الصلاة عليه في الجامع الأزهر، في موكبٍ مهيبٍ حافلٍ يليق بمكانته في النفوس، ومحبته في القلوب.
وقد عرف الأزهر لهذا الإمام الجليل مواقفه الخالدة الدينية والوطنية وجهوده التي لا تجحد في سبيل رفعة الأزهر وعلمائه الكرم فمنحه أوسمة في الاحتفال بالعيد الألفي للأزهر منها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.
إن أعماله الجليلة التي أداها للأزهر، وجهوده نحو خدمة دينه ووطنه، لا يوفيها الثناء وإن طال، ولا يكافئها الشكر، فالله وحده هو المجازي والمكافئ فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا، مع من أحب من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.