هديه نبينا في العقيقة وتسمية المولود وكنيته


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال ابن القيم - رحمه الله -:

في الموطأ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن العقيقة فقال:( لا أحب العقوق) كأنه كره الاسم

وعن عمرو بن شعيب يحدث عن أبيه عن جده قال سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة فقال لا أحب العقوق وكأنه كره الاسم قالوا يا رسول الله: (ينسك أحدنا عن ولده فقال: ( من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة )

وصح عنه من حديث عائشة - رضي الله عنها - عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة  وقال: (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه ويسمى )

قال الإمام أحمد: معناه أنه محبوس عن الشفاعة في أبويه والرهن في اللغة الحبس قال - تعالى -: (كل نفس بما كسبت رهينة).

وظاهر الحديث أنه رهينة في نفسه ممنوع محبوس عن خير يراد به ولا يلزم من ذلك أن يعاقب على ذلك في الآخرة وإن حبس بترك أبويه العقيقة عما يناله من عق عنه أبواه وقد يفوت الولد خير بسبب تفريط الأبوين وإن لم يكن من كسبه كما أنه ثم الجماع إذا سمى أبوه لم يضر الشيطان ولده وإذا ترك التسمية لم يحصل للولد هذا الحفظ.

وأيضا فإن هذا إنما يدل على أنها لازمة لا بد منها فشبه لزومها وعدم انفكاك المولود عنها بالرهن وقد يستدل بهذا من يرى وجوبها كالليث ابن سعد والحسن البصري أهل الظاهر. والله اعلم.

وقال رحمه في موضع آخر:

ذكر أبو داود عن أبي رافع قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته أمه فاطمة - رضي الله عنها - بالصلاة.

وقال - رحمه الله -: فصل في هديه - صلى الله عليه وسلم - في تسمية المولود وختانه قد تقدم قوله في حديث قتادة عن الحسن عن سمرة في العقيقة تذبح يوم سابعه ويسمى قال الميموني تذاكرنا لكم يسمى الصبي قال لنا أبو عبد الله يروى عن أنس أنه يسمى لثلاثة وأما سمرة فقال يسمى في اليوم السابع.

فأما الختان فقال ابن عباس كانوا لا يختنون الغلام حتى يدرك. قال الميموني سمعت أحمد يقول كان الحسن يكره أن يختن الصبي يوم سابعه.

وقال حنبل إن أبا عبد الله قال وإن ختن يوم السابع فلا بأس وإنما كره الحسن ذلك لئلا يتشبه باليهود وليس في هذا شيء.

قال مكحول ختن إبراهيم ابنه إسحاق لسبعه أيام وختن إسماعيل لثلاث عشرة سنة ذكره الخلال قال شيخ الإسلام ابن تيمية فصار ختان إسحاق سنة في ولده وختان إسماعيل سنة في ولده.

وقال ابن القيم - رحمه الله -: فصل في هديه - صلى الله عليه وسلم - في الأسماء والكنى

 ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك لا ملك إلا الله ).

وثبت عنه أنه قال: (أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة).

وثبت عنه أنه قال: (لا تسمين غلامك يسارا ولا رباحا ولا نجيحا ولا أفلح فإنك تقول أثمت هو فلا يكون فيقال لا ).

وثبت عنه غير اسم عاصية وقال أنت جميلة. وكان اسم جويرية برة فغيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باسم جويرية.

وقالت زينب بنت أم سلمة نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسمى بهذا الاسم فقال: (لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم ).

 

وغير اسم أصرم بزرعة، وغير اسم أبي الحكم بأبي شريح، وغير اسم حزن جد سعيد بن المسيب وجعله سهلا فأبى وقال السهل يوطأ ويمتهن. قال أبو داود وغير النبي - صلى الله عليه وسلم - اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب فسماه هشاما وسمى حربا سلما وسمى المضطجع المنبعث وأرضا عفرة سماها خضرة وشعب الضلالة سماه شعب الهدى وبنو الزنية سماهم بني الرشدة وسمى بني مغوية بني شيدة.

فصل في فقه هذا الباب

* لما كانت الأسماء قوالب للمعاني ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحن الذي لا تعلق له بها فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه بل للأسماء تأثير في المسميات وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة كما قيل:

وقلما أبصرت عيناك ذا لقب إلا ومعناه إن فكرت في لقبه

* وكان - صلى الله عليه وسلم - يستحب الاسم الحسن وأمر إذا أبردوا إليه بريدا أن يكون حسن الاسم حسن الوجه.

* وكان يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة كما رأى أنه وأصحابه في دار عقبة بن رافع فأتوا برطب من رطب ابن طاب فأوله بأن لهم الرفعة في الدنيا والعاقبة في الآخرة وأن الدين الذي قد اختاره الله لهم قد أرطب وطاب وتأول سهولة أمرهم يوم الحديبية من مجيء سهيل بن عمرو إليه.

 

* وندب جماعة إلى حلب شاة فقام رجل يحلبها فقال: (ما اسمك) قال مرة فقال: (اجلس) فقام آخر فقال: ( ما اسمك) قال أظنه حرب فقال: (اجلس) فقام آخر فقال: (ما اسمك) فقال يعيش فقال: (احلبها).

* وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء ويكره العبور فيها كما مر في بعض غزواته بين جبلين فسأل عن اسميهما فقالوا فاضح ومخز فعدل عنهما ولم يجز بينهما.

* ولما كان الاسم الحسن يقتضي مسماه ويستدعيه من قرب قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض قبائل العرب وهو يدعوهم إلى الله وتوحيده (يا بني عبد الله إن الله قد حسن اسمكم واسم أبيكم) فانظر كيف دعاهم إلى عبودية الله بحسن اسم أبيهم وبما فيه من المعنى المقتضي للدعوة.

* ولما كان الاسم مقتضيا لمسماه ومؤثرا فيه كان أحب الأسماء إلى الله أحب الأوصاف إليه كعبد الله وعبد الرحمن وكان إضافة العبودية إلى اسم الله واسم الرحمن أحب إليه من إضافتها إلى غيرهما كالقاهر والقادر فعبد الرحمن أحب إليه من عبد القادر وعبد الله أحب إليه من عبد ربه وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية المحضة والتعلق الذي بين الله وبين العبد بالرحمة المخصة فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده والغاية التي أوجده لأجلها أن يتأله له وحده محبة وخوفا ورجاء وإجلالا وتعظيما فيكون عبد الله وقد عبده لما في اسم الله من معنى الإلهية التي يستحيل أن تكون لغيره ولما غلبت رحمته غضبه وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر.

* ولما كان كل عبد متحركا بالإرادة والهم مبدأ الإرادة ويترتب على إرادته حركته وكسبه كان أصدق الأسماء اسم همام واسم حارث إذ لا ينفك مسماهما عن حقيقة معناهما ولما كان الملك الحق لله وحده ولا ملك على الحقيقة سواه كان أخنع اسم وأوضعه ثم الله وأغضبه له اسم شاهان شاه أي ملك الملوك وسلطان السلاطين فإن ذلك ليس الله فتسمية غيره بهذا من أبطل الباطل والله لا يحب الباطل. وقد ألحق بنص أهل العلم بهذا قاضي القضاة. ويلي هذا الاسم في الكراهة والقبح والكذب سيد الناس وسيد الكل وليس ذلك إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة كما قال أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر فلا يجوز لأحد قط أن يقول عن غيره إنه سيد الناس وسيد الكل كما لا يجوز أن يقول إنه سيد ولد آدم.

* ولما كان مسمى الحرب المرة أكره شيء للنفوس وأقبحها عندها كان أقبح الأسماء حربا ومرة وعلى قياس هذا حنظلة وحزن وما أشبههما وما أجدر هذه الأسماء بتأثيرها في مسمياتها كما أثر اسم حزن الحزونة في سعيد بن المسيب وأهل بيته.

* ولما كان الأنبياء سادات بني آدم وأخلاقهم أشرف الأخلاق وأعمالهم أصح الأعمال كانت أسماؤهم أشرف الأسماء فندب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى التسمي بأسمائهم كما في سنن أبي داود والنسائي عنه تسموا بأسماء الأنبياء ولو لم يكن في ذلك من المصالح إلا أن الاسم يذكر بمسماه ويقتضي لكفى به مصلحة مع ما في ذلك من حفظ أسماء الأنبياء وذكرها وأن لا تنسى وأن تذكر أسماؤهم بأوصافهم وأحوالهم.

* وأما الكنية:

فهي نوع تكريم للمكني وتنويه به..

* وكنى النبي - صلى الله عليه وسلم - صهيبا بأبي يحيى وكنى عليا - رضي الله عنه - بأبي تراب إلى كنيته بأبي الحسن وكانت أحب كنيته إليه.

* وكنى أخا أنس بن مالك وكان صغيرا دون البلوغ بأبي عمير

* وكان هديه - صلى الله عليه وسلم - تكنية من له ولد ومن لا ولد له ولم يثبت عنه أنه نهى عن كنية إلا الكنية بأبي القاسم فصح عنه أنه قال: (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي)

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply