الأسماء والمسميات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي علّم آدم الأسماء كلها، والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدº

فقد اعتنى الإسلام بقضية الأسماء والمسميات عنايةً فائقةً، وحرص أن يعطي للأسماء مدلولاتٍ, واضحة، وللمسميات معاني صريحة. و ما ذلك إلا لأن التلاعب بالأسماء والمسميات أمرٌ ليس باليسيرº وقد يترتب عليه الكثير من المفاهيم المغلوطة، والنتائج غير المتوقعة.

من هنا فقد عالج الإسلام ذلك الأمر بهدوءٍ, وحكمةٍ, ورؤيةٍ,، ودونما إفراطٍ, أو تفريطٍ,، وما ذلك إلا لأن دين الإسلام يهدف ضمن أهدافه وغاياته العظيمة إلى إعداد وإخراج الأمة المسلمة السوية بدأً من الاسم وانتهاءً بالمسمى. فكان ذلك (ولله الفضل والمنة)، تميزاً واضحاً لأمة الإسلام في هذا الشأن.

وعلى الرغم من هذا كلهº فإن مما يُلاحظ في وقتنا الحاضر أن هناك تهاوناً كبيراً في هذه القضية التي هي على قدرٍ, كبيرٍ, من الحساسية، فالمُتابع الجيد لواقع حياتنا المعاصر، يجد أن كثيراً من الأسماء قد قُلبت معانيها، وتبدلت دلالاتهاº فالكذب والخداع والمراوغة أصبحت تُسمى دبلوماسية، والرشوة تسمى هدية أو إكرامية، والربا مجرد فوائد بنكية، والخمور والمسكرات مشروبات روحية، والسفر إلى الخارج للفساد وللبحث عن المتعة الرخيصة ليست سوى سياحة، والحب الساقط والغرام وانتهاك الأعراض حريةٌ شخصية، وتقليد الغرب في أنماط حياتهم وطرق معيشتهم موضة عصرية، والتمسك بالقيم والأخلاق والموروثات الشرعية أصوليةٌ وتزمتٌ ورجعية، والغناء يسمى ابتهالاً، والنفاق مجاملةً، والزنا خيانة زوجية، والمجون والدياثة فناً، والجريمة بطولة، والسفور ونزع الحجاب مدنية وتقدمية...إلى آخر تلك القائمة الطويلة من المصطلحات المقلوبة في دلالاتها ومعانيها والتي نسمعها ونرددها كل يوم مراتٍ, ومرات، دون أن نقف معها وقفةً صادقةً نُحقق فيها في مدى صحة الاسم ومطابقته لواقع وحقيقة المُسمى.

فيا أبناء الإسلام، ويا شباب الإيمانº إن لقضية اختلاف الأسماء والمسميات دوراً كبيراً في حياة الناس، إذ إن انتشار هذه المسميات غير الصحيحة وغير المطابقة لواقع الحالº ليس إلا دلالةٌ واضحة على أن هناك من يقف خلفها من الحاقدين والمفسدين والمخرِّبين والمُتلاعبين الذين يُخططون بطرقٍ, مُباشرةٍ, وغير مُباشرة لهدم كيان الأمة، وسلب خصوصيتها، والقضاء على تميزها ومصداقيتها، وتمزيق وحدتها، والعبث بأصالتها، وضياع هويتها. وصدق الله القائل: {إِن هِيَ إِلاّ أَسمَاءٌ سَمَّيتُمُوهَا أَنتُم وَآبَاؤُكُم مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلطَانٍ,} (سورة النجم: من الآية 23).

وفقنا الله جميعاً لصادق القول وصالح العمل، وبصّرنا بكيد الكائدين، ومكر الماكرين، وكفانا ما يُريده لنا أعداء الملة والدين، والحمد لله رب العالمين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply