القلق النفسي أنواعه أسبابه علاجه


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

القلق النفسي حالة نفسية تتصف بالخوف والتوتر، أو توقع شيء ما، فينجم عنها الخوف من المستقبل، أو صراع في داخل النفس بين النوازع والقيود التي تحول دون تلك النوازع، وهو أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً، فهو يصيب 10 - 15 % من الناس، ويزداد حدوثه في الفترات الانتقالية من العمر، ومن أمثلة ذلك عند دخول الطفل للمدرسة، أو الانتقال من مرحلة الطفولة إلى المراهقة، أو عند وصول النساء لسن اليأس، أو عند تغيير المنزل أو جهة العمل، وقد تكون الإصابة بالقلق على طريقتين وهما:

1.    انفعال طارئ يزول عند زوال مسببه.

2.    انفعال مزمن يبقى مع الإنسان لساعات أو أيام.

والقلق له عدة أشكال منها: قلق الأم على ابنها إن تأخر عن موعد وصوله، وقلق الإنسان على وظيفته، أو قلق المرء على صحته حين المرض، أو قلق الطالب على نتائج امتحاناته..... الخ.

ويُصاب الإنسان القلِق بأعراض صحية مختلفة، كالإحساس بالانقباض في الصدر، وعدم الارتياح، والتفكير المٌلح والأرق وشرود الذهن، والشعور بعدم الطمأنينة، والإحساس بتشنج في المعدة، كما قد يشكو من الخفقان أو برودة في الأطراف، وقد يتحدث مع نفسه، أو يقضم أظفاره بأسنانه ونحو ذلك.

وليس منا من لا يقلق في لحظة من اللحظات، أو موقف من المواقف، فهذا أمر طبعي، وإذا استمر القلق لمدة طويلة، فهذا ما لا تحمد عقباه، ويخشى منه، كما يوجد من الناس من يقلق لأتفه الأسباب وبدون مبرر، فتساوره الهموم والشكوك، ويعيش أيامه بين القلق والاكتئاب (1).

 

النفس والقلق:

إن العلاقة بين النفس البشرية ومرض القلق النفسي علاقة مترابطة، ولا يمكن لنا الفصل بينهما، حيث إنّ النفس لها عدة أوصاف توصف بحسب اختلاف أحوالها، فإذا سكنت لأمرِ الله ولم تعارِضها الشهوات سمِّيت بالنفس المطمئنة، قال الله -تعالى-: {يا أيتها النفس المطمئنة (27) ارجعي إلى ربك راضية مرضية} {الفجر: 27، 28}.

وإذا قبلت النفس أمر الله، ومع ذلك قامت بمدافعة الشهوات واعترضت عليها، سمِّيت بالنفس اللوّامةº لأنها تلوم صاحبها عند التقصير في الطاعة، قال الله - تعالى -: {ولا أقسم بالنفس اللوامة} {القيامة: 2}.

فإن أذعنت للشهوات ولم تعترض عليها وأطاعت الشيطان سمِّيت بالنفس الأمارة بالسٌّوء قال الله تعالى: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم} {يوسف: 53}.

وأفضل الأنواع هي النفس المطمئنة، ثم النفس اللوّامة التي يُعبَّر عنها أحيانًا بالضمير، الذي يُحاسب الإنسان، ويُرشده إلى الخير، ويحرسه في أثنائه ويرضى عنه بعد انتهائه، ومهما يكن من شيء فهي ليست نفوساً منفصلة، ولكنها نفس واحدة لها عدة أحوال، وبالتربية الدينيّة الصحيحة يتغلّب الإنسان على شهواته التي تدفعه إلى السوء، ويجعل ضميره حيّاً يقظًا يأمره بالخير وينهاه عن الشرّ، وأن يتصاعد في التربية حتى يصل إلى حالة تكون نفسه فيها راضية مطمئنة (2).

 

تعريف القلق:

قال ابن منظور: (القلق هو: الانزعاج، يقال: بات قلقاً وأقلقه غيره، وأقلق الشيء من مكانه وقلقه حركه، والقلق: ألا يستقر في مكان واحد)(3).

والقلق من المشاعر النفسية المضطربة، التي تنتج عنها في الغالب آثار سيئة مثل: التوتر والانقباض والخوف وعدم الطمأنينة، كما يشير الأطباء إلى أنه قد تنتج عن القلق آثار مرضية كاضطراب القلب وتقلص المعدة والشعور بالإرهاق.

وهذا القلق يكون محموداً ومندوباً إليه إذا كان وسيلة لدفع الإنسان إلى الخوف من الآخرة وإحسان العمل، ويكون سوياً إذا كان في حجمه الطبعي الذي يحفظ قدرات الإنسان على العطاء والحرص المتوازن، ويكون مذموماً إذا تعدى حدوده إلى إعاقة عطائه وقدراته، وهناك أسباب تُحول القلق إلى مرض نفسي يلازم الفرد في معظم تصرفاته، دون أن يكون لديه من الإيمان التحصين الكافي لدفع خطر المرض أو الوقاية منه(4).

وفي تعريف آخر للقلق قيل هو: الشعور بالخوف الزائد من شر متوقع، والإحساس بالعجز عن مواجهته. وهذه الحالة النفسية المرضية تتميز بعدم الرضا وعدم التأكد والاضطراب، وتنجم عن الخوف مما يمكن أن يقع غالباً، أو مما قد وقع، والتسمية تذكرنا بالحالة النفسية التي تتصف بها بعض الفئات الضعيفة التي تلوذ بالحياد بدلاً من الانتماء واختيار جهة معينة فتعيش في قلق بسبب هذا الموقف المضطرب(5).

 

أنواع القلق النفسي:

ذهب مجموعة من علماء النفس إلى محاولة حصر أنواع القلق النفسي حسب ضوابط نفسية معينة، وبحسب خطرها على الفرد، وجاء التصنيف كما يلي:

(1) الرهاب الاجتماعي: وهو الخوف من شيء معين، ومنه عدة أنواع مثل: رهاب لمنظر الدم، رهاب الإبر، رهاب الأماكن العالية، ويعتبر أكثر الأمراض النفسية شيوعاً، وأشدها تأثيراً على حياة الإنسان.

ويُعرف الرهاب الاجتماعي بأنه: هو خوف الشخص من التجمعات والمجالس التي يتواجد بها أناس غرباء وذلك لإحساسه بخوف من حدوث شيء يسبب له الإحراج والفشل، فيبدأ بتجنب حضور تلك المناسبات الاجتماعية.

(2) القلق النفسي العام: وهو خوف المريض من حدوث شيء لا يعرف ما هو، فيكون متوتر الأعصاب دائماً بشكل يشمل جميع جوانب الحياة، ويفكر كثيراً بكل صغيرة وكبيرة تحدث خلال اليوم.

(3) الوسواس القهري: المقصود به فكرة معينة تتكرر في ذهن الشخص رغم محاولته إبعادها، وعدم التفكير بها، مما يسبب له التوتر الذي يزول عند الاستجابة لتلك الفكرة. ومن أمثلة ذلك: شخص يقوم بالوضوء ومن ثم تراوده فكرة عدم الطهارة رغم تأكده من صحة وضوئه إلا أنه لا يستطيع إبعاد تلك الفكرة وإزالة القلق الناتج منها إلا بإعادة الوضوء، وبين عودة الفكرة واستجابة الشخص يظل في دوامة تأخذ كل وقته وتبدأ بالتأثير على التزاماته العائلية والعملية.

(4) نوبات الهلع أو نوبات الرعب: وهي حدوث نوبة من الخوف الشديد مصاحب لأعراض جسمية(6).

كما أن هناك تصنيفاً آخر لأنواع القلق النفسي يختلف عن الأنواع السابق ذكرها:

(1) القلق الموضوعي: وهو خوف من خطر خارجي معروف، كالخوف من حيوان مفترس أو حريق أو غرق، فالإنسان عادة ما يخاف من الأخطار الخارجية التي تهدد حياته، وهذا النوع من الخوف أمر مفهوم ومعقول.

(2) القلق العصابي: وهو خوف غامض غير مفهوم، ولا يستطيع الشخص الذي يشعر به أن يعرف سببه، وهذا اللون من القلق هو خوف يستجيب لأي تأثير يتصوره ذلك الإنسان(7).

الأسباب المؤدية إلى القلق النفسي من الناحية الطبية:

يتناول علماء النفس حالة القلق المرضية بالدراسة والتحليل فيُرجعون القلق إلى أسباب عديدة هي:

(1) الخوف من المجهول.

(2) الشعور بالكراهية والعدوان ضد الآخرين.

(3) الإحساس بالعجز عن مواجهة المثيرات.

(4) الإحساس بالعجز عن إشباع الحاجة.

(5) الخوف من العقاب(8).

الأسباب المؤدية إلى القلق النفسي من الناحية الشرعية:

نشهد في هذا العصر حضارة كبرى لم يشهد لها التاريخ مثيلاً جعلت الإنسان يعيش في راحة كبيرة ولكنها أي تلك الحضارة قصرت خدمتها على الجانب الجسدي وأهملت الجانب العقدي الذي يتميز به الإنسان عن غيره من الكائنات، وكان أهم إفرازات هذا القصور هو مرض القلق الذي أدى بكثير من الناس خصوصاً في الغرب إلى الانتحار، ولم يجدوا له حلاً غير الحبوب المهدئة.

وللأسف لقد وُجدت آثار هذا القلق في بلاد المسلمين عندما قصر البعض منهم في أمور دينهم وعاشوا بعيداً عن ذكر الله - تعالى -وطاعته. ولعل من أهم أسباب القلق:

(1) ضعف الإيمان: فالمؤمن القوي لا يعرف القلق، ويقوى الإيمان بعمل الطاعات وترك المعاصي.

(2) المعاصي: وهي سبب كل بلاء في الدنيا والآخرة، وهي سبب مباشر لحدوث القلق. قال الله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}{الروم: 41}.

(3) الغفلة عن الآخرة والتعلق بالدنيا: فمن يتفكر ويتصور نعيم الجنة بكل أشكاله فإنه تهون عليه المشاكل وينشرح صدره وينبعث عنده الأمل والتفاؤل، وإذا غفل والتهى بالدنيا أُصيب بالقلق(9).

(4) المصائب: الإنسان مُعرض في حياته للمصائب بجميع أنواعها، من موت قريب أو خسارة مالية، أو مرض عضال أو حادث أو غير ذلك، لكن المؤمن شأنه كله خير كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- "إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له"(10) فيجب أن يعلم الإنسان أن ذلك بقدر الله وقضائه، وما قدّر الله سيكون لا محالة.

(5) الخوف على الرزق: البعض يخاف على الرزق ويصيبه الأرق وكأنه لم يقرأ قول الله - تعالى -: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}{الذاريات: 58} وليس معنى هذا أن يجلس الإنسان في بيته ينتظر أن تُمطر السماء ذهباً، بل يسعى ويفعل الأسباب ويجب عليه التوكل على الله.

(6) عدم الارتقاء للمنزلة الاجتماعية المرغوبة: إن عدم استطاعة الفرد أن يرتقي إلى المنزلة الاجتماعية التي رسمها لنفسه، ولا سيما إذا كان المجتمع الذي يعيش فيه يعامل الناس بقدر منازلهم، تجعل القلق مسيطراً عليه.

(7) عدم القدرة على تأمين مستوى معيشي مناسب: إن عدم قدرة الفرد على مجاراة النمط الاستهلاكي السائد في محيط مجتمعه الصغير (الأسرة) أو الكبير (المجتمع الخارجي) تجعل القلق يتمكن منه، فتنشأ زوابع الكآبة في نفسه.

(8) النزاع والشقاق في الأسرة: عندما تكون الأسرة متباعدة العلاقات والنزاع والشقاق هو السائد، نتيجة الانكباب على المادة، وإهمال أهمية الأسرة المتعاونة المتحابة، نجد كثرة أمراض القلق النفسي فيما بينهم(11).

 

العلاقة بين الدين والعلاج النفسي للإنسان:

إن غالب الأمراض النفسيّة تأتي من أفكار تتأثر بها أعصاب الإنسان، فتتغيّر بها نظرته إلى الحياة، ويضطرب سلوكه بوجه عام، وعلاج المرض يكون بعلاج أسبابه، عن طريق تصحيح العقائد والأفكار، وقد صحّ ذلك في حديث الرسول-  صلى الله عليه وسلم - حينما قال: "ألا وإنّ في الجَسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسَدت فسد الجَسد كلٌّه، ألا وهي القلب"(12) فالقلب مستقر العقيدة ومبعث الوجدان، والدين الإسلامي علاج للأمراض العقليّة والنفسيّة بل والجسدية أيضاً، فهو يُزيل الشكَّ ويثبِّت اليقين، فالعبادة وقراءة القرآن وذكر الله والدعاء من أنفع أنواع العلاج للأمراض النفسيّة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان إذا حزبه أو أحزنه أمر فزع إلى الصلاة كما في الحديث: "وجُعلت قرّة عَيني في الصلاة"(13) وقد ورد في السنة النبويّة أدعية لتفريج الهَمِّ والكرب وإزالة الخوف والقلق وكل ذلك يجتمع مع الإيمان بأن الله حكيم في قوله وفعله، والرّضا والصبر بما قدر الله(14).

 

كيفية التغلب على مرض القلق النفسي وعلاجه:

لعل السؤال الذي يتبادر لذهن كل شخص هو كيفية التخلص من القلق؟ فنعود لقول الله - سبحانه وتعالى - في محكم كتابه: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}{الرعد: 11} فالعلاج هو في كتاب الله - سبحانه وتعالى - وسنة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم -. ويمكن أبراز العلاج فيما يلي:

 

(1) تقوية إيمان الإنسان بربه: إن الإيمان حصن منيع يحجز طوفان هذه المشكلة من العبور إلى نفس الإنسان، فلا تستطيع بواعث القلق أن تخترقه، وإذا حدثت شقوق في هذا الحصن أمكن السيطرة عليها وعلاجها. لأنه إذا ضعف الوازع الإيماني عند الإنسان، مع وجود الفطرة السليمة، فان إيقاظ هذا الوازع ليس صعباً.

(2) الصلاة: وقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، فما من مسلم يقوم فيصلي بخشوع وتدبر وحضور قلب والتجاء لله - تعالى -إلا ذهبت همومه بغير رجعة، فالصلاة هي الصلة بين العبد وربه وهي راحة وطمأنينة القلوب.

(3) قراءة القرآن: من أنجح العلاجات للقلق قراءة القرآن الكريم، فهو يشرح الصدر ويذهب الهم والغم، ولا بد مع القراءة من التدبر في الآيات.

(4) الذكر والاستغفار: وهو أنيس المستوحشين الخائفين وبه يُطرد الشيطان وتتنزل الرحمات.

(5) الدعاء: وهو سلاح المؤمن الذي يتعبد الله به، فمن كان له عند الله حاجة فليلجاء إلى مجيب دعوة المضطر وكاشف السوء، الذي تكفل بإجابة الداعي، وليتخير ساعات الإجابة كالثلث الأخير من الليل، أوما بين الأذان والإقامة (15).

(6) قطع الخوف من المستقبل: من الضروري أن يوطن المسلم نفسه على القناعة بما آتاه الله - تعالى -، كما قال النبي– صلى الله عليه وسلم - قال: "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم"(16) وهذا في النظر إلى الصحة وسعة الرزق ونحوهما، أما التسابق إلى الأعمال الصالحة فلا يدخل في عموم هذا الحديث لأن الأفضل عكس ذلك.

(7) الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل: بالإحسان يدفع الله عن البار والفاجر الغم والهم في الدنيا، ولكن للمؤمن منه أكمل الحظ والنصيب في الدنيا والآخرة، قال الله - تعالى -: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما}{النساء: 114}.

(8) الاشتغال بعمل من الأعمال أو بعلم من العلوم: إن إشغال الناس بالمفيد يحجز عنها غير المفيد.

(9) العلاج الطبي: قد يكون هناك حلاً عن طريق الأدوية كالمهدئات، أو التنويم المغناطيسي والتحليل النفسي، بحسب ما تحتاجه كل حالة.

(10) العناية بالتغذية الصحية السليمة: يجب على الإنسان الاهتمام بصحته وإلزام النفس بممارسة العادات الترفيهية المباحة من رياضة وهوايات، وغيرها لطرد ما يشعر به الإنسان من وساوس الشيطان(17).

 

نصائح عامة للابتعاد عن القلق النفسي:

(1) دع التفكير في الماضي، فإنه لن يعود مهما حاولت، ارض بقضاء الله - تعالى -وقدره. فالمؤمن لا يخشى مصائب الحياة، فكل أمره خير يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: "وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان"(18).

(2) إذا أصابتك لحظات من القلق والخوف، فلا تجزع ولا تيأس فقد تكون ابتلاء من الله - تعالى -، فعليك بالصبر والاستعانة بذكر الله - تعالى -وبذلك يكون التجاوز الكبير للمصيبة.

(3) حاول أن تغير الأشياء السلبية إلى إيجابية، كما قال ديل كارنجي: (إذا لقيت بين يديك ليمونة مالحة، فحاول أن تصنع منها شراباً سائغاً حلواً) وفكر دوماً في السعادة، وانهج الطريق الصحيح في تحقيق ذلك، وهي تكمن في تقوى الله.

(4) اعرف نفسك ولا تحاول التشبه بغيرك، ولا تحسد أحداً من الناس، فقد رفع الله الناس بعضهم فوق بعض، وجعل لهم منازل ودرجات، فاقنع بمنزلتك.

(5) إياك إعطاء الأمور أكثر مما تستحق، قدر قيمة الشيء، وأعط الشيء حقه من الاهتمام.

(6) إياك والاهتمام بتوافه الأمور، ولا تجعل صغائر المشاكل تهدم سعادتك، ولا تسمح لنفسك بالثورة من أجل أشياء تافهة.

(7) تذكر الثمن الفادح الذي يدفعه جسمك جراء القلق.

(8) تدبر الحقائق بعناية قبل صنع القرار، ومتى اتخذت قراراً حصيفاً، أقدم على تنفيذه.

(9) أحص نعم الله عليك، بدلاً من أن تُحصي همومك ومتاعبك.

(10) لا تفكر في محاولة الاقتصاص من أعدائك، واكظم غيظك ولا تغضب، فالله - تعالى -يمتدح الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.

(11) تحر الحكمة في إنفاقك ولا تُقتر على عيالك، قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الدنانير دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله - عز وجل -"(19).

(12) لا تستسلم لعقدة الإحساس بالذنب، اندم ولكن اعمل عملاً صالحاً فالله يتوب على من تاب وهو غفورٌ رحيم.

(13) اجعل عملك خالصاً لله - تعالى -، ولا تنتظر الشكر من أحد.

(14) استغرق في عملك، فإذا ساورك القلق أشغل نفسك بما تعمل أو بأمر آخر مفيد.

(15) ركز جهدك في العمل الذي تشعر من أعماقك أنه صواب، ولا تستمع للوم اللائمين، وإذا ما وجدت نفسك على خطأ فالتراجع عنه فضيلة.

(16) التزم في عملك بالقواعد التالية:

أ - استرح قبل أن يدركك التعب.

ب - حين تعترضك مشكلة احسمها فور ظهورها.

ت - أضف إلى عملك ما يزيد استمتاعك به.

ث - تعود النظام والترتيب.

ج - أفعل الأهم ثم المهم.

ح - لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد.

خ - لا تُحمل نفسك ما لا تطيق(20).

 

المؤمن بعيدٌ عن القلق:

يذكر الدكتور زهير السباعي أن القرآن الكريم وضع أسس الوقاية من القلق وغيره من الأمراض النفسية، من خلال مفهومين أساسيين:

أولهما: أن حياتنا بكل ما فيها متصلة بالله - تعالى -.

وهو تعميق الإسلام لمفهوم الصلة بالله - تعالى - فنجد أن القلق لا يجد سبيلاً إلى المؤمن المتصل بالله - تعالى -حق الصلة، ولا يمكن الإنكار بأن على المرء أن يأخذ بالأسباب، وأن يعمل على أن يقي نفسه وأهله غوائل الجوع والفقر والمرض والمصائب، ولكن عليه أن يقر ويعترف بأن كل شيء بيد الله - سبحانه وتعالى -.

ثانيهما: أن الإسلام منهج حياة متكامل، يحدد مسالك حياتنا ودروبها وعلاقتنا ومعاملاتنا.

فنرى الإسلام منهج حياة شامل، يدعو إلى التعاطف والتآلف والتراحم والمحبة والعطاء، في كل تشريعاته وتعاليمه التي تنظم حياة الناس وسلوكهم ومعاملاتهم، واضعاً بذلك دعامات أساسية للصحة النفسية، ومحاربة أمراضها كالقلق، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"(21).

وحين نتأمل التعبير القرآني الكريم بلفظ (أسرفوا) وبلفظ (لا تقنطوا) وتأكيده المتكرر على مغفرة الله للذنوب جميعاً، يظهر لنا أن القرآن حرص على حماية المسلم من القنوط وهو أحد المسببات الكبرى للقلق، كما حرص أشد الحرص على سد كل الطرق المؤدية إلى نفاذ وساوس الشيطان إلى قلب الإنسان وفكره، لأن هذه الوساوس تقوم بتضخيم الذنب إلى درجة القنوط.

إن موقف الإسلام من الأمراض النفسية وقاية وعلاجاً دلالة أكيدة على تميز هذا الدين العظيم، وحاجة الناس جميعاً، مهما كان مكانهم أو زمانهم إلى ورود مناهله العذبة، التي تؤيدها الفطر السليمة، ومطالب الإنسان المتوازنة(22).

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

الهوامش والمرجع:

(1) مقال بعنوان: عشرون وصية لتجنب القلق، د- حسان شمسي الباشا. www.khayma.com

(2) فتوى بعنوان: أنواع النفس أو صفاتها، للشيخ عطية صقر، www.Islam-online.net

(3) كتاب لسان العرب

(4) مقال بعنوان: القلق هل هو سلوك سوي؟ إبراهيم عبد الله السماري، جريدة الجزيرة، العدد 10320 www.suhuf.net

(5) مقال بعنوان: الأمراض النفسية وعلاجها الروحي في الإسلام، د- عبد الستار أبوغدة،www.islamset.com

(6) مقال بعنوان: القلق النفسي والاكتئاب، بتصرف، www.sfh.med.sa

(7) مقال بعنوان: القلق، الكاتب أبو سند، بتصرف، www.alsaha.com

(8) مقال بعنوان: أسباب القلق وعلاجه، www.aldawah.net

(9) مقال بعنوان: القلق هل هو سلوك سوي؟ إبراهيم عبد الله السماري، جريدة الجزيرة، العدد 10320 www.suhuf.net

(10) رواه مسلم من حديث صهيب (7449).

(11) مقال بعنوان: القلق هل هو سلوك سوي؟ إبراهيم عبد الله السماري، جريدة الجزيرة، بتصرف، العدد 10320 www.suhuf.net

(12) رواه البخاري (52) ومسلم (4048) من حديث النعمان بن بشير.

(13) رواه النسائي (3951) وأحمد (13744) من حديث أنس، وحسنه الشوكاني في نيل الأوطار 3-209.

(14) فتوى بعنوان: الدين والعلاج النفسي، للشيخ عطية صقر، www.Islam-online.net

(15) مقال بعنوان: أسباب القلق وعلاجه، بتصرف، www.aldawah.net

(16) رواه مسلم (7379).

(17) مقال بعنوان: القلق هل هو سلوك سوي؟ إبراهيم عبد الله السماري، بتصرف، جريدة الجزيرة، العدد 10320 www.suhuf.net

(18) رواه مسلم (6725).

(19) رواه مسلم (2263).

(20) مقال بعنوان: عشرون وصية لتجنب القلق، د- حسان شمسي الباشا، بتصرف،www.khayma.com

(21) رواه مسلم (6538).

(22) مقال بعنوان:القلق هل هو سلوك سوي؟ إبراهيم عبدالله السماري، جريدة الجزيرة، العدد 10320 www.suhuf.net.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 2 )

انا اتفق

-

عمر ابو طه

00:25:57 2019-12-30

هدا المقال غني بالمعلومات ما شاء الله ، و ربما تطلب اكثر من شخص في تحريره ، من بينهم شيوخ ربما او دكاترة او ... ، لذا انا احتؤمه و اقدر مجهودهم ، و الله العظيم ، كل ما قالوه صح ، جزاكم الله عنا كل الخير ، فانتم مرشدوا الامة الافتراضيين ، تبدلون ما بطاقتكم و وقتكم الثمين ، لتكتبوا لنا مقالا تنفسون به كربة من كرب المسلم و الله انكم لطب بديل ، فاللهم ارزقنا و اياكم الجنة و ليجمع شملنا معكم في جنات النعيم يا رب ، شكرا ، شكرا ، ثم شكرا .

انا لا اتفق

-

مريم

16:23:32 2019-11-25

اول شيئ القلق غير ناتج عن ضعف الإيمان لأني مريضة به قبل سن الرشد يعني منذ الطفولة و قد كنت طفلة تلازم المساجد و الاستغفار و القرآن و بارة بوالديها و أنا الآن عمري 24 سنة صراحة عندما تكون حالتي مستقرة التزم بالعبادات و عندما و عندما تسوء حالتي اتغير و أصبح كبسولة و عصبية بالإضافة للاكتئاب و القلق العام و سبب مرضي يعود للوراثة و المشاكل العائلية و التربية و الصدمات النفسية في الطفولة هذا رأيي و آرائكم تحترم