الرحلة في طلب العلم


بسم الله الرحمن الرحيم

 

وقال أبو بكر بن زنجويه: قدمت مصر فأتيت أحمد بن صالح فسألني: من أين أنت؟ قلت: من بغداد، قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل؟ قلت: أنا من أصحابه، فقال: تكتب لي موضع منزلك، فإني أريد أن أوافي العراق حتى تجمع بيني وبين أحمد بن حنبل، فكتبت له، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة إلى عفان، فسأل عني فلقيني، فقال: الموعد الذي بيني وبينك، فذهبت به إلى أحمد بن حنبل، فاستأذنت له، فقلت: أحمد بن صالح بالباب، فأذن له، فقام إليه، ورحَّب به وقربه. وقال له: بلغني عنك أنك جمعت حديث الزهري، فتعال حتى نتذاكر ما روى الزهري عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعلا يتذاكران، لا يُغرِب أحدهما على الآخر حتى فرغا، قال: وما رأيت أحسن من مذاكرتهما، ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: تعال حتى نتذاكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر، إلى أن قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: عند الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما يسُرني أن لي حُمرَ النعم وأن لي حلف المطيبين»، فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ، وتذكر مثل هذا؟ فجعل أحمد يبتسم، ويقول: رواه عن الزهري رجل مقبول، أو صالح - عبد الرحمن بن إسحاق -، فقال: من رواه عن عبد الرحمن؟ فقال: حدثناه رجلان ثقتان: إسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل.

فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: سألتك بالله إلا ما أمليته علي، فقال أحمد: من الكتاب، فقام فدخل، وأخرج الكتاب وأملى عليه، فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث كان كثيراً، ثم ودعه وخرج(1).

ويروى عن عيسى الخياط عن الشعبي قال: لو أنّ رجلاً سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن ليسمع كلمة ينتفع بها فيما يُستقبل من عمره، ما رأيت أن سفره قد ضاع(2).

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply