إلى أرباب الفكر وحملة المنهج ( 11 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

ومن المعالم في تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه

الثامن عشر: الإقناع العقلي:

فعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: إن فتى شابا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، قالوا: مه مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريباً قال: فجلس قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء [رواه أحمد].

إن هذا الشاب جاء والغريزة تتوقد في نفسه مما يدفعه إلى أن يكسر حاجز الحياء، ويخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - علناً أمام أصحابه، ولهذا أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - المربي المعلم أن لديه جانباً لم يدركه فيه أصحابه فما هو؟ لقد جاء هذا الشاب يستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو كان قليل الورع عديم الديانة لم ير أنه بحاجة للاستئذان بل كان يمارس ما يريد سراً، فأدرك - صلى الله عليه وسلم - هذا الجانب الخير فيه، فما ذا كانت النتيجة: لم يكن بعد ذلك يلتفت إلى شيء.

 

التاسع عشر: استخدام الحوار والنقاش:

وخير مثال على هذا موقفه - صلى الله عليه وسلم - مع الأنصار في غزوة حنين بعد قسمته للغنائم، فقد أعطى - صلى الله عليه وسلم - المؤلفة قلوبهم وترك الأنصار، فبلغه أنهم وجدوا في أنفسهم، فدعاهم - صلى الله عليه وسلم -، وكان بينهم وبينه هذا الحوار الذي يرويه عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - فيقول: لما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئا فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟ كلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمنّ قال: ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن قال: لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض [رواه البخاري (4330) ومسلم (1061)].

ففي هذا الموقف استخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - الحوار معهم، فوجه لهم سؤالاً وانتظر منهم الإجابة، بل حين لم يجيبوا لقنهم الإجابة قائلاً:(ولو شئتم لقلتم ولصدقتم وصُدقتم).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply