الإخاء من دعائم المجتمع الإسلامي


  

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله - تعالى - في سورة طه: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ مَهداً وَسَلَكَ لَكُم فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخرَجنَا بِهِ أَزوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ, شَتَّى * كُلُوا وَارعَوا أَنعَامَكُم إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ, لِّأُولِي النٌّهَى * مِنهَا خَلَقنَاكُم وَفِيهَا نُعِيدُكُم وَمِنهَا نُخرِجُكُم تَارَةً أُخرَى}

 

الإخاء هو الأصل الأصيل في بناء المجتمع الإسلامي، وقيام الأمة.

ولقد كان الناس قبل الإسلام، على شفا حفرة من النار، متشاكسين، متنافرين، متحاربين، فجاء دين الحق الإسلام، فقيل لهم تحابوا فتحابوا..وقيل لهم تآخوا فتآخوا..فتنزلت الآيات العظيمة، فقالوا فرادى وجماعات: \" سمعنا واطعنا \".

وان أعزَّ ما تملكه الجماعات الإنسانية، الإخاء ثم الإخاء ثم الإخاء.. فهو الرصيد الثابت، والقاعدة الصلبة، والمرتكز الصاعد.

والأخوة في الإسلام، قاعدة الحياة ولا حياة بدون إخاء.

والأخوة في الإسلام فوق كل الحواجز الجنسية، والعرقية، والقومية، والقبلية، والحزبية، والسياسية.

وهي في الإسلام تقوم على أصول أصيلة، وقواعد متينة. فالناس جميعا على اختلاف أجناسهم، وتمايز ألوانهم، وتباين ألسنتهم ولغاتهم، وتباعد أقطارهم.. يرجعون إلى أب واحد، واصل واحد.. لطالما ذكر القرءان الكريم هده الحقيقة، ويبنها لكي تكون دائما موضع الاعتبار، والرعاية.

قال الله - تعالى -في سورة الحجرات: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم.. }.

فهده الآية العظيمة، تقرر أصلا من أصول الإسلام، وهو المساواة بين الناس. والآية الكريمة، قررت هنا مبدأ من مبادئ الإنسانية السامية، فهي من معجزات القرءان الكريم الذي انزله الله ضياء للناس ونورا، يهتدون به وبرهاناً ساطعاً ينير السبل أمامهم، وليضع حدا فاصلا للظلم والفساد والهمجية والعصبية والقبلية والتفاخر بالأنساب.

والمسلمون إخوة بنص القرءان الكريم، قال عز من قائل في سورة الحجرات: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون}.

إخوة في الدين والحرمة والملة لا في النسب. فالأخوة في الدين اثبت من أخوة النسبº لأن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين، وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب.

فأخوة الدين أحق وأجدر أن يهتم بها في إصلاح بين المؤمنين، لو ظلمت بنص كتاب الله - تعالى -، والله - سبحانه وتعالى - هو الذي عقد هده الأخوة. وما عقده الله- تبارك وتعالى -لا تحله يد بشر مهما قويت وسطت وظلمت. ثم تلاه تقرير هده الحقيقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث شريف رواه مسلم في صحيحه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، ولا يؤديه.. ) وفي حديث آخر، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن مرآة المؤمن، المؤمن اخو المؤمن، لا يدع نصيحته على كل حال، يكف عنه ضيقه، ويحوطه من وراءه).

وهكذا فهم الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - أجمعين هده الأخوة، وعاشوا فيها ولها، وأصبحوا بفضل الله - تعالى -إخوانا متحابين في الله.. دعوتهم واحدة، وأمرهم واحد، تقاسموا الحب فيما بينهم، واثروا إخوانهم على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة، فقاسموهم الأموال، فكانوا امة واحدة، خاضوا المعارك بالإيمان بالله وبنصر الله، فحققوا النصر والعدل.

فمند أن خلق الله - تعالى -الإنسان إلى اليوم، لم يكتب لأمة من الأمم أو مجتمع من المجتمعات مثل ما كتب لأمة الإسلام من الخير والنجاح والعزة والفلاح.

ولعل السر في دلك يكمن في أن بنيان هدا المجتمع يقوم على ركائز قوية وأسس متينة ومبادىء قويمة، مستمدة من كتاب الله - تعالى -وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.

وأود في هدا المقام أن أقف مع الآية 71 من سورة التوبة، يقول الحق - سبحانه وتعالى - وهو اعز من قائل: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله، أولئك س- يرحمهم الله -، إن الله عزيز حكيم.. }.

فهذه الآية العظيمة اشتملت على ست ركائز متينة سأتناولها فيما يلي:

1- الإيمان بالله - تعالى -

{والمؤمنون والمؤمنات}

فالإيمان هو الأساس المتين الذي يقوم عليه البنيان، لأنه هو الصلة بين الخالق والمخلوق، وبه يراقب الإنسان ربه في تحركاته وأعماله وتصرفاته، مقتنعا بدون شك ولا ريبة. فحينما يتمكن الإيمان من القلوب، ويتمركز في الأعماق، فإنه ينعكس على الأقوال والأفعال والتصرفات، وخير مثال لدلك ما كان عليه سلفنا الصالح، - رضي الله عنهم - أجمعين، من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتابعيهم، فلقد كانت قلوبهم مليئة بالإيمان وكانت حياتهم مطمئنة هادئة وعيشتهم راضية.

 

ومن ثمرات الإيمان أنه يجعل أبناء المجتمع على صلة وثيقة بالله - تعالى -، متحملين كل المصاعب والمتاعب والمشقات من اجل إرضاء الله - تعالى -، خاصة أنهم يعلمون أن طريق الإيمان ليس مفروشا بالورود والرياحين وإنما هو محفوف بالمتاعب ومملوء بالأشواك. وخلاصة، فإن الإيمان حين يتمكن من النفوس، فإن المجتمع يسوده الصفاء والنقاء والمودة والإخاء. وحين يغيب عنها، تكثر الانحرافات ويتعكز صفو الحياة وتنتشر الفوضى والفساد، ولقد صدق الشاعر حين قال:

ومن رضي الحياة بغير دين *** فقد جعل الفناء لها قرينا

 

2- الأخوة والمناصرة

{بعضهم أولياء بعض... }

قال - تعالى -في سورة الحجرات: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم.. }.

وفي حديث رواه الإمام احمد في مسنده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).

وهكذا اقتضت سنة الله في خلقه أن يكون التوحد أساس الوجود، وان يكون التفرق ندير الفناء، فمن هدا المنطلق جاء اهتمام الإسلام بالأخوة والتي تعني عطاء وبدل صادق للمودة والتناصر بالحق والمشاركة في الآمال والآلام، والتكافل والتآخي والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، امتثالاً لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث... ).

 وهذه الأخوة التي نتحدث عنها، تقوم على أساس متين من الحب في الله ولله وحده، ودلك يقتضي منا أن نترفع بهذا الحب فوق مستوى المصالح والمنافع والأهواء، وترغيبا في هدا النوع من الحب، أكد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن المتحابين في الله سيكونون يوم القيامة في منزلة يحسدهم عليها الأنبياء والشهداء) فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن من عباد الله أناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانتهم من الله). قالوا يا رسول الله: خبرنا من هم! فقال - عليه الصلاة والسلام -: (هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوا لله إن وجوههم لنور وإنهم على نور ولا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس)، وقرأ - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [الحديث رواه أبو داود في مسنده].

 

3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 اقتضت إرادة الله - سبحانه وتعالى - أن ينقسم الأفراد إلى ثلاث فئات متباينات:

- فئة ساءت فهم الدين، فهي محتاجة إلى إقناع.     

- فئة فهمت الدين، لكنها تنسى، فهي تحتاج إلى تذكير.    

- فئة انحرفت كلية عن الدين، فهي تحتاج إلى تقويم.      

 

وجاءت الآية 104 من سورة آل عمران، لتشرع مبدأ إسلامياً هاماً، وتجعله من أعظم الواجبات الدينية، قال - تعالى -: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}

 

وجاءت السنة النبوية الشريفة لتهتم بهذا المبدأ اهتماماً كبيراً، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة عظيمة للأخد به، والعمل بمقتضاه، وأكد على القيام به تأكيدا شديدا، حيث قال عليه أفضل الصلاة والتسليم في حديث رواه الترمذي: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم). وصوّر لنا - صلى الله عليه وسلم - تلك العاقبة في حديث رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما.. قال - عليه الصلاة والسلام -: (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الدين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أننا خرقنا في نصيبنا خرقا من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا) ومن هدا الحديث الشريف نفهم على أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحد الأسباب التي من أجلها لعن الدين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى - عليهما السلام -، حيث قال فيهم عز من قائل: {لعن الدين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}.

وبترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تشيع الفاحشة وتنتشر الرذيلة بين الناس انتشار النار في الهشيم، ويعاني المجتمع من الأزمات في كل مجالات الحياة، حيث لا يجد الفساد من يقف في وجهه، والظلم لا يجد من يقومه، فينطلق أهل الظلم والفساد يعربدون ويخربون ويعيثون في الأرض فساداً.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

4- إقام الصلاة

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رأس هدا الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد لا يناله إلا أفضلهم... ) [رواه الطبراني].

إن اهتمام الإسلام بفريضة الصلاة، لما لها من اثر كبير في إصلاح نفسي وروحي واجتماعي للفرد والجماعة على حد سواء، فهي تجعله نشيطا حي الضمير متصلاً بالله جلت عظمته خمس مرات في اليوم، ويتحرر من ماديات الحياة علما أن نفس الإنسان أمارة بالسوء، تقوده إلى مواطن الشر، والشيطان - لعنه الله - يغويه ويغريه ويزين له سوء عمله، فيدفعه إلى الكذب والغش والسرقة ويقذف في أعراض الناس دون حياء ولا خجل من رب العزة الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

فالصلاة تجعل صاحبها صافي النفس، طاهر القلب، قريبا من الخير، بعيدا عن الشر، يفضل الحلال عن الحرام، وصدق عز من قائل في كتابه المبين: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر... } [سورة العنكبوت].

فالصلاة تساعد الناس على بدر بدور الألفة والمودة والتعاون، حيث يلتقي المسلم بأخيه المسلم في المسجد ليؤدي الصلاة في جماعة، يقف فيها المصلون صفاً واحداً متساوياً، الأقدام متجاورة، والأكتاف متلاصقة، والحركة متحدة، والكل في خشوع وابتهال بين يدي الله جلت قوته وعظمته لا فرق بين غني وفقير، ولا عظيم ولا صغير، ولا قوي ولا ضعيف، فالجميع أمام الله سواء.

وهكذا نجد أن المجتمع الفاضل يحافظ أبناؤه على الصلاة ويسعون إلى المساجد لأدائها في جماعة، حاديهم في دلك إلى قول الحق - سبحانه وتعالى - في سورة التوبة: {إنما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخش إلا الله، فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}.

 

5- إيتاء الزكاة

فالزكاة هي تطهير للنفس البشرية من رذيلة الشح والبخل والطمع، ومن المعروف أن النفس البشرية دائما تحب المال، وفي هدا قال الله - تعالى -في سورة آل عمران {زيّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، دلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب}.

ولذلك فإن النفس البشرية حين تجود بهذا المال، تكون قد تطهرت من حبه وترفعت عن جمعه وكنزه، فيبارك الله هدا المال، ويجعله ينمو ويزداد.

 ولدلك قال عز من قائل مخاطبا رسول الهدى وإمام المتقين {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها... }.

 ثم إن الزكاة حلّ لمشكلة الفقر، والإسلام يكره الفقر لأنه قد يؤدي بصاحبه إلى ارتكاب الجريمة من اجل المعيشة، وهو أيضا جرحا لكرامة صاحبه ومدعاة لزلزلة العقيدة، واختلاط الإيمان، ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (كاد الفقر أن يكون كفراً) ولهذا شرع الإسلام الزكاة والصدقة كي يحمي الفقراء من الوقوع في الجريمة تحت ضغط الحاجة، ولكي يشعر هؤلاء الفقراء بالعطف والحنان من جهة إخوانهم الأغنياء. ليتحقق الأمن الروحي والمادي بين الفقير والغني.

ونهى الإسلام عن الطبقية، مما ينتج عنها من أحقاد دفينة وأضغان تحطم أركان المجتمع، لأن الطبقة الغنية تعيش في الترف، والفقيرة تعيش في الشظف، وجاءت الزكاة لتذيب الفوارق.

 

6- طاعة الله ورسوله

لقوله - تعالى -في سورة النور: {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون}.

فطاعة الله معناها، العمل بما أمر والابتعاد عما نهى عنه في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وعلى لسان رسوله المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى.

فالإنسان في ظل طاعة الله ورسوله، يجد السعادة المثلى ويعيش الهناء الأمثل، وإن أعرض عنها فإنه يجد البؤس والشقاء، وصدق الله العظيم حيث يقول في سورة طه: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}.

فإدن بطاعة الله - تعالى - وتقواه، تزول الشدائد وتهون الأهوال، ويتبدل العسر يسرا، وينزل الرزق من السماء من حيث لا يحتسب الإنسان.

وطاعة الرسول بمعنى العمل بسنته - صلى الله عليه وسلم -، امتثالا لقول الله - عز وجل -: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [سورة النساء] وأيضا لقوله - تعالى -: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.

وذلك لأن سنته الشريفة مكملة وموضحة للقرآن الكريم، فهما متلازمان. وحينما يكون أبناء المجتمع على مستوى رفيع من طاعة الله ورسوله فان الحياة تصفوا والخير يعم والبركة تنزل، لقول الله - تعالى -في سورة الأعراف {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}.

 

وختاماً:

فإن المسلمين الأوائل لم يستطيعوا تسجيل ما سجلوه من مفاخر وانتصارات، إلا بعد أن أقاموا مجتمعهم على دعائم شرع الله، تلك الدعائم القوية المتينة.

وحين فرط المتأخرون في العمل بها آل أمرهم إلى ما هم عليه الآن من فرقة وشتات واختلاف، و{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، أي بمعنى لن يغير الله ما بهم من جهل وضلالة واستكبار وعلو وفساد في الأرض، إلا إذا استيقظوا من رقادهم وأدركوا أنفسهم، وتابوا إلى الله توبة نصوحا، لقوله عز من قائل: {ومن تاب وآمن وعمل صالحا فإن الله يتوب عليه}.

والله نسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى، ويهدينا للخير والهدى، ويملأ قلوبنا بالتقوى، فهو - سبحانه - ولي ذلك والقادر عليه.. {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب} صدق الله مولانا العظيم، وبلغ رسوله المصطفى الكريم، ونحن على دلك من الشهداء وبه مؤمنون ومصدقون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وأستغفر الله لذنبي وللمسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، عدد ما في علم الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد. وعدد ما ذكره الذاكرون، وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون، اللهم آمين.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply