اضطرار المرأة للعمل في المجتمع المختلط


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

فضيلة الشيخ: أنا شابة من إحدى الدول العربية في الثانية والعشرين من عمري، لي أخت تكبرني بسنة و إخوان صغار، يبلغ أبي من العمر 80 سنة، و ليس له أولاد غيرنا و هو يعمل تاجراً، و يقتضي عمله نقل البضائع الثقيلة مما يرهقه كثيراً، السؤال: هل يجوز لي ولأختي البحث عن عمل للإنفاق على العائلة، علماً بأن ذلك يؤدي إلى الاختلاط بالرجال والسفر من دون المحرم أم يجب علينا ترك الدراسة و تبقى الأسرة دون مورد رزق? أسأل الله لكم القبول وجميل الجزاء ورضا الرحمن.

 

 

 الجواب:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

أسأل لله - تعالى -أن يثيبك أنت وإخوانك على بركم بأبيكم، وسعيكم في طلب اللقمة الحلال.

ولا شك أن البحث عن الرزق والسعي في النفقة على الأهل من القربات الجليلة التي رتب الشرع عليها أجراً كبيراً، وما ذكرتيه من حكم خروج أختك في طلب الرزق مع وجود المحذورين الشرعيين: الاختلاط بالرجال، والسفر بدون محرم، بلا شك هو أمرٌ مشكل، ولا يشجع على القول بجواز خروج أختك في هذه الحالº للأخطار العظيمة التي تترب على الاختلاط والسفر بدون محرم، وخاصة في هذا لزمن الذي كثرت فيه أسباب إثارة الشهوات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

والذي أراه لكم في هذه الحال ما يلي:

الأول: أن تعرضوا أمركم على من تثقون به من طلبة العلم والأخيار في بلدكمº لعله يبحث لكم عن مصدر رزق مأمون، لا ينغص على دينكم ولا حرماتكم.

الثاني: محاولة البحث والتتبع والسؤال من قبل المعارف والأصدقاء عن عمل قريب، غير مختلط، ولا يحتاج إلى سفر ولو كان دخله أقلّ، فإن الله - تعالى -إذا علم صدقكم، ورغبتكم في الحلال، وأنكم ما تركتم ما هو أعلى دخلاً منه إلا خوفاً منه - سبحانه وتعالى -، فإنه سيبارك لكم في رزقكم، وهذا هو المهم، فكم من الناس من يرزق مالاً كثيراً لكن تنزع منه البركة، فكأنه لا شيء، والعكس صحيح.

الثالث: إن لم تجدوا فلكم أن تأخذوا من الزكاة، فمن كان في مثل حالكم التي وصفتِ تحل له الزكاة.

الرابع: استعملوا تقوى الله في نفوسكم وفي بيتكم، فإنها من أعظم أسباب الرزق، ومن أعظم أسباب تفريج الكربات ومغفرة الذنوب، قال - تعالى -: \"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا (*) وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لَا يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسبُهُ...\" إلى أن قال - سبحانه -: \" وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا (*) ذَلِكَ أَمرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيكُم وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّر عَنهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعظِم لَهُ أَجرًا\".

وتأملي ـ أيتها الأخت السائلة ـ كيف أن هذه الثمرات للتقوى جاءت في سورة الطلاق، وفي ذكر جملة من أحكام الطلاق، والحمل، والنفقة على المولود، وأنت تعلمين أن هذه الأحوال كلها حالات ضعف بالنسبة للمرأة ـ بالذات ـ، ويشترك الرجل والمرأة في مسألة النفقة والقلق منها، فوعد الله - تعالى -ـ وهو الرزاق المتين ـ بالرزق والفرج وتكفير السيئات لمن اتقاه، وهذا يحتاج منك إلى يقين تام بهذا، وألا تفعلي ذلك على سبيل التجربة، بل أيقني بذلك، فإن الذي وعدك بهذا هو رب العالمين جل جلال، وتقدست أسماؤه.

الخامس: الإلحاح على الله - سبحانه وتعالى -، الذي بيده مفاتيح الرزق، وخزائن السماوات والأرض بالدعاء، والتماس أوقات الإجابة أن ييسر لكم فرجاً ومخرجاً، فما خاب عبدٌ تعلق بمولاه.

وفقكم الله، وكشف كربتكم، ويسر أمركم، وبسط رزقكم.

والله أعلم

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply