حكمة الكف عن القتال في مكة واهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالبناء الداخلي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

كان المسلمون يرغبون في الدفاع عن أنفسهم، ويبدو أن الموقف السلمي أغاظ بعضهم وخاصة الشباب منهم، وقد أتى عبد الرحمن بن عوف وأصحابه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة فقالوا: يا نبي الله كنا في عزة ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة قال: «إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم» وتعرض بعض الباحثين للحكمة الربانية في عدم فرضية القتال في مكة ومن هؤلاء الأستاذ سيد قطب - رحمه الله - تعالى- فقد قال: لا نجزم بما نتوصل إليه لأننا حينئذ نتألى على الله ما لم يبين لنا من حكمة، ونفرض أسبابًا وعللاً قد لا تكون هي الأسباب والعلل الحقيقية، أو وقد تكون.

 

ذلك أن شأن المؤمن أمام أي تكليف، أو أي حكم من أحكام الشريعة، هو التسليم المطلقº لأن الله - سبحانه - هو العليم الخبير، وإنما نقول هذه الحكمة والأسباب من باب الاجتهاد، وعلى أنه مجرد احتمالº لأنه لا يعلم الحقيقة إلا الله، ولم يحددها هو لنا ويطلعنا عليها بنص صريح. ومن هذه الأسباب والحكم والعلل بإيجاز:

 

1- أن الكف عن القتال في مكة، ربما لأن الفترة المكية كانت فترة تربية وإعداد في بيئة معينة، لقوم معينين، وسط ظروف معينة، ومن أهداف التربية في مثل هذه البيئة: تربية الفرد العربي على الصبر، على ما لا يصبر عليه عادة، من الضيم حين يقع عليه أو على من يلوذون به، ليخلص من شخصه ويتجرد من ذاته، فلا يندفع لأول مؤثر، ولا يهتاج لأول مهيج، ومن ثم يتم الاعتدال في طبيعته وحركته، ثم تربيته على أن يتبع نظام المجتمع الجديد بأوامر القيادة الجديدة، حيث لا يتصرف إلا وفق ما تأمره -مهما يكن مخالفًا لمألوفه وعادته- وقد كان هذا هو حجر الأساس في إعداد شخصية العربي المسلم لإنشاء (المجتمع المسلم).

 

2- وربما كان ذلك أيضاº لأن الدعوة السلمية، أشد أثرًا وأنفذ في مثل بيئة قريش ذات العنجهية والشرف، والتي قد يدفعها القتال معها -في مثل هذه الفترة- إلى زيادة العناد، ونشأة ثارات دموية جديدة، كثارات العرب المعروفة أمثال داحس والغبراء وحرب البسوس، وحينئذ يتحول الإسلام من دعوة إلى ثارات، تنسى معها فكرته الأساسية.

 

3- وربما كان ذلك أيضًا اجتنابًا لإنشاء معركة ومقتلة داخل كل بيت، فلم تكن هناك سلطة نظامية عامة هي التي تعذب المؤمنين، وإنما كان ذلك موكولاً إلى أولياء كل فرد، ومعنى الإذن بالقتال، في مثل هذه البيئة، أن تقع معركة ومقتلة في كل بيت ثم يقال: هذا هو الإسلام، ولقد قيلت حتى والإسلام يأمر بالكف عن القتال، فقد كانت دعاية قريش في المواسم، إن محمدًا يفرق بين الوالد وولده، فوق تفريقه لقومه وعشيرته، فكيف لو كان كذلك يأمر الولد بقتل الوالد، والمولى بقتل الولي؟

 

4- وربما كان ذلك أيضًا، لما يعلمه الله، من أن كثيرًا من المعاندين الذين يفتنون المسلمين عن دينهم ويعذبونهم، هم بأنفسهم سيكونون من جند الإسلام المخلص، بل من قادته، ألم يكن عمر بن الخطاب من بين هؤلاء؟

 

5- وربما كان ذلك أيضًاº لأن النخوة العربية في بيئة قبلية من عادتها أن تثور للمظلوم الذي يحتمل الأذى، ولا يتراجع، وبخاصة إذا كان الأذى واقعا على كرام الناس فيهم، وقد وقعت ظواهر كثيرة تثبت صحة هذه النظرة في هذه البيئة، فابن الدٌّغُنَّة لم يرض أن يترك أبا بكر وهو رجل كريم يهاجر ويخرج من مكة، ورأى في ذلك عارًا على العرب، وعرض عليه جواره وحمايته، وآخر هذه الظواهر نقض صحيفة الحصار لبني هاشم في شعب أبي طالب.

 

6- وربما كان ذلك أيضًا لقلة عدد المسلمين حينئذ، وانحصارهم في مكة، حيث لم تبلغ الدعوة إلى بقية الجزيرة أو بلغت ولكن بصورة متناثرة، حيث كانت القبائل تقف على الحياد من معركة داخلية بين قريش، وبعض أبنائها، لترى ماذا يكون مصير الموقف، ففي مثل هذه الحالة قد تنتهي المعركة المحدودة إلى قتل المجموعة المسلمة القليلة، حتى ولو قتلوا هم أضعاف من سيقتل منهم، ويبقى الشرك ولا يقوم للإسلام في الأرض نظام، ولا يوجد له كيان واقعي، وهو دين جاء ليكون منهج حياة ونظام دنيا وآخرة.

 

7- إنه لم تكن هناك ضرورة قاهرة ملحة، لتجاوز هذه الاعتبارات كلها، والأمر بالقتال، ودفع الأذىº لأن الأمر الأساسي في هذه الدعوة، كان قائمًا ومحققًا وهو (وجود الدعوة)، ووجودها في شخص الداعية محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشخصه في حماية سيوف بني هاشم، فلا تمتد إليه يد إلا وهي مهددة بالقطع، ولذلك لا يجرؤ أحد على منعه من إبلاغ الدعوة وإعلانها في ندوات قريش حول الكعبة، ومن فوق جبل الصفا، وفي الاجتماعات العامة، ولا يجرؤ أحد على سجنه أو قتله، أو أن يفرض عليه كلامًا بعينه يقوله.

 

إن هذه الاعتبارات كلها -فيما نحسب- كانت بعض ما اقتضت حكمة الله معه- أن يأمر المسلمين بكف أيديهم، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، لتتم تربيتهم وإعدادهم، وليقف المسلمون في انتظار أمر القيادة، في الوقت المناسب، وليخرجوا أنفسهم من المسألة كلها، فلا يكون لذواتهم فيها حظ، لتكن خالصة وفي سبيل الله.

 

وقد تعلم الصحابة من القرآن الكريم فقه المصالح والمفاسد، وكيفية التعامل مع هذا الفقه من خلال الواقع، قال - تعالى -: (وَلاَ تَسُبٌّوا الَّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبٌّوا اللهَ عَدوًا بِغَيرِ عِلمٍ, كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ, عَمَلَهُم ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرجِعُهُم فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ) [الأنعام: 108].

 

وهكذا تعلم الصحابة - رضي الله عنهم -، أن المصلحة إن أدت إلى مفسدة أعظم تترك،  وفي هذا تهذيب أخلاقي، وسمو إيماني، وترفع عن مجاراة السفهاء الذين يجهلون الحقائق، وتخلو أفئدتهم من معرفة الله وتقديسه، وقد ذكر العلماء بأن الحكم باقٍ, في الأمة على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة، وغير خاضع لسلطان الإسلام والمسلمين، وخيف أن يسب الإسلام أو النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الله - عز وجل -، فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم، ولا دينهم، ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلكº لأنه فعل بمنزلة التحريض على المعصية، وهذا نوع من الموادعة، ودليل على وجوب الحكم بسد الذرائع.

 

والناظر في الفترة المكية، والتي كانت ثلاثة عشر عامًا، كلها في تربية وإعداد وغرس لمفاهيم لا إله إلا الله، يدرك ما لأهمية هذه العقيدة من شأن في عدم الاستعجال، واستباق الزمن، فالعقيدة بحاجة إلى غرس يتعهد بالرعاية والعناية والمداومة، بحيث لا يكون للعجلة والفوضى فيها نصيب، وما أجدر الدعاة إلى الله أن يقفوا أمام تربية المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، لأصحابه على هذه العقيدة وقفة طويلة، فيأخذوا منها العبرة والأسوةº لأنه لا يقف في وجه الجاهلية أيًّا كانت قديمة أو حديثة أم مستقبلة، إلا رجال اختلطت قلوبهم ببشاشة العقيدة الربانية، وتعمقت جذور شجرة التوحيد في نفوسهم.

 

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أصحابه بضبط النفس والتحلي بالصبر، وكان يربي أصحابه على عينه، ويوجههم نحو توثيق الصلة بالله، والتقرب إليه بالعبادة، وقد نزلت الآيات في المرحلة المكية: (يَا أَيٌّهَا المُزَّمِّلُ ` قُمِ اللَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً ` نِصفَهُ أَوِ انقُص مِنهُ قَلِيلاً ` أَو زِد عَلَيهِ وَرَتِّلِ القُرآنَ تَرتِيلاً) [المزمل: 1-4]. فقد أرشدت سورة المزمل الصحابة إلى حاجة الدعاة إلى قيام الليل، والدوام على الذكر، والتوكل على الله في جميع الأمور، وضرورة الصبر، ومع الصبر الهجر الجميل، والاستغفار بعد الأعمال الصالحة.

 

كانت الآيات الأولى من سورة المزمل تأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخصص شطرًا من الليل للصلاة، وقد خيره الله - تعالى -أن يقوم للصلاة نصف الليل، أو يزيد عليه، أو ينقص منه، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه معه قريبًا من عام، حتى ورمت أقدامهم، فنزل التخفيف عنهم، بعد أن علم الله منهم اجتهادهم في طلب رضاه، وتشميرهم لتنفيذ أمره ومبتغاه، فرحمهم ربهم فخفف عنهم، فقال: (إِنَّ رَبَّكَ يَعلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيلِ وَنِصفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحصُوهُ فَتَابَ عَلَيكُم فَاقرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرضَى وَآخَرُونَ يَضرِبُونَ فِي الأَرضِ يَبتَغُونَ مِن فَضلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقرِضُوا اللهَ قَرضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّن خَيرٍ, تَجِدُوهُ عِندَ اللهِ هُوَ خَيرًا وَأَعظَمَ أَجرًا وَاستَغفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [المزمل: 20].

 

كان امتحانهم في الفرش، ومقاومة النوم، ومألوفات النفس، لتربيتهم على المجاهدة، وتحريرهم من الخضوع لأهواء النفس، تمهيدًا لحمل زمام القيادة والتوجيه في عالمهم، إذ لابد من إعداد روحي عالٍ, لهم، وقد اختارهم الله لحمل رسالته، وائتمنهم على دعوته، واتخذ منهم شهداء على الناس، فالعشرات من المؤمنين في هذه المرحلة التاريخية كانت أمامهم المهمات العظيمة في دعوة الناس إلى التوحيد، وتخليصهم من الشرك، وهي مهمة عظيمة يقدر على تنفيذها أولئك الذين: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدعُونَ رَبَّهُم خَوفًا وَطَمَعًا). وقد وصف الله قيام الليل والصلاة فيه وقراءة القرآن ترتيلاً -أي مع البيان والتؤدة- بقوله: ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيلِ هِيَ أَشَدٌّ وَطئًا وَأَقوَمُ قِيلاً) فهو أثبت أثرًا في النفس مع سكون الليل وهدأة الخلق، حيث تخلو من شواغلها وتفرغ للذكر، والمناجاة بعيدًا عن علائق الدنيا وشواغل النهار، وبذلك يتحقق الاستعداد اللازم لتلقي الوحي الإلهي (إِنَّا سَنُلقِي عَلَيكَ قَولا ثَقِيلاً)، والقول الثقيل هو القرآن الكريم، وقد ظهر أثر هذا الإعداد الدقيق للمسلمين الأوائل في قدرتهم على تحمل أعباء الجهاد وإنشاء الدولة بالمدينة، وفي إخلاصهم العميق للإسلام وتضحيتهم من أجل إقامته في دنيا الناس ونشره بين العالمين.

 

لقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مهتمًا بجبهته الداخلية، وحريصًا على تعبئة أصحابه بالعقيدة القوية التي لا تتزعزع ولا تلين، وكان هذا مبعثا لروح معنوية مرتفعة وقوية للدفاع وتحمل العذاب والأذى في سبيل الدعوة، وأصبحت الجماعة الأولى وحدة متماسكة لا تؤثر فيها حملات العدو النفسية، ولا تجد لها مكانا في هذه الجماعة عن طريق المؤاخاة بين المسلمين، فقد أصبحت رابطة الأخوة في الله تزيد على رابطة الدم والنسب، وتفضلها في الدين الإسلامي، وتعايش الرعيل الأول بمعاني الأخوة الرفيعة القائمة على الحب والمودة والإيثار، وكانت أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفعل فعلها في نفوس الصحابة، فكان - صلى الله عليه وسلم - يحث المسلمين على الأخوة والترابط والتعاون وتفريج الكرب لا لشيء إلا لرضى الله - سبحانه -، لا نظير خدمة مقابلة أو نحو ذلك، وإنما يفعل المسلم ذلك ابتغاء وجه الله وحده، وهذه المبادئ هي سر استمرار الأخوة الإسلامية، وتماسك المجتمع الإسلامي، وبين لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه - سبحانه وتعالى -: «المتحابون في جلالي، لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء».

 

وهكذا أصبحت الأخوة الصادقة من مقاييس الأعمال، وأصبحت المحبة في الله من أفضل الأعمال، ولها أفضل الدرجات عند الله، وحذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسلمين من أن تهون عليهم هذه الرابطة، ووضع لهم أساس الحفاظ عليها، فقال لهم: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا».

 

واستعان النبي - صلى الله عليه وسلم - في ربط المجتمع الداخلي، وتوحيد جبهته لتكون قوية في مواجهة الحرب النفسية الموجهة ضدها، بالمساواة بين أفراد هذه الجبهة وإعطائهم الحرية، فهم لا يدخلون إلى هذا المجتمع إلا بالحرية، ثم كانت لهم في داخله حرية الرأي، وحرية التعبير والمشورة، أتى محمد - صلى الله عليه وسلم - بمبدأ المساواة بين جميع الناس، الحاكم والمحكوم، والغني والفقير، وبين جميع الطبقات، وقد كان لهذا المبدأ العظيم أكبر الأثر في نفوس أتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجعلهم يتحابون ويتماسكون ويفتدون بأرواحهم ويدافعون عنه بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة، فهو - صلى الله عليه وسلم - لم يقر تفاوتًا بين البشر، بسبب مولد أو أصل، أو حسب أو نسب أو وراثة، أو لون. والاختلاف في الأنساب والأجناس والألوان، لا يؤدي إلى اختلاف في الحقوق والواجبات أو العبادات، فالكل أمام الله سواسية، وعندما طلب أشراف مكة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل لهم مجلسًا غير مجلس العبيد والضعفاء، حتى لا يضمهم وإياهم مجلس واحد، بَيَّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن جميع الناس متساوون في تلقي الوحي والهداية، ورفض كفار مكة وسادتها في ذلك الوقت أن يجلسوا مع العبيد، ومن يعتبرونهم ضعفاء أذلاء من أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم -، فنزل القرآن الكريم بقوله - تعالى -: (وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ وَلاَ تَعدُ عَينَاكَ عَنهُم تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَلاَ تُطِع مَن أَغفَلنَا قَلبَهُ عَن ذِكرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمرُهُ فُرُطًا ` وَقُلِ الحَقٌّ مِن رَّبِّكُم فَمَن شَاءَ فَليُؤمِن وَمَن شَاءَ فَليَكفُر إِنَّا أَعتَدنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِم سُرَادِقُهَا وَإِن يَستَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ, كَالمُهلِ يَشوِي الوجُوهَ بِئسَ الشَّرَابُ وَسَاءَت مُرتَفَقًا) [الكهف: 28، 29] بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أعرض عن ابن أم مكتوم الأعمى، منشغلاً بمحاورة بعض الأشراف، عاتبه الله أشد العتاب.

 

وكان من أكبر أساليب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ربطه المجتمع الإسلامي وتوحيده، وتقويته للجبهة الداخلية، وجعلها قوية البنيان متماسكة، ما دعا إليه - صلى الله عليه وسلم - من التكافل المادي، والمعنوي بين المسلمين، ليعين منهم القوي الضعيف، وليعطف الغني على الفقير، ولم يترك - صلى الله عليه وسلم - ثغرة واحدة تنفذ منها الحرب النفسية إلى هذا الصف الإسلامي الأول، وأصبحت الجماعة الأولى صخرة عظيمة، تحطمت عليها كل الجهود والخطط التي بذلها زعماء مكة للقضاء على الدعوة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply