في ظلال آية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال - تعالى - في كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم ((ولن يجعلَ اللهُ للكافرين على المؤمنين سبيلاً)) النساء (141).

 

في تفسير هذه الآية، وردت رواية أن المقصود بهذا النص هو يوم القيامة، حيث يحكم الله بين المؤمنين والكافرين، ولا يكون هناك للكافرين على المؤمنين سبيل …

 

 كما وردت رواية أخرى تؤكد بأن المقصود هو الأمر في الدنيا، بأن لا يسلّط الله الكافرين على المؤمنين تسليط استئصال وإن غلبوهم في بعض المواقع …

 

ولكن إطلاق النص في الدنيا والآخرة أقرب إلى الواقع، لأنه ليس فيه تحديد، والأمر بالنسبة للآخرة لا يحتاج إلى بيان أو توكيد، أما بالنسبة للدنيا فإن الظواهر أحياناً قد توحي بغير هذا، ولكنها ظواهر خادعة تحتاج إلى تمعن وتدقيق.

 

إنه وعد من الله قاطع، وحكم من الله جامع، أنه متى استقرّت حقيقة الإيمان في نفوس المؤمنين، وتمثّلت في واقع حياتهم منهجاً للحياة، ونظاماً للحكم، وسلوكاً ربانيّاً، وعبادة خاشعة، وتجرّداً لله في كل حركة وسكنة، فلن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً..

 

ولو رحنا نتتبّع تاريخنا الإسلاميَّ كلّه، لما وجدنا فيه حادثة واحدة تخالف هذه الحقيقة الراسخة أبداً.!!!

 

نعم.. لقد كانت هناك هزات ونكسات متعددة في التاريخ الإسلامي، نكسة أُحد، ونكسة حُنين، ونكسة الجسر وغيرها

 

ولكننا حين ندقق في ظروف هذه النكسات لوجدنا حقيقتين راسختين جدير بالمسلمين أن يقفوا عندهما ملياً، ليستفيدوا منهما:

 

أما الأولى: فهي أن أية نكسة لم تكن لتحدث إلا وهناك ثغرة في حقيقة الإيمان في نفوس المؤمنين، إما في الشعور وإما في التطبيق.

 

وأما الثانية: فهي أن الهزيمة أو النكسة تكون على قدر الثغرة تماماً كتربية ميدانية للمؤمنين، ثم يعود النصر لهم فور صحوتهم وعودة حقيقة الإيمان إلى نفوسهم وأرواحهم..

 

ففي أحد مثلاً: كانت الثغرة في ترك طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والطمع في الغنيمة..

 

وفي حنين: كانت الثغرة في الاعتزاز بالكثرة، والإعجاب بالعدة، ونسيان السند الأصيل، ومانح النصر الحقيقي للمؤمنين الصادقين حتى ولو كانوا بلا عتاد ولا عدّة.!!!

 

وهكذا، فإننا لو رحنا نتتبّع كلّ مرّة تخلّف فيها النصر عن العرب والمسلمين في تاريخهم كلّه، بما فيها هزائمهم الحالية أمام شراذم اليهود، لوجدنا شيئاً من هذا، سواء عرفناه أم لم نعرفه، ولكنّه موجود حتماً، حتى لو كان غائراً في أعماق النفوس ومساربها …

 

وبعد … فيجب على كل مؤمن مخلص أن يعلم بأن المحنة سنة الله لعباده المؤمنين، وهي لا تخلو من حكم عظيمة، قد يكون من أهمها استكمال حقيقة الإيمان في نفوس المؤمنين، واستكمال مقتضياتها في سلوكهم وواقعهم، ومن الإيمان إعداد العدة والأخذ بأسباب القوة، فإذا اكتملت تلك الحقائق في نفوس المؤمنين، فليبشروا عندها بنصر الله الذي لا يتخلّف عن عباده المؤمنين. بسم الله الرحمن الرحيم

 

((وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)) الروم (47) .

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply