البعض يقلبون المفاهيم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إنها كلمات أوجهها إلى الأقلام التي تبوأت في الصحف منابر كتابية فمنها من سار على الدرب الصحيح وكان قلما نزيها مخلصا ومنها من خرج عنه لذا أقول لكم: إن الواجب عليكم أن تنكروا الأفعال والأقوال التي ترونها خطأ دون تعميمها أو أن تجعلوا من تلك الأخطاء سلما للطعن في الآخرين, فعلى سبيل المثال لو ألقينا نظرة عامة على موضوع المرأة, فكم قرأنا من المواضيع الخاصة بالمرأة لم ترتق إلى المستوى المطلوب من الإنصاف والموضوعية في الطرح, ولو تأملنا بعض الجوانب كقرار المرأة في المنزل نجد أن الأصل في موضوع المرأة هو القرار.

ولكننا نرى بعض الكتاب والكاتبات قد تبنوا عكس القضية فجعلوا الأصل أن تعمل المرأة والاستثناء أن تقر في بيتها وهذا من استغفال وظلم المرأة وتحميلها فوق طاقتها والخروج بها عن دواعي الشرع والفطرة مع ترديد أسطوانتهم المشروخة بأن (المرأة نصف المجتمع) وهذا لم يخالف فيه أحد ولكنهم استخدموها استخداما معاكسا بقصد أو بدون قصد.

ومنهم من جاء بدعوات مبطنة لكي تتمرد المرأة على شرع الله بنية الحجاب أو التساهل فيه, أو دعوتها للعمل, أو مصافحتها للرجال الأجانب, أو ما شابه هذا من أفكار.

ولهذا فنحن نلاحظ أن بعض الكتاب والكاتبات إذا لم تقبل فكرته لمخالفتها للشريعة لجأ إلى استخدام أسلوب مراوغ وذلك باستغلال بعض الأقوال الضعيفة أو الشاذة التي توافق طرحه ولو لم يكن مقتنعا بصحته، وإنني أتمنى أن يبتعدوا عن الرموز والطرق الملتوية ليكونوا صرحاء وحريصين في كتاباتهم، وأن يكتبوا لهدف الإصلاح ومن يكتب لهدف الإصلاح لا يلجأ إلى الرموز والتعمية وإنما يكون واضحا في نقده وتقويمه للأشياء.

وإن الكثير ممن يطالبون بحرية المرأة ويزعمون أنهم يدافعون عنها لا يريدون أن تصل لحريتها بل يريدون الوصول إليها هي، لأنها عماد وأساس هذه الأمة فمتى صلحت صلح الجيل بأكمله, فعندما يصلون لما يريدون تكون المرأة حينها تحررت من دينها ـ ولن يكون بإذن الله ـ ومتى تحررت من دينها كانت نهاية الجيل القادم الذي سيصبح بلا دين, ومتى انعدم الدين انعدمت الأخلاق, وبهذا يتحقق لأعداء الفضيلة ما يريدون فلتحذر المسلمة من أهداف الفئة الجاهلة من المجتمع.

ويجب علينا ألا نتجاهل المنزلة العالية والرفيعة لأهل العلم في الإسلام، كيف لا...وهم ورثة الأنبياء - عليهم السلام - في البيان، ونشر الدين.وقد نفى الله - تعالى - المساواة بين من يعلم ومن لا يعلم, فقال: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون), إلا أنه ـ وللأسف ـ قد تقحم بوابة العلم، وولج فيها الكثير ممن لا علم لهم، وهم قوم ليس لهم في العلم الشرعي كبير إنعام حيث امتطوا صهوة العلم والتعليم، فتراموا على شاشات الفضائيات، وتكالبوا للكتابة في الصحف والمجلات، فتصدروا البرامج والزوايا لتعليم الناس ما يهمهم، في شؤون الدين والدنيا، فترى كثيراً ممن على شاكلة هؤلاء زاعمين أنهم مثقفون ومطلعون، يطلقون لأنفسهم باب الاجتهاد في التحدث عنها بأرائهم.

وإن العجب حينما نرى هؤلاء المقتحمين باب العلم حين تعرض أي مسألة من متعلقات الشريعة، يتحدثون عنها بلا ورع، ولا يكلفون أنفسهم البحث عن حكمها ودلائل حلها أو حرمتها، بل تجد المبادرة والمسارعة للإفتاء وإبداء الرأي بحجة أنها وجهة نظرهم، ولا يعني أن تكون وجهة النظر صحيحة، وكأن علم الشريعة علم يتناول على مائدة الحوار والكل يبدي رأيه متوقعاً، ومخمنا أن ذلك هو الحكم الشرعي! وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (ولا يحل لأحد أن يتكلم في الدين بلا علم ولا يعين من تكلم في الدين بلا علم، أو أدخل في الدين ماليس منه) (مجموع الفتاوى 22/240)

ومن الوسائل التي يحاول أدعياء تطوير الفكر الإسلامي أن يطرحوها، اتخاذ التلفيق الفقهي وسيلة لمعايشة ضغوط الواقع، والمقصود بالتلفيق: ألا يلتزم مستنبط الحكم مذهبا معينا في فتاواه وفي حكمه، بل يحاول أن يأخذ برخص الفقهاء، وتيسيرات المتقدمين، ليكون ذلك وسيلة إلى إظهار الإسلام بروح المعاصرة والمسايرة! ويقرون أيضا ما يرونه بـ (الإسلام المعتدل) إذ يرى أن الشريعة الإسلامية قابلة للتطور والمرونة.

لذا فإن مريد الحق، ومبتغي سبل الهدى، ينبغي أن يحتاط في الأخذ لدينه، وأن يعرف من يؤخذ عنهم العلم، وما صفاتهم، وقد كان علماؤنا الأجلاء يعنون بهذه القضية أشد الاعتناء، فقد قال الإمام محمد بن سيرين - رحمه الله - إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم) شرح مسلم للنووي (1/84) فليس كل من لبس لباس العلم يؤخذ عنه، وليس كل من صدره الإعلام والفضائيات والصحف يظن أنه ذلك الرجل الخير الذي فقه دين الله، ورضي بمقتضاه، وألم بفحواه، وليس كل من كتب مقالاً أو بحث مسألة شرعية يعد عالما أو طالباً للعلم، أو مؤهلاً لأن يؤخذ عنه العلم، ويكفي أن أئمتنا قالوا: ليس العلم بكثرة الرواية والدراية، ولكنه نور يقذفه الله في قلب المؤمن الموفق، مصداقاً لقوله - تعالى -: (واتقوا الله ويعلمكم الله)

ولكن أود أن أسأل، هل هناك إكرام وإعزاز أكثر من ذلك الإسلام الذي أعطى المرأة الكثير والكثير ولكن من يدعي أن المرأة المسلمة مضطهدة ومسلوبة الإرادة إنما يريد لها الهلاك والتردي في الحضيض, ولهذا فنصيحتي لكل أخت أن تحذر دعاة الشيطان ولا تجعلهم يخدعونها بالقول.

وأخيرا أود أن أقول لكل من ادعى الدفاع عن المرأة وعن حقوقها المزعومة ووصفها بأنها مضطهدة: هل أخذت وكالة من جميع النساء بالدفاع عن حقوقهن... وما هو هدفك من الدعوة إلى ذلك... وهل قيادة المرأة للسيارة وكشف وجهها ومصافحتها للرجال الأجانب تحل مشاكل المرأة الحقيقية ومنها العنوسة... والطلاق والنفقة، أو تصلح من انحراف الشباب والفتيات... أو أنها تخفض التكاليف الباهظة التي تتحملها الدولة من الحوادث المرورية؟.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply