نزلة \ بدانة \ .. والسبب فيروس !!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فيروس البدانة: نشر علماء من جامعة وسكونسن الأمريكية الشهر الماضي في المجلة العالمية للبدانة نتائج أبحاثهم التي تشير إلى أن فيروسًا من نوع الآدينوفيروس الذي يسبب أعراض البرد العادية من رشح وسعال وعطس في الإنسان يتسبب في زيادة وزن ملحوظة لدى الدجاج المحقون بهذا الفيروس.ويبدو أن ذلك يحدث من خلال تحويل كميات كبيرة من الطاقة الموجودة بالأطعمة إلى دهون. ربما إذن نسمع قريبًا من يقول: إنه أصيب بـ \"نزلة\" بدانة!

 إلا أن ذلك ليس كل شئ، فكثيراً ما أقول لصديقتي مغرية وداعية: تفضلي…º لا شكرًاº أنا عاملة ريجيم!

وهي جملة اعتدنا أن نسمعها هذه الأيام من الكبير والصغير والبدين والنحيف، خاصة بعد أن أصبحت الرشاقة هاجسًا يؤرق الشباب والشابات.

ونحن نتعرض هنا للبدانة لنعرف مَن هو البدين حقًّا؟ وما هي أسباب البدانة؟ وما هي الطرق السليمة لإنقاص الوزن والمحافظة عليه دون التعرض للمشاكل الصحية المصاحبة للكثير من وسائل الريجيم الحالية؟ ومسائل أخرى تتعلق بهذه المشكلة الهامة …

البدانة تعني زيادة عامة في دهون الجسمº حيث لا يستطيع جسم الإنسان أن يختزن البروتينيات والنشويات وبالتالي يختزن الزيادة منها على هيئة دهون. إذن نستطيع أن نقول: إن تناول غذاء به سعرات حرارية زيادة عن استهلاك الجسم من طاقة ينتج عنه تخزين هذه الزيادة على هيئة دهون وبالتالي يؤدي إلى البدانة.

 

قياس الوزن الزائد:

أحدث وأيسر الطرق لحساب الوزن المثالي للجسم يسمى بمؤشر كتلة الجسم. ويتم ذلك عن طريق حساب وزن الشخص بالكيلوجرامات وقسمته على طوله بالمتر المربع. أي: الوزن (كيلوجرامات)/الطول (متر2).

إذا كان مؤشر كتلة الإنسان ما بين 20-25 كجم/م2 يعتبر في حدود الوزن المناسب لطوله.

أما إذا كان ما بين 25-29. 9 كجم/م2 فيعتبر بدينًا نسبيًّا.

وإذا كان ما بين 30- 39. 9 كجم/م2 فيعتبر شديد البدانة

وما كان بين 40- 49. 9 كجم/م2 فيعتبر بدانة مرضية.

وحين يبلغ مؤشر بدانة الإنسان 27 كجم/م2 فإنه يعتبر أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المصاحبة للبدانة وللوفاة منها، وبالتالي يعتبر هذا الرقم مؤشرًا لضرورة بداية العلاج من البدانة. أما إذا كان المؤشر ما بين 25-27 كجم/م2 فيعتبر ذلك علامة تحذير ربما ينبغي التدخل عنده خاصة إذا كان الشخص مريضًا بأمراض أخرى مثل زيادة ضغط الدم والسكر. وهكذا علمنا بكل بساطة من ينبغي عليه القيام بعمل ريجيم ومن ليس بحاجة إليه.

 

أسباب البدانة:

أسباب البدانة ليست معروفة بشكل مؤكد، ولكنها غالبًا خليط من أسباب وراثية وتربوية واجتماعية وبيئية ونفسية واقتصادية وثقافية، وسنتعرض هنا لتلك الأسباب بشكل مبسط و سريع.

* العامل الوراثي: يلاحظ عامة أن الأب والأم البدينين ينجبان أطفالا بدناء في الغالبº حيث إن الطفل لأبوين بدينين عرضة لأن يكون بدينًا بنسبة 70% مقارنة بطفل لأبوين نحيفينº إذ تبلغ عرضته للبدانة 20% فقط. وربما يكون السبب في هذا العامل الذي يبدو عليه وراثيًّا هو تشابه أساليب التغذية بين الأهل والأبناء. ولكن من خلال عدة دراسات أجريت على الأطفال البدناء اتضح أن وزن الطفل يشابه عادة وزن الأب والأم الطبيعيين أكثر من الأسرة المتبنية له، كما أن عدة دراسات أجريت على التوائم قدرت تأثير العامل الوراثي على البدانة ما بين 5-50%.

وتأثير العامل الوراثي على البدانة لا يكون إلا من خلال زيادة في تناول السعرات الحرارية أو نقصان في استهلاك الطاقة، وذلك من خلال تفضيل الوجبات الدسمة أو تفضيل الحياة التي تتسم بقلة الحركة. ومع ذلك كله فبسبب زيادة البدانة عامة في العالم في الخمسين عامًا الماضية بالرغم من استقرار الوعاء الجيني gene pool فإنه يبدو أن التأثير الأكبر على البدانة يرجع إلى العوامل البيئية المختلفة.

* العوامل العرقية: بعض الشعوب تتسم بالبدانة أكثر من غيرها، كما أن توزيع الدهون بها تختلف أيضًا فمثلا لدى نساء منطقة البحر الأبيض المتوسط دهون في منطقة الوسط أكثر من مثيلاتها في أوروبا الشمالية، كما أن السود والأسبان بأمريكا الشمالية أكثر عرضة للبدانة من الأمريكان البيض. ويرجع السبب في هذا الاختلاف غالبًا إلى أسباب ثقافية ووراثية واقتصادية واجتماعية.

* العوامل الاقتصادية الاجتماعية: في الدول المتقدمة كلما زاد المستوى الاجتماعي الاقتصادي قلت نسبة البدانة، والأسباب في ذلك معقدة ربما ترجع إلى فوارق الوعي الصحي والمستوى التعليمي.

* العوامل النفسية: يتعامل بعض الناس مع الضغط النفسي بالزيادة في تناول الأطعمة، في حين يتعامل البعض الآخر معه بالتقليل في تناولها.

* أسباب طبية: تمثل هذه العوامل أقل نسبة في أسباب البدانة كما أن اكتشافها بسيط وعلاجها عن طريق الأدوية المناسبة يأتي بثماره سريعًا. أغلب الأمراض المسببة للبدانة تتعلق بعدم توازن هرمونات الجسم. فمثلا القصور في الغدة الدرقية يؤدي إلى نقص في معدل الأيض الأساسيbasal metabolic rate وبالتالي إلى البدانة. كما أن زيادة إفراز الغدة الكظرية (فوق الكلية) للكورتيكوستيرويد تتسبب فيما يعرف بمتلازمة كوشينج Cushing\'s syndrome التي تؤدي إلى زيادة تراكم الدهون في الجسم. بعض الأدوية أيضًا تتسبب في زيادة الوزن منها بطبيعة الحال الكورتيكوستيرويدات ومضادات الهستامين ومضادات الكآبة والمهدئات.

* العوامل الحركية: حيث لوحظ زيادة نسب البدانة لدى الأطفال في الدول المتقدمة، وأرجع السبب في ذلك إلى قلة الحركة بسبب زيادة الإقبال على مشاهدة التلفاز واللعب بألعاب الفيديو بشكل منهمك بدلا من قضاء أوقات الفراغ في الجري واللعب والرياضات المختلفة.

* أساليب غير سليمة في التغذية: ومع أننا ذكرنا هذا السبب في آخر الأسباب فإنه أهمها على الإطلاق، وهو ملخص للأسباب الأربعة الأولى. وبدلا من شرح ما يقوم به الناس من أخطاء في تناول الأطعمة سنشرح بعد قليل وسائل التغذية السليمة.

 

الآثار السلبية للبدانة :

أهم من مشكلة المظهر الخارجي كسبب لإنقاص الوزن في حالة البدانة هي المشاكل الصحية الناتجة عنهاº إذ إن البدانة مرتبطة بزيادة نسبة الكولسترول في الدم وزيادة ضغط الدم وبمرض السكر في الكبار (رجل في سن الأربعين من عمره يزيد معدل كتلة جسمه عن 35 كجم/م2 عرضة للإصابة بمرض السكر 77 مرة عن رجل في نفس السن يقل معدله عن 23كجم/م2) وبأمراض المرارة ومرض النقرس وبأمراض القلب وبعض أنواع السرطان (سرطانات الرحم وعنق الرحم والمبايض والمرارة والصدر في النساء وسرطان البروستاتة والقولون في الرجال) والتهاب مفاصل العظام الحاملة لوزن الإنسان، منذ عام 1985 والبدانة تعتبر من الأمراض المزمنة، وتعتبر ثاني أسباب الوفيات الممكن تلاشيهاº إذ لا يسبقها في هذا المجال إلا التدخين.

 

أساليب لإنقاص الوزن :

لدى بعض الناس قابلية مزمنة للبدانة وبالتالي يحتاجون إلى مراقبة أوزانهم مدى الحياة. تتم عملية إنقاص الوزن عادة عن طريق تقليل كمية السعرات الحرارية المتناولة أو الرياضة أو تغيير السلوك الغذائي أو الأدوية أو خليط من كل ما سبق، سواء كان ذلك تحت إشراف الطبيب أم لا. ومع أنه كثيرًا ما ينجح الفرد في إنقاص وزنه، ولكن ذلك يكون بشكل مؤقتº حيث يرجع إليه حوالي ثلثي الوزن المفقود بعد عام واحد، ويرجع الباقي كله بعد حوالي خمسة أعوام. كما أن الكثير من الناس لا يستطيع أن يستمر لإكمال كل البرنامج. وبالتالي ينصح قبل بداية أي برنامج من برامج إنقاص الوزن بدراسة المعلومات المتعلقة بفعالية البرنامج ودرجة أمانه على الصحة، وإذا لم تكن مثل هذه المعلومات متوفرة لا ينصح بتجربة هذا النوع من البرامج.

 

ويستخدم عادة مستويان اثنان من تقليل السعرات الحرارية.

* الأول هو تناول ما بين 1000-1500 سعر حراري في اليوم أي ما بين 12-15 كيلوكالوري لكل كيلوجرام من وزن الإنسان، ويسمى هذا بريجيم السعرات الحرارية القليلة.

* أما المستوى الثاني فهو ريجيم السعرات الحرارية القليلة جدًّا الذي يسمح بتناول 800 سعر حراري فقط في اليوم أي ما بين 6-10 كيلوكالوري لكل كيلوجرام من الوزن.

يتسم البرنامجان كلاهما بآثار سلبية على صحة الإنسان، كما أن أغلبية المشتركين بهما يرجع إليهم الوزن المنقوص كله بعد خمسة أعوام، أما الأدوية المستخدمة لإنقاص الوزن فتتضمن الأدوية التي تفقد الشهية والأدوية المسببة في زيادة الحرارة نتيجة لحرق الدهون وأدوية تمنع هضم أو امتصاص الطعام، وبصرف النظر عن تفاصيل هذه الأدوية التي قد يطول شرحها إلا أن أغلبها تتسم بالآثار الجانبية السيئة، كما أنها تتسبب في إنقاص محدود للوزن بالإضافة إلى رجوع الوزن المنقوص بعد مدة صغيرة من التوقف عن تناولها.

توجد أيضًا عدة وسائل جراحية تستخدم في حالة فشل الوسائل الأخرى، ومع أن هذه الوسائل قد تبدو غريبة كما أن مضارها ربما تكون أكثر من منافعها فإننا نذكرها هنا فقط على سبيل الذكر:

 

* ربط الفكين بحيث لا يستطيع الإنسان إلا تناول السوائل.

* عملية تدبيس المعدة من أجل تصغير حجمها حتى لا يستطيع الإنسان إلا تناول كمية محدودة من الطعام في المرة الواحدة.

* عملية شفط الدهون.

* عملية إزالة الدهون التي تتضمن إزالة الدهون الزائدة والجلد الزائد من منطقة وسط وأسفل البطن وشد عضلات البطن.

وسائل أخرى بدأت في الظهور تتضمن الإبر الصينية والتنويم المغناطيسي والكريمات والرقع التي تنقص الوزن كما يدّعون.

 

ما هي الطريقة المثلى لإنقاص الوزن؟

طبعًا وكما يعرف الجميع فإن الوقاية خير من العلاج، وتبدأ الوقاية هذه من بداية فطام الطفل من لبن أمه، فواقعيًّا نرى من الكثير من الأمهات التهافت على تغذية أطفالهن رغبة منهن في المحافظة على صحتهم. وذلك بتعويده على أسوأ العادات الغذائية من أكل ما بين الوجبات إلى عدم الاستغناء عن الحلويات. والطفل الذي يتربى على هذا السلوك الغذائي يجد نفسه واقعًا في مشكلة البدانة.

أما من وقع بالفعل في مشكلة البدانة غير المرضية فعلاجه المثالي عن طريق تغيير سلوكه الغذائي بشكل بطيء تدريجيº إذ إن تغيير العادات من الصعب، وهذا ما نحن بصدده. فأولا: يبدأ في تثبيت مواعيد وجباته بحيث لا يتخلف عن هذه المواعيد. ثم يغير ما يأكله بين الوجبات من أكلات غير مفيدة إلى قطع الخضار والفاكهة الصغيرة، ثم يبدأ في تنظيم الوجبة نفسها بحيث تحتوي على كميات مناسبة من المجموعات الغذائية المختلفة، ثم يبدأ في تقليل كميات الدهون الموجودة بالوجبةº إذ أثبتت الدراسات أن الدهون هي العامل الأهم في تسبيب البدانة وليست النشويات كما كان يعتقد من قبل، ولا بد أن ينوي الإنسان أن تكون هذه التغييرات لمدى الحياة، وليست فقط لفترة الريجيم. كما لا بد له أن يعلم نفسه كيف لا يأكل حتى يشبع كما يعلمنا النبي محمد صلي الله عليه وسلم، والى جانب كل هذا عليه أن يزيد من نشاطه البدني لاستهلاك طاقة أكبر عن طريق أي نوع من أنواع الرياضة ولو حتى المشي. يمكن للإنسان أيضًا أن يحتفظ بمذكرات لأنواع الأكل التي يأكلها وأوقات الأكل وأسبابه ليعين نفسه على تحليل المشكلة وإيجاد الحلول.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply