المعوقات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يجب أن نتذكر دائماً، ونحن نتحدث أو نعمل إفريقياً، أن الأمر يتعلق بـ \" قارة \" وليس ببلد ولا بمجموعة بلدان … هذا واحدة، أما الحقيقة الثانية، فهي أن الصعوبات والمشكلات هي على درجة كبيرة من التعقيد والتنوع، ثقافية واجتماعية وأمنية واقتصادية ودينية وسياسية… وكل ما يتصور من أنواع الصعوبات والمشكلات! وبالتالي لا يحسبن المرء أنه كيفي للعمل الدعوي في إفريقيا أن تنفذ بعض الأنشطة بحماس وفاعلية، بل لابد من التعامل مع الواقع بكل معطياته على بصيرة.

ونستطيع أن نحدد أهم المعوقات التي تعترض سبيل الدعوة الإسلامية في إفريقيا كما يلي:

 

1- 4: أولوية الولاء القبلي على الولاء الديني:

حيث لا تزال العصبية القبلية متجذرة وتتجاوز حدود الشعور الطبيعي بالانتماء القومي كشعور فطري..وقد سبقت الإشارة إلى استغلال بعض القوى لعامل التنوع القبلي لتأجيج الصراعات بين المسلمين (وبين غير المسلمين كذلك)..ولهذا تعلمنا أن نختار الدعاة من نفس القبائل والمناطق التي ينتمون إليها.. وهذه قاعدة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبدع فيها والأصل في ذلك قول الله - تعالى - (ولكل قوم هاد).

 

2 4: سطوة التخلف الاقتصادي والاجتماعي:

لقد سبقت الإشارة إلى مؤشرات التخلف المخيفة التي تعاني منها البلدان الإفريقية بشكل عام والمسلمين منهم بشكل خاص، وهذا العامل بالضبط هو الذي فرض على \" العون المباشر \" أن تتوسع في مجال تداخلاتها كوضع استثنائي، لأن الأصل في عمل المنظمات غير الحكومية هو التخصص.. فحيثما توجه الدعاة للعمل، واجهتهم حالات الفقر والحاجة لأبسط الضروريات.. ودائماً نضطر لتعديل البرمجة الزمنية لبرامج تأهيل المهتدين الجدد مثلاً حتى لا تتعارض مع مواسم الزراعة والحصاد حيث لا يمكنهم البتة التفرغ في أي وقت لتعلم دينهم.. وهذا على سبيل المثال لا غير.

 

3-4: أثر التدين الورثي:

لا تزال الغالبية العظمى من المسلمين الأفارقة يعيشون حياتهم الدينية حسب نفس أنماط التدين القديمة: شيوع الطرقية، والتمسك بالممارسات المخالفة للتدين الصحيح المسنون … وعلى الرغم من أن هذه الطرق الصوفية كان لها دور هام جداً في نشر الإسلام والذود عن حياضة منذ قرون، إلا أن ثبات غالبية المسلمين على هذا النمط من التدين جعل مهمة تجديد الدين في النفوس أمراً صعباً إلى حد ما.. وعموماً توجد حركة تجديد للدين في المجتمعات الإفريقية المسلمة، لكن بعضها دخل في صدامات أدت وتؤدي إلى أنواع من الفتن بين المسلمين قد تصل إلى حد الاقتتال (مثل ما حدث في شمال غانا من بضع سنوات) بسبب التشدد والبعد عن الحكمة، بينما نجح البعض الآخر في المضي قدماً في عملية تجديد التدين في النفوس والسلوك والمجتمع بقدر طيب من النجاح.

لهذا تحرص \" العون المباشر \" على استمالة كل فئات المسلمين والمساهمة فيتوجه الجميع نحو إعادة بناء المجتمعات الإسلامية بطريقة إيجابية بعيداً عن الصدام والتناحر.

 

5- 4: ضرواة المشروع التنصيري:

لعل البعض يذكر مؤتمر كولورادو المنعقد سنة 1978 الذي جمع، ولأول مرة كل الكنائس بمللها المختلفة، لهدف أساسي واحد هو تنصير أفريقيا في نهاية القرن العشرين ورُصد لذلك حوالي 40 مليار دولار.

لقد سبق ل \" العون المباشر ـ لجنة مسلمي إفريقيا \" أن أصدرت عدة نشرت تسلط الضوء على المشروع التنصيري الهائل، من حيث أهدافه ومناهجه ووسائله وإمكانياته ومنظماته.. وبشكل عام، وعلى الرغم من فشل المؤتمر المذكور في تحقيق هدفه الرئيسي، بل هو أبعد من تحقيقه في أي وقت مضى، إلا أنه نجح في كسب مواقع في قلب المجتمعات الإسلامية للأسف، ومعظم المسلمين الآن هم عن غافلون.

 

6-4: المشروع الفرنكفوني:

نادراً ما يهتم الباحثون بتسليط الضوء على المشروع الفرنكفوني ومخاطرة الجمة التي قد لا تقل تأثيراً عن المشروع التنصيري.. وهذا المشروع ترعاه فرنسا وكندا وسويسرا بصفتها البلدان التي أنتجت الثقافة والفكر الفرنكوفوني.. وترى أدبيات المشروع أن اللغة والثقافة الفرنسيتين يجب أن تسودا البلدان المستعمرة سابقاً. واللغة هي وعاء الفكر والثقافة، والحقيقة أنه لا خير في تعلم اللغات الأجنبية، وإن أصبح واجباً وشروطاً ضرورياً من شروط النهضة. إلا أن المشروع الفرنكوفوني محل الثقافة العربية والإسلامية التي تسود ثلاثة أرباع القارة الإفريقية، بمحتوى فكري وثقافي وحضاري مناقض، في كثير من أسسه ومبادئه واتجاهاته للدين الإسلامي ولروح الحضارة الإسلامية.

وتكمن الخطورة الفائقة لهذا المشروع في كونه يعمل من خلال النظم التعليمية (كل البلدان الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى أسست نظمها حسب الإستراتيجية الخاصة للمشروع الفرنكوفوني) ويمتد كذلك بتأثيراته إلى كافة المجالات المؤثرة والحساسية بالنسبة لأي بلد أو أيه أمه، مثل الإعلام والفنون والآداب والقضاء والجيش.. الخ.

تبقى الإشارة إلى أن المشروع الفرنكوفوني يعتبر معنياً مباشرة بوضعية الدين الإسلامي في البلدان الإفريقية وكثيراً ما تتبنى رموزه المحلية مواجهات وانتقادات حادة للدين الإسلامي نفسه، بطرق مباشرة وغير مباشرة، وتوضع برامج استراتيجية في المجالات المشار إليها أعلاه وهي ذات مضامين مناهضة ومناقضة لقيم الدين الإسلامي في كثير من الأحيان.

 

7 4: نشاطات الملل المنحرفة:

وهي ملل ونحل معروفة ولها تاريخ من العمل في إفريقيا وغيرها، وتتحرك بإمكانات ضخمة، وللأسف نجحت في إحداث بعض التأثيرات في بعض المناطق بسبب عدم معرفة عامة المسلمين بخلفيات هذه الملل والنحل. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن هناك وعياً متزايداً بمخاطرها على إيمان ووحدة المسلمين حيث بدأنا نرى حالات (كان للعون المباشر دور مقدر فيها) تطرد مثل هذه الملل من بعض البلدان مثل ما حدث في غامبيا وبيساو وخلال السنتين الماضيتين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply