تخريج حديث (نية المؤمن خير من عمله)


  بسم الله الرحمن الرحيم

فقد انتشر في باب تعظيم قدر النية بين أهل هذا الزمان حديث ضعيف لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

صار بعض الناس يظن صحته حتى ممن ينتسب إلى العلم كالعجلوني صاحب كتاب كشف الخفاء ظن أنه يتقوى بمجموع طرقه فيكون حسنا والذي أراه في هذا الحديث ما ذكره شيخ الإسلام في الحديث الذي لا يقبل التقوي بأنه كالرجل المريض مهما أجتمع عليه الرجال فلا يزال ساقط القوى وبرهان ذلك وبيانه فيما يلي:

فالحديث أخرجه كل الطبراني في معجمه الكبير (6-185) وأخرجه أبو نعيم في الحلية (3-255) كلاهما من طريق حاتم بن عباد الجرشي ثنا يحيى بن قيس الكندي عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله: (نية المؤمن خير من عمله وعمل المنافق خير من نيته وكل يعمل على نيته فإذا عمل المؤمن عملا ثار في قلبه نور).

وقال أبو نعيم حديث غريب من حديث أبي حازم وسهل لم نكتبه إلا من هذا الوجه قلت وهذا الوجه في سنده حاتم بن عباد الجرشي قال عنه الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد في باب في نية المؤمن والمنافق وعملهما: رواه الطبراني وفيه حاتم بن عباد بن دينار ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات وفي كلامه نظر حيث أن يحيى بن قيس الكندي لم يذكره بن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل في شأنه جرحاً ولا تعديلاً قلت فهو في عداد المجهولين حتى ينقل توثيقه وتابعه في أبا حازم سليمان النخعي كما عند الخطيب البغدادي (9-237) بدون فإذا عمل المؤمن ....وسليمان هذا قال عنه أحمد من أكذب الناس. فلا فائدة من هذه المتابعة وهذا حاله.

 

وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب (ا-119).

أخبرنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الرحمن الصفار أبنا علي بن عبد الله بن الفضل البغدادي ثنا أبو حنيفة محمد بن حنيفة الواسطي ثنا عبد الله بن محمد الحلبي ثنا يوسف بن عطية عن ثابت عن أنس قال كان رسول الله يقول نية المؤمن أبلغ من عمله.

وفي سنده يوسف بن عطية قال عنه يحيى بن معين ليس بشيء قال أبو حاتم وأبو زرعة ضعيف الحديث وقال النسائي متروك وقال بن حجر متروك وفيه محمد بن حنيف الواسطي قال الدارقطني ليس بالقوي فمثل هذا الإسناد لا يصلح في باب الشواهد والمتابعات.

 

قال وأخبرنا محمد بن أحمد بن الحارث الأصبهاني أبنا ذو النون بن محمد الصائغ ثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري ثنا محمد بن حمران القشيري ثنا عثمان بن عمر الضبي ثنا عثمان بن عبد الله الشامي ثنا بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن النواس بن سمعان الكلابي قال قال رسول الله نية المؤمن خير من عمله ونية الفاجر شر من عمله.

وفي سنده بقية بن الوليد مدلس تدليس تسوية وقد عنعنه فالسند ضعيف.

وأخرجه البيقهي في شعب الإيمان(5-243) ولكن قال البيهقي عقب إسناده ضعيف وضعفه محدث الديار الشامية في سلسلته الضعيفة برقم 2216 ولم يذكر طريقا مسند الشهاب فهل يمكن ترقية الحديث بهما أو بأحدهما.

أما الأول فكلا ثم كلا لوجود يوسف بن عطية المتروك وأما بالثاني ففيه عثمان بن عمر الضبي لم يذكر في بن أبي حاتم جرحا ولا تعديلا وذكره بن حبان في الثقاة ولا وزن لذلك لأنه يوثق المجاهيل وروى عن عثمان الشامي ولم يذكر بن حجر في لسانه جرحاً ولا تعديلاً فكيف يرقى الحديث بمثل هذه الأسانيد المتهافتة وقد حكم عليه العراقي بالضعف كما نقل المناوي وضعفه بن حجر في الفتح وعزاه لمسند الشهاب وكذلك ضعفه السيوطي في تدريب الراوي. ونقل صاحب عون المعبود عن بن دحية أنه لا يصح .وأخرجه الربيع في مسنده (1- 23) من طريق مسلم بن أبي كريمة التميمي عن جابر بن زيد الأزدي عن بن عباس مرفوعا قال نية المؤمن خير من عمله وفي سنده مسلم بن أبي كريمة قال عنه أبو حاتم مجهول وقال الذهبي في ميزان الاعتدال مجهول وذكره بن حبان في الثقات إلا أنه قال لا أعتمد عليه من أجل تشيعه وقال بن حجر في لسان الميزان مجهول فكيف بهذا المجهول المتشيع في مثل هذه الطبقة يرتفع به الحديث للحسن وقد تفرد بهذا الشاهد بسنده إلى ابن عباس.

ولكن قد قوى معناه شيخ الإسلام في فتاويه من خمسة أوجه:

أن الرجل لو نوى الخير ولم يعمل تكتب له حسنة ولو عمل ولم ينوي لم يكتب له شيء.

 

ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في غزوة تبوك معكم رجال ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً .. إلا كانوا معكم حبسهم العذر أو كما قال رسول الله ........إلخ ما قال - رحمه الله -

 

وقد جاء عن عبد الله بن المبارك أو غيره أنه قال رب عمل صغير تكبره النية قلت وقد غفر الله لمومس سقت كلبا فما أعظم أثر النية على العمل وقد سئل الإمام أحمد أن ينصح لرجل فقال أنوي الخير .فما أعظمها من نصيحة جامعة فإنه من صنع ذلك لم يكد يفوته شيء من الخير إن لم يدركه بعمله أدركه بنيته والآن قد علمت فضل النية على العمل فلا تأل جهد من أن تطلب العلم حتى تعرف مواقع العمل الصالح فتنويه فما لم تدركه وقد بذلت جهداً فقد عملته.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply