هموم الدعوة الإسلامية في شعر الدكتور عدنان علي رضا النحوي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 لم تشغل الدعوة الإسلامية بال أو فكر شاعر مسلم مثلما شغلت فكر وشعر الدكتور عدنان علي رضا النحوي، فنصب من نفسه محامياً عنها مدافعاً عن قضاياها، وهو الذي يشعر بآلام وآمال الأمة الإسلامية.

 

 فبنظرة سريعة حية إلى ديوانه (عبر وعبرات) المفعم بآمال وآلام الأمة المسلمة، نجد هناك درره الشعرية التي أطلقها قلب مؤمن شديد الإيمان متعمق في لغته متمكن من استخدام أدواته الأدبية، فشاعرنا أديب مسلم يمتد أدبه وشعره ونثره إلى مواقفه الحقيقية في الحياة، وهو ملتزم في أفكاره. وألفاظه طيبة عذبة محببة للنفوس، بعيدة عن الغرابة والخشونة، لا تظهر في ألفاظه المصطلحات الحديثة.

 

 وصوره واقعية مرتبطة بالبيئة، جميلة، ومعانيه جذابة رقيقة. وقد كانت للكاتب والشاعر ونشأته الإسلامية دور كبير في تكوين شخصيته، فجاءت قصائده درراً غنية بالمعاني، فبكى المسجد الأقصى كما بكى أبناء الإسلام والقدس!

 

 ففي قصيدته (رسالة إلى المسجد الأقصى، نجوى وشكوى وحنين)، يرى شاعرنا تمزق المسلمين دياراً وأقطاراً ومصالح وأهواء، فدلف الأعداء وتسللوا مع ضلالهم وغوايتهم، شَعَرَ المسجدُ الأقصى بالجريمة التي تكاد تطبق عليه حتى كاد لا يجد أملاً في النجاة إلا باباً واحداً فقال شاعرنا:

 

إذا لم تقم في الأرض أمة أحمـد **  فكل الذي يجري على الساح ضائع

 

وكذلك قصيدته \" الفجر الدامي\" عن جريمة مجزرة المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، ويأمل شاعرنا أن يفيق المسلمون ويعودوا إلى ربهم أمة واحدة متماسكة متراصة تحمل رسالة الله وتجاهد في سبيله فقال:

 

أضحت دماءُ المسلمين مباحةً  **  للمجرمـين! لكُـلِّ عـادٍ, مُفسـد

 

وفي قصيدته \" دروب الجهاد بين العبر والعبرات \"، اضطربت التصورات في واقعنا تحت ضغط الهزائم والهوان واستكانت نفوس كثيرة وغضبت نفوس أخرى وتمزقوا شيعا وأحزابا، فهل أخذوا العبر وعرفوا الدرب وشقوا السبيل، أم سكبوا العبرات وغفوا فقال:

 

فيا أمتي أمة الحقِّ! هـذي ** سـبيـل النَّـجـاة ودربُ الأمـان

 ويا أمتي استكبر المجرمون ** وفـي يدهـم أصبـحَ الصولجـان

 

أما قصيدة \" مجزرة قانا \"، وقانا مدينة تقع في الجنوب اللبناني، حدثت فيها مجزرة وحشية هزت قلوب المسلمين، وقد قتل مَن قتل وشرد مَن شُرّد من أبناء لبنان فقال:

 

لبنـان يـا عَبقاً من التاريخ مَـا **  جَ على رُبـاكِ يُعـيدُ مـن أخبـارِ

 \" قانا\"! حَسبتُكِ في الديار مصونةً ** بـالعهـد مـن أمـمٍ, ومن أقطـارِ

 

وعاش شاعرنا مع بلد المليون شهيد، ذلك البلد المحبب إلى قلوب المسلمين جميعاً، \" الجزائر\" فقال في قصيدته \" دم الجزائر فوَّاح بساحتها \":

 

يـا للجزائـر! أهـوالٌ مُرّوعـة ** وفتنـةٌ في رُباها اليـوم تضطـرم

 عودوا إلى الله! لا منجا لنا أبـداً ** إلا إليـه! وشـرع الله فالتزمـوا

 

أما عن أرض الرسالات فهي ميدان الرباط وساحة الملاحم على مدار التاريخ: \" الجزيرة العربية \"، فقال في قصيدته \" انثري الورد \":

 

فـإذا مـكـة أمـامـي نــورٌ  ** مـن جـلال الهُـدى ومن ميـلادِ

 

وفي قصيدة بعنوان: \" الطائـف \"، تلك المدينة الرائعة الجمال فقال:

 

يا جبـال الشِّـفاءِ هاتـي شِفـاءً ** وانثُـري من يديكِ طيـب الوِفـادِ

 يا لسحـر الـورُودِ والفُلِّ والنَّـو ** رِ وطيب الـشَّـذا وطـيبِ الرِّفـادِ

 

واتجه شاعرنا جنوباً إلى مدينة \" أبـهـا \" فقال:

 

يا رُبا \" مكـة ٍ,\" و\" طيبـةَ \" جودا **  أطـلقـا النَّـورَ دعـوةً للعِـبـادِ

 واملآ بالحنـانِ والشَوق \" أبهـا\" ** واسكبَا النٌّـورَ في الرٌّبا و الوِهَـادِ

 

ونختم دراستنا في شعر شيخنا الدكتور عدنان علي رضا النحوي بأجمل بيتين من قصيدته \" لآلئ الشعر أوزان وقافية \" فقال:

 

يقولُ: تَرتَجِـلُ الأشعار تُنشِدُهـا ** وَزنَـاً وقافـيةً قَـيداً وإعـسَـارا

 الشعـر فنُّ وآلاف السنين بنـت ** لآلـئَ الوزنِ أو صَاغَت له الغَـارا

 

 وفي هذه القصيدة يرد شاعرنا على المهاجمين لشعر الوزن والقافية وقد أفسح شاعرنا المجال لتلك القضية في مؤلفه:

 

(التجديد في الشعر بين الإبداع والتقليد والانحراف)

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply