الجمال الحقيقي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

   

\'لم تنته الرحلة بعد أيها المسافرون، في رحلة نافذة للشباب فقط إلى الجنة\'

هذا هو نداؤنا لك أيها المسافر العزيز، ونذكرك بشروطنا من ربط حزام التركيز، والإقلاع عن الغفلة، والتأكد من حسن الرفقة.

أنت الآن على أعتاب دخول قصرك الذي أعده الله - عز وجل - لك في الجنة بإذن الله.

وقد تسألني : كيف سأعرف بيتي في الجنة؟

سأقول لك : أقرأ هذا الحديث، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: [والذي نفسي محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان له في الدنيا]. رواه البخاري.

تذهب إلى قصرك أو إلى خيمتك من اللؤلؤةº فترى نورًا عظيمًا على باب القصر أو على باب الخيمة، وتشم رائحة جميلة، نور يغشى بصرك ورائحة تملأ صدرك.   إنها حورية من حورياتك..أيها الحبيب.

من شدة شوقها إليك خرجت إلى الباب مسرعة لكي تستقبلك، فهي تنتظرك منذ أمد بعيد في لهفة وحب.

وحين يقع بصرك عليهاº يكاد يغشي عليك مما تراه من الجمال والبهاء، خاصة عندما تنادي عليك باسمك، وتفرد ذراعيها لاستقبالك، ولن أستفيض في وصف جمالها، يكفيك هذا الحديث:

عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرضº لملأت ما بينها ريحًا [أي المشرق والمغرب]، ولأضاءت ما بينهما، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها]، النصيف : أي التاج. رواه البخاري ومسلم.

 

تأخذك من يديك ثم تدخل معك إلى قصركº لتذهب في جولة سريعة داخله، ويشد انتباهك عند الدخول النظام الشديد والترتيب البديع للقصرº فترى الوسائد مرصوصة على الجانبين، متلاصقة معدة لاستقبالك، وترى الأرض مفروشة بأروع البسط، وكلها ملمسها مخملي رائع.

ألم تسمع قوله - تعالى -: {وَنَمَارِقُ مَصفُوفَةٌ [15] وَزَرَابِيٌّ مَبثُوثَةٌ[16]} سورة الغاشية.

والنمارق هي : المساند، والزرابي المبثوثة : هي البسط لها ملمس مخملي، ومفروشة على الأرض، وكأنهم في استقبال ملك من الملوك، وأنت تستحق ذلك وأكثر إذا كنت من أهل الجنة.

ثم تنظر من شرفة القصرº فترى الأنهار التي أعدها الله - عز وجل - لك، والتي تجري من تحت قصركº أنهار من ماء، وأنهار من لبن، وأنهار عسل، وأنهار من خمر لذة الشاربين، مصداقًا لقول الله - تعالى -: {مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيهَا أَنهَارٌ مِّن مَّاء غَيرِ آسِنٍ, وَأَنهَارٌ مِن لَّبَنٍ, لَّم يَتَغَيَّر طَعمُهُ وَأَنهَارٌ مِّن خَمرٍ, لَّذَّةٍ, لِّلشَّارِبِينَ وَأَنهَارٌ مِّن عَسَلٍ, مٌّصَفًّى وَلَهُم فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِم كَمَن هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمعَاءهُم} سورة محمد.

فتمد يدك وتأخذ من الأكواب الموضوعة عن يمينك ويسارك، وتشرب من هذه الأنهار، وتتذوق لذة ما تذوقها في حياتك.

أظن أن أول ما ستشربه هو الخمرº لأنك لم تشربها في الدنيا بالتأكيد، وإلا كنت حرمت منها في الآخرة، إلا إذا تبت كما قال العلماء.

ولكن طعم خمر الآخرة يختلف تمامًا عن خمر الدنياº ففي خمر الآخرة يكون طعمها لا يوصف، وكذلك اللبن والعسل والماء، كلهم طعمهم مختلف عن الدنيا.

ثم تشتاق لرؤية حوريتك التي تقف بجوارك، فتأخذها معك في رحلة على ضفاف هذه الأنهار، بين أشجارك ونخلك الذي زرعته في الدنيا.

 

أخي الحبيب.....

أعلم أن لكل مسلم من الحور العين على الأقل حوريتان، كما نص على ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [لكل امرئ منهم زوجتان، كل واحدة منهما يرى مخ سوقها من وراء لحمها]. صححه الألباني في صحيح الجامع.

ولكن هناك من يكون له من الحور العين اثنين وسبعين، إنه الشهيد في سبيل الله. اللهم ارزقنا شهادة في سبيلك يا أكرم الأكرمين. وعلى حسب اجتهادك في الدنيا -أيها الحبيب- يكون عدد الحور العين في الآخرة.

 

ولنا وقفة أخيرة أخي الحبيب في جولتنا هذه المرة.

أظنك الآن قارنت في نفسك بين نساء الدنيا والحور العين، وعلمت أن مما يصبرك على غض بصرك في هذا الزمن العصيب، الذي كثرت فيه الفتن، وانتشر فيه الفساد والعريº هو علمك بما ينتظرك في الآخرة من الحور العين والثواب، فإذا دعتك نفسك إلى رؤية امرأة متبرجةº فتذكر الحور العين، واعلم أنها تنتظرك في الجنة، وأنها تغار عليك بشدة، فلا تضييعها بلذة فانيةº فتكون كمن باع الذهب بالتراب، فلا تبيع الجمال بجمال زائف خدَّاع، زينه الشيطان لك في الدنيا.

وإلى اللقاء في جولة أخرى من رحلتنا المباركة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply