من حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعـة


  

بسم الله الرحمن الرحيم

الحق الثاني: حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم –:

وهذا الحق هو أعظم حقوق المخلوقين، فلا حق لمخلوق أعظم من حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الله - تعالى -: (إِنَّا أَرسَلنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * لِتُؤمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) (الفتح: 8-9) الآية.

ولذلك يجب تقديم محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على محبة جميع الناس حتى على النفس والولد والوالد. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)[1].

ومن حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - توقيره واحترامه وتعظيمه التعظيم اللائق به من غير غلو ولا تقصير فتوقيره في حياته توقير سنته وشخصه الكريم وتوقيره بعد مماته توقير سنته وشرعه القويم ومن رأى توقير الصحابة وتعظيمهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرف كيف قام هؤلاء الأجلاء الفضلاء بما يجب عليهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال عروة بن مسعود لقريش حينما أرسلوه ليفاوض النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلح في قصة الحديبية، قال: دخلت على الملوك، كسرى وقيصر والنجاشي فلم أرَ أحدا يعظمه أصحابه مثل ما يعظم أصحاب محمد محمدا، كان إذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوءه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له.

 هكذا كانوا يعظمونه - رضي الله عنهم - مع ما جبله الله عليه من الأخلاق الكريمة ولين الجانب وسهولة النفس، ولو كان فظا غليظاً لانفضوا من حوله.

 وإن من حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - تصديقه فيما أخبر به من الأمور الماضية والمستقبلة وامتثال ما به أمر واجتناب ما عنه نهى وزجر، والإيمان بأن هديه أكمل الهدي وشريعته أكمل الشرائع وأن لا يقدم عليها تشريعاً أو نظاما مهما كان مصدره: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِم حَرَجاً مِمَّا قَضَيتَ وَيُسَلِّمُوا تَسلِيماً) (النساء: 65) (قُل إِن كُنتُم تُحِبٌّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران: 31).

 ومن حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - الدفاع عن شريعته وهديه بما يستطيع الإنسان من قوة بحسب ما تتطلبه الحال من السلاح، فإذا كان العدو يهاجم بالحجج والشبه فمدافعته بالعلم ودحض حججه وشبهه وبيان فسادها، وإن كان يهاجم بالسلاح والمدافع فمدافعته بمثل ذلك.

 ولا يمكن لأي مؤمن أن يسمع من يهاجم شريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو شخصه الكريم ويسكت على ذلك مع قدرته على الدفاع.

 

----------------------------------------

(1) أخرجه البخاري كتاب الإيمان باب حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان (15) ومسلم كتاب الإيمان باب وجوب محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من الأهل والولد والناس أجمعين....(44)

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply