المرأة والمسجد


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين..وبعد

فلقد كان النساء على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرجن للصلاة، وكانت المرأة تخرج إلى الصلاة متلفعة لا يعرفها أحد، ولا يبرز من مفاتنها شيء.ففي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان نساء المؤمنين يشهدن الفجر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يرجعن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: « لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ».

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في الممتع 4/284:

قال بعض العلماء: إن هذا الحديث نهي، والأصل في النهي التحريم، وعلى هذا فيحرم على الولي أن يمنع المرأة إذا أرادت الذهاب إلى المسجد لتصلي مع المسلمين وهذا القول هو الصحيح.

ويدل لهذا أن ابن عمر - رضي الله عنهما - لما قال له ابنه بلال حينما حدث بهذا الحديث \" والله لنمنعهن\" رواه مسلم. لأنه رأى الفتنة وتغير الأحوال، وقد قالت عائشة - رضي الله عنها -: (لو رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - من النساء ما رأينا لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل) رواه البخاري ومسلم.

فلما قال (ولله لنمنعهن) أقبل إليه عبد الله فسبه سبا شديدا ما سبه مثله قط وقال له: أقول لك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « لا تمنعوا إماء الله » وتقول: والله لنمنعهن! فهجره لأن هذا مضادة لكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا أمر عظيم وتعظيم كلام رسوله عند السلف لا يماثله تعظيم أحد من الخلف وهذا الفعل من ابن عمر يدل على التحريم. لكن إذا تغير الزمان فينبغي للإنسان أن يقنع أهله بعدم الخروج حتى لا يخرجوا، ويسلم هو من ارتكاب النهي الذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -. أ. هـ

 

وعن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي - رضي الله عنهما - أنها جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. قال: « قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك »، قال: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله - عز وجل -.

قال الدمياطي: كان النساء في عهد رسول الله إذا خرجن من بيوتهن يخرجن متبذلات متلفعات بالأكسية لا يعرفن من الغلس، وكان إذا سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال للرجال مكانكم حتى ينصرف النساء ومع هذا قال رسول الله: « إن صلاتهن في بيوتهن خير لهن ».

ولكن .... من النساء من لا يتسنى لها حضور مجالس العلم والمحاضرات إلا إذا صلت في المسجد فلا بأس بذهابها إليه من أجل العلم.

ومنهن من لا يحصل لها الخشوع بصلاتها في البيت كما هي في المسجد أو تعلم أنها تكسل في البيت فيكون المسجد محفزا لها على الصلاة فلا بأس بذهابها للمسجد.

ولعلك أختي المسلمة تعلمين أنك لو غرستِ في نفسكِ القناعة بأن صلاتك في بيتكِ أفضل لهيأت لها أسباب الأداء والخشوع ولكن إذا وضعت في ذهنك أن الصلاة في المسجد أدعى للخشوع وأجدر بالإتمام لم تبذلي للخشوع أسبابه بل كانت أبسط المشغلات كفيلة بأن تثنيك عن هذه الطاعة وهذا واقع مجرب.

 

وأما من أهملت أطفالها وعرضتهم للمخاطر بذهابها إلى المسجد فلا أظنها سلكت جادة الصواب، ولكن إن كان لديك أسباب تعضد ذهابك إلى المسجد فعليك ملاحظة بعض الأخطاء، ومنها:

 

1- خروج بعض النساء إلى المسجد وهن متعطرات والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول فيما رواه مسلم: « أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا صلاة العشاء ».

 

2- خروج بعضهن متبرجات قد كشفن عن بعض أجسادهن كالأيدي والأذرع أو لبسن ما يفتن الرجال كالعباءة المتبرجة أو كشفن وجوههن.

 

3- اصطحاب الأطفال معهن إلى المسجد مما يؤدي إلى اجتماعهم وإزعاج المصلين وإشغالهم عن عبادتهم، أو تأتي برضيعها وتتركه على الأرض وتنشغل بصلاتها وطفلها يبكي بكاء شديدا يزعج من حولها.

 

 4- جلوس بعض النساء بين الركعات يتحدثن حتى إذا قرب الركوع قامت فركعت وهذا خطأ حيث لم تدرك مع الإمام تكبيرة الإحرام ولم تقرأ الفاتحة وانشغلت بغير عذر شرعي.

 

5- يلاحظ على صفوف النساء - غالبا - عدم إتمامها والتراص فيها وتسويتها، فالأولى إتمام الصف الأول فالأول ما دمن معزولات عن الرجال وأن تلصق المرأة منكبها بمنكب أختها وأن تصل الصف المقطوع أو تأمر بوصله، وأن تقيم الصف.

 

6- حضور بعض النساء مع السائق بدون محرم ينقض الخلوة، فترتكب محذورا شرعيا لتحصل على مستحب، فمن لم يتيسر لها الحضور إلا بهذه الطريقة فلتلتزم بقوله - صلى الله عليه وسلم - « وبيوتهن خير لهن ».. أخرجه أحمد وإسناده صحيح.

 

7- بعد انقضاء الصلاة تجلس بعض الأخوات هداهن الله يتحدثن وربما جر الكلام إلى المحرم والواجب عليهن بعد انقضاء الصلاة - الخروج إلى منازلهن - وأن يكن بعيدات عن الرجال.

 

8- من النساء من تجهل أحكام الجماعة وإدراكها كأن تدخل إلى المسجد والإمام قد شرع في صلاة التراويح، فللنساء الجاهلات بأحكام الجماعة في هذا الموقف حالتان:

 

فمنهن من تصلي العشاء على عجل في بيتها أو في المسجد لتدرك صلاة التراويح فتكون قد أخلّت بفريضة لتدرك سنة، غافلة عن قوله - تعالى -في الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه.

 

ومنهن من تصلي ركعتين على عجل لتدرك معه ركعتي التراويح لتتم صلاة العشاء وبهذه والتي قبلها لم تُصِبِ السنة، بل خسرت الخشوع الذي أمرت به، ولكن السنة في ذلك أن تدخل مع الإمام في صلاة التراويح بنية العشاء وإذا سلم أتمت ما فاتها بطمأنينة وخشوع.

 

9- من النساء من تسجد مع الإمام فإذا سجد ظلت ساجدة رغبة منها في الاستزادة من الدعاء، وغفلت عن أن هذا يعد تأخرا عن الإمام وهي مأمورة بمتابعته. ا. هـ من كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -.

 

10- ومن النساء من تمسك المصحف وهي تصلي تتابع مع الإمام قراءته وقد قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في مجموع فتاويه 14/233: لا أرى أن الإنسان يتابع الإمام من المصحف لأنه يفوت مطلوبا ويقع في غير مرغوب فيه فيفوت النظر إلى موضع سجوده وكذلك وضع اليد ين على الصدر وهو السنة، ويقع في غير مرغوب فيه وهو الحركة بحمل المصحف و فتحه وطيه ووضعه وهذه كلها حركات لا حاجة إليها. ا. هـ

 

وثمة أخطاء أخرى تقع فيها النساء في المسجد ولكن المجال لا يتسع لذكرها.

وفقني الله وإياكن لفهم دينه وعلمنا ما جهلنا ونفعنا بما علمنا..

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply