التخلف الدراسي وأسبابه


  

بسم الله الرحمن الرحيم

يرجع التخلف الدراسي العام إلـى أسباب متعددة كانخفاض مستوي ذكاء التلميذ، أو سـوء حالته الصحية أو اضطراب أو ضعف نموه الانفعالي والاجتماعي للتلميذ نفسه.

1- انخفاض مستوي ذكاء التلميذ:

يرتبط النجاح المدرسي بالعمر العقلي للتلميذ، وكثيرا ما يتعرض التلميذ للفشل في التحصيل إذا ما كان يطلب منه تحصيله من حقائق ومعلومات ومهارات أعلى من مستوى قدراته العقلية. والعلاقة وثيقة بين الذكاء والتفوق الدراسي. وليس من شك في أن التفوق الدراسي يتوقف إلي حد كبير على نسبة ذكاء التلميذ. وكلما كانت هذه النسبة عالية كلما أمكن التنبؤ بتفوق التلميذ دراسيا كما أن انخفاض هذه النسبة يؤدي بالضرورة إلى تخلفه في التحصيل الدراسي.

ولذلك وجب أن يقوم المعلم بتقويم الجانب العقلي للتلميذ ليتعرف على نسبة ذكائه، ونسبة ما يملكه من القدرات العقلية الخاصة، وهي القدرات التي يطلق عليها (قدرات التحصيل العقلية الخاصة في قياس ذكاء التلميذ وقدراته العقلية).

وإذا تأكد المعلم أن مستوى ذكاء التلميذ أقل من المستوى وكانت نسبة ذكائه تدخل في فئة الأغبياء وهي الفئة التي تتراوح نسبة ذكائهم بين 80 90 وهي لا تدخل في نطاق فئة ضعاف العقول وفقا لتصنيف ترمان فإنه يستطيع أن يعالج مثل هذه الحالة باستخدام أساليب تربوية معينة منها:

(1) الإكثار مـن الأمثلة الشارحة التـي تفسـر الحقائق والمعلومات المتعلقة بالمواد الدراسية المختلفـة، واستخدام العديد مـن الوسائـل التعليمية التـي تساعد علـى تبسيط أو تجسيم أو تمثيل الحقائـق والمعلومات مما يسـاعد التلميذ علي تصورها وفهمها.

(2) تنويع أسلوب الأداء، واستخدام مختلف الطرق والوسائل التي تثير اهتمام التلميذ وتجذب انتباهه.

(3) التدريب المكثف باستخدام العديد مـن التطبيقات والتمارين التـي تساعد التلميذ علـى استيعاب القاعدة العامـة أو الحقائق والمعلومات المتعلقة بالموضوعات الدراسيـة.

(4) ينبغي أن يتقبل المعلم مثل هؤلاء التلاميذ المحدودين الذكاء، ولا يبدي لهم أعراض أو نفور، و ألا يصفهم بالغباء، بل يستعين بالصبر والحلم في معاملته معهم، وأن يتأنى ولا يتسرع في عرض حقائق الموضوع الدراسي بل ينتقل من نقطة إلى أخرى في تؤدة، وأن يعيد الشرح لأكثر من مرة بطرق مختلفة متنوعة وبذلك يساعد المعلم التلاميذ على تفهم كل ما يعرض عليهم من موضوعات.

(5) ينبغي أن يجرب المعلم طرق التدريس المختلفة ويختار منها ما يلائم ومستوى هؤلاء التلاميذ، على أن يعدل من طريقته إذا اتضح أنها لا تحقق الهدف المطلوب.

(6) من الأفضل أن يتجمع هؤلاء التلاميذ في فصل دراسي متجانس إلـى حد ما، حتى يستطيع المعلم أن يتبع مـع المجموعة كلها أفضل الطرق التـي تناسب مستواهم العقلي.

ملاحظة:

إذا اتضح المعلم أن نسبة ذكاء التلميذ المتخلف دراسيا أقل من 80 درجة فينبغي حينئذ أن يقوم عن طريق الإدراة المدرسية بتحويل التلميذ إلى الصحة المدرسية لدراسة حالته وتقرير ما تشاء بشأنه.

أما إذا كان نسبة ذكاء التلميذ المتخلف دراسيا أكثر من 90 درجة فإنه حينئذ قد يكون متوسط الذكاء أو فوق المتوسط ومن ثم فلا يعود تخلفه الدراسي إلى انخفاض مستوى ذكائه، ولكنه يرجع إلى أسباب أخرى من أهمها ما يلي:

1-الحالة الصحية العامة:

من الملاحظ أن التلميذ الذي لا يتمتع بنسبة عالية من الصحة واللياقة البدنية لا يستطيع أن يركز انتباهه في دروسه لمدة زمنية طويلة، لأنه يشعر بالجهد والتعب والإرهاق لأقل مجهود يبذله، ولذلك سرعان ما يتشتت انتباهه ويفقد القدرة علي متابعة المعلم في شرحه للدرس ولا يفهم منه شيئا.

وبالتالي لا يستطيع أن يؤدى الواجبات الدراسية أو مراجعة الدروس السابقة، وبذلك يتخلف في تحصيله عن زملائه اللذين يتمتعون بمستوى عال من الصحة العامة والذين لا يشكون من ضعف أو إرهاق.

ومن ثم يجب أن يقوم المعلم بتحويل مثل هذا التلميذ إلى الصحة المدرسية حتى يعالج من أي ضعف أو مرض عضوي واضح يؤثر في نموه وبالتالي يؤثر في مستوى تحصيله الدراسي.

ومن الملاحظ أن بعض التلاميذ الذين تعرضوا إلى اضطراب نفسي في أثناء مراحل التعليم أو قبلها بسبب مرض عضوي كأمراض الكلي والقلب و القصبة الهوائية أو الأمراض المتوطنة كالبلهارسيا أو الانكلستوما يتخلفون في دراساتهم، وينخفض مستواهم التحصيلي لمرضهم ولطول فترة الانقطاع عن المدرسة، ومثل هؤلاء التلاميذ يستطيعون تعويض ما فاتهم إذا أعطيت لهم الفرصة.

ومن ثم وجب على المعلم أن يساعد هؤلاء التلاميذ بإعادة شرح ما فاتهم من دروس حتى يتمكنوا من اللحاق بزملائهم الأصحاء.

ويلاحظ أن التلاميذ المصابون بضعف البصر، أو اللذين فقدوا السمع بإحدى الآذنين، أو أصيبوا بضعف في السمع مثل هؤلاء التلاميذ لا يستطيعون استيعاب الأفكار والمعلومات واكتساب المهارات بنفس السرعة التي يستطيع بها الأصحاء، ولذلك فإنهم قد يتخلفون دراسيا إذا لم ينتبه إليهم المدرس، ولم يكتشف حالاتهم ومثل هؤلاء التلاميذ إذا وضعوا في ظروف مناسبة لعاهاتهم فإنهم يحققون تقدما يصل إلى نفس مستوي زملائهم الأصحاء.

2- اضطراب النمو الانفعالي والاجتماعي:

إن التلاميذ الذين يعيشون في بيئات اجتماعية غير سليمة غالبا ما يتعرضون لاضطراب في نموهم الانفعالي والاجتماعي، نتيجة للعلاقات الأسرية المفككة، أو لأسلوب التربية الخاطئ التي تمارسه الأسرة: كالتدليل والرعاية الزائدة، أو النبذ والإهمال أو إشعار التلميذ بأنه غير مرغوب فيه، ويؤدي هذا الأسلوب الخاطئ في التربية إلى زيادة التوتر الانفعالي لدي التلميذ ما يعوق إحساسه بالأمن والاستقرار وينعكس علي مستوي تحصيله واهتماماته.

ولذلك وجب على المعلم دراسة الظروف الاجتماعية والسيكولوجية التي تعيش فيها الأسرة، والتعرف علي أسلوب معاملة الآسرة للتلميذ، ونوع العلاقة بين أفراد الآسرة، ومدى إمكانية الآسرة أو عجزها عن تقديم الاستجابات الانفعالية المناسبة للتلميذ ليشعر بالأمن و ألا يتعرض للقلق والاضطراب النفسي مما يؤدي بالضرورة إلى تخلفه الدراسي.

ويمكن للمعلم لانتفاع بالبيانات والمعلومات المدونة عن التلميذ في البطاقة التراكمية التي سبق الحديث عنها والتي تتضمن من المعلومات عن أسرة التلميذ ما يكشف للمعلم عن الأسباب.

والظروف والملابسات التي أدت إلى اضطراب نمو التلميذ انفعاليا وبالتالي إلى تخلفه الدراسي. ويمكن أن يستعين المدرس بالأخصائي الاجتماعي بالمدرسة في تقديم النصح للأبوين، وتبصيرهما بالأسباب التي أدت إلى تخلف ابنهم دراسيا، وأن يضع معهم أسلوب العلاج على أن يتابع نمو التلميذ التحصيلي كلما تحسنت حالته النفسية وظروفه الاجتماعية.

ويلاحظ أن التلاميذ الذين يعيشون في ظروف اقتصادية غير ميسرة كالتلاميذ الذين يسكنون في منازل غير صحية لا توفر لهم النوم المريح أو التعرض الكافي لأشعة الشمس والهواء النقي، والتلاميذ الذين لا يتناولون القدر المناسب من الطعام، يتعرضون جميعا لبعض الاضطرابات النفسية أو الاجتماعية مما يؤثر على مستوى تحصيلهم الدراسي. ولذلك وجب أن توفر المدرسة مكانا متسعا كالفناء المدرسي مثلا يزاول فيه التلاميذ بعض الأنشطة في الهواء الطلق، وأن تقدم لهـم وجبة غذائية مناسبة. كما ينبغي علي المعلم أن يدرس هذه الحالات مستعينا بالمعلومات والبيانات المدونة في بطاقة التلميذ.

وأن يتصل بولي الأمر ويطلعه على مقترحاته في علاج تخلف ابنه الدراسي، ليتعاون معه في توفير كل ما يحقق لابنه الأمن والاستقرار، حتى يمـكن أن يصل إلى مستوى زملائه في أقل وقت ممكن.

 

(ب) أسباب التخلف الدراسي النوعي:

قد ينصرف التخلف العقلي على مادة معينة دون غيرها من المواد الدراسية المقررة كالرياضيات أو العلوم أو التربية الفنية مثلا، في حين يكون مستوى تحصيله في باقي المواد في مستوى زملائه وأقرانه، وأحيانا أعلي ويرجع التخلف الدراسي النوعي إلى أسباب كثيرة أهمها ما يأتي:

1- طبيعة علاقة مدرس المادة بالتلميذ:

يتوقف نمو التلميذ التحصيلي في مادة معينة على علاقته بمدرس هذه المادة. فإذا عجز المدرس عن تنويع الأعمال المدرسية لنقص في مهارته التعليمية أو لقصور معرفته بديناميات السلوك الإنساني، أو لاستخدامه مختلف وسائل العقاب والتخويف لتلاميذه، فإنه يعجز حينئذ عـن تكوين علاقة سليمة أو موجبة بينـه وبين التلاميذ، مما يؤدي إلـى فقدان الثقـة بين التلميذ وبين مدرسيـه، وبالتالي إلـى عدم استفادتهم وتخلفهم الدراسي.

ولذلك ينبغي أن يعمل المدرس على تحقيق الثقة المتبادلة بينه وبين التلاميذ وأن ينوع من طرق تدريسه. وأن يعمل على ربط دروسه كلما أمكن باهتمامات التلاميذ. وبأنواع خبراتهم السابقة، و ألا يلجا إلى العقاب والتخويف كوسيلة لتحقيق نمو التلاميذ التحصيلي ودفعهم إلى استظهار مادته.

 

2- تعدد حالات غاب التلميذ في دروس مادة معينة:

قد يرجع التخلف الدراسي النوعي إلى غياب التلميذ في بعض دروس المادة التي تم فيها تدريس موضوع أساسي، يتوقف على فهمه متابعة التلميذ للدروس التالية، مما يؤدي إلي عجز التلميذ على فهم المعلومات والحقائق التالية: فمثلا إذا تغيب التلميذ عن المدرسة في دروس تناول فيها المدرس تعريف الفلزات واللافلزات وخصائص كل منهـا أو شرح المدرس قاعدة تحويل الكسور الاعتيادية إلى كسور عشرية، أو بعض القواعد في اللغة العربية أو اللغة الأجنبية، فإن التلميذ يتعذر عليه أن يتابع بعد ذلك الدروس التالية مما يؤدي إلى تخلفه الدراسي وقد يدفعه ذلك إلى اليأس من الحالات، وخاصة إذا كان غياب التلميذ لعذر مقبول، بأن يساعده على فهم ما سبق تدريسه بإعادة شرحه، أو إعطائه فكرة مبسطة عن هذا الموضوع أو غير ذلك من الوسائل وفقا لطبيعة الموضوع وظروف التلميذ.

3- انخفاض نسبـة ما يملكه التلميذ من القدرة العقلية الخاصة لإتقان مادة معينة:

قد يرجع التخلف النوعي في مادة دراسية معينة إلى انخفاض نسبة القدرة العقلية الخاصة واللازمة لإتقان هذه المادة لدي التلميذ. فإذا كانت نسبة القدرة الفنية أو القدرة الموسيقية أو القدرة الميكانيكية أو غير ذلك من القدرات العقلية لدى التلميذ أقل من زملائه بنسبة كبيرة فإن هذا التلميذ لن يستطيع بطبيعة الحـال أن يصل مستوى تحصيله في المادة المرتبطة بهذه القدرة، إلى مستوى زملائه الذين يتمتعون بنسبة عالية من هذه القدرة، وقد يعاني بعض التلاميذ من تخلف دراسي في بعد المواد التي تتطلب قدرة عالية من تذكر الرموز والأرقام أو الكلمات عديمة المعنى كما يبدو ذلك عند التلميذ الذي يتعذر عليه حفظ وتذكر الضرب، أو رموز المعادلات الكيميائية أو بعض القوانين الفيزيائية.

ومن أمثلة هذه الحالات ينبغي على المعلم أن يدرك طبيعة الفروق الفردية وأثرها في تفاوت مستوى التحصيل الدراسي، فلا يطالب التلميذ بأن يكون مستواه في كل مادة دراسية في مستوى زملائه وأقرانه، فقد يكون في بعضها أقل منهم وفي بعضها أعلى منهم.

كما ينبغي أن يلجا إلى الصبر واستخدام الكثير من الوسائل التعليمية وأساليب التدريس المنوعة ليساعد التلميذ على حفظ هذه المعلومات. أو القواعد وأن يكثر من التدريبات والتطبيقات حتى يطرد نمو تحصيل التلميذ. وبذلك يتسنى له علاج التخلف الدراسي النوعي الناشئ عن تفاوت القدرات العقلية الخاصة بين التلاميذ.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply