كيف يؤثر سفر الابن على الأم


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

جاءت إلى عيادة القلب امرأة في الخمسين من عمرها مع زوجها، شكواها أن ضغطها كان منتظما على العلاج ولكن منذ ثلاثة أيام ارتفع الضغط فجأة إلى 180 على 110 واستمر على ذلك وهي تشعر بصداع مستمر وضيقة في التنفس وخفقان وآلآم في الصدر ولاتستطيع النوم، كان  فحصها السرير طبيعيًا عدا أن ضغطها كان قياسه 220 على 120، وكان تنفسها سريعا، ونبضات قلبها سريعة.

بهذه الصورة تم إدخال المريضة إلى العناية القلبية وإجراء التحاليل التي أوضحت أنه لم يكن لديها جلطة في القلب، وإنما فقط ارتفاع مفاجئ في الضغط!، ولم يكن لدى الطبيب سبب واضح لمعرفته بالتحاليل!.

سأل الطبيبُ المريضة مرارا هل تضايقت من شيء؟ هل أخذت دواء جديدا؟ أو أعشابا؟ هل هناك موضوع شاغل بالك ومتضايقة منه؟ فأجابت بالنفي!.

رجع الطبيب إلى الزوج الواقف بقرب السرير وسأله مرة أخرى فقال بوضوح: ماتغيرعليها شي!، ولاناقص عليها شي!، فأعاد عليه السؤال مرة أخرى: فقال لا أعلم شي يمكن يضايقها إلا سفر ابنها “ناصر”.

فأغرورقت عين الأم بالدمع ولم تستطع إمساكها فأنفجرت في بكاء مرير، أثرعلى من المتواجدين حولها كثيرا.

يجب معرفة أن قلب المرأة عموما أكثر تأثرا بالمشاعر والأحاسيس من قلب الرجل، ناهيك عن قلب الأم، وليس هناك ألم يعصر القلب ويهدّ كيان الإنسان ويبكيه أعظم من فقدان الإنسان لابنه، فما بالك إذا كان ذلكم الإنسان هو الأم الرؤوم التي حملته ورعته حتى غدا شابا يافعا.

لم يوثق أحد وصف تلك الأم في تاريخ الأمم السابقه ولا اللاحقة، أجمل ولا أبلغ من وصف الحكيم سبحانه لحالة أم موسى عليه السلام، فقد وصف الله سبحانه شعور الأم عند فقد طفلها بوصف بديع في قوله تعالى: (وأصبحَ فؤادُ أمِّ موسى فارغاً)! فلم يقل مهموما أو حزينا أو متشتتا، بل فارغٌ من كل شيء إلا ابنها موسى عليه السلام، على الرغم من أن ملك الملوك  طمأنها عليه من فوق سبع سماوات (ولا تخافي) وطلب منها عدم الحزن عليه وافتقاده (ولا تحزني) وبشرها بإرجاعه إليها (إنا رادوه إليك) وبشر أيضا تلك الأم بما يسرها من رفع درجة ابنها في الدنيا وإكرامه (وجاعلوه من المرسلين)، ومع ذلك التطمين كله من ملك الملوك (إن كادت لتبدي به)، فلا تلام الأم على الإطلاق في مشاعرها، حتى ولوكان فقده مؤقتا ولو كان سفرا عارضا وقريبا، حتى وإن كان قد سافر من قبل في تلك السفرة كما في قصة “ناصر” أعلاه.

فيجب على باقي أفراد الأسرة أن يهتموا بتلك الأم ويدعموها نفسيا بالجلوس معها وتسليتها وتغيير انتباهها قدر الإمكان إلى أمور أخرى وفي نفس الوقت مراقبة مستوى الضغط والسكر وإذا ارتفع كما حصل لأم ناصر تدخل للمستشفى مؤقتا للتحكم به وأخذ مايساعدها على تجاوز تلك الأزمة العضوية والنفسية.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply