توظيف المرأة والاختلاط


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن الحمد للهº نحمده ونستعينهº ونستغفره ونتوب إليهº ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالناº من يهده الله فلا مضل لهº ومن يضلل فلا هادي لهº وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لهº وأشهد أن محمدا عبده ورسولهº صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدينº أما بعد..

فيا أيها الناس: اتقوا الله - تعالى -حق التقوى عباد الله يقول الله جل جلاله وهو أصدق القائلين: (وَقُلِ اعمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ وَسَتُرَدٌّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ)[التوبة: 105].

أخي المسلم: لنتدبر هذه الآيةº أمرك الله بالعملº فإنا ما خلقنا عبثاº خلقنا لنعبد اللهº خلقنا لننفذ أوامر اللهº خلقنا لنقوم بما أوجب الله عليناº وحببنا لهذه الشريعةº لنقوم بعقيدتها علما وعملاº ظاهرا وباطناº لنكون مؤمنين حقا: (وَقُلِ اعمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ) والله عالمº والعباد عاملونº ولكنه - تعالى -لا يعاقب العبد حتى تظهر مخالفته وعصيانه وتقوم الحجة عليه: (فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ وَسَتُرَدٌّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ).

إن مردكم إلى الله.. عالم الغيب والشهادةº استوى في علمهº ما خفي وما أعلن: (قُل إِن تُخفُوا مَا فِي صُدُورِكُم أَو تُبدُوهُ يَعلَمهُ اللّهُ وَيَعلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, قَدِير ٌ)[آل عمران: 29]

أيها المسلم: فعملك لا يكون عملا حقاº حتى يكون عملا تواطأ عليه القلب واللسان والجوارحº فعمل ظاهر مع خلو القلب من الاعتقاد واليقين لا ينفعº واعتقاد لا يترجمه عمل ظاهر لا ينفعº فلابد في العمل من أن يكون الظاهر والباطن سواءº ففي الباطن إخلاص لله، وقياما بما أوجب اللهº وتعبد القلب لله ذلة واستكانةº وفي الظاهر القيام بالواجبات مع ترك المحرماتº هكذا العمل النافع، وهكذا العمل المفيدº وهكذا ينبغي أن يكون المؤمن في حياته عليهº فيمضي عمره وهو في خيرº تعبدا لله بكل جوارحهº ظاهرا وباطنا.

أيها المسلم: إنما الخوف على العبد أن يظهر الخير وهو مبطن لضدهº وأن يظهر التمسك والثناء، وهو في قلبه على خلاف ذلكº أعمال صالحة مشوبة بالرياء والسمعةº لغير الله صلى، ولغير الله أطاع، ولغير الله تنفس، ولغير الله تعبدº فتلك الأمور لابد أن تكون صاحبها أحوج ما يكون إليهº لِذاَ اشتد خوف صالح هذه الأمة على أنفسهم، وخافوا على أعمالهمº فجمعوا بين الخوف من الله وحسن العمل: (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّن خَشيَةِ رَبِّهِم مٌّشفِقُونَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِم يُؤمِنُونَ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِم لَا يُشرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلَى رَبِّهِم رَاجِعُونَ)[المؤمنون: من 57 إلى 60].

هؤلاء الصلحاء خافوا على أعمالهم أن يعملوا لها رياء يبطلها، أو يعملوا لها والعياذ بالله شكوكا وارتياباً فتحبط الأعمالº خافوا على أحوالهم، ولم يثقوا بأنفسهمº بل عظم التجاؤهم إلى اللهº وقويت الرغبة في الانصياع بين يدي ربهمº فهم دائما يقولون: (رَبَّنَا لاَ تُزِغ قُلُوبَنَا بَعدَ إِذ هَدَيتَنَا وَهَب لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ)[آل عمران: 8].

ويتذكرون قول الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (وَلَولاَ أَن ثَبَّتنَاكَ لَقَد كِدتَّ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئًا قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقنَاكَ ضِعفَ الحَيَاةِ وَضِعفَ المَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيرًا)[الإسراء: 74، 75].

إن المؤمن يعملº ولكن جعل نصب عينيه.. خاتمة الأعمالº لا يدري ما يختم له بهº يخاف من تحول من الإيمان إلى الكفرº ومن استقامة إلى انحرافº ومن لزوم الطريق إلى البعد عنهº يرى أناسا اختلفت أهواؤهم، وتغيرت أفكارهمº وتنوعت آراؤهمº فهم يوما دعاة إلى الخير والصلاحº ويوماً يرفضون ما بدو، ويبدلون ما قالوا به سوءً وأعمالاً سيئة.

إذن فهو يخاف على نفسه أن يخدعه الشيطان فيستولي عليهº فينسيه ذكر الله، ويُصده عن سبيل الله المستقيمº فيختم له بسوءº فيلق الله على غير هدى أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

ولذا قال الله لعباده: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مٌّسلِمُونَ)[آل عمران: 102]º التزموا الإسلام واثبتوا عليه واستقيموا عليهº حتى يوافيكم الموت وأنتم على الإسلام ملازمينº غير مبدلين ولا مغيرين.

وانظروا ما قال الله عن نبيه يعقوب: (وَوَصَّى بِهَا إِبرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مٌّسلِمُونَ)[البقرة: 132]º التزموا الإسلام علما وعملاº واعبدوه في الباطن والظاهرº وسلوا الله الثبات على الحقº فإن الله بيده قلوب العباد يقلبها كيف يشاءº وسيد ولد آدمº سيد الأولين والآخرين وإمام الأنبياء و المرسلين يقول دائما: (اللهم مقلب القلوب: ثبت قلبي على دينك)º وتسأله عائشة - رضي الله عنها -: (هل تخاف يا رسول الله؟! )º فيجيبها قائلا: (إن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمنº يقلبها كيف يشاء)º إذا أراد أن يقلب قلب عبد قلبه.

أيها المسلم: فمن علامة توفيق الله لك، ومن علامة خاتمة الخير لك أن توفق في بقيه عمرك لأعمال صالحةº تستقيم عليهاº تثبت عليهاº تمضي بقية عمرك عليهاº يقول أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أراد الله بعبد خيرا استعملهº قالوا: كيف يستعمله يا رسول الله؟!º قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت) يوفقه لعمل صالح قبل الموتº فيتداركه الله بتوبة نصوحº فيبدل سيئاته حسناتº ويتحلل من مظالم العبادº ويتوب إلى الله من سيئات الأقوال والأعمالº حتى إذا حضره الموت ودنى انتقال الروح من الجسدº فإذا هو ثابت على الحقº ثابت على الهدىº تزف له البشارة وهو على فراشه: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبٌّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحزَنُوا وَأَبشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنتُم تُوعَدُونَ نَحنُ أَولِيَاؤُكُم فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُم فِيهَا مَا تَشتَهِي أَنفُسُكُم وَلَكُم فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِّن غَفُورٍ, رَّحِيمٍ,)[فصلت: من 30 إلى 32].

هكذا أولياء الله الصادقونº الذين أخلصوا لله أعمالهمº وصدقوا مع الله في تعاملهمº فلم يكن هناك رياء ولا سمعة، ولا محبة للشهرة، ولا إرادة للعلو في الأرض: (تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرضِ وَلَا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ)[القصص: 83].

أيها المسلم: إن المسلم ينبغي له دائما أن يسأل الله حسن الخاتمةº يسأل الله أن يختم عمره بخيرº وأن يجعل بقية عمره خيرا من ماضيهº فهو دائما يقول: (اللهم اجعل خير أعمالنا أواخرهاº وخير أعمالنا خواتيمهاº وخير أيامنا يوم نلقاك فيه).

أيها المسلم: حسن الخاتمة قد أقض مضاجع الصالحينº وكدر عليهم صفو حياتهم لا والله شرفا من عند رب العالمين فحاشا ذلكº ولكن اشتد خوفهم من أنفسهم أن يؤتوا من قبل أنفسهم من أعمال سيئة استوطنوهاº بقوا يخافون ألا يمكنوا من توبةº وأن تستمر بهم الشهوات والملذاتº فتنقضي الأعمار بلا فائدةº فهم يخافون على أنفسهمº ويعلمون قول الله: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مٌّصِيبَةٍ, فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُو عَن كَثِيرٍ,)[الشورى: 30] وقوله: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظلِمُ النَّاسَ شَيئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ)[يونس: 44].

فاسأل الله خاتمة خيرº واسأل الله أن تلقاه وأنت على الإسلامº لم تبدل ولم تغيرº بل أنت مستقيم على هذا الهدى.

أيها المسلم: أسباب الخاتمة الحميدة أمور كثيرةº فأعظمها: تقوى الله في السر والعلانيةº فاتق الله حيثما كنت: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنظُر نَفسٌ مَّا قَدَّمَت لِغَدٍ, وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ)[الحشر: 18] تقوى حقيقية: (أَلا إِنَّ أَولِيَاء اللّهِ لاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)[يونس: 62، 63] (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَّهُ مَخرَجًا)[الطلاق: 2].

الإخلاص لله في القول والعمل: (فَمَن كَانَ يَرجُو لِقَاء رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)[الكهف: 110]º الاستقامة على الهدى ولزوم الطريق المستقيم: (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)[الفاتحة: 6] (فَاستَقِم كَمَا أُمِرت َ)[هود: 112]º قال - صلى الله عليه وسلم - لرجل سأله قائلا: (قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيركº قال: قل آمنت بالله ثم استقم).

يا أخي: تذكر الموت وما بعدهº فعسى أن يكون في التذكر عبرة وعظةº تذكروا الجنة ونعيمهاº والنار وآلامهاº

وأمر آخرº وهو استشعار قلبك بكمال علم الله بكº وكمال اطلاعه على سرك وعلانيتكº وأن الله لا يخفى عليه شيء من أمرك: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأنٍ, وَمَا تَتلُو مِنهُ مِن قُرآنٍ, وَلاَ تَعمَلُونَ مِن عَمَلٍ, إِلاَّ كُنَّا عَلَيكُم شُهُودًا)[يونس: 61].

الإكثار من ذكر اللهº والالتجاء إليه دائما وأبداº فإن الله من فضله أنه لا يخيب رجاء من رجاه: (فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرَى)[الليل: من 5 إلى 7]º ولكن الخوف من معاص أصررت عليهاº أخفيتها عن الناس والله مطلع عليها: (يَستَخفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَستَخفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُم إِذ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرضَى مِنَ القَولِ)[النساء: 108]

أيها المسلم: ومن أسباب حسن الخاتمة: الإكثار من تلاوة القرآنº والمحافظة على فرائض الإسلام بإخلاص ويقينº وربك لا يضيع أجر من أحسن عملا.

وللخاتمة الحسنة علامات:

 فمنها أن يوفق العبد لأن تكون كلمة الإخلاص هي آخر ما يقولº فإن من ختم له بهذه الكلمة نال الفضل العظيمº وفي الحديث: (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة)º وفي حديث عتبان: (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه)º وعند الاحتضار يوفق الله أهل الإيمانº فعندما يأتي ملك الموت لقبض تلك الروح التي طالما عمر بها الجسد يكون آخر كلام العبد: (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله)º فيا لها من كلمة إذا وفق لها في تلك الحالة العصيبةº إنها كلمة تنجيه من النارº وتؤمنه من الخلود في النارº فيختم له بالخيرº إن العبد عند الاحتضار تضعف قواهº وتقل حيلتهº ويجلب الشيطان عليه برجله وجده عسى أن يظفر منه بخاتمة سوءº يحسن له الباطلº ويدعوه إلى ملل الكفرº والعبد في شدة ضعف وعظم بلاءº يعاني من خروج الروح من جسده والله به عليمº ولكنا لا نعلم ذلكº والله يقول: (وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِنكُم وَلَكِن لَّا تُبصِرُونَ)[الواقعة: 85].

فالمؤمن يثبته الله على الحقº عمر طالما عمر في طاعة اللهº قلب طالما أخلص لله العملº فيوفق عند الاحتضارº فينطق بكلمة التوحيدº فيختم له بها عملهº فتلك النعمة الكبرى والفضل العظيم: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلٌّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء)[إبراهيم: 27].

أيها المسلم: ومن علامات حسن الخاتمة: ما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أن المؤمن يموت في عرق جبينهº فيعرق جبينه عند احتضارهº وهذه من علامات الخير.

ومنها ما أخبر النبي بأن تلك الميتة شهادةº فأخبر أنه من مات بالطاعون شهيدº والميت بالغرق والهدم شهيدº والميت بداء البطن شهيدº كل تلك علامات خير للمسلم بتوفيق الله لهº فاسأل الله خاتمة الخيرº واحذر أن تخونك أعمالك في تلك اللحظاتº فيظهر على فلتات لسانك ما كنت تضمره من سوء الاعتقاد، أو ما كنت تضمره من محبة المعاصي، أو ما كنت تضمره من الظلم والعدوانº أو ما كنت تضمره من قلة الإخلاص والرياءº فيظهر ذلك على لسانك عند الموتº فتلق الله على غير هدىº أعاذنا الله وإياكم من ذلكº فاحذروا أيها المسلمون عواقب الذنوبº واستقيموا على طاعة علام الغيوب.

أسأل الله أن يثبتني وإياكم على صراطه المستقيمº وألا يزيغ قلوبنا بعد إذا هداناº وأن يحيينا مسلمين ويميتنا مسلمين ويلحقنا بالصالحينº غير خزايا ولا مفتونينº إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمينº أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبº فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضىº وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لهº وأشهد أن محمدا عبده ورسولهº فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدينº أما بعد..

فيا أيها الناس: اتقوا الله - تعالى -حق التقوىº وتخلقوا بصالح العملº واعلموا أن من شبّ على شيء شاب عليهº ومن شاب على شيء مات عليهº ومن مات على شيء بعث عليه.

يا أيها المسلم: ليس للموت مرض معلومº وليس للمرض سنّ معلومº وليس للموت وقت معلومº ولكنها آجال بيد اللهº إذا حضر الأجل فلا رادّ له: (وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ)[المنافقون: 11]º فلنستعد للقاء اللهº ولنستعد للأعمال الصالحةº ولنخلص لله أقوالنا وأعمالناº ولنسأل الله الثبات على الحق والاستقامة عليه إلى أن نلقاهº ولنكثر: (يا مقلب القلوب: ثبت قلبي على دينكº يا مقلب القلوب: ثبت قلبي على دينك)º فإن الله قادر إذا أراد أن يقلب قلب عبد قلبهº فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أيها المسلمº أيتها المرأة المسلمةº أيتها المرأة العفيفةº أيتها المرأة ذات الدين والخلق والقيمº أيتها المرأة المسلمة: تربيت بين أبوين مسلمينº ونشأت على فطرة الإسلامº وتعلمت على هدي الإسلامº ونشأت على هذا الخلق الكريمº العفة والصيانة والحشمةº والبعد عن كل ما يخالف شرع اللهº هكذا أراد الإسلام لك أيتها المسلمة: (وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجنَ تَبَرٌّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[الأحزاب: 33].

هكذا المأمول من فتيات الإسلام اللواتي تربين على الهدى والأخلاق الكريمة والبعد عن مواطن الريبة والشر والفسادº هذا الخلق القيم، والحشمة والعفة أغاظت أعداء الإسلامº وأغاظت أعداء الشريعةº أغاظت من يريدون بهذه الأمة كيدا ومصيبة، ومن يريدون بهذا الدين العدى والذلةº من يكيدون للإسلام وأهلهº من لا يريدون للأمة أن تبقى على خيرها وسماتها وكرامتهاº فدعوها إلى العمل بجانب الرجالº وهيئوا لها الفرصº وادّعوا بذلك أنهم ساهموا في سعودة الأمةº وأنهم وأنهم إلى أخر ما يقولون وما يعتذرون.

وإنها لخطوات سيئة غير موفقةº وإن الواجب على المرأة المسلمة ألا يكون خلقها ثمنا لدنيا تأخذهº بل يكون خلقها وفكرها وعفافها فوق هذا كلهº فهي خلقت لعبادة ربهاº وخلقت لتبني الأجيال المسلمةº وخلقت لتكون مساهمة في إصلاح مجتمعها وأفراد أسرتها لتقدم للأمة فتيات وأبناء صالحين مستقيمينº خلقت لتكون راعية على بيت أهلهاº لم تخلق لتمازج الرجالº ولم تخلق لتجعل الدنيا عوضا لعرضها وكرامتها.

إنك أيتها المرأة المسلمة: لا تظني تلك الدعايات من مصلحتك أبداº ولا أن قصدهم بهذا إكرامك ورفع منزلتكº ولا أن الهدف من هذا إبراز شخصيتكº ولا أن الغاية من هذا إكرامكº ولكن الغاية يعلم الله ما وراء أولئك من مكيدة للإسلام وأهلهº وحربا على القيم والفضائل التي تميز بها المجتمع المسلمº فلا يرضي أعداء الشريعة إلا أن يجردوا هذه المرأة المسلمة من قيمها وأخلاقهاº فلا تخدعنك هذه الدعايةº ولا يغرنك هذه المكاسب الماديةº ففيك من الأخلاق والقيم ما هو فوق كل هذه المادة كلهاº فاستقيمي على الخيرº والزمي البيت والوظائف المهيأة لكº دون الاختلاط مع الرجالº بأية ذريعة كانتº فإنها طريق مشوب بالشرº وطريق مفض إلى الفسادº وطريق سائر بالفتاة المسلمة لأن تحاك المرأة الغربية في قيمها وأخلاقهاº فتفقد الأمة كرامتهاº وتفقد الأمة سمعتهاº وتفقد الأمة ما تميزت به من أخلاق وقيم وفضائل.

فيا أيها المنادون بهذه الذرائع السيئة: خافوا الله في مجتمع المسلمينº واعلموا أن سعيكم ضلالº وأن خطواتكم خطوات إلى الفجور والنارº وأن هذا المجتمع المسلم أمانة في أعناق المسلمينº محافظة على أخلاقه، ومحافظة على كرامتهº ومحافظة على مبادئه وقيمه.

إن المرأة المسلمة هيئت لتربي الأجيالº وتعمر البيت وتساهم في الخيرº لا أن يزج بها كل النهار وأول الليل فيما يسمى بعملهاº وفيما يسمى بأنها تبيع للنساء، وفيما يقول ويقول أولئكº والله يشهد إنهم لكاذبونº والله يعلم أن مقاصدهم سيئة.

فلنتب إلى اللهº ولا يغرنك أختي المسلمة ما يقول هؤلاء وما ينمقون، وما يكتبه الكاتبون وبعض المنحرفين في كتابتهمº الذين يكتبون بما تمليه قلوبهم من الحقد على الدين وأهله: (ذَلِكَ بِأَنَّهُم قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُم فِي بَعضِ الأَمرِ وَاللَّهُ يَعلَمُ إِسرَارَهُم)[محمد: 26].

أقلام جائرة، وألسنة كاذبةº ومقالات خاطئةº سَطرت بأقلامها كل ما يحارب العقيدة والقيم والأخلاقº فاتق الله أيتها المسلمة ولا تنقادي لتلك الدعايةº ففيها هدم لكرامتك وأخلاقك، ونسخ لفضيلتكº وزج بك في الشبهات التي لا نهاية لها سوى الانحلال من القيم.

أسأل الله أن يحفظ مجتمع المسلمين عامة من كل سوءº وأن يصلح الأقوال والأعمالº وأن يعيذنا من زوال نعمتهº ومن تحول عافيتهº ومن فُجاءت نقمته ومن سائر سخطهº وأن من أراد بالإسلام وأهله بسوء أن يكبته في نفسهº وألا يمكنه بمرادهº إنه ولي ذلك والقادر عليه.

واعلموا رحمكم الله أن أصدق الحديث كتاب اللهº وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالةº وعليكم بجماعة المسلمينº فإن يد الله على الجماعةº ومن شذ شذَ في النارº وصلوا رحمكم الله على عبد الله ورسوله محمدº قال - تعالى -: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلٌّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلٌّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسلِيمًا)[الأحزاب: 56].

اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدº وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديينº أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدينº واجعلنا معهم بعفوك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمينº وأذل الشرك والمشركينº ودمر أعداء الدينº وانصر عبادك الموحدينº واجعل اللهم هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply