كلمات وألفاظ في الميزان...


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

أولاً:

قول: عدالة السماء / هبة السماء / قدرة السماء / إرادة السماء / هذا ما أرادته السماء/ مشيئة السماء...

هذه الكلمات مما تتوارد على ألسنة بعض الكتاب والإعلاميين، وتتردد بين حين وآخر في أجهزة ووسائل الإعلام.

وآخر مرة قرأت فيه مثل هذه الكلمة مطلع هذا الأسبوع، فقد أشار صحفي إلى جمال الطبيعة في مكان ما، فقال: هبة السماء!

والسماء مخلوق من مخلوقات الله العِظام، فلا يُنسب إليها فعل ولا ترك.

فلا تفعل شيئا بنفسها، ولا تُحدث أمرا.

ولم ينسب إليها شيء في الكتاب والسنة، إنما نسب إلى (من في السماء)، وهو الله تبارك و تعالى -.

قال -سبحانه وتعالى-: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) الآية.

ولذا لما نسب بعض الصحابة -رضي الله عنهم- فعلا من أفعال الله -وهو إنزال المطر- نسبوه إلى غير الله قال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه أنه قال -: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب. رواه البخاري ومسلم.

 

ثانياً:

قول: أنا أثق بنفسي / يجب أن تثق بنفسك / الثقة بالنفس...

الثقة المطلقة يجب أن تكون بالله وحده

ولذا يتبرأ الإنسان من حوله وقوته فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

والثقة إنما تكون بما عند الله من نصر وإعانة ومدد ورزق وتفريج كربات وغير ذلك

وهذا هو شأن الأنبياء والصالحين

فهذا نبي الله موسى -عليه الصلاة والسلام- يقف أما البحر والعدو من خلفه فيقول أصحابه (إنـّـا لمدركون) فيرد عليهم بلسان الواثق بنصر الله (كلا إن معي ربي سيهدين) فيأتيه الفرج والنصر بالأمر الرباني (اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم).

وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يختبئ في الغار فيقف المشركون أمام باب الغار حتى رأوا أقدامهم فيقول أبا بكر -رضي الله عنه-: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما. رواه البخاري ومسلم.

والأمثلة على هذا كثيرة، ولولا خشية الإطالة لأوردت منها وسردت.

فلا يثق المسلم بنفسه بل يثق بالله وبما عند الله.

ومن هذا الباب أن النبي -عليه الصلاة والسلام-: من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات. رواه أحمد وأبو داود. ومعنى (ينأ عنه) أي يبتعد عنه حتى لا يُفتن.

وهذا دليل على أن النفس لا يُوثق بها بل تُجنّب مواطن الفتن والهلكة.

والثقة بالنفس ربما دفعت صاحبها إلى التعالي والغرور ونتيجة ذلك العُجب الذي هو أكبر من الذنب، كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب العجب. رواه البيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الألباني.

 

ثالثاً:

كلمة: مسيحي / مسيحية / إخواننا المسيحيين!!....

وهذه الأخرى مما يكثر تردادها على ألسنة كثير من الصحفيين والإعلاميين عموما بل على ألسنة كثير من الناس إذا تحدثوا عن النصارى.

بل إنني سمعت أحدهم وهو يتحدث عن النصارى فقال: إخواننا النصارى...!!!

والنصارى قد سماهم الله كذلك.

أعني سماهم (نصارى)

كما في قوله -تعالى-: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى..) الآية.

وكما في قوله -تعالى-: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى..) الآية.

وكما في قوله -تعالى-: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء..) الآية.

والآيات في هذا كثيرة.

وكذلك سماهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سماهم (نصارى..)

كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصــراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار. رواه مسلم.

وكما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه. رواه مسلم أيضا.

وقوله -عليه الصلاة والسلام-: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله. رواه البخاري.

والأحاديث في هذا كثيرة.

ولم يُسمِّهم الله ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم- إلا بهذه التسمية أو بأهل الكتاب أو الروم لكن لم يرد في الكتاب ولا في السنة تسميتهم بالـ (المسيحيين)

لأن المسيحيين على الحقيقة هم أتباع المسيح -عليه الصلاة والسلام -

وهم الذين شهدوا أن المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.

وهم الذين يعتقدون أنه ما صُلِب ولا قـُـتِل بل رفعه الله إليه.

وهم الذين آمنوا ببشارة عيسى -عليه السلام- (ومُبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد..)

أما من يعتقدون أنه إله أو ابن الله فأين هم ودين المسيح؟

بل إن المسيح -عليه الصلاة والسلام- برئ منهم.

فإنه ينزل في آخر الزمان – كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية. كما في الصحيحين.

لأن هذه الأشياء مما أُلصِقت بشريعته وهو براء منها.

فلا تصح تسمية النصارى بـ (المسيحيين) بل يُسمّون كما سماهم الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- (نصارى..)

شكرا لمن قرأ حتى النهاية... وأعتذر عن الإطـــــالــــــة...

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply