من مشكاة النبوة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أخرج الشيخان في صحيحيهما عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت، فقال: \"أين ابن عمك؟ \".

قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإنسان: \"انظر أين هو؟ \".

فجاءه فقال: يا رسول الله. هو في المسجد راقد، فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسحه عنه ويقول: \"قم أبا تراب، قم أبا تراب\".

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -في الفتح: وفي هذا الحديث من الفوائد: جواز القائلة في المسجد، وممازحة المغضب، بما لا يغضب منه، بل يحصل به تأنيسه، وفيه التكنية بغير الولد وتكنية من له كنية، والتلقيب بالكنية لمن لا يغضب، وفيه مداراة الصهر، وتسكينه من غضبه، ودخول الوالد بيت ابنته بغير إذن زوجها، حيث يعلم رضاه، وأنه لا بأس بإبداء المنكبين في غير الصلاة، وفيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب، وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته ولا يعاب عليه، ويحتمل أن يكون سبب خروج علي - رضي الله عنه - خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة - رضي الله عنها -، فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما، وفيه كرم خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه توجه نحو عليَّ ليترضاه، ومسح التراب عن ظهره ليبسطه، وداعبه بالكنية المذكورة المأخوذة من حالته، ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته مع رفيع منزلتها عنده، فيؤخذ منه استحباب الرفق بالأصهار وترك معاتبتهم إبقاء لمودتهم، لأن العتاب إنما يخشى ممن يخشى منه الحقد لا ممن هو منزه عن ذلك.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply