أزمة الخلق المعاصر (1)


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الخلق أمر فطري جبل عليه الإنسان {ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها}، والخلق الذي نعنيه هو: إدراك الخير والشر والتفاعل مع الخير، والعمل على كبح الشر وهدم بنيانه، والكف عن النزوع لفعل الشر والاندفاع لفعل الخير، إننا في عصر نرى أن خلق الخير في مجتمعاتنا تظهر نبتته ضعيفة، فهي بحاجة لرعايتها كي تنمو وترتفع سوقها وينتشر عبيقها في الكون.

إن الله - سبحانه - بعث النبيين لغرس عقيدة التوحيد في النفوس وتركيز مكارم الأخلاق فيها، وبث الخير في كل الأرض، وجاءت الرسالة الخاتمة لتكمل ما جاءت به الرسالات السابقة وتنقي الأخلاق الفاضلة من شوائب الخلط البشري ومن هنا أخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - معلناً: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) حديث حسن.

لقد وجدت الأخلاق الرعاية الإلهية من خلال أمرين كل منهما يتمم الآخر وذلك عن طريق التعليم والتوضيح والدعوة والتحريض والتشجيع، وبيان طريق الحساب والجزاء. فالعقيدة الإسلامية عندنا نحن المسلمين تنمي جانب الأخلاق وترعاه بالحب قبل الخوف، تنميه بحب الله - سبحانه وتعالى - والدعوة للتقرب إليه بصالح الأخلاق وبما يحبه من أعمال، ومما يحبه - سبحانه - سمو الأخلاق ويكره سفاسفها.

والإنسان المسلم مدعو لفعل الكمال، وعمل المكرمات، وعقيدة التوحيد تنمي نزعة المسلم إلى سمو الخلق وتنتشله من سفاسف الأمور ودناآتها وهذه الأمور لها نزعة فطرية وأصل مغروس في الإنسان.

إن العبادة والإكثار منها تزيد الإيمان وترفع من الأخلاق الحسنة لدى من سار في هذا الطريق. فالعبادة تفتح آفاقاً رحبة أمام النفس، وتذكرها بمعالي الأمور وتحضه عليها وتحرضه على الترفع، وتدعوه لهجر الهبوط والإخلاد لإلى الأرض. إن العبادة تسحب الإنسان إلى محراب الإيمان كي يشرب من نبع خالد، وتصوغه وتصقله في مصنع التجديد فتشحن عقله بالنور وقلبه بالإيمان، وتدخل العبد في مدرسة العبودية الخالصة لله - تعالى -كي يتخرج منها برتبة عابد فيسجل في قافلة عباد الله الذين لا يعرفون الخضوع لغير الله فيعمرون الدنيا بالحق والخير قال - تعالى -: {وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا}.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply